بعد أن اتجهت جميع الأضواء ووسائل الإعلام الخارجية والداخلية إلى مدينة واو ترقباً لقيام الدورة المدرسية، والتي تأتي قبل وقت وجيز من قيام الاستفتاء. وبطبيعة الحال فإن تنظيم الدورة المدرسية يعكس توحد الروابط الاجتماعية والثقافية في جميع أنحاء السودان. لكن الحركة الشعبية فاجأت جميع الأوساط بإلغاء الدورة بدواعي غير مقبولة وكأنها تريد أن تعبر عن عدم رغبتها في اجتماع الروابط بينها والشمال.. لمعرفة تداعيات هذا القرار قام المركز السوداني للخدمات الصحفية بإجراء استطلاع مع المراقبين وأهل الاختصاص لقراءة الحدث من زواياه الحقيقية ومدى تأثيره على العلاقة بين أبناء الوطن الواحد.. مظهر شمالي في البدء تحدث إلينا د. إبراهيم ميرغني المحلل السياسي قائلاً: إن إلغاء الدورة المدرسية من قبل الحركة الشعبية يأتي في إطار الصراع حول عملية الاستفتاء، وستتبعه أشياء أخرى كثيرة؛ فالدورة المدرسية من أكثر الأشياء إثارة سيما أن الحكومة تدعم بها الوحدة، ويمكن من خلالها أن تثبت الحكومة أن هنالك وحدة بين الشمال والجنوب. وعلى عكس ذلك فإن الحركة الشعبية من الواضح أنها لا تريد أي مظهر من مظاهر الوجود الشمالي الذي يدعم الوحدة قبل عملية الاستفتاء، وعقد الدورة المدرسية يعني أن السودان موحد، لكن الانفصاليين يرون أنها لا يمكن أن تقوم وحاولوا عرقلتها بأي ثمن.. وحجة قصف القوات المسلحة لبعض الولايات بالجنوب يعتبر مبرر ليس إلا. وأضاف ميرغني أن باقان أموم أصبح يقود خط الانفصال في الحركة الشعبية، فهو في الآونة الأخيرة تحول بنسبة 180 درجة وذلك نسبة لغياب مبادئ قائد الحركة قرنق الذي كان يتحدث عن الوحدة؛ فباقان كان محسوب على تيار قرنق الذي يتحدث عن الوحدة والآن أصبح باقان يتحدث عن الانفصال، فنحن دائماً ما نقول لإخواننا في الحركة الشعبية أن منفستو الحركة تحدث عن السودان الجديد فمن المفترض أن تذهبوا في هذا الخط، لكن الذي يحدث الآن أن البعض في الحركة الشعبية يقول إن المؤتمر الوطني لم يجعل الوحدة جاذبة ويرد على هؤلاء بالقول إن المؤتمر الوطني حزب في السلطة ولا يمكن أن يعطيكم لها، فإذا كنتم جادين في طرحكم لوحدة السودان من المفترض أن تناضلوا من أجل تحقيق هدفكم، لكن الذي يحدث الآن يبين أنكم ليسو مخلصين في طرحكم لأمر الوحدة، فالحركة كانت تمتلك كرت الدورة المدرسية وفي منظورها أن الاستفتاء يعني انفصال الجنوب عن الشمال، ويوم 9 يناير عندهم يوم مقدس لا يريدوا أن يتأخروا عنه ساعة. عزل مبكر أما القانوني سعد الدين حمدان فقد تحدث إلينا قائلاً: إن إلغاء الدورة المدرسية أمر مؤسف لأن الحكومة كانت مستعدة استعداد فوق العادة، وأنفقت الكثير حتى تقوم هذه الدورة وتعبر عن رأي الحكومة في مسألة الوحدة أو الانفصال باعتبارها آخر دورة قبل الاستفتاء. وكانت من خلال الدورة تسعى إلى عكس التنوع الثقافي في الشمال والجنوب حتى تثبت للمجتمع الدولي والداخلي بأن الوحدة جاذبة، لكن رغم ذلك فالحركة الغت الدورة بحجة قصف مناطق في منطقة بحر الغزال، وقد نفت القوات المسلحة ذلك الأمر، وهذه أصبحت حجة لا معنى لها. من المؤسف أن تكون صفة باقان وزير السلام في حكومة الجنوب، فهو يريد أن يقول إن الحركة الشعبية لا تريد وحدة مع شمال السودان. وأضاف حمدان: رياك مشار سبق أن ذهب إلى واو وأشرف على عمل الدورة، و أهّلت الحكومة المركزية الاستاد وكل الطرق التي تؤدي إليه تمهيداً لقيام الدورة المدرسية. وما حدث وهذا يوضح أن هنالك عزل مبكر لرياك مشار، وهذه مهزلة بأن يلغي باقان أموم الدورة وليس له علاقة بها.. وقد أرادت الحركة الشعبية أن تقول لكل العالم إنه ليس هنالك علاقة تجمعنا بالشمال من الناحية الثقافية والاجتماعية، وهذا هو المعنى لإلغاء هذه الدورة. جنوح نحو الانفصال أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين د. خالد محمد بشير فقد تحدث إلينا قائلاً: كان من المتوقع أن تواجه الدورة المدرسية صعوبات، وحتى إذا قامت سوف تكون مهددة بالفشل باعتبار أن هنالك مشاكسة بين الشريكين، وهى تعتبر آخر محاولة لنفخ الروح في وحدة السودان، ويبدو أن الحركة الشعبية أجندتها واضحة نحو الانفصال وتعتبره مكسب سياسي بالنسبة لها ولم تكن تحتاج إلى سبب، فقد كانت أول بادرة لها هي تعطيل الدورة وحتى إذا كانت الحركة جادة لقيام الدورة المدرسية كان يمكنها أن تتجاوز الخروقات التي تدعيها لأنه من الاستحالة أن تقوم الحكومة بأي عمل عسكري من قبل القوات المسلحة.. وهذه واحدة من المؤشرات التي تدل على أن الحركة الشعبية تسعى إلى تحقيق الانفصال لا محالة مهما كانت الإغراءات الداخلية والخارجية، فالمسألة مسألة وقت لا أكثر. مسؤولية تاريخية أما د. إسماعيل حاج موسى فيرى أن قرار الإلغاء جاء من باقان أموم و لذلك لم يستغرب ذلك، لأنه أحد الذين ساهموا في تخريب الاتفاقية بتصريحاته العدوانية والسخيفة وغير المسؤولة، لذلك فإنه يتحمل المسؤولية التاريخية لأي تقسيم للبلاد. وإذا قامت هذه الدورة فإنها ستكون دورة تاريخية في تمكين عناصر الوحدة شمالاً وجنوباً لكن إلغاءها يثبت افتعال الحركة الشعبية للمعارك والتخريب، وهذا الأمر من تداعياته أن يحدث أزمة بين المؤتمر الوطني والحركة وبين الشمال والجنوب.. على الحكومة أن تكون متوقعة لمثل هذا الأمر خاصة أن هذا نهج الحركة الشعبية منذ توقيع الحركة على الاتفاقية وحتى الآن، وأضاف موسى: أنا شخصياً لم أكن أتوقع أن تقوم هذه الدورة المدرسية بالجنوب.