قاعة الصداقة (smc) بعد مستنقع العراق: دارفور توفر مجالاً للتعاون الأمريكى الأوربى مطالبة الحكومة بتطوير وسائل التعامل مع مجموعات الضغط الأمريكية فاقت قرارات مجلس الأمن بشأن دارفور فى فترة لا تتجاوز الأربعة أعوام العشرين قراراً، رغم أن أزمتها لا ترقى لأحداث رواندا والممارسات اليهودية فى الأراضى المحتلة والعراق. ويرى السودانيون أن موقف أمريكا والدول الأوربية من أزمة دارفور يأتى فى إطار المؤامرة ضد العروبة والإسلام إستجابة لمجموعات الضغط الصهيونية والمسيحية والزنجية. الدكتور أحمد الأمين البشير المحاضر السابق بالجامعات الأمريكية، أمين دائرة أوربا وأمريكا فى مجلس الصداقة الشعبية إنتقد موقف دولة المهدية الإنغلاقى الرافض للتعامل مع دول الجوار فى القرن الأفريقي، وتحسر فى سرد تاريخى للإهتمام الأوربى الأمريكي بالسودان منذ القرن الثامن عشر على الفرص التى ضاعت على البلاد بسبب ذلك الموقف الإنغلاقى وعدم تفاعل السودان اليوم تفاعلاً خلاقاً مع العالم بسبب الحصار والعقوبات الاقتصادية. وأبرز الدكتور البشير فى ورقته التى قدمها أمام ملتقى العلاقات السودانية الأوربية فى يومه الثالث والأخير أبرز إختلاف العلاقات بين الدول الأوربية والولاياتالمتحدة بعد أن آثار بروز الأحادية القطبية قضية حساسة بينها فيما يخص العلاقات بين طرفى المحيط الأطلسى. وبدأ التصدع فى العلاقات الأمريكية الأوربية "وفق ورقة التأثير الأمريكى على مسيرة العلاقات السودانية الأوربية" مع نهايات عهد جورج بوش الأب، وإستمر فى عهد بيل كلينتون ليبلغ أوجه فى عهد جورج دبليو بوش خاصة فترة العدوان على العراق فى ربيع عام 2002. بدأ الطرفان الأوربى والأمريكى فى التراجع عن المواقف الصلبة والبحث عن طريق وسط للتعاون بعد التورط الأمريكى فى مستنقع العراق ووفرت مشكلة دارفور المجال لهذا التعاون. أدى إنفجار الأزمة الى فرض العقوبات الاقتصادية والدولية على السودان، وجاءت مواقف أكثر الدول الأوربية تجاه السودان مجرد ردود فعل للمواقف الأمريكية، حيث أن نجاح المحافظين الجدد فى إلصاق تهمة الإرهاب العالمى بالسودان وإصرار بوش على إتهامه بالإبادة الجماعية قوبل بصمت أوربى فى تواطؤ وتأييد ضمنى لكل ما يصدر من أمريكا ضد السودان. أكدت الورقة أن إنفجار أزمة دارفور أضرت بالعلاقات بين السودان وأوربا مما أضعف التبادل التجارى والإستعمارى بينهما رغم إهتمام اللوبى الصهيونى بثروات السودان. وإتسمت علاقات أوربا مع السودان بالتذبذب بين حسن النوايا والحذر فى إتخاذ المواقف تجاهه، فقد إهتمت بريطانيا بقضية دارفور إهتماماً بالغاً وقدمت مساعدات إنسانية لإقليم دارفور بلغت قيمتها (10) ملايين يورو، وأعلن بلير مطلع عام 2006 دعم بلاده لموقف الاتحاد الأفريقي ليأتى تأييدها لإقتراح واشنطون فى أبريل عام 2007 بفرض حظر طيران على الإقليم. فرنسا إعترضت عام 1993 على وضع الولاياتالمتحدة إسم السودان فى قائمة الدول الداعمة للإرهاب، ولعبت دوراً هاماً فى إعادة جدولة ديون السودان، رحبت بإتفاقيتى نيفاشا وأبوجا .. ولكنها أعلنت دعمها لقرار مجلس الأمن 1706. سلكت إيطاليا التى تميز موقفها بعدم التأثر بالضغوط الأمريكية طريقاً مغايراً فى تعاملها مع أزمة دارفور بإعتبار أنها مشكلة سودانية يحلها السودانيون بأنفسهم عبر الحوار، وتوجت الحكومة هذا الموقف الإيجابي بزيارة ناجحة للرئيس البشير لروما فى سبتمبر الماضى أكد خلال لقاءه البابا رغبة وحرص الحكومة فى تحقيق السلام بدارفور. وأشار الدكتور أحمد الأمين البشير فى ورقته خلال إستعراضه لتذبذب المواقف الأوربية الى بروز هذا التذبذب فى مؤتمر المانحين بأوسلو بعد توقيع إتفاق نيفاشا الذى إتسم بالسخاء فى الوعود بتقديم المساعدات لإعادة التعمير والتقاعس والتلكؤ فى تنفيذها وربط ذلك "تحت الضغط الأمريكى" بحل أزمة دارفور. وتجربة السودان فى هذا الخصوص فى علاقاتها مع الدول الأوربية وأمريكا أكدت أن أية تنازلات من قبل الحكومة تقود الى رفع سقف المطالب. وتبرز الإزدواجية والكيل بمكيالين فى مؤتمر سرت الذى سجل وفد الحكومة فيها حضوراً مبكراً بعد إعلان لوقف إطلاق النار من جانبها وغياب متعمد من الحركات المتمردة، لتفاجأ بفرض عقوبات عليها وليس على المتمردين. وتطالب الورقة الحكومة بتطوير وسائل للتعامل مع مجموعات الضغط الأمريكية المسيحية الصهيونية والزنجية لتأثيرها فى صنع السياسة الخارجية تجاه السودان، والسعى لجعل خيار الحل السودانى الدارفورى – الدارفورى هو الأمثل، بعد أن أصبحت أزمة دارفور فى جانب منها مشكلة فى السياسة الداخلية الأمريكية. ويقول الخبير فى الشأن الأمريكى، أن نهاية الدورة الثانية للرئيس بوش ستقود الى عودة الحزب الديمقراطى للبيت الأبيض بمواقفه وسياساته المعروفة حيال السودان الذى شهد فى عهد كيلنتون عزلة وسحب السفير الأمريكى وقصف مصنع الشفاء مما يتطلب مرونة فى الموقف السودانى للوصول الى تسوية مع حكومة الرئيس بوش التى تحتاج الى تحقيق إنتصار فى مجال السلام بعد أن أصبح من الصعب تحقيقه فى كل من العراق وفلسطين. ويؤكد أن الدول الأوربية لن تقف مكتوفة الأيدى وهى ترى ثروات السودان تضيع بسبب اللوبى الصهيونى ونظريات المحافظين الجدد الذين بدأت قياداتهم تتساقط الواحدة تلو الأخرى، وهذا سيقودها الى إتخاذ مواقف مخالفة لمواقف مجموعات الضغط الأمريكية.