مما لاشك فيه أن الزيادات التي طرأت مؤخراً في أسعار المحروقات وبعض السلع الإستهلاكية كان لها تأثيراً واضحاًً على الأوضاع المعيشية للمواطنين سيما محدودى الدخل من العاملين بالقطاعين العام والخاص، علما بأن الاجور لم تتم حيالها أي زيادات منذ سنوات، كما أن المنحة المالية التي اقرتها الدولة للعاملين يبدو واضحاً انها لن تضع علاجاً ناجعاً للتصاعد المتزايد فى الاسعار وبنسبة عالية. المركز السوداني للخدمات الصحفية (smc) التقى المهندس يوسف على عبدالكريم الأمين العام لأتحاد نقابات عمال السودان فى حوار شامل وشفيف حول اسباب تصاعد وتيرة الغلاء والخطوات والترتيبات التي اتخذها الاتحاد للتخفيف من آثارها على العاملين بالرغم من الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد كما تطرق الحديث لسير العمليه الانتخابيه الجاريه حالياً وسط قواعد العاملين لاختيار نقاباتهم للدورة الجديدة، إلى جانب ما اتخذ من معالجات حيال متأخرات العاملين بالولايات... فإلى مضابط الحوار:- المنحة المالية.. والتصاعد المستمر فى الاسعار.. بدءاً سألنا الامين العام لاتحاد العمال عن المنحة المالية المعلنة ومدى ملاءمتها لمواجهة التصاعد المتزايد في الاسعار؟ فاجاب بالقول: نحن كاتحاد عند مشاركتنا في مناقشة الموازنة العامة بوزارة المالية دائماً ما نؤكد حرصنا على الشرائح المنسوبة لنا في اتحاد العمال في القطاعين العام والخاص وقضاياها المعيشية، لذلك نركز على قضايا الأسعار، خاصة السلع التي تتحكم فيها الدولة مثل الكهرباء والوقود والبترول والسكر وغيرها من السلع الاساسية، ومهما نتحدث عن زيادة الأجور ومناقشتها مع وزير المالية في الموازنة العامة إذا اتفقنا أو أختلفنا فأننا نشدد على أن تكون السلع التي تتحكم فيها الدولة تحت السيطرة والا تحدث فيها زيادة خلال العام المالي لأن أي زيادة سيكون تأثيرها على الشرائح العمالية كبيراً جداً، وكذلك مسألة التضخم العام بالنسبة لنا أمر هام ونحرص على المطالبة بأن لا يتجاوز الرقم الاحادي بمعنى لايتخطى ال10% بأى حال من الأحوال لأن تأثيراته ستكون سالبة للغاية ً على العمال. هل تعتقد إن الزيادات الأخيرة فى الاسعار مبررة؟ الدولة تحرص على استمرارية الموازنة العامة بعد اجازتها والبدء فى تنفيذها، لذلك فهى تتفادى أي مسببات قد تؤدي إلى إنهيارها حتى لو إدى ذلك إلى بعض المعالجات القاسية لان انهيار الموازنة قد يقود لانهيار اقتصادى لا تحمد عقباه، ونحن كاتحاد عمال نرى أن زيادة الاسعار الاخيرة جاءت في إطار معالجة أمر طارئ ، ونحن على اتفاق مع وزارة المالية بأن لا تتم أي زيادات فى الاسعار إلا بمشورة الإتحاد العام لنقابات عمال السودان بهدف أن تكون هنالك زيادات في الأجور لتخفيف الأثار السالبة لأي زيادات. هل المائة جنيه مجزية؟ أكيد بالنسبة لنا غير مجزية ولكن الأمر تم في إطار معالجة اقتصادية، ولابد أن نتحمل جزء من المعاناة لترتيب الأوضاع الاقتصادية بالبلاد حتى لا تصل الامور حد الكارثة، لذلك فالأفضل أن نتحمل الضرر الأصغر. ماذا تقصد بالكارثة..؟ يعنى إنهيار الموازنة بالنسبة لنا كارثة وضرر أكبر ونحن نتحمل الضرر الأصغر إلى أن نتخطى هذه الظروف الصعبة ونسعى في تحقيق هدفنا إلى ان نصل إلى مرتب يساوى على الأقل الحد الأدنى للمعيشة. الأسعار في تصاعد مستمر .. ماهى تحوطاتكم؟ نحن نأمل أن لا تزيد أسعار السلع أكثر مما هى عليه الان، وبحمدالله التقينا بكل عمالنا في المركز والولايات وشرحنا لهم الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد ووضحنا لهم بإننا لابد أن نتحمل جزء من هذه المعاناة. لكى نتجاوز هذه المرحلة وندفع باقتصادنا إلى الامام وهذا يتطلب تضحيات ولابد منها ونأمل أن تتم زيادات في الأجور في الفترة المقبلة. وأشير هنا إلى اتفاقنا مع وزارة المالية إذا اضطرت إلى زيادات أخرى في السلع فلابد من زيادة المرتبات والأجور بنسبة تساوي الزيادات التي ستحدث في الأسعار. زيادة الاسعار..هل تدفع بالعاملين إلى الشارع؟ نحن نأكد إذا تمت المسألة بالحوار والتفاوض مع اتحاد العمال نستطيع أن نخاطب عمالنا في كافة المواقع لتوضيح وتثبيت الحقائق، لكن وبحمدالله القرار الصادر موخراً حيال بعض السلع كان بتشاور مع اتحاد العمال وهذا ما يؤكد احترام وتقدير مؤسستنا من قبل الدولة الأمر الذي جعلنا نخاطب كل قواعدنا على مختلف المستويات لتوضيح ذلك، فالرؤية كانت واضحة جداً الأمر الذي جعل العاملين يتقبلون تلك الظروف وتفهمها وبما أنه يوجد اتفاق بين الحكومة واتحاد العمال نؤكد انه لن يكون هناك خروج الى الشارع إلا إذا تم تجاوز الاتحاد. كان لكم معالجات للأسعار مع شركة باسقات.. أين هي الآن؟ مازالت تجربة باسقات مستمرة، واذا كانت هناك حاجة إلى ضخ أموال أكثر للشركة فأن بنك العمال جاهز لتقديم المزيد لدعم رأس المال، والهدف هو تركيز الأسعار بتوفير منافذ للبيع في مواقع العمل المختلفة، ولا نعتبرها جمعيات تعاونية لأن السلع أصبحت محررة ولا يوجد مجال للحديث عن الدعم سواء كان مباشر أو متقاطع لأن ذلك غير وارد مع سياسة التحرير الاقتصادى. والتجربة مستمرة حتى الآن مع النقابات العامة والاتحادات الولائية، وهي تجربة اثبتت ناجحها بالنسبة لمسألة تثبيت الأسعار، ونتوقع زيادة الإقبال عليها بعد الزيادات التى طرأت على اسعار السلع مؤخراً. ما الذي يمنع عودة الجمعيات التعاونية؟ في السابق كانت توجد سلع مدعومة للجمعيات والتعاونيات ولكن الان نعايش سياسة السوق الحر، وتبعاً لذلك تواجهنا اشكالية في وجود سلع بأسعار منخفضة وهي غير موجودة في سياسة التحرير والتى الغت مسألة الدعم بأي شكل من أشكاله لذلك أصبح التعاون فى السلع الاستهلاكيه غير ممكن إلا برؤية جديدة، وأصبح التعاون إنتاجياً اكثر منه تعاون سلع استهلاكية. وماذا عن عدم الايفاء بدفع متأخرات العاملين بالولايات ؟ بالطبع كان هناك التزام من قبل الماليه بذلك ولابد من الإيفاء به، ولكن رغم الظروف الأخيرة والتى ادت لزيادة اسعار بعض السلع واقرار منحة المائة جنيه فقد ناقشنا مع وزارة المالية مسألة المتأخرات باعتبارها مسألة مهمة جداً والمتأخرات نوعين التزام اتحادي والتزام ولائي، فالولائي تم الاتفاق بأن ترتب حكومات الولايات بشأنه مع الاتحادات الولائيه حول جدولة المتأخرات بصورة مرنة تستطيع الولاية من خلالها الإيفاء بتسديد المتأخرات، وقد عملت أغلب الولايات بذلك، أما الالتزام الاتحادي فقد أكد وزير الماليه لرئيس الاتحاد العام فى آخر لقاء تم بينهما التزامه بدفع تلك المتأخرات، وفي اعتقادي أن الظروف الاقتصادية الراهنه مع الايفاء بالمنحه القررة للعاملين كانت سببا فى تاخر الماليه فى الايفاء بالتزامها حيال المتاخرات الا اننى على يقين ان الماليه ستقوم بدفعها لاحقا ايفاءً بالتزامها مع اتحاد العمال. وماذا عن سير انتخابات الهيئات النقابيه؟ انتخابات النقابات هذه المرة كانت الترتيبات لها جيدة جداً وقانون النقابات للعام 2010م تم الالتزام به بصورة صارمة جداً وكان بمثابة نقلة كبيرة في مسألة الكليات المهنية داخل نقابة المنشأة وهذا من أهم التعديلات لقانون 2010م، والمسألة الايجابيه أن اقبالاً كبيراً من قبل العاملين على العملية الانتخابية سواء كان في جانب الترشيح للنقابة أو في جانب التصويت، وقد اختارت بعض النقابات قياداتها بالوفاق والتزكية، والبعض الاخر تم حسمها بالاقتراع فى حرية وشفافية تامه، وهذا الامر لم يترك أي مساحة للحديث عن التزوير والممارسات الخاطئة لأن كل اجراءات الاقتراع تمت بشفافية تامة وعملية الفرز كانت تتم بحضور كل المرشحين حيث تعد الاصوات ويعلن عن الفائزين في نفس المكان، والمسألة كانت شفافة جداً وواضحة ونتائجها مرضية لكل الأطراف لأن الاقتراع كان حقيقي ونزيه. كلمة أخيرة: نحن دائماً نقول رفع الضرر مقدم على جلب المصلحة والمنحة الماليه الأخيرة التي صاحبت زيادة الأسعار طبعاً ليست في مصلحة العاملين، ولكن قبلناها لرفع الضرر عن السودان والاقتصادي السوداني والموازنة العامة للدولة وإن شاء الله تبقى حاجة آنية نتحملها كضرر أصغر لتفادي الضرر الأكبر واستشراف عهد جديد من الرفاهية للعمال.