شهدت علاقات السودان مع الإتحاد الأوربي تطوراً ملحوظاً خلال الفترة الماضية... بعد أن علقت المفوضية الأوربية التعاون التنموي مع السودان منذ مارس 1990م بذريعة المخاوف من عدم إحترام حقوق الإنسان وإستمرار الحرب الأهلية في جنوب السودان، وظلت محاولات السودان لإقناع الجانب الأوربي لمراجعة موقفه بعد التقدم في ملف حقوق الإنسان، إلا أن تلك المحاولات إصطدمت بالمردودات السلبية لحادثة الإعتداء على الرئيس المصري السابق حسني مبارك بأديس أبابا على السودان، وأصدار البرلمان المشترك بين مجموعة الدول الأفريقية الكاريبية الباسيفيكية والبرلمان الأوربي قرارات مناوئة للسودان بتحريض من دول الجوار بعدم إعادة الحوار السياسي مع السودان. دورات الحوار السياسي التي إنخرط فيها السودان مع الإتحاد الأوربي في نوفمبر 1999م حول ما يتعلق بحقوق الإنسان والحكم الراشد وسيادة القانون والديمقراطية بهدف الوصول إلى التطبيع الكامل وغير المشروط وعودة العون التنموي الأوربي نجحت في أعتماد الإتحاد الأوربي برنامجاً خليطاً بين العون الإنساني والتنموي تم توقيعه في أبريل 2001م باسم البرنامج الإنساني المعزز، بموارد سنوية تصل إلى (15) مليون يورو أرتفعت عام 2003م إلى (18) مليون يورو. وكان الإتحاد الأوربي الذي يضم 27 دولة تبلغ مساحتها مجتمعة (4,2) مليون كلم، مأهولة بحوالي (500) مليون قسم قد تأسس على مر العقود الست الماضية بموجب سلسلة متطورة من الإتفاقيات والمعاهدات والقوانين منها، معاهدة باريس 18 أبريل 1951م، روما 15 مارس 1957م، ماستريخت 7 فبراير 1992م، إتفاقية أمستردام 1999م، فإتفاقية نيس 2003م ثم إتفاقية لشبونة التي دخلت حيز النفاذ في الأول من ديسمبر 2009م. وتتركز إستراتيجية الإتحاد الأوربي تجاه إفريقيا على مبادئ المساواة، والإعتراف بالأخر، والإحترام والتفاهم حول المصالح المشتركة، وتحمل الأفارقة المسئولية تجاه قضاياهم في الأمن والاستقرار والحكم الراشد بالتعاون والتضامن مع الآخرين، على أن تقوم دول الإتحاد بدعم السلم والأمن والحكم الراشد وتعزيز البُعد الإقتصادي وقضايا البيئة، عبر تحديد رؤية أوربية فاعلة وزيادة الأموال المخصصة للتنمية من 0.56% إلى 0.7% بحلول عام 2015م. وتنبع الإستراتيجية تجاه أفريقيا من خلال واقع القارة التي يموت فيها طفل أفريقي كل 30 ثانية بسبب الملاريا، وثلاثة من كل أربعة يموتون بسبب الايدز في العام هم من أفريقيا، ووجود 18 دولة من أفقر 20 دولة في العالم بأفريقيا، و40% من سكانها يعيشون دون خط الفقر. هذا وقد بلغ قيمة ما حصل عليه السودان من الاتحاد الأوربي خلال الفترة 1990 - 2005 كعون إنساني حوالي خمسمائة مليون يورو، فيما جاء التوقيع على ورقة الإستراتيجية القطرية للسودان مع الاتحاد الأوربي في 25 مارس 2005 بعد توقيع اتفاقية السلام بمثابة الإعلان الرسمي عن إعادة العون التنموي الأوربي للسودان، بالتركيز على قطاعي التعليم والأمن الغذائي وإعتماد برامج لجذب المجتمعات المحلية المتأثرة بالحرب للإستفادة من فوائد السلام، ودعم التدخل السريع لإعادة الإعمار في الجنوب والمناطق الثلاثة وشرق السودان. وتشير التقارير إلى أن السودان قد حصل من صندوق التنمية الأوربي منذ عام 2005 حتى 31 ديسمبر 2007 على 426 مليون يورو، لتمويل 22 مشروعاً في الشمال والجنوب، كما خصص الإتحاد الأوربي 258 مليون يورو للعون التنموي للسودان خلال الفترة من 2008 – 2013. وهكذا نجد أن الاتحاد الأوربي يعتبر المانح الثاني للسودان في مجال العون الإنساني وتقديم المساعدات الإنسانية في جنوب السودان ودارفور، عطفاً على ما خصصه من مبلغ تحت نافذة تمويل السلام للإتحاد الأفريقي بلغ 300 مليون يورو لدعم قوات الاتحاد الأفريقي بدارفور، ومبلغ 8 ملايين يورو تحت نافذة المياه بالجنوب. وظل السودان يستفيد من المعاملة التفضيلية المميزة للدول الأقل نمواً تحت المبادرة الأوربية كل شيء عدا السلاح، والمبادرة الأوربية بتصدير بعض السلع تحت أفضليات تجارية للنفاذ للسوق الأوربي منذ 2002م. الإتحاد الأوربي أكد على دعم التقدم في مجالات الأمن والسلام والإستقرار في السودان، خاصة فيما يلي تنفيذ إتفاقية السلام، داعياً الأطراف إلى الإلتزام بالمواقيت المحددة لإنجاز الإستحقاقات، لا سيما المتعلق منها بترسيم الحدود وخارطة طريق أبيي . وأكد دعمه لتنسيق المواقف مع المجتمع الدولي بشأن الإتفاقية والمفاوضات السياسية فيما يخص دارفور والوضع الأمني والإنساني في الإقليم. ويرى الخبراء ضرورة تكثيف الإتصالات والحوار مع الإتحاد الأوربي لدعم التعاون عبر مكتب المفوضية الأوربية بالخرطوم، الممثل الأوربي الخاص للسودان، رئاسة المفوضية الأوربية والممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية، النواب والمجموعات البرلمانية الأوربية المهتمة بالسودان، المنظمات غير الحكومية وجماعات الضغط الأوربية التي تمتلك نصيباً مقدراً من التأثير على السياسات الأوربية، وضرورة الإهتمام بمشاركة وفود السودان بمستوياتها المختلفة في أجتماعات المجموعة الأفريقية الكاريبية الباسفيكية المشتركة مع الإتحاد الأوربي، والإهتمام بخلق إتفاقيات ثنائية لترقية وتشجيع الإستثمار وتنشيط الإتفاقيات السابقة إستناداً إلى ما يلعبه الجانب الأقتصادي من دور هام في العلاقات بين الدول. ويأتي فوق هذا وذاك الإهتمام بالأداء الإعلامي لسفاراتنا بالمنطقة الأوربية، وتوفير ميزانيات لها لمقابلة نفقات الإنتاج السمعي والبصري والنشر، وإنشاء مركز إعلامي لإنتاج مواد إعلامية تترجم إلى الألمانية، الفرنسية والانجليزية.