(1) سنوات طويلة بدت قرونا.... وبعض الشعوب العربية تكافح من اجل الحياة التي تمضي مع كل اشراق يوم الى عسر شديد.... يعقبها تفاوت مريع بين طبقات البشر اغنياء وفقراء مع زوال سريع للطبقة الوسطى التي اخرجت من اصلابها العلماء ورجال القانون والشهداء والاساتذة والنساء العفيفات.... باختصار الطبقة التي تمثل العمود الفقري للمجتمعات. المعروف ان الحياة مقسمة الارزاق التي بيد الله ولكن هناك معالجات كثيرة حتى لا يحس الناس بالمرارة مثل العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.... ولمّا كان ذلك كله بيد الحكومات التي تمادى بعضها في الظلم وانغمس كلياً في الفساد.... وباتت الحياة لا تطاق مع تطاول الصبر وانحسار افق الحرية. لقول صحيح الرأي.... واستشرت المحسوبية وصار الوضع مقلوباً.... حيث لا طهارة يد ولا نزاهة او شفافية تعالج امر مؤسسات الدولة الى ما قامت من اجله. صبر الناس طويلاً على وطأة الظلم حتى ظن بعض الحكام ان تلك الطريقة المثلى لحكم الناس.....وبين تراكم الظلم وانعدام الحرية.... يتولد التمرد وتكبر الثورة في ظل غفلة الحكام الذين تلتف حولهم حاشية تسبح بحمدهم.... وتهتف لهم فينتج الطاغوت الذي لا يحس بأنين شعبه !!! ( 2 ) هذا منطق الثورات التي تكاثرت بعد عقود مظلمة وعقيمة ظن الناس اثر تباعدها الظنونا... حتى هتف الناس متى نصر الله !!! وبعد الانتصار في تونس والذي أعقبه في مصر وتمدد الى بلاد عديدة... ومن ثم حدثت انتكاسات صغيرة وكبيرة وبعضها خطيرة كحادث امبابة الذي يمس جوهر الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي.... وتحركت الثورة المضادة لترمي باللائمة على فوضى الثورات التي باتت تتوالى مثل الكائنات " الامبية "... لكن يبدو ان قدر التحولات الكبيرة بعد موات طال لعقود طويلة ساخناً للغاية... حتى تستقر الأوضاع وتطمئن القلوب وتزهد الأحلام من تطلعاتها الحالمة جداً.... هذه الاحوال طبيعية في حالة الظمأ الشديد للحرية والانعتاق والعدالة والمساواة ومن ثم يخرج من رحم الثورات قادة جدد يلجمون جماح الحلم الثوري قليلاً ليترتب في شكل قوانين ومشاريع ورؤى ثورته تضمن حلم الجماهير الهادرة لأبسط مقومات الحياة الكريمة التي تحتاج الى عمل وفعل وكياسة وفطنة ومثابرة لانه ليس بالاماني وحدها يعيش الإنسان !!! ( 3 ) قد يستغرب بعض المراقبين لاحوال الثورات وان بعض البلاد مستقرة مطمئنة برغم ان حالها كما يرسم في الاعلام ان يثور شعبها ويلحق بركب الثورات التي تناسل بشكل طبيعي... من تلك الدول السودان... ولكن بعيداً عن نظرية المؤامرة.... نجد في السودان مشروعاً وطنياً بينيا داخلياً رغم الحصار والكيد الدولي والتمرد الداخلي الذي أشعل حروباً أهلية امتدت أكثر من سنوات الاستقلال كقضية الجنوب التي بذل فيها جهداً خرافياً حرباً وسلماً... حتى انتهت الى مالات الانفصال الذي أوجع السودانيين ولكن المواطنة ليست بالإكراه. اما السودان فله مشروع وطني كبير يستند الى شعبية واسعة ومعارضة مقدرة... ولكن حكومتة ذات المشروع الوطني تحاول ان تجمع الجميع صفاً واحداً.... وتعلم أن الخلاف عن سنة الحياة... حيث لا تقبل اللون الواحد والفكر الواحد والرؤية الواحدة !!!! بين الشعار ( الشعب يريد اسقاط النظام ) والآخر ( الشعب يريد اصلاح النظام ) مساحة واسعة والعاقل من يتعظ !!!. العرب اليوم