لغط وتخوفات صاحبت انتشار القوات الاثيويبة لحفظ السلام بمنطقة ابيي والتى جاءت الى تلك المهمة بناءاً على اتفاق الحكومة والحركة الشعبية منتصف يونيو الماضي في أديس أبابا بوساطة اللجنة الإفريقية رفيعة المستوى حول أبيي، والقاضي بدخول قوات إثيوبية قوامها كتيبة إلى منطقة أبيي للرعاية والإشراف على الأحوال الأمنية فيها وحددت مدة تفويضها بستة اشهر من تاريخ الانتشار. ويأتي دخولها تحت الفصل السابع الامر الذى يجعل من حقها استخدام القوة فى اداء مهمتها، ووجد ذلك الاتفاق القاضى بدخول القوات الاثيوبية لمنطقة ابيي انتقادات واسعة لجهة ما ينطوي عليه القرار من تأثيرات على الأرض وعلى ميزان السيطرة حيث ترتب على ذلك مباشرة الاتفاق على إعادة انتشار القوات المسلحة والجيش الشعبي شمال وجنوب خط 1/1/1956م بما يعني خروج الجيشين من المنطقة وما دعا الى بروز التخوفات هو ان بعض المراقبين السياسيين مضوا الى ان تلك القوات الاثيوبية ليست هى سوى جنود من يهود "الفلاشا" الذين استقدمتهم اسرائيل من اثيوبيا عبر عملية معقدة ساهم فيها نظام الرئيس الاسبق جعفر نميري ومضى المراقبين الى ان هذا الامر من الممكن ان يكون ذريعة للتدخل الاسرائيلي فى البلاد وتلك الفرضية هى ماذهب اليها الخبير الامني العميد معاش حسن بيومي الى خطأ الحكومة في قبول القوات الاثيوبية، وقال في حديثه للمركز السودانى للخدمات الصحفية انه ليس من المؤيدين لدخول القوات الاثيوبية فى ابيي مضيفاً ان دولة اثيوبيا تحتل منطقة الفشقة و قواتها مدربة في اسرائيل وهي تدرب عناصر من قوات الحركة الشعبية وعلاقتها مع اسرائيل قديمة. مشيرا الى ان هذا يؤدي لتخوف كبير من عواقب دخول قوات اثيوبية في ابيي مشيراً الى ان امريكا مهتمة بشؤون السودان اكثر من غيره و قال بان أبيي منطقة تابعة إلى الشمال وايضا جنوب النيل الازرق وهي مناطق لا تقبل ان نأتي بقوات اجنبيه لتدخل اليها ، ولم يستبعد بيومى ان تكون تلك القوات الاثيوبية القادمة الى منطقة ابيي ان يكون بعضها من يهود الفلاشا مردفا " هذا ان لم تكن كلها" واضاف يجب ان لا نأخذ الامور بالنوايا الحسنة ، ويستبعد حسن بيومي ان تنهى القوات الاثيوبية تفويضها فى ستة اشهر اذا دخلت في أبيي واضاف ان القوات الاثيوبية لن تخرج بسهولة وعلى الحكومة ان تنتبه وتعمل للخروج من تلك "الورطة" التى دخلت فى شباكها ومضى الى ان هنالك خطورة كبيرة فى الفصل السابع الذى دخلت به القوات الاثيوبية ابيي والذى يفوضها باستخدام القوة فى اداء مهمتها مؤكدا ان اثيوبيا تعمل بالوكالة للصهاينة وتساءل بيومى عن السبب بان تقبل الحكومة السودانية بمثل هذا الامر. ولم يرق للخبير الامنى اللواء حسب الله عمر فرضية ان تكون القوات الاثيوبية تحتوى بعض اليهود الفلاشا لكنه عاد بحديثه للمركز السودانى للخدمات الصحفية امس ليؤكد ان القوات الاثيوبية ليست مجدية فى مهمة حفظ الامن والسلام فى ابيي وهذا مرده الى ان الجيش الاثيوبي نفسه حديث وليس لديه خبرات فى هذا المجال ويستمد وزنه من وزن اثيوبيا التى تحظى بقدر من الاحترام على المستوى المحلى والعالمى. ولم يكن رفض القوات الاثيوبية فى ابيي هو ديدن الخبير الامنى حسن بيومى وحده بل شاركه الرأي في ذلك المحلل السياسى عزالدين كروم استاذ العلوم السياسية الذي قال في حديثه للمركز السوداني للخدمات الصحفية ان هناك الكثير من المحازير والتساؤلات الخطيرة مفادها يتمثل في لماذا وقع الاختيار على القوات الاثيوبية تحديداً علما بان الصلة بين اثيوبيا والدولة الصهيونية خاصة على لصعيد التعاون الامني صلة قوية وغير مخفية مؤكدا ان الاسلوب الامني الصهيوني يقوم على الاختراق الامنى للاجهزة الامنية والقيادات السياسية فى الدولة المعنية ومضى كروم ليؤكد انه من الراجح ان تكون القوات الاثيوبية في ابيي هي"حصان طراودة" للدولة الصهيونية في قلب السودان مؤكدا ان اضعاف السودان يعتبر هدفا استراتيجيا للمخابرات الصهيونية ومن الممكن ان تكون تسعى الى ذلك عبر زرع القوات الاثيوبية فى قلب ابيي، مبينا ان وجود القوات الاثيوبية فى منطقة ابيي ينطوي على خطر كبير على الامن السوداني لانها ليست سوى قوات اسرائيلية تحت مظلة اثيوبية، ومضى عزالدين ليؤكد ان السلبيات التي تنجم عن وجود تلك القوات ليست امنية فقط بل لديها بعد نفسي على مجتمع واهل منطقة ابيي مؤكدا ان القوات استجلبت معها فرق شعبية راقصة من الفتيات الاثيوبيات مؤكدا ان هذا يضر بمشاعر مجتمع معروف بالمحافظة وكذلك تناقض للخطاب الديني مبينا ان عدد القوات الاثيوبية في منطقة ابيي يبلغ اربعة ألف ومائتين ويعتبره كروم عدد كبير على منطقة ابيي التي لا تتجاوز مساحتها 20 كيلو متر مربع، ومضى للقول ان دخول تلك القوات بموجب الفصل السابع يمنحها السيادة وهي قوة مشبوهة مؤكدا ان ذلك امر في غاية الخطورة.