اعتبر بعض الخبراء قرار الوساطة الافريقية القاضي باحلال القوات الاثيوبية في منطقة أبيي وجود القوات الاثيوبية انها قد تعني بداية دولة اسرائيل في السودان الشمالي مشيرين الى ان اغلب عناصر القوات الاثيوبية تلقوا تدريبهم في اسرائيل مما يستوجب الحيطة والحذر، وقد طرحت الصحافة مجموعة من الاسئلة حول القوات الاثيوبية وما اذا كان دخولها يعني دخول الموساد في السودان بصورة مقننة. اللواء د. محمد الامين العباس استاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري أدلى برأيه حول هذه القوات، و قال انه عندما يتم تدريب أية جهة من جهات معينة تزرع فيها افكارها لذا لا استبعد بأن لافراد القوات الاثيوبية علاقة بجهاز الموساد الاسرائيلي مشيرا الى ان للموساد اساليب عديدة في جمع المعلومات وهو جهاز خصص لجلب المعلومات وتحليلها لصالح اسرائيل ومشددا على ان من الطبيعي ان تكون للقوات الاثيوبية علاقة بالموساد وقال (هذه مسألة طبيعية لأي جهاز يأخذ معلوماته بطرق متعددة). ويقول العباس في حديثه ل (الصحافة) عبر الهاتف أمس ان اسرائيل دولة معروفة في تجنيد من يخدم اغراضها مشيرا الى ان تجنيد اليهود الفلاشا في الموساد امر ليس سريا - فاسرائيل استقدمتهم من اثيوبيا عبر عملية معقدة ساهم فيها نظام الرئيس الاسبق جعفر نميري لتستفيد منهم في ما يحقق امنها، ويقول اذا نظرنا إلى بعض الجنود الاسرائيليين فنجد بعضهم لونه أسود فمن أين أتى هؤلاء، لكن هنا يأتي سؤال مهم حول لماذا قبلت الحكومة السودانية بالقوات الاثيوبية وهل لهذه القوات امكانات وقدرات تمكنها من حفظ السلام في المنطقة، ويشير العباس الى ان مسألة معاداة اسرائيل للسودان مسألة مفروغ منها لأن السودان حارب في حربي 67 و73. وينبه العباس الى ان مواطن أبيي لا يعرف مسألة الموساد هذه. من جهته يشير الخبير الامني العميد معاش حسن بيومي الى خطأ الحكومة في قبول القوات الاثيوبية ويستدل على هذا الخطأ بالفرحة التي اعترت مندوبة امريكا لدى الاممالمتحدة سوزان رايس ويقول بيومي في حديثه ل (الصحافة) عبر الهاتف أمس ان رايس هللت للقرار لأنه حقق لهم حلما ما كانوا يحلمون به اصلاً مشيرا الى ان الامريكان يعرفون الحسابات بين السودان والاثيوبيين والاريتريين ويريدون ان يورطوا السودان مع اثيوبيا محذرا من تكرار ورطة فصل الجنوب، وقال يجب ان لا نأخذ الامور بالنوايا الحسنة ويقول حسن بيومي ان القوات الاثيوبية اذا دخلت في أبيي يمكن ان تبقى مليون سنة ولا تخرج ويقول انه اذا خير بين قوات اليونميس والقوات الاثيوبية سيفضل الأولى لأننا اذا طردنا الاخيرة ستبقى العداوة بيننا مشددا على ضرورة التفكير بصورة استراتيجية في ما يتعلق بقضايا الأمن ويضيف باللغة الدارجة (افضل ما نشيلها مع اثيوبيا لانها دولة جارة ولدينا معها مصالح مشتركة ومن المفترض ان نضع هذا امام عيوننا).. ويتحدث بيومي عن انه شخصياً غير مطمئن لعملية القوات الاثيوبية وقال ان دولة اثيوبيا تحتل منطقة الفشقة و قواتها مدربة في اسرائيل وهي تدرب عناصر من قوات الحركة الشعبية وعلاقتها مع اسرائيل قديمة. مشيرا الى ان هذا يؤدي لتخوف كبير من عواقب دخول قوات اثيوبية في ابيي مشيرا الى ان امريكا مهتمة بشؤون السودان اكثر من غيره و قال بان أبيي منطقة تابعة إلى الشمال وجنوب النيل الازرق وهي مناطق لا تقبل ان نأتي بقوات لتدخل اليها. واصفا ما يحدث بأنه نوع من الغدر. و لابد لاصحاب القرار ان يفكروا في العواقب وان لا يتعاملوا بالعواطف فحكاية اخوي واخوك في قضية أبيي الشائكة لا تجدي مشددا على ضرورة العمل بالحلول الداخلية واستنفار الجهود المحلية لأن هذا هو الحل السحري الذي يفضي الى عدم جلب قوات اثيوبية لحفظ السلام. ومن جهته يشير اللواء محمد العباس الى ان الحل متمثل في النظر إلى قضايانا بالحكمة رافضا طريقة السودانيين في حل القضايا بالقطعة مثل دارفور لوحدها وكردفان لوحدها وقال اننا نحتاج إلى توافق داخلي عميق وطرح قضايانا بالصورة التي تجد حلاً وتوافقا بين كل السودانيين مثل المشاركة في السلطة وتقسيم الثروة على كل مواطن بصورة عادلة في كل انحاء السودان، مشيرا الى ان ما يحدث الآن من التعامل مع كل اقليم على حدة تجعل الحلول مشتتة. وعلى ذات النقطة يؤكد بيومي ويقول ان من الافضل لنا نقاش قضايانا بيننا حتى لا تصبح دولية مع الأممالمتحدة، وينبه بيومي الى مخاطر غير منظورة قد تنجم من تدخل دول الجوار، وذلك لتشابك المصالح بين اطراف في هذه الدول مع اطراف داخلية ،ويشير الى امكانية تآمر القوات الاثيوبية مع الحركة الشعبية في تبني قوة مدعومة من قبل امريكا مشيرا في هذا الصدد الى الدعم الذي عبر عنه الرئيس الامريكي باراك اوباما لصالح هذه القوات عبر تبنيه في مجلس الأمن. وقال إن هذا الدعم لن يكون لوجه الله وانما خدمة لأجندة تسعى امريكا لتحقيقها، مطالبا بالنظر الى المسائل بعمق وبصورة أشمل وأوسع حتى لا نقع في مقلب نيفاشا.