لم تحقق الحركة الشعبية اي اهداف من خلال احتلالها لمدينة هجليج، فكانت ترمي وقف الانتاج ليدخل السودان بالتالي في ضائقات اقتصادية تؤثر سلبا على المواطن السوداني من ذلك اشح النقد الاجنبي وارتفاع قيمته مقابل الجنيه ويؤدي بدوره الى ارتفاع اسعار السلع والخدمات لينتهي الأمر لحالة تملل وسخط عام وسط المواطنيين تجاه الحكومة فتقوم الخلايا النائمة للحركة الشعبية بتعبئة الشارع السوداني للتظاهر والسعي لتغيير نظام الحكم، وبموازاة ذلك مواصلة التقدم عسكرياً وبمساندة الحركات المتمردة التي تدعمها باتجاه الخرطوم لتجد كل الطرق مفتوحة امامها، السحر ينقلب على الساحر لم تتوقع العقلية غير الناضجة استراتيجياً للحركة الشعبية ان هذه المخططات ستأتي بنتائج عكسية والاشارة هنا لالتفاف الشارع السوداني حول حكومته وفي الجانب الآخر اصبحت صورة الحركة الشعبية في عقلية المواطن السوداني أكثر قتامة، وحتي الاحزاب التي كانت تنادي في يوم من الايام باسقاط الحكومة أدانت هذا الاحتلال وكان موقفها متماهياً مع الحكومة ومسانداً للقوات المسلحة فكان المشهد بعد اعلان تحرير هجليج بعد ظهر يوم الجمعة وطنياً خالصاً. الاستراتيجية الخاطئة والعمياء للحركة الشعبية لم تجني الحركة الشعبية من دخولها لهجليج إلا السراب لأنه من البديهي لأي دولة تحتل منطقة ما مثل هجليج يجب ان تسعي الى تأمين محيطها واحكام السيطرة العسكرية عليها فغفلت الحركة الشعبية عن ذلك لأن الفكر الاستراتيجي عند منظرييها لم يتجاوز مستوى تفكير العصابات ومناورات المتمردين، فكانت النتيجة أن خسرت المعركة أولاً وثانياً انخفضت روح مقاتليها المعنوية فبرزت كثير من الخلافات بين القادة العسكريين فتمرد بعضهم على طريقة ادارة الحركة للتعامل مع مثل هذه القضايا. إن احتلال الحركة الشعبية لهجليج سحب البساط من اقدامها وكشف نواياها العدوانية والتوسعية امام المجتمع الدولي وهو ما يدعم تأكيد الخرطوم أنها تأوى وتدعم التمرد وتعتدي على غيرها. وينطوي على اقدام الحركة الشعبية على الاعتداء واحتلال هجليج زيادة تردي وانهيار الموارد الاقتصادية والتي كان يجب أن توجه لعملية البناء والتنمية، فمن المعروف أن الحرب تحتاج الى أموال ضخمة في ظل وقف تصدير النفط الذي يعد الركيزة الأوحد لدولة الجنوب. لقد ادى الاعتداء على هجليج الى خلق موجات من الغضب والسخط وسط الشعب الجنوبي الذي ترسخ احساسه بأن الحركة الشعبية لا تسعي إلا لخدمة مصالح بعض القوى الطامعة وأن المواطن الجنوبي سيكون الأداة الأساسية لتحقيق ذلك. محاولات يائسة للحركة الشعبية لرفع معنويات مقاتليها بعد الهزيمة في هجليج وتدمير الروح المعنوية لقوات الحركة الشعبية، سعت قياداتها جاهدة لمحو اثار هذه الهزيمه وذلك بمهاجمة مناطق متعددة من جنوب كردفان وعلى وجه الخصوص منطقة تلودي عن طريق ما يعرف بتحالف الجبهة الثوريه التي ينضم تحت لوائها بعض الحركات الدرافورية المسلحة المتمردة فتصدت لها القوات المسلحة وكبدتها خسائر كبيرة وللمرة الثانية ينقلب السحر على الساحر لتفر هذه القوات من ساحة المعارك مخلفة ورائها عتداها الحربي وكرامتها العسكرية. كان من الأوفق للحركة الشعبية ان تتعظ من التجارب السابقة وتحاول ان توجه مواردها في التنمية والاعمار، بدل الدخول في مغامرة الحرب التي ثبت بما لايدع مجالاً للشك عدم قدرتها على خوضها.