سونا فيما أجمع وزراء الثقافة والأعلام والسياحة بالمركز ومختلف ولايات السودان خلال مداخلاتهم بالملتقي التداولي للوزراء المختصين بالسياحة بالولايات الاثنين الماضى بالنادي الدبلوماسي بالخرطوم ، علي ضرورة الاهتمام بالسياحة ودعمها لتكون من اولويات الدولة لتضطلع بدورها في التنمية وتوفير فرص العمل ومحاربة الفقر والحد من البطالة ، يبقى التأكيد مهما ايضا على مجموعة أخرى من مداخل تطوير صناعة السياحة في السودان أن نقر بأهمية قطاع السياحة في تعزيز ايرادات الدولة نكون قد دفعنا بعوامل إثراء الاقتصاد السوداني وتنويعه الى الامام ، فضلا عن ان السياحة تثري الكثير من المجالات الأخرى غير المجال الاقتصادي ، فليكن الجانب الثقافي والاجتماعي على رأسها ، خصوصا اذا انتعشت " السياحة الداخلية " بين الجيل الصاعد من أبناء السودان أنفسهم لتزداد ذخيرتهم المعرفية بشكل عملي عن السودان الغني بكل مكنوناته وتتسع دائرة التواصل بينهم علها تعزز من وحدة السودان وتجعلها اكثر جاذبية السودان ذلك " الوطن " القارة ، مثلما هو السلة الحلم لغذاء العالم و العائم في بحيرات النفط والمياه والضرغام الفحل الذي انجب ومازال ينجب عقول فذة شهد لها العالم ، فهوايضا منظومة سياحية اذ تم تطويرها يمكنها أن تفي بمختلف متطلبات مرتادي سياحة الآثار التاريخية والسياحة الثقافية الاجتماعية وسياحة المغامرات والسفاري و الصحاري ومتسلقي الجبال ومصطادي الحيوانات البرية بوعي ومحبي الغطس والخ ان التطوير لهذا القطاع المتنوع في بلد اشبه بالقارة يجاهد منذ اكثر من خمسين عام لاستقرار أبنائه ، يستدعي تجاوز اثار تلك المرحلة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وبالتالي يمكن ان تتلخص مداخل تطوير صناعة السياحة السودانية في كل من " المدخل السياسي " و " المدخل الاعلامي " وبينهما أو قبلهما " المدخل الاقتصادي " لارتباط نجاح المدخلين الاقتصادي والاعلامي بنتائج المخرجات السياسية ، تبقى الحاجة ماسة وضرورية للمضي قدما فيما تم التوصل اليه من اتفاقيات سلام في الجنوب والشرق والعمل على ارساء دعائمها جنبا الى جنب التنادي بحميمية وإخاء من اجل إنجاح مساعي تحقيق السلام في دارفور عبر الاستفادة من الجهود الاممية والعربية والافريقية التي استوعبتها المبادرة القطرية مسترشدين في ذلك بنتائج ومحددات ملتقى مبادرة أهل السودان بهذا يمكننا الانتقال الى المدخلين الاعلامي والاقتصادي بالسير بهما في اتجاهات توافقية وليست اتجاهات متوازية لا تلتقي في نهاياتها فلتكن انطلاقة " الاعلام السياحي " هادفة في المرحلة الاولى الى إزالة الغبار الذي خلفته مشاكل السودان السياسية على الصورة الذهنية عن السودان لدى السواح الأجانب المتأثرين بالتناول الأحادي لوكالات الأنباء الغربية لأخبار السودان الذي تصوره الكثير من تلك الوكالات على انه بقعة غير مستقرة في مجاهل افريقيا تعج بالمرض وتداعيات الفقر والحروب والاقتتال وبكل ما يحلو لهم من مصطلحات وفي الاطار الاعلامي نفسه يمكن الترويج للسياحة السودانية عبر مكاتب سودانية متخصصة "خارج السودان " مستفيدة في ذلك من الاستعداد الذهني والثقافي للاوربيين بان ينجذبوا الى أي حملات ترويجية منظمة عن السياحة في السودان ، خصوصا وان الكثير من الدول الغربية لديها في مكتباتها الرسمية الكثير من المعلومات والمؤلفات حول السياحة في السودان فهي فقط في حاجة الى تفعيلها والاستفادة منها عبر "الاعلام السياحي" فمن بينها على سبيل المثال كتابات البروفيسور السويسري شارل بوني الذي قام بأبحاث تنقيب أثرية في منطقة كرمة منذ عشرات السنين تشير الى وجود حياة بشرية يعود تاريخها الى مابين 50 ألف و250 ألف عام ، وكتابات جون لويس بيكاردت عن حياة الناس في السودان و كتابات جيمس بروس عن مملكة سنار وكتابات هيردوت و استرابوا و بليني عن امكانيات السودان السياحية و كتابات وبراون عن العادات والتقاليد السودانية ، وغيرها من الكتبات المتخصصة في هذا المجال اما المدخل الاقتصادي لتطوير صناعة السياحة في السودان فهو يرتكز بالدرجة الاولى على الاستمرار في مسيرة تطوير البنية التحتية الجارية حاليا ، على ان نضع في الاعتبار بان العديد من المواقع السياحية تقع في مناطق يصعب الوصول اليها مما يستدعي التركيز على تطوير البني التحتية التي تضع السياحة ضمن اولوياتها عند التخطيط لها مستفيدين في ذلك من بعض اخطاء التخطيط في الماضي كتلك التي صاحبت التنخطيط لطريق الخرطومبورتسودان القديم الذي جاء موازيا في غالبيته لخط السكة حديد مما اصبح احد عوامل الهدم غير المباشر لسكك حديد السودان التي يمكن ان يؤدي تطويرها والنهوض بها الى تطوير السياحة ايضا بهذا فان الأمل يحدوا بالمهتمين بالسياحة بان أي تخطيط مستقبلي لتفرعات الطرقات المسفلته والاقليمية واي محاولات لاعادة الحياة لسكك حديد السودان لابد من ان تضع في اعتبارها اهمية " الوصول السهل جدا وبكل يسر مع وفرة الخدمات لدرجة الرفاهية السياحية " الى مواقع سياحة الآثار التاريخية مثل كرمة وجبل البركل واهراماته النوبية والنقعة حيث آثار اماني تيري وصنم ابودوم حيث معابد تهراقا والمصورات حيث معبد الأسد وجزيرة صاي حيث معابد عهد كرمة . كل هذا في الشمال كما ان الامل معقود على استقرار الأوضاع في الغرب واكتمال ماهو مخطط له من طرق مسفلتة مزودة بالخدمات ليسهل وصول السياح دون عناء الى جبل مرة في دارفور وجبال الصنفر في شمال كردفان ومليط وغيرها من المواقع السياحية الرائعة اما الشرق فرغم انسيابية حركة المرور في اتجاهه فما زالت السياحة فيه بحاجة للمزيد من التسويق خصوصا وانه يحظى بجبال التاكا وخضرة القاش وشعب البحر الأحمر المرجانية وروعة آثار سواكن العريقة وجمال سنكات اما الجنوب فان المدخل الاقتصادي لتطوير السياحة فيه يأخذ قدر أكبر من الأهمية ، حيث ان الفرصة متاحة لكي تتضمن خطط التنمية فيه هدف الجذب السياحي ، فهو البكر الحلوب المأمول اسهامه الفاعل في رفد سياحة الاستجمام والصيد اذ ان الحياة البرية في المناطق الجنوبية يمكن أن تكون عامل جذب كبير لمحبي الصيد شريطة ان يكون مقننا بالاضافة الى السياحة الثقافية حيث مئات القبائل واللهجات التي تستهوي الانثربولجيين من السياح ، فضلا عن خصوصية المناخ الذي لا تتوفر اجوائه في الكثير من أكثر مناطق الجذب السياحي في العالم حيث الغابات الغنية بنباتاتها واشجارها الاحوج الى اعادة استكشافها وتحت بعضها مساقط المياه اما الوسط و بدون تحديد جغرافي محدد ، فان تطوير صناعة السياحة به تتداخل فيه المدخلات الثلاثة لكونه يحتوي على الكثير من المتاحف والمنابر الثقافية والحدائق وحظائر الحيوانات البرية والبساتين ، فهو الجاذب لمختلف قطاعات السياح سواء كانو ا هواة السياحة الثقافية او سياحة الترفيه او سياحة الاستجمام او سياحة الأثار التاريخية او الباحثين في والدراسات الانسانية والانثربوليجية من السياح اذ به ما يشير الى ان اصل الحضارة الانسانية انطلق من هناك وذلك باعتبار مايدور تاريخيا حول " انسان سنجة " ذلك الاثر الذي يرى مكتشفوه من خلاله بان الحياة البشرية في تلك المنطقة تعود الى حوالى مليون سنة اذن فلتكن الجرعة مركبة من المدخل الاعلامي والاقتصادي والسياسي الذي يعزز ويقوي الاستقرار الذي يتمتع به الوسط وفي كل الأحوال يبقى الهم الأكبر الذي يتطلع اليه جميع اهل السودان الذين يتوقف عليهم نجاح صناعة السياحة المؤطرة بالقيم السودانية الأصيلة وبالعادات والتقاليد السمحة وباخلاقنا الرصينة وبكرم الضيافة الحقيقية وبالشهامة والنخوة والاباء .... يبقى ذلك الهم فينا شاغلا لنا في الوقت الحالي الا وهو كيف لنا أن نتوحد ونتجاوز الخلافات وان نستجيب الى نداءات السلام من اجل سودان العزة والكرامة الذي يسع لجميع ألوان الطيف السوداني .