الترابي عنده غبن زائد تجاه الحكومة وقيادات الشعبي تخالفه الرأي! المنظمات المشبوهة حرّضت المواطنين حتى لا يعودوا لمناطقهم وتفقد زخمها شعبنا كالذهب كلما "جمَّرته" لمع ولذا لن تنجح معه الضغوط! ساكوزي فشل في مواجهة مشاكله الداخلية وميله نحو التطرف أفقده شعبيته خدمة : (smc) مدخل: بالرغم مما أفرزته قمة الدوحة التي عقدت مؤخراً من مواقف مساندة لرئيس الجمهورية ضد افتراءات المحكمة الجنائية، إلا أن قرار الحكومة بطرد عدد من المنظمات قد أشعل الملف بصورة غريبة، وسعت عدد من الدول بشكل حثيث لعودة المنظمات أكثر من سعيها لحل القضية. الحكومة بدورها تمسكت بقرارها مستندة علي أن هذه المنظمات ما هي إلا أجهزة استخبارات صغيرة تتجول بحرية مستخدمة الجواز الإنساني، الذي بات الأكثر استخداماً في الإيقاع بالدول وإدخالها قسراً في نفق الابتزاز. حول قمة الدوحة والموقف العربي القوى وإمكانية تأثيره لتغيير بعض المواقف ضد السودان، وحول الدور الفرنسي المزدوج، وما ورد من تطورات بشأن مواقف حزب المؤتمر الشعبي ، والدور الأمريكي، والحركات المسلحة وإستراتيجيتها المستخدمة في ظل الوضع الحالي، كان للمركز السوداني للخدمات الصحفية هذا الحوار مع مستشار رئيس الجمهورية المهندس عبد الله مسار، والذي أجاب عن كل الاستفسارات بصراحته ووضوحه المعروفين:- سعادة المستشار شككت الحكومة في أنشطة بعض المنظمات وطردتها لتورطها في أنشطة استخباراتية، ولكن كانت هنالك ردود فعل تجاه ذلك، أولهما أن المنظمات المطرودة قامت بحرق وتدمير أجهزة حواسيبها، والثانية هي أن أمريكا وفرنسا وعدد من الدول الغربية سعت حثيثاً لإرجاع هذه المنظمات متعللة بالمشكلات الإنسانية.. ما تعليقك؟ الحكومة طردت جزءاً من المنظمات وتحديداً المشبوهة منها فقط وليست كلها. والآن ما تبقي منها يمارس عمله، والمطرودة ثلاثة عشرة منظمة، ثلاثة وطنية وعشرة أجنبية، حيث اكتشفت الحكومة أن الأجنبية إما أنها تتعاون مع المحكمة وترسل إما شهود أو وثائق ومستندات لمصلحتها، أو تسعي لتفتيت النسيج الاجتماعي الداخلي ببث إشاعات عن أن هذه الحكومة إسلامية أو عربية ضد الأفارقة الموجودين، أو تمنع الناس من أن يتعاملوا مع الجانب الوطني الداخلي، بما في ذلك التحريض علي بعض الموظفين الوطنيين، وتغذية الروح العدائية ضد الناس، وهذا حدث في معسكر كلمة إذ قتل أحد الذين كانوا يتعاونوا فقط لأنه عربي موجود داخل المعسكر، واكتشف الناس في النهاية أن التحريض تم من المنظمات لتقسيم أهل دارفور إلى مجموعات. وكذلك سعت المنظمات إلي تغيير نمط حياة الناس وتحويل أهل دارفور إلى كسالي ومتبطلين بدلاً من أن يكونوا منتجين، وكذلك سعت المنظمات إلى منع الناس من الرجوع لمناطقهم، لأنهم أذا رجعوا ستفقد زخم وجود الناس في المعسكرات، ولذا هي عملت عملاً استخبارياً لا إنساني ولا أخلاقي بجمع المعلومات وتخريب المجتمع الداخلي والإساءة للمجتمع، بل أدخلت حتى عادات جديدة لم تكن موجودة وهو جزء من الممارسات اللا أخلاقية داخل هذه المعسكرات، وأخيراً وعندما طردتها الحكومة فقد سحبت ذاكرات الحواسيب وكسرت الكمبيوترات ولجأت لليوناميد وأماكن الأممالمتحدة حتى يحموها وتخرج، ولذلك واضح بالفعل أن لها دور استخباري. ويعزز هذا الأمر المطالبة الشديدة من فرنسا وأمريكا وبريطانيا بإرجاع هذه المنظمات، بل وصار همهم الأساسي هو إرجاعها. وأنا في تقديري ان الحكومة السودانية أذا قالت الغوا قرار هذه المحكمة وسنرجع لكم هذه المنظمات لوافقت هذه الدول، لأنه وضح لدي أنها بالفعل كانت لديها أجندة، وصحيح قد يتواجد من يعملون معها وحتى من عناصرها الاستخبارتية، ولكن هذه المنظمات ولأنها متغلغلة في المجتمع تستطيع أن تنفذ فيها كل الأجندة المطلوبة، ويمكن أن تخلق العداء بين الدولة ومواطنيها، ولذلك هذه المنظمات كانت بالفعل تقوم بدور مشبوه وقبيح، ولذلك الحكومة عندما طردتها اكتشفت هذا الدور بكثرة المطالبات للدول الغربية في أنه لابد أن ترجع هذه المنظمات وسبق أن سألت أحد الغربيين وقلت له لماذا أنتم مصرون علي عودة المنظمات حتي ونحن الآن نرغب في أن سودنة هذه المنظمات؟ فقال لي : نحن ننظر لهذه المنظمات وكأنهم قديسين، فقلت له: ولماذا لا تنظرون إلي مجتمعنا وكأنهم ملائكة ،ولذلك هنالك فرق، ونرغب نحن في أن يكونوا أهلنا ملائكة وأنتم "امسكوا قديسنكم عندكم وخلوا لينا ملائكتنا عندنا"قالها ضاحكاً". ولذلك اكتشفنا بالفعل أن لديهم أيادي لعمل مشبوه داخل السودان، والذي حافظ بدوره علي بقية المنظمات التي لا دور لها في تخريب الأمن، فمثلاً منظمة أطباء بلا حدود سمعت لها تصريحاً يؤكد علي أنه لا إبادة جماعية في دارفور، وأن ما شاهدوه من فظائع كان في رواندا. ونحن نسأل عن إمكانية تحديد أوكامبو لأي قبر جماعي في دارفور؟! وثانياً: عندما يتكلم عن التطهير العرقي فكيف يتم ذل في ولاية والوالي من ذات القبيلة، فكيف سيقوم الوالي بإبادة أهله، فمثلاً في غرب دارفور أذا قلنا هناك تطهير عرقي، فكيف يتم ذلك والوالي من نفس القبيلة في المنطقة؟ وكذلك ثلثي الحكومة من ذات القبيلة؟ وفي جنوب دارفور وشمال دارفور نفس الشئ، أذا أرادوا التطهير من قبائل بعينها فكيف سيتم ذلك والحكومات منهم ورئيس البرلمان منهم ورئيس مجلس الولايات، ولذا أعتقد أن كل هذه القصة مختلقة وقامت بها هذه المنظمات فطردتها الحكومة. أكد القائم بالأعمال الأمريكي إن واشنطن تبحث عن آليات مناسبة لإدارة الحوار الذي يتطلب إبداعاً دبلوماسيا لتحريكه، فهل معني ذلك أن أمريكا ستغير من سياستها تجاه السودان مستقبلاً وتميل للحوار بدلاً عن الضغوط والابتزاز ؟ أعتقد أن المعلومات عن السودان بالنسبة لأمريكا ليست حقيقة علي الأقل أغلبها، وهي لم تدرس المجتمع السوداني دراسة متأنية، فالانجليز يعلموا بخبايا المجتمع هنا في حين أن أمريكا تعتمد مبدأ القوة، بعكس بقية الدول الغربية التي تعتمد علي عنصر النقاش والحوار. والشعب السوداني مختلف عن أغلب الشعوب إذ كلما قمت بالضغط عليه كلما ازداد موقفه وضوحاً ويكون ضدك باستمرار، ولذلك علي أمريكا أن تغير الكثير من سياساتها تجاه السودان، لأن الشعب السوداني مثل الذهب كلما جمَّرته كلما كان أجمل والمع. وسبق وأن تحدثت مع السفير الأمريكي ووجدت عنده ذات الشعور وهو أن الشعب السوداني لا يمكن إن يستمر معك أذا تعاملت معه بالقوة، وحتى حكومة الإنقاذ كلما يتم التعامل معها بالقوة كلما زادت ثباتاً، لأن عندها أيمان ويقين "وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"، وكل شخص يعلم متى ينتهي عمره، ولذا قد تجد مواطن لا يملك قرش في يده ولكن يقول لك الحمد لله، وعلي هذا فان الشعب السوداني مختلف عن بقية شعوب العالم، فهناك شعوب ما لم تطعمها فإنها لن تجري خلفك، ولكن السودانيين مختلفون وينبغي لأمريكا أن تراجع موقفها من السودان.وهي وكلما وقفت ضد رئيس السودان أو شعبه، كلما زادت من شعبية الحكومة والرئيس. صحيح أن هنالك جزءاً من أبناء السودان يجلسون مع بعض السفراء في الليل ويتحدثون معهم عن إن هذه الحكومة مكروهة، والناس ليسوا معها وغداً ستتغير، فأعتقد أن مثل هؤلاء ستكون لديهم نفس خدعة الجلبى بالعراق، حيث أدخل الأمريكان وصاروا بعد ذلك في ورطة بسبب الأزمة العالمية المالية، ولذلك لابد أن تعيد أمريكا علاقتها مع السودان، ولابد أن يكون مبدأ الحوار هو الأساسي، ولابد أن تكون العلاقة بين أمريكا والسودان علاقة حسنة، حتى تستطيع أمريكا أن تدير مصالحها في السودان وفي أفريقيا والعالم العربي، لأن السودان مدخل لأفريقيا ومفتاح أساسي للعالم العربي وأمريكا اللاتينية بل ولشعوب العالم كلها، وعنده فضل عليها رغم ضعف موارده. فإذا أمريكا لم تنتبه لموارد السودان الكبيرة وتنوعه الثقافي والفكري وقدرة البلاد علي التحرك في مجتمعها وأفريقيا كلها، وإذا لم تنتبه لمقومات السودان وتتعامل معها بالحسنى، لن تحصل منه علي درهم لا دينار ولا دولار، وعندما ضغطت أمريكا من قبل علي السودان بانسحاب شركة شيفرون للبترول أتي السودان بالصين. والآن أذا ضغطت عليه ستجعله ينتج كل موارده الصناعية والعسكرية محلياً. سعادة المستشار قابلت القوي السياسية موقف زعيم الشعبي الدكتور حسني الترابي من الجنائية بانتقاد لاذع واعتبرته موقفه شاذاً وخارجاً عن الصف الوطني، فهل تتوقع أن يغير شيخ حسن رأيه بعد أن برز اتجاه قوي داخل الشعبي معارض له ورافض للجنائية؟ أعتقد أن رأى المؤتمر الشعبي ليس هو رأى الترابي، وأنا قابلت عدد كبير جداً من الشعبيين، صحيح ان لديهم موقف سياسي وانهم معارضون للحكومة، ولكنهم ضد المحكمة الجنائية ويعتقدون بأنها استعمار وعليهم أن يتوحدوا مع مواقف أهل السودان ضد هذا الاستعمار. شيخ حسن في تقديري عنده غبن زائد علي هذه الحكومة، لأنه يعتقد بأنه من جاء بها وهو قائدها وكان الأساسي فيها، وعندما حدثت المفاصلة في الرابع من رمضان أخذ عليها غبن زائد، ولكن هذا ليس عند الآخرين. صحيح هنالك قيادات في الشعبي مختلفة مع الحكومة، ولكنها لم تصل للدرجة التي وصل إليها شيخ حسن، والذي في تقديري يعتبر نقده للحكومة نقد شخصي من موقف شخصي وليس موقف الحزب. واعتقد ان هذا الموقف سيفقد شيخ حسن الكثير من الأعضاء بحزب المؤتمر الشعبي، وسيدفع الكثيرين منهم للتعاون مع الحكومة، بالانضمام اليها أو التعاطف معها باعتبار أن موقفها موقف وطني، هؤلاء يمكن أن يكونوا معارضين ولكن سيكون لديهم موقف من شيخ حسن، وهذه الصورة واضحة لكل شخص متابع ومحلل لتحركات المؤتمر الشعبي، والذي أعتقد أنه سيكون فيه خلاف بين عدد كبير جداً من أعضاء المؤتمر الشعبي بعد تصريحات شيخ حسن مع قياداته. مقاطعة: معني ذلك هل تتوقع أن يحدث انقسام داخل المؤتمر الشعبي؟ في تقديري ممكن أن ينقسم أو يخرج منه عدد كبير، وهنالك أناس سيرفضون هذا االاتجاه وعددهم كبير. وحتى أذا كان الشعبيون يكرهون البشير ونظامه إلا أنهم سينظرون للقضية علي أساسي وطني وسوداني. كيف تنظر للموقف الفرنسي المزدوج في تعامله مع ملف دارفور حيث تحتضن باريس عبد الواحد، وما هو مستقبل العلاقات السودانية الفرنسية والتشادية بعد المستجدات التي طرأت علي الساحة السياسية؟ أعتقد أن فرنسا تواجه مشاكل بعد تولي ساركوزي للسلطة، حيث اتجهت نحو إسرائيل بشكل عالي جداً، وكانت في أيام شيراك تميل نحو العالم العربي وتميل للوسطية أكثر من التطرف. الآن فرنسا متطرفة جداً نحو القضايا العربية وعلاقاتها سيئة مع اغلب الدول العربية، واتجهت فرنسا لأمريكا أكثر من بريطانيا وبذا فرنسا في أزمة، ويواجه ساركوزي مشاكل في داخل فرنسا، فهنالك اعتصامات في باريس بعد الأزمة المالية الموجودة، وحتى أن لديها مشاكل في مستعمراتها الأفريقية التي أصبحت تتململ منها. وفرنسا الآن ليست مثلما كانت عليه أيام شيراك وديغول، بل هي تميل لليهود، وإذا نظرنا لها في هذا الأمر فأننا لا نستغرب من عداءها لنا، لأنه مربوط بالايدولوجية والفكرة، كما أن فرنسا ترغب في التقرب لأمريكا، ولذا لابد لها من أن تعادي ما تعاديه أمريكا، كما أن فرنسا علي الأقل اتجهت نحو موقف ليس هو الموقف المبدئي المعروف من قضايا الشرق الأوسط بعد فوز ساركوزي المعروف بجذوره اليهودية. وإذا اطلعت علي الصحف الفرنسية ستجد نزول شعبية ساركوزي بشكل كبير جداً، لأنه لم يستطيع أن يواجه المشاكل الداخلية المحلية، وقضية الاقتصاد والمال في الداخل، ولا الهجرة الغير مشروعة، ولا العطالة، ولا مشاكل المعيشة اليومية، و بذا هو تحرك من مربع الاعتدال والتوازن إلي مربع التطرف. فرنسا رضت دخول أمريكا للعراق ووقفت موقف قوي جداً في الأممالمتحدة، ولأن ساركوزي ذهب للمربع الأول الذي رفضته فرنسا فلا أجد غرابة في موقفه إذا ما تشدد معنا أوتساهل مع حركة عبد الواحد، وهما فاشلين في تحقيق أي شيء في السودان، لأن عبد الواحد لا يوجد شعب يسانده ولا مقاتلين لديه، لأنه يعتمد علي النازحين في المعسكرات فقط والمنظمات المشبوهة التي ذهبت. وسيجد عبد الواحد نفسه إما لاجئاً أو مقتولاً في هذه الدول أو علي الأقل مهمل. ولذلك علي فرنسا أن تراهن علي السودان كدولة كبرى، وأن استقراره يعني استقرار مستعمراتها في القارة كتشاد وأفريقيا الوسطي ومناطق أخرى، وهذا أفيد لها من أن تراهن علي علاقتها مع أمريكا، حيث أنها يمكن أن تكون مؤقتة ولا تستفيد منها شئ، لأنهم كلهم مرتبطين بموارد العالم الثالث.