بسم الله الرحمن الرحيم بقلم/ غيداء يحي زكريا عمر* يحسُن أوّلاً أن نستدعي هذا المثال .. تتعرض أنت أو غيرك للابتلاء وقد تعرّض للإبتلاء حتي الأنبياء الذين اختصتهم المشيئة الإلهية بالرسالات السماوية. تتعرض للإبتلاء فتجزع أو تصبر .. وتلك من طبيعة الإنسان ، وغايةُ الدعاء رفع البلاء. وما كان البلاء يصيبك بغير حكمة ربانية يُقدِّرها الله تعالي في الأزل محكومة بالزمان والمكان وذلك معلوم من الدين بالضرورة. وتروي أقاصيص الأنبياء قصة سيدنا أيوب التي تقف شاهدةً علي إقتران الدعاء برفع البلاء. وفي الأثر الشريف دعاء المؤمن لأخيه المؤمن بظهر الغيب (إنّ دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب ويدر الرزق ويدفع المكروه). ومعلوم أن للدعاء اشتراطاته التي يقررها الدين ليس من بينها الجاه والسلطان ولا النسب ولا المكانة الإجتماعية التي يتخذها بنو البشر معياراً للتمايز بين الناس .. الحديث( يا سعد ، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة). وعلي ذلك فإنّ ما كان ليصيبك لم يكن ليخطئك ، ورحمة الله تسع كل شئ بالفرج. الشاهد أنّ الدعاء قيمة إيمانية لا يستهان بها غير أنّ ثمة استسهال اتخذه بعض الناس لهذه العبادة _الدعاء_ حتي صارت عادة أفرغها هؤلاء من اشتراطاتها الشرعية الزمانية والمكانية. وتماماً كما للنصر ألف أب والهزيمة يتيمة أو كما يقولون، دعوني هنا أُطلق هذا التشبيه علي الذين يستسهلون شرعية الدعاء كقيمة إيمانية، فكثيرون يبتليهم الله تعالي ربما بأمراض أو مشكلات حياتية ويكون اللجوء الروحي بالدعاء منفذاً للفرج. ويكون هذا الدعاء بواسطة الشخص المُبتلَي نفسه أو من أهله وأقربائه ومعارفه وبرحمة الله يتجاوز الفرد معضلاته التي أرهقت كاهله. الغريب في الأمر _ وهنا مربط الفرس_ يأتيك العشرات ينسبون إلي بركة دعواتهم ما أنت فيه من الخير العميم حتي لا يبقي لك إلا أن تصرخ (مدد .. مدد) .. أو تقول مثلما قال أتباع أبي رباح حينما أشكل عليهم المشكل (بيِّن بيانك يا أبا رباح) كما صورته إحدي المسلسلات المصرية. نعم حسن ظن العباد برب العباد من تمام الإيمان لكن ليس بدرجة قطعية قد تُدخلك في درجة من درجات الغرور والغلو وكأنما قد ضَمِنَ هذا الشخص -غفر الله له- نتيجة أعماله والاستجابة الفورية من رب العالمين وما يعلم الغيب إلا الله وكل أمر مكتوب ومسطر وسيكون إن قُدِّر له أن يكون. أعرف كثيرون يتمشدقون لآخرين بأنهم دعوا لهم بل ويجاهرون ويجزمون بأنّ دعواتهم هي سبب الفرج وربما نحن هنا بحاجة لإيضاحات من علماء الدين في هذا الخصوص فيما يتعلق بالغيبيات ومسألة الجزم والمجاهرة بأنّ دعوة فلانة أوفلان هي وراء إنكشاف الأزمة وقضاء الحاجات. وددتُ أن أسترسل في هذه البدعة الغريبة .. الرياء في الدعاء .. أو تبنِّي المواقف بمعني أن تتبني وتنسب لنفسك الفرج بسبب دعوة أطلقتها أنت ثم تجاهر بثقة مفرطة هكذا جزافاً أنّ دعواتك ليس بينها وبين الله حجاب وقدرة الله وسعتْ كل شئ .. وهذه الظاهرة البدعة أضحت تنتشر يوماً بعد يوم خصوصاً بين النساء حتي صارت تحت بند (البوبار) ..تماماً كما (تتبوبر) إحداهن بثوبها الجديد يمكنها أيضاً أن (تتبوبر) بدعواتها التي (حلحلت) مشكلات خلق الله. أخيراً ربما هذا إبتدار لنقاش حول الرياء في الدعاء يستدعي مشاركة متخصصة من علماء أصول الدين.