فى مقال نشرته (الجريدة): بروفسور زين العابدين: * كنا كثيرا ما نتحدث عن أن العالم قد أصبح قرية صغيرة بفضل تكنولوجيا الإلكترونيات والاتصالات، وأن الحدث يحدث فى أقصى بقاع الدنيا وبعد دقيقة واحدة يكون قد علم به البشر في كل بقاع الدنيا وهذا مفهوم على المستوى الاتصالي وانتقال المعرفة، ولكن العالم أصبح قرية واحدة بمفهوم تفاعله مع الحدث في كل الكرة الأرضية وصارت قضية كل فرد في العالم تهم كل المجتمع البشري بكل مكوناته بغض النظرعن الدين واللون والثقافة واللغة والجنس وخاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان والحريات وضحايا التعذيب والحريات والحروب والمجاعات. * عندما خرجت من المعتقل والذي كنت فيه سجيناً علي مدى خمسة عشر يوماً بسبب التعبير عن رأي في مقال بصحيفة (التيار) وطالعت الصحف العالمية وشبكات الانترنت، علمت بحجم التفاعل والتعاطف والدعم البشري العالمي لقضية إنسان في العالم عما يجرى في بلاده بالقلم ولم يحمل كلاشنكوف ليقاتل به في حين الذين حملوا السلاح ضد الدولة وأحدثوا كثيراً من الدمار في مواقع مختلفة من السودان هم الآن علي قمة السلطة تمت مكافأتهم علي حمل السلاح بأن صاروا شركاء في سلطة وثروة السودان دونما تفويض من شعب السودان وكل رصيدهم الذي دفع بهم الى قمة السلطة في السودان هو بندقيه علي كتف المقاتلين ضد الدوله. * وقبل الاسترسال في المقال، أهنئ صحيفة (التيار) إدارة وعاملين بعودة صوتهم واقلامهم وآرائهم لحيز الوجود مرة أخرى، وإن كنت تألمت لإيقاف الصحيفة عن الصدور، كما يقولون، بسبب رأي نشر بالصحيفة تعليقاً علي لقاء تلفزيوني للسيد رئيس الجمهورية. * ومنبع ألمي من أن وراء إستمرار إصدار الصحيفة هنالك أسر كثيرة تعتمد في معاشها وتعليم أبنائها وعلاجهم علي أجور عملهم بصحيفة (التيار)، ولكن من الناحية المهنية الأخرى فإن الصحافة هي السلطة الرابعة المدافعة عن حق الشعب السوداني ولا بد أن تتعرض لظلم من يظلم الشعب السودانى إذا هى دافعت عنه، والصحافة هي مؤسسة نضالية دائماً تتعرض للظلم من كل النظم العسكرية والإستبدادية التي لا تتحمل الرأى الآخر. * ولا بد لي من أن أثمن الوقفة الشجاعة لكل العاملين بصحيفة (التيار)، ولكن الرضوخ لإملاءات جهاز الأمن السلطوي لا يفيدها كثيراً وسيقلل من شعبيتها، وإن إستمرار دعم الشعب السوداني لها ما ظلت معبرة ومدافعة عن قضاياه وعلي قمتها كشف الفساد في كل مرافق الدولة السودانية بقطاعيها العام والخاص . * في هذا المقال لا يسعني إلا أن أمتن بالشكر لكل الذين وقفوا بجانبي طيلة الأيام التي قضيتها حبيساً لدى جهاز الأمن ودفاعهم المستميت عن القضية التي اثرتها إذ دائماً العالم والمنظمات تقف معضدة للقضية وما الفرد الا الحامل لها لأنها قضية تهم المجتمع البشرى وليس الفرد المعبر عنها والذي تعرض للظلم بسببها. * وفي هذا المقام أشكر منظمة العفو الدولية وكل منظمات حقوق الانسان ومنظمة العدالة من اجل أفريقيا، ومنسقية مجموعة العمل الرافضة لمشاركة الحزب الاتحادي الأصل في السلطة، وأشكر المحامين وعلى رأسهم كمال الجزولي وفاروق أبوعيسي وأمين مكي مدنى ويحيى الحسين وعبد المنعم عثمان وساطع الحاج ومعز حضرة وسيف اليزل خليفة. * والشكر موصول للجنة الدفاع والحريات والمجمو عة العدلية لحقوق الانسان ونشاطها من اجل الحريات، ومجموعة الاتحاديين بأمريكا التي دفعت بطلب للوزراء الاتحاديين للانسحاب من الحكومة والاتحاديين الديمقراطيين بكل من استراليا وهولندا وكندا والمملكة المتحدة. * والشكر أجزله لشباب الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل الرافض للمشاركة والحزب الاتحادي الموحد وتيار الإصلاح للحزب الاتحادى المسجل، وأسرة صحيفة (التيار) وصحيفة الراكوبة وسودانيزأونلاين وحريات السودان، والصحفيين بصحيفة (الجريدة) وزهير السراج وصلاح الدين عووضة، والصحفية الاستاذة نجلاء سيد أحمد وموقع أحرار السودان ومنبر الوسط للتغيير وصفحة أشقاء حاتم السر وأشقائه بالانترنت، ومنتدى يحيى الفضلى ومنتدي نجم السعد ومنتدي منطقة الحلاوين، ومن الصحفيين المصريين الأستاذة أمال الطويل . * ويمتد الشكر والعرفان الي مجهودات مولانا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل والشقيق احمد سعد عمر والسيد عبد الرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية الذين ساعدوا وبذلوا الجهد الجهيد لإطلاق سراحي. * والشكر أيضاً موصول للسيد الامام الصادق المهدى الذي كان يداوم الإتصال يومياً بأسرتي مطمئناً لهم وكذلك بقية أفراد أسرته الدكتورة مريم المنصورة والأستاذة رباح الصادق وقصيدتها التى صار يتغنى بها الجميع وطبقت الآفاق. * وأيضاً الشكر موصول للأخ الحبيب الصديق الصادق المهدي وأم سلمة الصادق. والشكر موصول لكل الذين وقفوا متضامنين مع قضيتي، والذين حضروا للمنزل أو هاتفوني بعد إطلاق سراحي، وأؤكد لهم أن الدفاع عن الحريات والبحث عن الدولة السودانية الراشدة سيكون نبراس كفاحي إلي أن التقي الجليل الرحيم . * في ختام هذا المقال لابد أن أتعرض لما ورد في صحيفة ( التيار) في عددها 901 الصادر يوم الأحد 11 مارس 2012 م حول اعتذارهم لما ورد في المقال للسيد رئيس الجمهورية وأسرته لما أصابهم من رزاز من المقال وللقوات المسلحة لما أصابهم من تجريح . أولاً أرجو أن أوضح أن الشخص الوحيد الذي يمكن أن يعتذر عن ما كتبت في هذا المقال هو شخصي وليس أي شخص آخر مهما علا أو قل شانه، وللصحيفة الحق في أن تعتذر عن نشر المقال وليس لأى شخص الحق بأن يصف هذا المقال بمقال التجريح المؤلم أو المقال الذى يصيب بالرزاز كما جاء بصحيفة ( التيار)، وليس لأحد الحق في أن يعتذر انابة عن كاتب المقال، إذ أننى شخصياً لم أعتذر عما كتبت فى المقال لأي شخص لأني مقتنع بما كتبت، ويقينى أننى لم أتجن على أحد، والحمد لله فاننى تربيت فى بيت دين يعرف حدوده الشرعية تجاه الآخرين وهذا ما قررته فى كل التحقيقات والتحريات التى أجريت معى سواء كان ذلك مع جهاز الأمن أو نيابة الصحافة والمطبوعات، والحمد لله أننى شخص راشد وعلى درجة من العلم وأعرف جيداً رسالتى تجاه شعبى. * والاعتذار أيضاً عن نشر المقال بأنه تسرب دون أن تراه يد الرقابة الإدارية للصحيفة كأنما أننى قد دسسته دونما علمهم فهو اعتذار جد مضحك ومبكٍ فى آن واحد إذ فيه الاتهام بالغفلة للزملاء المحررين وإهانة لهم وهم الذين أستلموا المقال وقاموا بصفه للنشر وقد قرأوه سطراً سطراً، ولذلك يجب ألا تكون المساومة مع جهاز الأمن لرجوع الصحيفة على حساب الزملاء المحررين بالصحيفة مهما كانت الأسباب لأن فيها خدشا لكرامتهم ورأيهم وهذا فيه إفساد للقضية جملة وتفصيلاً. * وإذا كانت ( التيار) كما قال رئيس تحريرها أنها تقود وتعبر عن تيار واسع وعريض من قطاعات الشعب السودانى، فان الشعب السودانى قد قابل مقالى بالإستحسان والتعضيد والتبجيل، بل لقد كان معبراً عن الشعب السودانى وعن كثير ممن هم فى السلطة والذين لا يستطيعون أن يبيحوا عما بدواخلهم لأسباب متعددة والأعتذار عما جاء فى المقال بأنه نابى فيه أهانة وتجريح لفهم وإدراك الشعب السودانى. * ويجب على الصحيفة لكيلا تفقد شعبيتها أن تكون معبراً حقيقياً عن القضايا التى تهم الشعب السودانى ووجدان الشعب السودانى ورؤاه، وألا تخاف فى ذلك لومة لائم، وعليها أن تعتذر للشعب السودانى أولاً قبل الإعتذار للسلطة على تسفيهها له لوقوفه مع المقال وكاتب المقال. * وأكرر أننى مقتنع بما كتبت ولا أرى فيه مساسا بشخص، وأنما مساس الأشخاص يأتى من التناول العام، ما داموا قد خرجوا وتصدوا للعمل العام فهم ليسوا معصومين عن الأخطاء مهما علا أو قل شأنهم. وأختم بما تعلمناه من آبائنا أن نسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنابه وألا يكلنا لأنفسنا طرفة عين. صحيفة (الجريدة)، 15 مارس 2012 العالم أصبح قرية