مما يؤثر عن المستعمر الإنجليزي بعد جلائه عن السودان حينما سئل ماذا ترك للسودانيين أنه قال:- (تركت لهم مشروع الجزيرة والسكة حديد والخدمة المدنية ) وهذه الثلاثة التي ذكرها المستعمر هي قوام الدولة السودانية الحديثة وموئل إستقرارها ورقيها وسؤددها ولو أننا حافظنا عليها ونميناها لجنينا من ورائها خيراً كثيراً إلا أننا جرت بنا رياحنا على غير ما تشتهي سفننا فأصبحنا نتنكب الطريق وأضعفناها ثلاثتها الواحدة تلو الأخرى فأصبحت أثراً بعد عين وفي القرن التاسع عشر بعد الحرب العالمية الثانية وضع عالم الماني نموذج الخدمة المدنية بمعايير وأسس وقوانين وبشفافية واضحة وأصبحت الدول تنفذ هذا البرنامج لتسيير حكوماتها وبسبب هذا البرنامج أصبح الإستقرار في الدولة التي تعتمد على السلطة الحاكمة والسلطة التنفيذية والإدارية وأصبح الموظف الرابط الحقيقي بين الشعب والحكومات وهو الذي يحفظ المكاتبات والمعلومات في أضابير الملفات المحفوظة وهو الذي يتنقل على المؤسسات الحكومية – مدنية أو عسكرية وأخيراً ظهرت الأجهزة الإلكترونية والشبكة العنكبوتية لمساعدة بذلك الموظف لحفظ المعلومات وفك رموز معضلاتها وهذه نبذه بسيطة عن العالم من حولنا أما في السودان أصبحت الخدمة المدنية غير مستوفية الشروط والأسس والقوانين والشفافية التي وضعت بها فإختلط الحابل بالنابل وفسرت القوانين على حسب هواهم وأدخلت بما يسمى المركزية تحت شعار العنصرية والجهوية في إستيعاب العاملين في الخدمة المدنية فماتت القوانين والأسس والشفافية ودفنت في مقابر شرفي بالخرطوم وينتهي العزاء بإنتهاء مراسيم الدفن أما في ولاية البحر الاحمر فيختلف الأمر تماماً عن الولايات الأخرى ويطبق فيه قانون الغاب أو بمعنى الفساد السياسي الذي يدافع دائماً وأبداً عن أشكال الفساد ويضع لها المبررات والقوانين ويحميها ويوجد لها الأعذار وبهذا يتم تعيين وزير للعمل ولجنة إختيار بدون أي صلاحية تذكر وتصبح الوزارة ولجنة الإختيار شكل من أشكال الدعاية والدعابة وهنالك وظائف قومية مثل المواصفات والمقاييس والموانئ والجمارك والبترول وإدارة القضائية والذهب وركائز الأرض البحرية والبرية وشاغلي هذه الوظائف يأتون من الخرطوم فوراً وإنسان الولاية يئن من الجهل والمرض والعوزه وإيراداته تذهب الى الخرطوم عنوة ووالي ولاية البحر الاحمر جاء الى هذه الولاية للعمل في السياحة وتنمية الأرض فقط تاركاً وراءه الإختناقات الوظيفية وموت المعاشيين الواحد تلو الأخر حسرة وندماً على شبابهم الذي قضوه في دواوين الحكومة زهاء أربعون عاماً وخرجوا من المولد بدون حمص لإحقوق ولا إمتياز أما صفوف العاملين في الفصل الأول محدود فقط المرتبات وقرارات المركزية لا تنفذ في هذه الولاية لا لإسعاد عامل الولاية وإستقطاع المعاش بنسبة 8% يذهب للتنمية بدلاً أن يكون في بند الأمانات أما في التعليم العالي توجد عدد (7) سبعة جامعات بما فيها الكليات والتخرج سنوياً من هذه الجامعات يفوق 7000 سبعة الف طالب وفتح الوظائف موقوف بأمر من السيد الوالي وبهذا إقترح قفل الجامعات لمدة خسة سنة قادمة لتفادي تراكم الخريجين في الولاية ونعتبرها خطة خمسية وبهذا تخف مشكلة العطالة المتراكمة . والله المستعان... محمد أدروب حمد (هوجر) 0915082640