[email protected] عندما إعتدت إريتريا على أثيوبيا عقب إنفصال الأولى عن الثانية بمدة قصيرة وهددت أمن حدودها ، ما كان منها إلا وأن شنت عليها حرباً شاملة خاطفة قصفت فيها حتى مطار أسمرا في العمق وكان يمكنها إحتلالها في سويعات لولا تدخل الوساطات من المجتمع الدولي وكذلك بعض الدول الأفريقية ، هذه الصدمة المرعبة هي التي أسكتت أسمرا إلى الأبد ورغم حالات التحرش التي إستمرت بعد ذلك ورغم حالة اللاسلم واللاحرب التي يعيشها البلدين إلا أن إريتريا لم تتجرأ بالعدوان مرة أخرى وستفكر مستقبلاً مليون مرة قبل أن تقدم على حرب أثيوبيا. لن أتحدث عن تفاصيل الإعتداء الغاشم لدولة الجنوب على هجليج السودانية، فالأخبار التي ترد من هناك من كافة القنوات الإعلامية لم تترك شاردة أو واردة إلا واحصتها ، ولكن ما أود قوله أن على حكومة السودان ممثلة في جيشها وقواتها النظامية الأخرى ، شن حرب شاملة على دولة الجنوب من كافة الجبهات ودعم الحركات المناوئة لنظام جوبا جهاراً نهاراً وانظروا ساعتها كيف سيركعون... سيقول قائل ولكنك هكذا تؤلب علينا المجتمع الدولي وهذا ما يريدونه للتدخل وأقول ، أنظروا للتجربة الإيرانية كلما إشتد عليها حصار المجتمع الدولي ومن ورائه أمريكا ، خرجت عليهم بما هو أكبر من متطلباتهم ودعاويهم الآنية لذا إستمر مشروعها النووي من حسن إلى أحسن ولو كانت قد وقفت موقف المدافع لانهالت عليها اللكمات وقضت عليها بالنقاط كما يقول أهل الملاكمة ، إنه أسلوب رفع السقوفات للتسليم بالأمر الواقع . إن السمسار حينما يريد أن يبيعك سلعة أو عقار فإنه يرفع السعر إلى أعلى مستوى حتى يجبرك على القبول بالسعر الحقيقي الذي يريده والذي سوف لن ترضاه إن هو عرضه عليك مباشرة ... نحن اليوم نعيش في عالم الإعتراف فيه للأقوى ، وإلا قولوا لي لماذا لم يدن المجتمع الدولي دولة الجنوب حتى الآن وهي التي نقضت العهود بعد أن رضيت بتحكيم لاهاي حول هجليج وتبعيتها للسودان ، إنها الآن في موقف المنتصر ولكي تتبدل هذه الصورة لابد من ضربة قاصمة تزلزل كيانها والسودان أهل لذلك ... لقد حارب الجيش السوداني لعقود في الجنوب ولم تجرء الحركة الشعبية على إحتلال مدينة إسترتيجية واحدة هناك ، ناهيك عن تهديد الشمال وكل أفراد الجيش السوداني يعرفون دروب الجنوب كما يعرفون أزقة أم درمان ، والجيش السوداني اليوم له من الإمكانات مالم تتوفر له في أي عهد من العهود والحركة الشعبية تعلم ذلك جيداً ، ما ينقص هو إرادة سياسية قوية غير (منبطحة) كما درج على ذلك نفاشيو الإنقاذ ، إرادة لا تعرف الخور من مجرد سماع عبارة المجتمع الدولي ، إرادة مبادرة مقدامة لا تعرف طبطبة التفاوض ولا مصانعته ، إن الطبيب من أكثر الشخصيات خوفاً من المرض ربما لدراسته للاعراض التي تصاحب الأمراض ،فإن شكى له شخص من صداع تتداعى إلى مخيلته فوراً أعراض الأمراض الفتاكة ، فربما ظن أن هذا الصداع ناتج عن إرتفاع لضغط الدم أو عرض لجلطة في المخ ، ثم تظهر النتيجة المعملية في النهاية أنه ناتج لمجرد إرهاق ، هكذا يفكر النيفاشيون فبسبب الجرعات المكثفة التي تعرضوا لها من قبل بيوتات الخبرة الأجنبية التي عاونت الحركة الشعبية إبان مراحل التفاوض المختلفة ، من هذه الجرعات الصادمة صارت لديهم فوبيا من كل عاقبة تصنعها أخيلتهم الواجفة ، فمن رحم دعوى وجود أرقاء جنوبيين في الشمال خرج الإتفاق الإطاري الأخير بالحريات الاربع وهكذا هم دوماً يرفع السقف من هناك وخوفاً من المآلات المجهولة التي تولدها الأخيلة الخائرة تأتي (الإنبطاحات) و(الإنبراشات)... لقد فقدنا الأمل في وفودنا المفاوضة ولقد كتبنا مراراً أن غيروا أسلوب المدافعة وتلقي الضربات هذا إلى الهجوم وذكرت في مقال سابق أن التفاوض يحتاج إلى دهاء والدهاء نوعان أحدهما هجومي والآخر دفاعي ونادينا بأن كونوا هجوميين في دهاءكم يا مفاوضي حكومة السودان ولكن لا حياة لمن تنادي ... ولكن أملنا قط لن يتبدل ولن يتزحزح في قواتنا المسلحة لأنها الوحيدة التي تأذت من ساستنا (الرومانسيين) ... اليوم يومك يا جيش السودان والكرة في ملعبك فلا تستمع لصوت الإنهزاميين ولا إلى المخذلين وأنت صاحب الغلبة دوماً ماضياً وفي المسقبل إن شاء الله ... أبطشوا بالمعتدين ولا تأخذكم بهم رأفة فإن إعتدوا على هجليج فدونكم جوبا فهي لا تبعد أكثر من ساعتين بالطيران وهي من الهشاشة ما يجعلها كومة في ثوان بضربة صاروخ واحد أو قنبلة ... ليست دولة جنوب السودان الوليدة التي تتعلم الحبو الآن بالند الذي يجعلكم تتقهقرون من مواقعكم ... أطرحوا قرارات وآراء الساسة جانباً فالأمر أمر سيادة والأمر أمر تأمين لإنسان السودان وثرواته ، مهمة الجيوش في كل العالم هي حماية البلاد من العدوان وهي صمام الأمان من اي تدخل أو فوضى ، إن الجيش التركي مثلاً عندما ينحرف الساسة عن مقدسات بلادهم أو خروجهم عن قواعد الدستور ساعتها الجيش يحكم قبضته ويبسط هيبته رغم الديمقراطية التي يتمتعون بها ، فعلها مرة ومرتين ... فيا جيش السودان عليك بالتحلل من كل ما إغترفته أيدي النيفاشيين واعمل مهنيتك وفق عقيدتك الموروثة التي لا تعرف الإنهزام ولا التخندق و(البجيك متشمر قابلو متسولب).