لعل الفرق يكمن بين كلمتي التفاهم والتفهم في ان التفاهم دائما ما يكون على مصالح مشتركة يتدخل فيها العقل بحسابات الربح والخسارة الجامدة، فقد اتفاهم مع ألد اعدائي ولكني اضمر في دخيلة نفسي ان هذا التفاهم ما هو الا مرحلة اضطرارية يتربص فيها كل منا بالاخر.. شريكا نيفاشا مثالا! اما التفهم فهو اعمق بكثير وذلك لانه مشمول ومحاط ببعد انساني ممتد بلا حواجز او مصالح، تقبلا منا للآخر بكل تباينه واختلافه ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم آسوة حسنة وذلك حال افتقاده صلى الله عليه وسلم لجاره اليهودي الذي كان لا يفتى يؤذيه يوميا حتى اذا ما علم بمرضه ذهب صلى الله عليه وسلم لعيادته فبهت اليهودي لمدى تسامح رسولنا صلى الله عليه وسلم وادرك من ثم عظمة الاسلام.. فاسلم. هذا التفهم هو الذي جعل احدى ناشطات السلام الاسرائيلي تخاطر بحياتها وتبقى مع الرئيس الفلسطيني الراحل عرفات في مقره المحاصر والمستهدف بنيران الدبابات الاسرائيلية. هذا التفهم هو الذي جعل قبل عدة سنوات بعض الطياريين الاسرائيليين يرفضون القيام بطلعات هجومية بطائرات الاباتشي على المواطنين الفلسطينيين لان ذلك حسب رأيهم يعد شيئا غير اخلاقي وهاهنا من حقهم علي الا اصفهم بالاعداء الاسرائيليين بل انهم يهود شرفاء ذوو ضمير انساني حي تعضيدا لموقفهم السلمي هذا اظهارا لوجه الاسلام الداعي لثقافة الاعتراف بالاخر واحترام الحياة واعمار الارض كما امرنا الله سبحانه وتعالى، وبالتالي وعلى ضوء ذلك ايماني التام بوجود امكانية التعايش ما بين الحضارات المختلفة وليس التصادم فيما بينها فالعلم ومن ثم الحضارة بعيداً عن صراع السياسة وتفاهم المصالح ما هي الا مجموعة تراكمات وخبرات انسانية، وذلك لن يكون الا من خلال الاحترام المتبادل بينها وصولاً لتفهم الآخر وصولا لتعايش سلمي وتفاعل حضاري معه وذلك باحترام خصوصية مجتمعه الدينية والثقافية والاجتماعية والآثنية دون ان يكون في ذلك ما يعد خصماً على اي من حقوقنا التاريخية والآنية والمستقبلية اثراءً للحضارة البشرية محط أنظارنا كوكب الأرض وأمنه وسلامته. [email protected]