الحياة مدرسة يتعلم منها المرء ، ما لليوم وما هو للغد مع الاستفادة من إخفاقات الامس ، واللبيب من بنى البشر من يستذكر الدروس ويتخذ منها العبر ، وتعلم منها الكثير من أبناء الدول التى نطلق عليها دول العالم الاول ، نتيجة المثابرة والمنافسة وإلاختراع ، بينما ظللنا مستكينين بعالمنا النامى او الثالث اغلبنا همه لقمة يابسه وكفى بالله وكيلا . وتعلم العلماء المختصين بمراحل حياة الانسان ، بان هنالك تكون مرحلة يكون الانسان فيها لايدرى بما يدور حوله فهو برئ باى تصرف يصدر منه لكونه طفلا ، ثم مرحلة التعلم بالتقليد الى أن يصل مرحلة العطاء أى الشبيبة . ثم ما ان تمر الايام والاسابيع والسويعات مسرعة فتكون سنيناً يقل العطاء ، لهذا نظم علماء الاقتصاد والمختصين ، عملية التقاعد لان الطاقة الجسمانية والعقلية ينخض اداؤها لمستوى ما دون المطلوب . جعلوا من هذه الفترة راحة للانسان قبل مغادرة العالم فى رحلة للاخرة ، حتى يتفرق للعيش بسلام مع اسرته التى انشغل عنها طوال معركة الحياة لتربيتهم ، فقد حان وقت رد الجميل اليه من قِبل الابناء ، وتضع الدولة مبلغ من المال كراتب شهرى لاعاشة المتقاعد وللتقاعد سن تتحدده كل دولة حسب تقديراتها وظروفها الاجتماعية والانسانية . اما نحن بالجنوب فنختلف تماماً ، فالكبير الطاعن بالسن لا يرى خير فى شباب اليوم ، والمتعلم منهم يظن بان المدرس اوصدت ابوابها من بعده ، والجندى الذى كان يحارب بمساندة شعبه وتشجيعه نسى كل ذلك ، ولو حاولت تذكيره لاوضح لك بانك تهينه وتقلل من شأنه ، كأن الدول المتحررة جميعاً يحكمها ابناء المقاتلين والشهداء . فكل من لم يحمل السلاح فهو ليس الشجاع الامين الذى يحق له الحديث عن طبيعة الحكم بالجنوب فى تحليل العديد منهم ، ويتعرض المرء لسؤال متتكر ممل دائما اذا ما وصل الجدال الى حائط مسدود اين كنت عندما كنا نقاتل حفاة عراة ؟ وكانهم اول حفاة وعراة عرفتهم المعمورة . لكل هذه العلل نجد الكبار يتشبسون بالحكم ، فاذا ما القيت نظرة وداع خاطفة لبرلمان جنوب السودان اذا ما تسنت لك فرصة الزيارة اليه ، لرايت الشيب يقيم مأدبة بطاولة راس كل وزير ونائب بالبرلمان ، ولرايت الوجوه التى تنبئك بان الاباء الاجلاء تجاوز العديد منهم مرحلة الشيخوخه بقليل ناهيك عن فترة المعاش المحترمة . فى العام المنصرم جاء أحد الوزراء ببرلمان الجنوب لزيارة اسرته بمدينة ملبورن حيث القت بنا الظروف لنقيم فيها مهاجرين ، وصادف حضوره حفل اقامته بعض النساء بمناسبة استقلال جنوب السودان ، اعطى فرصة لمخاطبة الحضور و لالقاء كلمة باسم حكومة الجنوب ، افتتح حديثه قائلاً انه جاء مهاجراً الى استراليا فى عام 2003م ، وبداء بالبحث عن عمل فلم يجد أى عمل بالشركات او المكاتب والمنافذ الحكومية . كان اغلب من قابلهم يستفسرون عن سبب بحثه عن عمل بسن التقاعد ، لم يجد السيد الوزير المحترم تفسيراَ او جواباً شافياَ لاسئلة من سألوه ، كما لم يجد عملاً باستراليا فى العام المذكور اعلاه لكون السنين وصلت به الى مستوى ما دون العطاء المطلوبة فهذه استراليا ، ولكنه ذهب الى الجنوب برحلة عاد منها نائباً ووزيراً ببرلمان جنوب السودان ، فهل ماتت العقول بالجنوب وتوقفت حواء الجنوبية عن الانجاب ام تحكمت المحسوبية بذمام الامور ؟ ليتهم يحكمون الجنوب بعقليتهم الماضية فحسب ، بل شرع العديد منهم بالزواج من قاصرات فى ظل غياب قانون ينظم ذلك ، ليصبح شبابنا الخريج عاطل عازب لان الاشغال والفتيات بايدى الاباء والاجداد واذا ما ذهب بعضهم لتسلية نفسه بالعب بالدومينو والتردد على ستات الشاى بظلال الاشجارالوارفه ، وصفوا بشتى الاوصاف التى تدل بان هذا الجيل كسول خمول لا يحرك ساكناً . يتخرج من الجامعات ليجلس تحت الاشجار يعاكس الفتيات والستات ، بدلا من ان يذهب للمزارع ليزرع ويحصد ليستفيد من طاقته ، ولا ادرى كيف يذهب مهندس او طبيب للزراعة وهنالك مهندس وطبيب غير مؤهل لا يحرك ساكناً يتحكم بكل شئ ، حتى ما ليس له به علم . عندما بداء أحد الولاء بالولايات الجنوبسودانيةالمتحدة بصرف النظر عن الكبار واتجه صوب الشباب ، انزعج الكبار ووصفوا حكومته ومن اختارهم لمعاونته من الشباب فى تنظيم وادارة شئون الولاية ، بانها حكومة رياض اطفال لكثرة الوجوه الشبابيه فيها ، فما كان من الوالى الحكيم الا أن رد قائلاً رياض الاطفال افضل من مركز العناية بالكبار أى the Childcare is better than Age care) ) ، فاطفال اليوم يعلمون استخدام الكمبيوتر وهو ما احتاج اليه لتنفيذ الخطط الاستراتيجية للنهضة بالولاية.