شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحركة الإسلامية في السودان كيف ننظر إليها (2)؟

(تحليلك للدور الذي ستلعبه دولة قطر واقعي تماما لما يجري على الأرض خصوصاً على صعيد اللعب على وتر تنظيم الحركات الإسلامية، هذا بالنسبة للجزيرة العربية، ولكن السؤال الجوهري ما هو مصير تنظيم الحركة الإسلامية السودانية والفشل الذريع لإدارة الدولة السودانية وظهور منافسين للحركة الإسلامية ممثلين في جبهات قوى الإجماع الوطني والجبهة الثورية السودانية والحركات المسلحة لسد الفراغ الذي افرزه سياساتهم في تدمير السودان؟ صلاح الدين ود الغرب 18/11/2012 20:09:28)
والآن نجاوب على السؤال الأخير!! الحركة الإسلامية في السودان ... كيف ننظر إليها.
تأمل الحزب الشيوعي السوداني!! سعيه مشكور ناضل من أجل الفقراء والمهمشين أو "الطبقة العاملة"، وبغض النظر هل توجد طبقة عملة "بروليتاريا" في السودان أو توهمها الحزب الشيوعي، تفتق ذهن الحزب بغباء شديد لما سماه - مرحلة "الثوووورة الوطنية الديمقراطية"!! لاحظ كلمة ثوووورة!! ولاحظ أن هذه الثوووورة كانت في ظل نظام ليبرالي ديمقراطي في ذلك الوقت!! يعني الحريات على قفا من يشيل!! لزوموا شنو هذه الثوررررة!! الجواب: لأن الرفاق في حالة ثوووورة!! يقرؤون كتب مختارات لينين فهم في ثوووورة!! وهل يكون الشيوعي شيوعي أو اليساري يساري بدون ثوووورة!!
عموما، ولا أطيل، لم يُنَظِر (من التنظير) الحزب الشيوعي في ظل الليبرالية الديمقراطية للدولة المدنية الفاعلة، كحاضنة للدستور وضامنة للحريات والديمقراطية. وبدلا من ذلك، توهم الشيوعيون وجود "البروليتاريا" في السودان الزراعي الرعوي بفضل بعض أو تلك البقع التي تدار بأسلوب رأسمالي – بعض المصانع أو السكة الحديد!! ولم يفهموا أنه حتى المصانع في الإتحاد السوفيتي كانت تدار بأسلوب رأسمالي – الرأسمالية بمفهومها الفلسفي تعني العقلانية في إدارة الموارد، بينما بمفهومها الأيديولوجي السياسي شيء آخر!! الحزب الشيوعي خلط بين الأمرين!! هذه أهم سقطة لليسار السوداني، حين أهمل التركيز على بناء الدولة المعاصرة الحديثة في ظل الليبرالية الديمقراطية!!
الإسلامويين سقطوا في نفس سقطة اليسار – ولكن بشكل قبيح وذميم، بل أشد قبحا!! لقد تم رشوتهم من السعودية فدمروا البلاد والعباد!! المجتمع السوداني غالبه مجتمع مسلم، فما الداعي لإعادة أسلمته؟
يعتذر الإسلامويون بأسلوب تبريري مخادع عن أخطائهم، فضلا عن ترديدهم محاربة الشيوعية والإلحاد مدفوعين برشوة ضخمة من الملك السعودي فيصل كما ستفهم لاحقا، فهم أيضا يرددون: كان السودانيون لا يعرفون التدين يعاقرون الخمر، ويلعبون القمار، ويقترفون الزنا بشكل فعل اجتماعي واسع الخ. وربما هذه صحيح، ولكن علاج هذه الموبقات الاجتماعية هو في دائرة علم الاقتصاد والاجتماع وعلم النفس الاجتماعي وليس في دائرة العقيدة والإيمان والكفر!! ربطوا بسذاجة كل تلك السلبيات الاجتماعية ب "العلمانية"، ولم أرى أكذب من هذا المصطلح في حياتي. بينما الزاني إذا زنا، وشارب الخمر إذا شرب والسارق إذا سرق وإن فعل ذلك كله مجتمعة يفعله وهو مسلم وهو مؤمن... إلا الكذاب؛ الكذاب لا إسلام له ولا إيمان - كما قال النبي صلى الله عليه وآله!!
غريب أمر أصحاب الحركة الإسلامية في السودان ... مارسوا ويمارسون الكذب كما يمضغون الطعام ويتحدثون عن الشريعة والدستور الإسلامي.. وهم كذابون وبالمحصلة الشرعية لا إسلام لهم ولا إيمان طبقا لحديث النبي صلى الله عليه وآله أعلاه. ونقول مؤكدين، من يستهزئ بقول النبي كونه استثنى "الكذابين" من دائرة الإسلام والإيمان، ومن لم يتعبد بنص الحديث هذا كائنا من كان فهو قطعا خارج الملة!! يعني بالدراجي: بياخد كلام النبي كلام جرايد –مجرد كلمات- وهو عين الاستهزاء. في نظر كاتب هذا المقال..الكذاب لا دين له ولا إيمان وأشر من الزاني والسارق وشارب الخمر!!
متى وكيف أنقلب حزب الأمة، والوطني الاتحادي ثم حزب الإسلامويين على الديمقراطية الليبرالية في السودان؟؟ هذا ما سنجيب عليه في هذه المقالة.
ابتداءً نقول: الفارق ما بين الحزب الشيوعي وما بين حزب الأمة، والوطني الاتحادي ثم لاحقا حزب الإسلامويين فارق جوهري كبير، وينطبق عليهم جميعا قول الإمام علي لأصحابه في الخوارج ومعاوية:
ليس من طلب الحق فأخطأه (الخوارج)، كمن طلب الباطل فحصله (معاوية)!!
الحزب الشيوعي هو الذي طلب الحق فأخطأه، بينما الأحزاب الثلاثة التقليدية طلبت الباطل فحصلته. فقد تمت رشوة حزب الأمة، والوطني الاتحادي ثم فورا حزب الإسلامويين في عام 1965م من قبل الملك فيصل السعودي للانقلاب على الديمقراطية الليبرالية.
وحتى وقت قريب كنت أعتقد أن بعض المنافقين أمثال رجل بنك فيصل الإسلامي علي عبد الله يعقوب (علي عبد الله يعقوب سمى الملك فيصل وجها لوجه في الخرطوم بالخليفة الراشد السادس) هم الطابور الخامس السعودي!! ولكني للأسف اكتشفت مؤخرا جدا أن علاقة الشيخ حسن الترابي بالملك السعودي فيصل وإعجابه به ومدحه له ليس أقل درجة أو عمقا من رجل البنك المنافق علي عبد الله يعقوب!! واكتشفت مؤخرا جدا أن الشيخ حسن الترابي يجيد إخفاء "طبخاته" و"علاقاته" الخليجية التي قد تُسَوِّد صفحته السياسية وتسفله كمفكر إسلامي!!
انقلب حزب الأمة على الليبرالية الديمقراطية مرتين، المرة الأولى في عام 1958م حين سلم عبد الله خليل الحكم لعبود، والثانية في عام 1965م على يد الهادي عبد الرحمن المهدي – وطعنة الهادي المهدي الثانية للديمقراطية هي مدسوسة ولا يعرف الشعب السوداني عنها شيئا!! شيء مدهش ومذهل!!ّ لقد كذبوا على الشعب السوداني بغخفاء طبيعة الصراعات الحزبية – ولم تكن سوى حول ريالات آل سعود. وهل يعتقد بعضكم أن يكون هنالك خير في قوم يكذبون؟ ولكن تحطيم المعبد الثاني هذه المرة فعلها الملعون الملك فيصل بقوة ريالاته، لقد قدم للقوم رشوة ضخمة يسيل لها اللعاب.
استدار حزب الأمة والوطني الاتحادي وتنظيم الإسلامويين الناشئ وقتها 1965م على الليبرالية الديمقراطية استدارة كاملة مفاجئة ليس لها مقدمات ولا تفسرها سوى رشوة الملك فيصل المالية الضخمة لحزب الأمة، والوطني الاتحادي وما سمى جبهة الميثاق الإسلامي وقتها!! فجأة عام 1965م أصبح الجميع يرفع راية "الدستور الإسلامي"!! ولهذا السبب عجز السودانيون منذ 1965 أن يضعوا دستورا دائما للبلاد، تقاتلوا على الغنيمة السعودية، بعد أن وضع آل سعود لعنة الله عليهم إصبعهم في السودان - إنه الملك فيصل اللعين الذي شحن القيادات السودانية بشحنة شيطانية مفاجئة!!
الطريف في استدارة النادي الحاكم على الديمقراطية الليبرالية هي حيرة سكرتير الحزب الشيوعي الراحل عبد الخالق محجوب رحمه الله، لم يفهم –وأين له أن يفهم- ذلكم الوحي الإسلامي الذي هبط فجأة على الأحزاب السودانية الثلاثة فبدلت في ديسمبر 1965م تقاليدها فجأة من الليبرالية الديمقراطية إلى التمسك بشعار "دستور إسلامي". ولم يفهم عبد الخالق وقتها أن أصل المسالة هي ريالات الملك فيصل ملك المهلكة السعودية التي هطلت على الثلاثي الفقراء المعدمين فطاش صوابهم. وهنا يمكننا تتبع حيرة الراحل عبد الخالق محجوب وكيف كان يفكر في هذا اللغز على لسان الدكتور عبد الله علي إبراهيم، وتجد مقالته الكاملة هنا:
http://www.sudan-forall.org/sections/d_fi_tareekh/pages/abdullahi_ibrahim_abdalkhaliqmahjoub.htm
(تساءل عبد الخالق في سياق عرض فكرته عن استغلال النادي الحاكم للدين عن منشأ النبع الإسلامي في الحركة السياسية آنذاك. وتساءل، هل أصابت النادي الحاكم شحنة فكرية مفاجئة حولته عن قناعته الأولي بالدستور الليبرالي إلي الدستور الإسلامي. وفي تقدير عبد الخالق أنه لم ينشأ بين جوانح هذا النادي شوق فكري مرصود معلوم ينتفض للإسلام في جهاد إحيائي فكري مستنير. وغاية الأمر، في قول عبد الخالق، أن الإسلام وقع للحاكمين المأزومين "من باب التجريب والمواتاة السياسية").
ونقول نحن، أخطأ الراحل عبد الخالق محجوب رحمه الله حين أعتقد أن التحول مرده "باب التجريب والمواتاة السياسية"!!
أصاب عبد الخالق محجوب في ملاحظته (لم ينشأ بين جوانح هذا النادي شوق فكري مرصود معلوم ينتفض للإسلام)، ومع ذلك، وأخفق حين أُرجِع هذه الفجائية إلى "التجريب والمواتاة السياسية" وإنما الصواب أن الراحل عبد الخالق لم يعط للثعبان السعودي المتخفي حقه رغم أن عصر عبد الخالق كان عصر ناصر- فيصل!! وربما لا يدرك الأجيال الشابة هول تلك المعارك ما بين ناصر وفيصل!!
ورغم إخفاق عبد الخالق فهم مرحلة ناصر-فيصل وقتها ولم يدرك ظاهرة آل سعود في العمق، نجد الشيوعيين ما زالوا وإلى اليوم يصنعون من عبد الخالق أسطورة فكرية وعقلية تحليلية جبارة. وليس أدل على ضعف عبد الخالق حين هزم معاوية سورج إداريا وليس فكريا وقد أدى ذلك إلى انقسام الحزب الشيوعي.
وعموما، ومع الأسف، أذرى الدهر بجيلنا حتى أصبح رأس فيصل يوضع برأس ناصر!! وقد وصل الصدام ما بين آل سعود وجمال عبد الناصر نقطة عدائية فارقة لا تحل إلا بانتهاء أحد النظامين، وقد أنتصر فيها آل سعود بإهلاك جمال عبد الناصر بالسم عام 1970م - الملك فيصل هو الذي سمم عبد الناصر.
ويعزى فشل عبد الخالق كأن يستنتج الدور السعودي الخطير الخفي إلى سايكلوجية الشيوعيين؛ كانوا يكرهون ويحتقرون عبد الناصر بسطحية في ذلك الوقت – منتصف الستينيات. لم يروا في جمال عبد ناصر سوى إنه "برجوازي صغير". هذه الكراهية المؤدلجة لجمال عبد الناصر سببت ضيق الأفق لدى الشيوعيين - أحد حقائق علم النفس. من يكره عادة لا يرغب أن يفهم وعادة يتشبث نفسيا بموقفه العدائي، لأنه لو فهم تزول تلك الكراهية – لذا يصاب الذي يكره بالضرورة بضيق الأفق!!
الأهم في مقالنا هذا هو اقتفاء جريمة تلك الرشوة الفيصلية الضخمة للقيادات السياسية السودانية، وقد وصلنا إلى هذه الخلاصة عبر التحليل السياسي الموضوعي بأثر رجعي أن رؤساء الأحزاب الثلاثة عام 1965م تم رشوتهم من قبل الملك فيصل، وبفضل هذه الرشوة انقلبوا على الليبرالية الديمقراطية.
مقدمات الرشوة وأسبابها:
لقد استغرق ملك السعودية فيصل نفسه بمحاربة الشيوعية في الستينيات إلى حد الهوس الجنوني حتى يستطيع اصطياد عبد الناصر بالسنارة الأمريكية، وأصبح فيصل مريضا وممسوسا بمحاربة الشيوعيين والشيوعية. ولم تكن محاربة هذه الشيوعية سوى محاربة "عبد الناصر" وتحطيمه بالمطرقة الأمريكية. كانت خطة الملك فيصل التكتيكية بسيطة وساذجة أن يقضي على ناصر بسلاح محاربة الشيوعية بزعم ناصر شيوعيا. وعندما لم ينهار نظام عبد الناصر بعد ضربة يونيو1967م، وكانت الضربة ثمرة تحريض وضغط شديدين من فيصل للرئيس الأمريكي ليندون جونسون لكي يضرب مصر عسكريا، ثم انزعاجه الشديد بعد الضربة بخروج كافة الجماهير العربية – حتى في السعودية - في مظاهرات داوية تثني ناصر من استقالته عام 1967م وتشجعه على المضي قدما في مسيرته النضالية، زاد حقد الفيصل!! لذا قرر الفيصل الملعون أن يهلك جمال عبد الناصر بالسم على الطريقة العربية القديمة – طريقة معاوية – الذي كان يردد: (إن لله جنودا من عسل!). وفعلا نجحت خطة قتل ناصر بالسم على يد فيصل عام 1970م وتعاونت فيها ال CIA.
ولكي يثبت الفيصل للأمريكيين إخلاصه وجديته إنه يحارب الشيوعية والشيوعيين بحق، خاصة أن الأمريكيين لا يعيرون خطابات ملك الصحراء المغرقة في الذاتية والسذاجة أية اعتبار حقيقي، مد فيصل بصره إلى السودان وفيه أكبر حزب شيوعي في أفريقيا، وبدأ يغزل غزله ليختطف هذا البلد قربانا رخيصا في هيكل أل سعود. لم يفوت الفيصل أية فرصة لكي يحث القيادات السودانية التقليدية ضد الشيوعية والشيوعيين (ملحوظة: من هذه النقطة وصاعدا ركز على التواريخ ومقارنتها!!). فعند زيارة الهادي عبد الرحمن المهدي للحج احتفى به فيصل احتفاءً لا يليق إلا بالرؤساء والملوك، وألقى فيصل كلمة في حفل تكريم الهادي المهدي في الأراضي السعودية في 6 أغسطس 1965م، نقتطف منها الجزء الأخير بكامله، وهو المطلوب:
(وإننا لنتتبع، كما قلت سابقاً، حركتكم بالدعوة إلى الإسلام وفي نشر التعاليم الإسلامية، وفي الجهاد في سبيل الإسلام، منذ بزوغ فجر الإمام المهدي، وأولاده، وأحفاده، وسائر إخوانهم في البلاد، وذويهم، وإنه من باب الصدف الخيرة أن تكون حركة السودان في سبيل الله ونشر الدعوة الإسلامية، ربما لا يكون بينها وبين حركة نجد تاريخ طويل أو بعيد، هو في غايتها الدعوة لدين الله، وتحكيم كتاب الله، وتنزيه الدين الإسلامي من كل الشوائب التي تعترض سبيله، وهذا لا يستغرب إذا وجدنا من بعض العناصر بعض المعادين للإسلام الوقوف في سبيل هذا الاتجاه، ونحن لا نستغرب هذا أبداً، ويجب علينا أن نستعد لمقاومته، ولكن الذي نستغربه ولا يمكن أن يُهضم، إذا كان هناك بعض العناصر المسلمة، أو التي تدعي أنها مسلمة، أن تكون حرباً عليكم أو علينا، وأن تقف في سبيل نشر الإسلام، وفي سبيل تحكيم كتاب الله وسنة رسوله، وأن تساعد على دخول بعض المذاهب أو بعض العقائد، أو نشر بعض الاتجاهات التي تتعارض مع الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية في ربوع إسلامية وأحياء إسلامية.
هذا هو المستغرب، وأما محاربة أعداء الإسلام، فنحن مستعدون للتصدي لها والوقوف في وجهها والكفاح، وكما كافحنا سابقاً، سنكافح اليوم، وما بعد اليوم، ولكننا نأمل من إخواننا المسلمين، وبالأخص من يكونوا بين ظهرانينا، كما هو موجود لديكم في السودان بعض العناصر التي تعارض، أو تريد أن تنكر تحكيم كتاب الله وسنة رسوله، وكذلك عندنا أو عند غيرنا، في البلاد الإسلامية الأخرى، نرجو أن يعودوا إلى رشدهم، وأن يكفوا عن محاربة الإسلام، وأن يكونوا عوناً لنا ولكم فيما فيه تحكيم لكتاب الله وسنة رسوله، وأن يكونوا متعاونين متكافئين معنا في سبيل ديننا ووطننا وأمتنا، وإني أشكركم على ما تفضلتم علي بهذه الهدية الكريمة التي نشعر بها، بأن السيف دائما في خدمة الإسلام، وإننا نرجو من الله، سبحانه وتعالى، أن يجعلنا من عباده الذين إذا استخلفهم في الأرض أَقَامُوا الصَّلاةَ وَأتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَر (الحج:41) كما أرجو من الله الكريم أن يجعلنا من عباده المهتدين).
ولا شك أن كلمات الفيصل في حفل تكريم الهادي كانت تلمح ولا تصرح ولم تكن سوى رأس جبل الجليد!! والذي لا شك فيه، أن الفيصل قال الكثير والكثير والصريح في جلسته الخاصة مع الراحل الهادي عبد الرحمن المهدي فيما يخص محاربة الشيوعية.
رجع الهادي إلى السودان من السعودية وفي رأسه فكرة اختمرت وكأنه لقي كنزا أو دجاجة تبيض ذهبا، بينما مدعي سلالة النبوة علي الميرغني (توفى عام 1968م) كان كعادته رهن إشارة إصبع آل سعود. ولم يتبقى سوى الضلع الثالث الذي قفز على ثورة أكتوبر رأسا من السوربون – نتركه إلى ما بعد زيارة الفيصل للسودان!!
علا محمد أحمد المحجوب رئاسة الوزراء في 10 يونيو 1965م وحتى 25 يوليو 1966م. لاحظ زيارة الهادي عبد الرحمن المهدي للحج ومقابلة الملك فيصل في السعودية كانت في 6 أغسطس 1965م!! أي بعد حوالي شهرين من تسلم المحجوب لرئاسة الوزارة!! وفي هذه الفترة التي حكم فيها محمد أحمد المحجوب وتقدر بثلاثة عشرة شهرا ... فتح الصادق المهدي على رئيس الوزراء المحجوب أبواب الجحيم – صمم الصادق أن يكون هو رئيس الوزراء!! غريبة .. موش!؟ قامت معركة شرسة بين الرجلين أقله فيها كسير عظام – وطبعا المحجوب هو ربيب الهادي المهدي!! ولم يعفي الصادق المهدي (هامليت) حتى عمه الهادي (كلوديوس)!! وعليك أن تتخيل على ماذا الصراع الشكسبيري؟؟ ريالات آل سعود.
لقد كُتِبَت في هذا الملحمة السودانية الشكسبيرية ل "هامليت" السوداني في فترة جيلنا الكثير من القراءات التحليلية والتي فسرها "الثورنجية" والعقلائيين على إنه انتقال السودان من رحم الإقطاع إلى الرأسمالية الحديثة!! ومع الأسف، إذا تتبعت هوى الماركسيين اللينيين، أو التروتسكيين وخذ معهم الماويين (من ماوتسي تونج وليس ثورة مايو للنميري!) فلن تصل إلى شيء صلب يفسر سر الصراع العائلي الذي أشعله هامليت – أي هذه المعركة الشكسبيرية. ولو ترغب أن تسمي هامليت ب كازانوفا فلا مانع لدى، كما ترغب، فكلاهما صحيح أيها القارئ الكريم. ولكي نضع بعض التوابل في الموضوع لزيادة شهية القارئ، يقول مصدر موثوق به أن الملك فيصل وعد المحجوب إذا صالحه بالرئيس ناصر ...جائزته مليون دولارا.
الباقي سهل، يمكنك الاستنتاج أن الهادي عبد الرحمن المهدي رجع من الحج إلى السودان في أغسطس من عام 1965م وفي جيبه كرتان، الأول: أن يتوسط المحجوب (وكان صديقا لناصر) لمصالحة الفيصل بناصر، والثاني: إزالة الحزب الشيوعي من الوجود!!
وفعلا نجح المحجوب في مسعاه نسبة إلى حب ناصر للسودانيين – واعتقاده في عفتهم، وتقول بعض المصادر إن الفيصل وفى بوعده للمحجوب وقبض من الفيصل مليون دولارا. ربما لم يفهم المحجوب أن آل سعود فشلوا في أن يصالحهم ناصر رغم كل الوساطات العربية الضخمة التي حركوها، لأن عرشهم قد اهتز اهتزازا عنيفا عبر التحريض الإذاعي الثوري من صوت العرب!! ولم يفهم المحجوب أن الرغبة في المصالحة من قبل الفيصل هي لصون عرشه ووقف التحريض الثوري الخارجي الذي يرفع شعار الضد للرجعية العربية!! فهم المحجوب أو لم يفهم..مليون دولار وقتها شيء كبير!! أما عن إزالة الحزب الشيوعي من الوجود فبالتأكيد أن الهادي عبد الرحمن المهدي قبض مقابل هذه الخدمة من فيصل، غير الوعود الفيصلية بالدفع والدعم اللاحق التي تسيل لها اللعاب!!
لم تكن أسباب معركة هامليت (الصادق المهدي) المدمرة ضد عمه كلوديوس (الهادي) وربيبه المحجوب إلا لأن هامليت خرج من مولد الريالات السعودية بدون حمص، وتحكر هامليت على طريقة يا فيها يا أكفيها!! لذا تقول بعض المصادر أن هامليت (الصادق) حلم في رؤية بأبيه في النوم يقول له أصرع عمك كلوديوس (الهادي)!! لأن العم وربيبه بخلا على هامليت ولو بالقليل من ريالات الملك لير (فيصل) السعودي!! لذا سن الصادق المهدي سيفا مسموما وصمم أن يعتلى رئاسة الوزراء على جثة المحجوب لكي يجلس مقابل الملك لير (فيصل)..ليقبض الليرات أو الريالات مباشرة دون واسطة!! ولكن لسوء حظ كازانوفا (الصادق المهدي) زار الفيصل السودان في مارس 1966م في فترة رئاسة المحجوب – وفي الحق عجل العم وربيبه زيارة الفيصل قبل أن يصطاده هامليت. ولم يعتلي الصادق المهدي رئاسة الوزراء إلا في 25 يوليو 1966م.
ما أن أصبحنا في ديسمبر 1965م حتى علا مسرح معهد المعلمين العالي بامدرمان شخص أسمه "شوقي" وقذف بيت النبي صلى الله عليه وآله، وفي هذه المسألة يقول الحزب الشيوعي أن هذا "الشوقي" ليس كادرا من كوادر الحزب وإنما شخصية مدسوسة عليه ليحدث المحرقة المنصوبة!! وأنا أصدق قول الحزب الشيوعي إن شوقي دسيسة من أجل الحصول على ملايين الدولارات أو الريالات السعودية التي يسيل لها اللعاب!! أين هذا الشوقي، هل هو حي أم توفى، لماذا فجأة اختفى؟
دسيسة "شوقي" من أحل محرقة أو هولوكوست للحزب الشيوعي تشم فيها رائحة رجل السوربون بطل ثورة أكتوبر!! وربما أخبر الهادي عبد الرحمن المهدي صهره الشاب رجل السوربون بالنية المبيتة لذبح وحرق الحزب الشيوعي، دون أن يخبره قطعا إنهم قبضوا فيها حزمة ملايين من الريالات الحرام مقابل تدمير السودان والليبرالية الديمقراطية!!
استخدمت الرؤوس الثلاثة (الهادي وربيبه المحجوب، وعلي الميرغني، والترابي بطل أكتوبر الذي وصل لتوه من فرنسا) حادثة "شوقي" المصنوعة في الغالب وقاموا بهدم المعبد الليبرالي!! فصلوا ممثلين الحزب الشيوعي الأحد عشرة عضوا من البرلمان بالتصويت، وقرر رجل الهادي والمحجوب حل الحزب الشيوعي – وذلك في ديسمبر من عام 1965م!! ورفعوا في هذه المحرقة فجأة شعار "دستور إسلامي" وابرقوا الفيصل مهنئين ويحثونه على زيارتهم... لقد فعلناها!!
شكر الملك فيصل سعيهم من أجل خدمة الإسلام ووافق أن يزرهم سريعا لرؤية وجهه الكريم في السودان، وفي مارس من عام 1966م وصل الفيصل الخرطوم!! وفي تلك الأثناء، رفع الحزب الشيوعي مظلمته إلى المحكمة الدستورية ومع تداول الحيثيات ودراسة الملفات التي طالت عبر الدسائس والتأثير على القضاة من النادي الحاكم تعطلت البلاد والعباد، ودخل النظام الليبرالي في أزمة دستورية طويلة وحتى قيام انقلاب 25 مايو 1969م!!
حين زار الفيصل السودان في مارس 1966م ألقى الفيصل ثلاث خطب نذكر منها الأجزاء التي تخص الحزب الشيوعي والشيوعية لكي يفهم القراء لم يكن هنالك شاغل لفيصل سوى إهلاك ناصر عبر محاربة الشيوعية:
هذه بعض من كلمة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود في حفلة العشاء، التي أقامها الرئيس السوداني إسماعيل الأزهري تكريماً للملك السعودي. المسكين الأزهري لم يكن فاهما لعبة الهادي عبد الرحمن المهدي وصعلوكه المحجوب مع الملك فيصل السعودي!!
الخرطوم، 5 مارس 1966م
إخواني إننا، كمسلمين جميعاً، مفروض علينا الدعوة لله ولكتابه وللإسلام. وإننا، في الأيام الأخيرة، سمعنا ما يقال في بعض الأقطار الأجنبية، من تحريف وتزييف، لما نقوم به من دعوة للإسلام والمسلمين، للتفاهم والتعاون والتعارف فيما بينهم، فيما فيه صلاح دينهم ودنياهم. وإنني أريد، في هذه اللحظة، أن أؤكد أننا بعيدون كل البعد عن أي غرض أو مطلب. إننا لا نجهل، ولن نجهل القوى التي تعارض ما نقوم به اليوم. إذ هي قوى استعمارية، وقوى يهودية صهيونية، وقوى شيوعية. أما الاستعمارية، فهي تكافح الدعوة للإسلام؛ لأنها تعلم أن الإسلام دين الإخاء، دين السلام، دين المحبة، دين المساواة. وهي في مطامعها الاستعمارية، تريد أن تتغلب على الشعوب، وأن تحكمها بشتى الطرق.
أمّا القوى الصهيونية، فهي تعلم أن تضامن المسلمين فيما بينهم، يحول بين الصهيونية العالمية ومطامعها الشريرة في بلاد الشام، بلاد العرب، بلاد الأنبياء، أول القبلتين.
أيها الإخوة، إن خشية الصهيونية من التضامن الإسلامي، ليست غريبة علينا؛ فإنها تريد أن تكافح وتدافع، لتحقيق أطماعها وتوسعها فيما اغتصبته من بلاد إخوانكم وأمتكم. ولذلك، فلا غرو، أن تنهض لمكافحة هذه الدعوة الخيّرة الطيبة.
أمّا القوى الشيوعية فهي تناهض هذه الدعوة؛ لأن هذه الدعوة تقوض أركان الإلحاد، وأركان ما بني عليه المذهب الشيوعي من إنكار لله سبحانه وتعالى وتحطيم قيم البشر كبشر، وإنسانية الإنسان كإنسان. وكذلك فهي تخشى أن هذه الدعوة تصل إلى مناطق بسطت الشيوعية نفوذها عليها، وهي مناطق إسلامية صرفة، ولكن الشيوعية حجبت بين هذه المناطق وبين إخوانها في المعمورة وتريد أن تكتم أنفاسهم لئلا يصل إليهم صوت الحق. ولذلك، فنحن حينما نقوم بدعوتنا، فإننا لا نتجاهل هذه القوى الجبارة. ولكننا بحول الله وقوته سائرون في طريقنا، معتمدين على الله سبحانه وتعالى - ثم على أبناء الأمة الإسلامية وفي مقدمتهم الأمة العربية، التي عليها تقع مسؤولية حمل هذه الرسالة ونشرها في العالم!!
وهنا بعض خطاب الفيصل في الحفل الذي أقامه مجلس السيادة السوداني الموافق 11 مارس 1966م، كرر ما قاله سابقا في مأدبة العشاء!!
(إننا، كمسلمين جميعاً، مفروض علينا الدعوة لله ولكتابه وللإسلام، وإننا في الأيام الأخيرة، سمعنا ما يقال في بعض الأقطار الأجنبية من تحريف وتزييف لما نقوم به من دعوة للإسلام والمسلمين، للتفاهم والتعاون والتعارف فيما بينهم فيما فيه صلاح دينهم ودنياهم. وإنني أريد، في هذه اللحظة، أن أؤكد أننا بعيدون كل البعد عن أي غرض أو مطلب. إننا لا نجهل، ولن نجهل، القوى التي تعارض ما نقوم به اليوم، إذ هي قوى استعمارية، وقوى يهودية صهيونية، وقوى شيوعية.
أيها الإخوة، إن خشية الصهيونية من التضامن الإسلامي ليست غريبة علينا، فإنها تريد أن تكافح وتدافع لتحقيق أطماعها وتوسعها فيما اغتصبته من بلاد إخوانكم وأمتكم. ولذلك فلا غرو أن تنهض لمكافحة هذه الدعوة الخيرة الطيبة. أما القوى الشيوعية، فهي تناهض هذه الدعوة؛ لأن هذه الدعوة تقوض أركان الإلحاد وأركان ما بني عليه المذهب الشيوعي، من إنكار لله سبحانه وتعالى، وتحطيم قيم البشر كبشر، وإنسانية الإنسان كإنسان، وكذلك فهي تخشى أن هذه الدعوة تصل إلى مناطق بسطت الشيوعية نفوذها عليها، وهي مناطق إسلامية صرفة. ولكن الشيوعية حجبت بين هذه المناطق وبين أخوانها في المعمورة، وتريد أن تكتم أنفاسهم لئلا يصل إليهم صوت الحق، ولذلك فنحن حينما نقوم بدعوتنا فإننا لا نتجاهل هذه القوى الجبارة، ولكننا، بحول الله وقوته، سائرون في طريقنا، معتمدين على الله سبحانه وتعالى ثم على أبناء الأمة الإسلامية وفي مقدمتهم الأمة العربية التي عليها تقع مسؤولية حمل هذه الرسالة ونشرها في العالم).
الكلمة الكاملة للفيصل عند مغادرته السودان الموافق 18 مارس 1966م.
(إخواني أبناء الشعب السوداني النبيل لا يسعني، وأنا أغادر هذا البلد الصديق المضياف، إلا أن أتقدم بوافر الشكر، وعظيم التقدير، لما لاقيته من حفاوة بالغة، وترحيب حار، من أبناء شعب السودان النبيل في مختلف المدن والأقاليم التي زرتها أو مررت بها، إذ وجدت شعباً متمسكاً بعقيدته الإسلامية السمحاء، ومحافظاً على تراثه العربي الأصيل، تنير الطريق أمامه قيادة مخلصة واعية، تسير به نحو ذرى المجد وثريات العزة والكرامة، ولقد كان مثار فخري واعتزازي ما شاهدته أثناء زياراتي من جحافل المسلمين يمرون أمامي ويرددون كلمة، الله أكبر، مما زاد في يقيني بأن هذا البلد، بموقعه الجغرافي بين العالم العربي والعالم الأفريقي، سوف يقف منتصباً كالجبل الأشم، تتحطم على صخوره الصلدة جميع التيارات المتباينة التي تجتاح عالمنا الحائر المضطرب، والتي لا تمت إلى معتقداتنا ولا واقعنا بصلة، وسيكون الحلقة القوية بين سلسلة اتصالاتنا مع العالم الأفريقي والمتطلع إلى حريته وسيادته الكاملة، ولقد شعرت، وأنا في بلدي السودان، بأني حللت بين أهلي وعشيرتي، ولولا اضطراري للسفر لبلدي للسهر على خدمة الحجاج، لمددت هذه الزيارة أياماً طويلة، وإنه ليشرفني أن أمثل بلداً هو معقل للإسلام ومبعث الحضارة، ومنه انطلق النور الذي أضاء للعالم طريق الهداية، وللبشرية سبل الرشاد، وعلينا أن نتمسك بتعاليم ديننا الحنيف والدعوة إليه. جعلنا الله ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ولا يذكر إلا أولى الألباب،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته)...
ونواصل في الحلقة الثالثة والأخيرة وستكون أكثر إثارة في كشف الواقع التاريخي وما قد تكون مآلاته في المستقبل!!
شوقي إبراهيم عثمان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.