القاهرة:سليمان سري شيع المئات من المواطنين المصريين أول من أمس، جثمان المفكر القبطي ميلاد حنا الذي توفي، الثلاثاء الماضي، عن عمر ناهز (88) عاما، وتم تشييع الجنازة من داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ورأس البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، قداس الجنازة التي شارك فيها عدد من الأساقفة ورجال الدين المسيحي، وعدد من المسئولين إضافة إلى مجموعة كبيرة من السودانين أبرزهم زعيم حزب الامة الصادق المهدي وسفير دولة جنوب السودان بالقاهرة والقيادي ومديرالاستخبارات بالحركة الشعبية السابق ادورد لينو. وقال البابا تواضروس، في كلمته خلال القداس: «يعز علينا أن نودع الدكتور ميلاد حنا، ففي لحظات الموت يكون الإنسان صادقا مع نفسه، وأمام الموت يقف الإنسان في وقار وجلال». واضاف البابا انه كانت تربطه علاقة شخصية بالراحل حنا تمتد لسنوات طويلة والذي يعتبر أحد الرموز الوطنية المعروفة ولديه اسهامات في السياسة والفكر والادب وأحد مؤسسي حزب التجمع. من جانبه عدد الامام الصادق المهدي رئيس حزب الامة القومي مأثر الفقيد االذي كان يعتبر رمزاً من رموز الاخاء السوداني المصري ونعتبره وأحد رموز الثقافة والمعرفة والسياسة ووصفه باحد شرايين الربط بين مصر والسودان. وقال أنه كان يعيش في داخله هذا التطلع في المصلحة والمصير المشترك بين بلدينا) وأَضاف بأن حنا كان الي جانب علمه ونشاطه السياسي (كان رجل مقدام ، في كل الظروف التي عرفناها سياسياً ) واشار الي انه كان يتقدم الصفوف ويقول رايه بصراحة شديدة دون خشية او خوف في الظروف التي كانت فيها الحريات مقيدة. من جهته قدم سفير جمهورية جنوب السودان انتوني كون الفقيد ميلاد حنا التعازي ، نيابة عن حكومة وشعب بلاده والحركة الشعبية لجمهورية مصر حكومة وشعبا والمواطنين الاقباط في وفاة الراحل ميلاد حنا. وقال أن ميلاد حنا كان رمزا للوطنية و سياسيا شجاعا ، عرفته من مواقفه القوية وارائه الجريئة كان رجلا وطنيا بمعني الكلمة حب مصر وحب السودان شمالا وجنوبا، واقول بكل صراحة اذا كان هنالك واحدا من مصر قرب وقدم شعب جنوب السودان لمصر فهو ميلاد حنا. يذكر أن الدكتور ميلاد حنا ولد فى القاهرة عام 1924، وحصل على بكالوريوس الهندسة المدنية جامعة القاهرة عام 1945، ونال درجة الدكتوراه فى هندسة الإنشاءات من جامعة سانت أندرو فى اسكتلندا عام 1950، وعُيِّنَ معيدا بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية (1945-1947)، ثم عمل مساعد مدير أعمال مصلحة الطرق والكبارى والمشرف على إنشاء كوبرى سوهاج أخميم على النيل (1951-1953)، ومدرسا وأستاذا مساعدا وأستاذ الإنشاءات بكلية الهندسة بجامعة عين شمس، وأخيرا أستاذا متفرغا بهندسة عين شمس عام 1984. وكان الدكتور حنا عضوا فى عدد من بعض الهيئات العلمية والثقافية، منها الجمعية الدولية لمهندسى الكبارى والإنشاءات بزيوريخ فى سويسرا والجمعية الدولية لمهندسى المنشآت القشرية بمدريد فى أسبانيا ومعهد الخرسانة بنيويورك فى أمريكا والمجلس الأعلى للثقافة فى مصر. وارتبط "حنا" بالشأن السودانى وكانت له صداقات مع مجموعة من السياسين والمثقفين والاكاديميين ، وأبدى اهتماما دائما بقضايا النيل ومشكلاته ومسألة الأمن المائى، كما أعطى اهتماما كبيرا لقضية الوحدة الوطنية والاندماج الإنسانى العريق بين المسلمين والأقباط فى مصر. وعمل الفقيد رئيسا للجنة الإسكان بمجلس الشعب (1984-1987) وعضوا للمجلس الأعلى للثقافة ورئيسا للجنة الثقافة العلمية بالمجلس، كما كان كاتبا متفرغا بجريدة الأهرام ، تحت عنوان (غدا أكثر إشراقاً). وللفقيد عدد من المؤلفات العلمية، منها "أريد مسكنا" و"نعم أقباط لكن مصريون"، و"دراسات وأوراق عمل حول قضايا الإسكان فى مصر" صادر عن مجلس الشعب عام 1985، و"ذكريات سبتمبرية" و"الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" و"حاجة الإنسان العربى للإسكان" و"صراع الحضارات والبديل الإنسانى" و"ساسة ورهبان وراء القضبان" و"قبول الآخر". ونال الراحل مجموعة من الجوائز الدولية، منها جائزة فخر مصر من جمعية المراسلين والصحفيين الأجانب بمصر عام 1998، ووسام "النجم القطبى الذى لا يخبو" بدرجة كوماندوز من ملك السويد عام 1998، وجائزة سيمون بوليفار الدولية من اليونسكو عام 1998، وجائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1999م.