ثورة بيضاء ، ناصعة ، أم غارقة فيه ، أو تميل لشكل بيضة ، أو تشبيه مجازي على مقاس المناسبة ، بعدها تختلط الألوان ويتداخل البني في الأصفر مع الأسود ليصلح الخليط )وهو يعانق شعيرات فرشاة سياسية في يد فنان التقلبات فالتطلعات فالمنتظر من مثل الانشغالات) لرسم (وفق إبداعاته الخاصة) الحفاظ على مكتسباته الشخصية لأسباب يعرفها جل حكام المنطقة باستثناء "بشار الأسد" الذي عشق التحليق وليس الرسم ، إذ من فوق تتشكل اللوحة وقد اختلط أحمر دم البشر، بما يخفيه لون الغبار، عن أعين السمار، من دمار ، أما الرسم بالكلمات الملقاة عفويا على الفائزين في الانتخابات ممن لا زالت نشوة نجاحاتهم السياسية تخطف منهم لحظة التمعن القائم على التركيز لتستبدلها بأخرى مخصصة للتصفيق الحار إعجابا وتقديرا للمجهود المبذول حتى تنطلق من الفم السامي جملة من كلمتين إن توحدا شكلا تعجبا واحدا لا غير ملتصقا بل متلاحما مع عدة استفسارات من الصعب الإجابة عليها دون إحساس السلطة الأردنية من الدرجة الثانية أن الوقاية أحسن من العلاج ، علما أن المقولة في حد ذاتها صحيحة ومنطقية حينما يتعلق الأمر بمجال الصحة بمفهومها المتعارف عليه ، أما سياسيا الوقاية هذه تتخذ منحى آخر لا مكان له من الإعراب في بداية دخول دولة المؤسسات الدستورية نشاطها بشقيها التشريعي والتنفيذي مع المرحلة الحالية المدشنة من طرف المبجلة " الثورة البيضاء"، هكذا سميت ، وعلى المفكرين والمنظرين السياسيين الاجتهاد ما أمكن لاستنباط الوسائل والآليات المقربة مدلولها الحقيقي لعقليتنا جميعا أكنا من الأردن الحبيب أو خارجه يضمنا هاجس واحد أن تتجنب ما يضر وتتقرب لما يسر . من حيث المنطوق لا يجد لسان أي إنسان ، من العجم أو العربان، ما يعسر على مخارج الصوت أي عائق لينساب ويوصف مؤقتا بالرنان ، أما الجوهر فيدخل حتما في خبر كان ، والأخيرة فعل ماصي أجوف عينه بأحد حروف العلة ، وهنا تكمن المشكلة . القضية ليست قاعدة لأي شيء والسلام بل أهم من ذلك بكثير حينما تعني مصير أمة بعظمتها ومجدها وتاريخها وثقل علمائها في كل ميادين العلم والمعرفة والتجربة والرؤى النافذة مما تتكون المواد المستعملة للحد من وجع الوقائع المبين مؤشرها تصاعد التذمر الشعبي واتساع ساحات الاحتجاج الصامت قبل العلني . النظام السوري (وقريبا سنضيف على الفقرة ذاتها "البائد" فيسترجع من سيسترجع نفس "العباءة الأردنية" لاحتياج المتحف الإنساني التاريخي لمثل القطع) فيروس متى فُتح له مسلك من مسالك ، السلطة الأردنية أدرى بها من غيرها ، والاحتراز من هذا الفيروس الخطير، لا يكون ب "ثورة بيضاء" شكلية ، وإنما بتوزيع الثروة الوطنية بالتساوي بين المحافظات، والخروج بمشاريع عمرانية تنقل الساكنة في الأرياف لمستوى العيش داخل نسيج القرن الواحد والعشرين ، ولو بالحد الأدنى آنيا ، القابل للتطور على الأمدين المتوسط و الطويل ، و بالتالي التعامل بشفافية كممارسة فعلية ، وليس شعارات وقتية لا غير ، مع فتح الولوج للوقوف على المعلومات الصحيحة مهما كان الاختصاص، لتكوين رأي عام مدرك لما يحوم حوله ليستعد وقت الحسم بقول "لا " متحملا مسؤولياته كاملة عن ذلك ، أو اختيار" نعم " وهو مقتنع بها مستعد للتضحية بالغالي النفيس لتحقيق ما ترمي إليه ، ولو كان الأمر بيد خطبة ملقاة من فوق منبر برلمان الشعب الأردني العظيم لأحضر الملك عبد الله الثاني كل متحكم محلي في البلاغة ونابغ في إيصال المفاهيم بأجمل العبر لصياغتها . لكنه اكتفى بكلمات تلقائية نابعة من ثقته في النفس لأنه ادري أن المعركة الحقيقة الواجب خوض غمارها ، معركة معلنة ضد الفساد ، هذا الأخير الذي تحول لأخطبوط يمتص رحيق ثروات الأردن متخفيا في دواخل بعض المسؤولين ومن تحالف معهم كعصابات ، يحتاج الملك بعض الوقت حتى يتمكن من استئصال الداء الذي ينخر في الهيكل الرسمي للدولة منذ سنوات ، وإن طال به نفس المقام، لا أعتقد أن "الثورة البيضاء" ستستطيع حتى الوقوف أمام مستجداد قد تغير صور بعض الأشياء يعرفها الشعب الأردني العظيم أدق المعرفة . ( وإلى الجزء 13 من هذا المقال) مصطفى منيغ مدير نشر ورئيس تحرير جريدة الأمل المغربية عضو المكتب السياسي لحزب الأمل