السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجادل (الجمهوري) المعاظل محمد وقيع الله (4 من 5)

قدم الشاعر الطريف، المعابث، حسن عمر الأزهري (ابن عمر)، محاضرة صاغها بالشعر، دون أن يدخل فيها جملة واحدة من النثر، فطرب لها الفقيه، الداعية، محمد الأمين القرشي، رحمه الله، وأنشد في عبقرية الشاعر المحاضر، قائلا:
ومن عجبٍ محاضرةٌ بشعرٍ كأنَّ الشِّعرَ في فمِكُم سيجارا!
ولما ابتلي شيخنا، الدكتور الأمين داود، رحمه الله، بشهود محاضرة، قدمها المدعو الفتان، محمود محمد طه، وسمع ما فيها من ضروب الهرطقة والزندقة، ما وسعه إلا أن يقبس بيت القرشي ويعدله، ليقول:
ومن عجبٍ محاضرةٌ بكفرٍ كأنَّ الكفرَ في فمِكُم سيجارا!
ومن يبتلى، كما ابتلينا، بقراءة نصوص الفكر الجمهوري التأسيسية، لا سيما كتاب (الرسالة الثانية من الإسلام)، لا يسعه إلا أن ينشد فيها:
ومن عجبٍ تآليفٌ بكفرٍ كأنَّ الكفرَ عندَكُم سيجارا!
ذلك أن الكفر الصُّراح، الذي لا لبس فيه، هو السمة اللازمة المائزة لمقولات الفكر الجمهوري، ولذا - إن شئت - قلت الكفر الجمهوري.
فالكفر يسيل ويسري من هذا الفكر، كما يسيل ويسري زعاف الأفاعي في مسيل فرات!
أدلة الكفر
وحسبك أن تعلم من أحكام الإسلام المقررة، حكما يقول إن من ينكر حكما معلوما من الدين بالضرورة، فإنه يكفر كفرا بواحا، لتعلم، حينئذ، أن مؤلف كتاب (الرسالة الثانية من الإسلام)، يكفر في كل صفحة خطها فيه، كفرا بواحا يخرجه عن الملة الإسلامية، بإجماع العلماء الثقاة!
بل إن عنوان كتابه نفسه كفر يخرجه عن الإسلام، لأنه يزدري الرسالة الأولى من الإسلام، تلك الرسالة التي جاء بها محمد، صلى الله عليه وسلم، ويتجه إلى التعويض عنها بتكوين دين جديد، يدعوه بما سمى به عنوان الكتاب.
ولو تصفحت بعض عناوين الكتاب، لدلتك على ما احتواه من فنون الكفر وأفانينه.
وإليك بضعة عناوين جانبية، من الباب الخامس، من كتاب الإفك إياه:
الفصل الثالث: الجهاد ليس أصلا في الإسلام
الفصل السابع: تعدد الزوجات ليس أصلا في افسلام
الفصل الثامن: الطلاق ليس أصلا في الإسلام
الفصل التاسع: الحجاب ليس أصلا في الإسلام
ويعرف محمود الجهاد تعريفا خاطئا، ويشوهه عمدا، من أجل أن ينقض عليه بالنقض والدحض، فيزعم أن معناه قتل الكفار إذا لم يقبلوا اعتناق الإسلام، ويزعم أن هذا المعنى موافق لآي القرآن المدني، الذي سمح للسمسلمين بالجهاد، وأمرهم به، ومخالف لآي القرآن المكي الذي حض المسلمين، على الدعوة بالموعظة والكلمة الحسنى، ولم يقرهم على ممارسة الجهاد، ولم يحضهم على ممارسته.
وطبقا لنظريته العجيبة، في نسخ اللاحق بالسابق، دعا إلى نسخ مبدأ الجهاد، وإلغاء آية السيف التي في سورة براءة، المدنية، وإحياء آية الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، التي وردت في سورة النحل المكية.
وعندما تحدث عن تعدد الزوجات الذي أباحه القرآن، ذكر أنه شريعة متخلفة، لا تليق بعصر تحرر المرأة.
وادعى أن منع التعدد يلتمس في قول الله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فواحِدةً).
وفي قوله تعالى:(وَ‌لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ).
ومما هو ظاهر أن محمودا لم يفهم المقصود من العدل المطلوب في الآية الشريفة، وهو العدل في توجيه الميول القلبية والعواطف النفسية، التي لا سلطان لأحد عليها، ولا سبيل إلى مطالبة الناس بالعدل فيها، وليس من العدل مطالبتهم بالعدل فيها.
فليس مفروضا على الرجل أن يتمكن من إسداء الحب إلى أزواجه بدرجة واحدة حتى يباح له الاقتران بهن.
وإلا لكان أكثر الصحابة، وكان أكثر التابعين، وأكثرهم كانوا - فيما يبدو - معددين، مخطئين، عندما شرعوا بتثنية الأزواج، وتثليثهن، وتربيعهن!
شطحات ميتافيزيقية
وعندما تحدث المدعو محمود عن تحريم الطلاق، استشهد بحديث بسند مرسل، أي ضعيف، يقول:" أبغض الحلال إلى الله الطلاق ".
وأضاف إلى ما سبق كلاما ميتافيزيقيا، شاطحا، يذكر قارئ أفلاطون، بإحدى شطحاته، في محاورة الجمهورية، عندما تحدث عن توليد النسل الأثيني، المرتجى لتحقيق حلم المدينة الفاضلة، عن طريق توقيت لحظة إيداعهم الأرحام، اتساقا مع حركات النجوم، أو كما قال!
وفي شطحته قال محمود:" الأصل في الزواج ديمومة العلاقة الزوجية بين الزوجين. ذلك بأن زوجتك إنما هي صنو نفسك. هي انبثاق نفسك عن خارجك. هي جماع آيات الآفاق لك في مقابلة نفسك، على فحوى آية (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)، ولكنا لا نملك النور الذي به نختار في الزواج نصفنا الآخر اختيارا صحيحا ". ص 156.
وضرب لذلك مثلا، استقاه من وحي دراسته القديمة للهندسة، قائلا:" مثلنا في ذلك يقرب منه مثل الأعمى الذي يجلس وبين يديه (خوابير)، بعضها مربع، وبعضها مستطيل، وبعضها مثلث، وبعضها مبروم،وبعضها نصف دائرة، وبعضها قطاعات دائرة على أحجام مختلفة، وأمامه سطح عليه (أخرام)، يناسب كل منها (خابورا) من (الخوابير) التي بين يديه. فهو يحاول أن يضع (الخابور) المناسب في (الخرم) المناسب، فيتفق له ذلك حينا، ويعييه أحيانا، بل قد يعجز تاما عن التوفيق التام بين (الخابور) (الخرم). وفي الحق أن هذا هذا المثل لا ينطبق تمام الانطباق على حالة اختيارنا الزوجة، بل أن الأعمي في هذا المثل أقرب إلى التوفيق، والتسديد، من أحدنا وهو يمارس تجربة الاختيار هذه ". ص 156 – 157.
أي أن البشر في عهد الرسالة الإسلامية الأولى، كانوا أكثر من عميان، حين اختاروا زوجاتهم.
وبالطبع فقد أغفل هذا المنخرط في تشويه الإسلام: شرعا، وتاريخا، وحضارة، حالات اختيار الزوجات المسلمات لأزواجهن، باعتبار أن هذا ما حدث قط، مع أنه حدث كثيرا، كما تفيد صفحات تاريخ الإسلام. وأول، وأشهر، من فعلت ذلك أم المؤمنين الكبرى عليها الرضوان.
وكأنما لم يكفنا هذا الدجل المفتعل، حتى يضيف إليه الدجال المفتعل، شطحة أسطورية، أنكر منه، فيقول:" عندما سقط آدم بالخطيئة وحواء، وأخرجا من الجنة، هبط كل منهما في مكان من الأرض، منعزل عن صاحبه، وطفقا يبحثان: آدم عن حواء، وحواء عن آدم، وبعد لأي وجد آدم حواء، ولم يجدها. ووجدت حواء آدم، ولم تجده. ومنذ ذلك اليوم وإلى يومنا هذا، يبحث كل آدم عن حواه، وتبحث كل حواء عن آدمها، وأبواب الضلال واسعة، وأبواب الرشاد ضيقة، ولكنا، والحمد لله، نستقبل في كل يوم مزيد من النور، به تضيق دائرة الضلال، وتنداح دائرة الرشاد ". ص 158.
وهكذا يترقى المجتمع البشري، في عهد الرسالة الإسلامية الثانية، ويصل إلى ما لم يصل إليه أتباع الرسالة الإسلامية الأولى، من الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى القرن العشرين.
فهؤلاء ما كان لهم نور يهديهم إلى اختيار الأزواج، مثلما تاح لأهل القرو العشرين، الذي التقت فيه النظائر بالنظائر، وانضمت فيه الشكول إلى الشكول، وأصبح الزواج، من ثم، علاقة أبدية، لا تحتاج إلى أن تفصم، أو تصحح بالطلاق!
السفور الذي يحقق العفة!!
وعندما تحدث الدجال عن الحجاب، قال إن:" الأصل في الإسلام السفور .. لأن مراد الإسلام العفة .. وهو يريدها عفة في صدور النساء والرجال، لا عفة مضروبة بالباب المقفول، والثوب المسدول ". ص 158.
وهذا كلام يشبه كثيرا، أغاليط المغالطين المحترفين، الذين عرفوا قديما بالسفسطائيين.
وإلا فكيف تكون عفة بدون حجاب؟!
وكيف تكون عفة مع السفور؟!
وبعبارة أخرى كيف يساعد السفور على العفاف؟!
وكيف لا يساعد حجاب المرأة المسلمة على تحقيق العفة في المجتمع المسلم؟!
وهل كان المجتمع الإسلامي الأول، في عهد الصحابة والتابعين، يحقق عفته بالباب المقفول، والثوب المسدول، ولم تكن لأهله عفة في الصدور؟!
ثم ما هو وجه التناقض بين أن تجتمع العفة في الصدور، مع العفة بواسطة الباب المقفول، والثوب المسدول؟
وواضح أن الدجال قصد بعبارة الثوب المسدول، حجاب المراة المسلمة الماجدة، وزيها الشرعي؟!
إن أسئلة منطقية مشروعة، تنهض في وجه اعاءات الدجال، ولكنه قطعا يتجاهلها، ولا يجيب عنها.
بل لعله ما كان يحب أن يسمعها من مخالفيه.
وبالقطع فإن واحدا من قطيع أتباعه، الذين شروه عقولهم بثمن بخس، ما خطر له أن يرفعها إلى حضرته.
ولو خطرت له على بال لما تجرأ لرفعها إليه.
ماذا بعد؟!
وبعد أن قررنا هذه الحقائق، بأدلتها الطوال، ما عاد للمجادل المعظال، مجال للمقال، ولكنه مع ذلك قال:
" ثم جاءت مقابلة الصحفي صلاح شعيب مع وقيع الله، فهاجم الفكرة الجمهورية، بإثارة مزاعم لا علاقة لها بالفكرة، ولا مصادرها، وحين طالبته بالأدلة، لم يهتم، وأخذ يكرر ما قال من قبل، وكان تعقيبي: فهل مجرد قول وقيع الله، بأن الأستاذ قد أنكر دعائم الإسلام، يعتبر حيثيات يمكن أن يطلقها في الهواء، ثم يقرر على أساسها، بأن الأستاذ محمود معادٍ للإسلام؟! أم إن هذه الدعاوى تحتاج إلى إثبات من كتب الأستاذ محمود، لتصبح بعد ذلك، حيثيات تناقش، فتقبل أو ترفض، على أساس الفهم؟!".
هذا طرف يسير من الأدلة الكثيرة، التي تؤكد كفر شيخك، شيخ الضلال، الذي أضلك وأزلك.
وقد أوردتها لك في ثنايا ردي عليك بدهر سابق.
ولكنك شخص معاظل مجادل.
لم أر من هو أعبط منه في خمسين عاما.
المجادل (الجمهوري) المعاظل
محمد وقيع الله
(5)
لم أتحدث عن تواضع محمود، إلا لكي أبدي التناقض الحاد، والانفصام العنيف، في شخصيته المزدوجة العجيبة التركيب، حيث يبدي صاحبها التواضع الشديد من جهة، ويظهر العلياء والتكبر الفظيع من جهة أخرى.
وقد قلت:" كان محمود محمد طه ، زعيم الجمهوريين ، يسكن في حي شعبي من أحياء مدينة أم درمان، إحدى مدن العاصمة السودانية الثلاثة. وقد اندهش كل من زار هذا البيت، حيث أخذ ببساطته الشديدة، وبساطة ساكنه، الذي لا يتكلف شيئا في الحياة، ولا يتعلق به من اللباس إلا ما يرتديه سائر فقراء السودانيين من الزي الشعبي ".
وما قمت في سياق ذلك بالإشادة بتواضع نمط السكنى والعيش واللباس لدى محمود، كما زعم المجادل المعاظل، وما كان يعنيني أن أشيد به، لأني أعرف أن كثيرا من فقراء الزهاد، ادعو في خاتمة مطافاتهم، علوا لا يليق بهم وما ينبغي لهم.
وأشدهم هؤلاء تواضعا من ادعوا المهدية.
وأوسطهم طريقة من ادعوا صفة النبوة، ولا سيما من من ادعوا منهم صفة النبوة العيسوية.
وأشدهم غلوا وتكبرا من ادعو صفة الألوهية، كما فعل فرعون موسى، وكما ادعى فرعون السودان.
وإنما أطلقت على محمود محمد طه لقب الفرعون لأنه شارك فرعون الأصلي في صفات العلو، والغُلُواء، والادعاء.
وفي الحقيقة فإن في قلب كل إنسان فرعون صغير، يخيل إليه، ويوسوس له، أنه الأذكى، والأصلح، والأفضل، والأعظم.
ومن صدق فرعونه الصغير تضخم فيه الفرعون حتى يصبح هو هو.
ومن قهر فرعونه الصغير نجا، وصار من المخبتين، الصالحين، الذين يمشون على الأرض هونا.
وقد بان تعالي محمود، عندما ادعى أنه قد وصل إلى مقام، لم يصل إليه بشر من قبله، وهو مقام الالتحام بالإله، والتماهي فيه، وأخذ صفاته العلا.
وبذا باين نهج فقراء الصوفية، الصالحين، المتواضعين، الصادقين، الذين تحدثوا عن المعنى النقيض، وهو معنى الفناء في الله تعالى.
بمعنى التضحية بكل مرتخص ونفيس، وبشهوات النفس، وحاجاتها، وأهوائها، ومتع الحياة جميعا، من أجل التفرغ لعبادة الله عز وجل، بشتى ضروب التعبد، بمعناه الواسع، حتى ينالوا رضاه، سبحانه وتعالى.
أما هذا الشخص المتكبر، المدعو محمود محمد طه، فقد جاء ليزعم أنه قد سقطت عنه تكاليف العبادات، بما فيها الصلاة (ذات الحركات، كما سماها) والحج (ذو الخطوات) والصيام (الذي يقتل الشهوات) وذلك لأنه تخطى المرحلة التي تطلب منه فيها تلك العبادات والطاعات!
وهكذا أصبحت العبادات التي يتدأب بها صالحو الصوفية، ويقهرون بها (الأنا) الصغرى، ويطوعونها، ويهذبونها بها، تنفخ روح العجب والغرور، وتضخمها في ذات الغالي، المغالي في الغرور، دجال الرسالة الثانية من الإسلام، المدعو محمود محمد طه.
أنانية زعيم الجمهوريين
وتتضح أنانية هذا الشخص من مراجعة فكره المبثوث في كتابه التأسيسي (الرسالة الثنية من الإسلام).
فبينما ينسخ هذا المدعي رسالة الإسلام الأولى، ويؤذن بترقة البشرية، في عهده، إلى عهد الرسالة الثانية، ويجعل الترقي في التشريع أساسا للترقي البشري.
ويجعل معيار الترقي هجر التشريع الغليظ، وهو تشريع الرسالة الأولى من الإسلام، التي جاء بها محمد، صلى الله عليه وسلم.
وابتكار التشريع الأقل غلظة، وهو تشريع الرسالة الثانية من الإسلام، التي جاء بها وتزعمها هو، حيث تترقى الإنسانية، من المرحلة البدائية، إلى مرحلة التحضر والعيش الكريم.
وينتقل المجتمع الإسلامي من مرحلة الرأسمالية، التي سادت في عصر الرسالة الأولى، إلى مرحلة الإشتراكية، التي هي شريعة الرسالة الثانية.
وينتقل المجتمع الإسلامي من مرحلة الدكتاتورية، التي هي حكمت عصر الرسالة الأولى من الإسلام، إلى مرحلة الديمقراطية، التي هي شريعة الرسالة الثانية من الإسلام.
بينا يجعل محمود هذا كله يدور، ويتم دوره، على مستوى التطور الجماعي للأمة الإسلامية.
فإذا به يجعل أساس التطور على المستوى الفردي يتم بطريقة أخرى مختلفة تمام الاختلاف.
حيث يحدث الترقي لشخص واحد فقط من الأمة الإسلامية وليس لها جمعاء.
وهذا الشخص السعيد، الذي يُحظى وحده بالترقي، ويصل إلى مرتبة الإنسان الكامل، التي تؤهله للالتحام بالإله، وحلول روح الإله فيه، هو محمود محمد طه، وحده، ولا أحد معه، يشاركه العلو.
ولذلك عندما ادعى شخص جمهوري، تمتع بغباء مفرط، اسمه محمد خير على محيسي، أنه وصل إلى المرحلة التي بلغها محمود، شن قطيع الجمهوريين عليه حملة قاسية، وجرى فصله من الحزب الطائفي.
وقد التقيت هذا الشخص في عام 1974م بأم درمان، واستمعت إليه، غير مرة، وهو يعبر عن مراراته ومعاناته، وشكاواه من عنت رفاق السوء الجمهوريين، وتكبر زعيمهم، الذي نقل عنه إنه ادعى أنه لم يخطئ يوما واحدا في حياته، مع أنه ظل يكتب ويتكلم لمدة عشرين عاما (حتى ذاك العام!).
وليس مهما أمر هذا الشخص الموهوم، ولكن تهم العبرة المستخلصة مما لحق به من النكال الجمهوري، بسبب تطاوله على زعيمهم المغرور، ومنازعته أوهام الوصول، التي احتكرها لنفسه، وبخل بها على من سواه من العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.