مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    500 عربة قتالية بجنودها علي مشارف الفاشر لدحر عصابات التمرد.. أكثر من 100 من المكونات القبلية والعشائرية تواثقت    مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعقيب على ردود د. النعيم الحلقة الأخيرة
نشر في سودانيزاونلاين يوم 27 - 02 - 2013


بسم الله الرحمن الرحيم
"ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ،إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"
صدق الله العظيم
"كيف أنتم إذا لم تأمروا بمعروف ولم تنهوا عن منكر؟ قالوا: وكائن ذلك يا رسول الله؟ قال نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه؟ كيف أنتم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟ قالوا: وكائن ذلك يا رسول الله؟ قال نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه؟ قال كيف أنتم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف"
حديث شريف
الإثبات من خلال النفي:
السلوك الجنسي:
د. النعيم بنفيه يؤكد ما يريد أن ينفيه.. وهذا أوضح ما يكون، في حديثه عن السلوك الجنسي.. ورغم كل الأدلة التي أوردناها من أقواله، هو يقول: "لم يحدث قط على الإطلاق إني وافقت أو دافعت عن أي نوع من العلاقات الجنسية خارج الزواج.."!! بل حصل.. وقد أوردنا أقوالك في ذلك، وهي عديدة، ومتنوعة.. وفي ردودك هذه، أنت تدافع عن السلوك الجنسي غير الشرعي، وقد أوردنا طرفاً من ذلك، في حديثنا عن مقدمة كتاب ميلودي.. هل يمكن تغيير الحقائق الواضحة، بمجرد الإنكار!؟
يقول د. النعيم: "فإن موقفي الشخصي هو ما عليه عامة المسلمين من التحريم الكامل لأي علاقة جنسية خارج إطار الزواج الشرعي المتكامل الأركان.."!! موقفك الشخصي، هو نقيض قولك هذا تماماً.. وقد أوردنا لك الأدلة المستفيضة، من أقوالك، أنت شخصياً، موثقة وهي الآن موجودة بموقع سودانيزأونلاين، ويستطيع كل إنسان أن يرجع لها.. وكان ينبغي أن ترد عليها، بدل هذا الإنكار المعمم.. وعلى كلٍ نحن لن نيأس من الرد على مغالطاتك الفجة، فالأمر دين.. نحن هنا نرد على زعمك هذا الشديد البطلان في نقاط:
1. ما أورده د. النعيم من موقف الإسلام من السلوك الجنسي، هو صحيح تماماً.. وهو كما قال موقف عامة المسلمين.. وهذا اعتراف يؤكد أن د. النعيم، عندما يحرِّف الإسلام، يفعل ذلك عن قصد، وليس عن جهل، هذا ما ظللت أكرره وها هو د. النعيم يثبته بوضوح.
2. المفارقة تأتي من بداية العبارة التي جاء فيها قول د. النعيم: "فإن موقفي الشخصي هو ما عليه عامة المسلمين"! ! د. النعيم أساساً، لا يرى شيئاً اسمه عامة المسلمين.. وأقواله في هذا مستفيضة:
1. هو يركز على الفردية، ولا يؤمن بوجود إنسان عام، إنسان كوكبي.
2. هو يرى أنه لا يوجد، وجود حقيقي للمجتمع، فإنما هو وجود مجازي فقط.
3. هو يؤمن بالنسبوية.. وعنده لا يوجد دين عام، وإنما الدين موضوع ذاتي وفردي.. يقول د. النعيم: (عندما أقول ديني، وهو الإسلام، فإني لا أتحدث عن الإسلام بصورة عامة، أو الإسلام بالنسبة للمسلمين الآخرين، وإنما أتحدث عن الإسلام الشخصي. ذلك أنه بالنسبة لي الدين يجب أن يكون ذاتيا. لا يمكن له أبدا أن يكون غير ذاتي. لا يمكن للدين أبدا أن يكون غير التجربة الفردية والشخصية للإنسان).. وعندما جعله غير ذاتي هنا، فإنما هذا للتضليل فقط.. ويقول: "وأحب أن أعلن أن موقفي في ذلك، هو أننا كلنا نسبويون".. ويعرف النسبوية الأخلاقية بقوله: "وباختصار فإن النسبوية الأخلاقية تعني أن الأحكام تنبني على التجربة، والتجربة يفسرها كل شخص حسب تربيته أو تربيتها الثقافية" علينا أن نتذكر هذا النص فهو ينفي أنه تحدث عن النسبوية الأخلاقية، ويزعم أنه فقط تحدث عن النسبوية الثقافية!!
3. د. النعيم يرفض مجرد وجود أي شيء متماسك اسمه الإسلام، ويرى أنه لا يوجد تعريف محدد وشامل للإسلام، وإن المشكلة تكمن في الإسلام، فإذا كان الإسلام نفسه، لا يمكن تعريفه، فكيف يمكن تعريف تشريع من تشريعاته!؟
4. في الواقع د. النعيم يرفض بوضوح، وجود أي شيء ثابت وراسخ بالنسبة للشريعة.. فهو يقول: "ولكن النقطة الأخرى التي أود أن أدلي بها هي أنني سأظل أعترض على، وأنازع، أي شيء يوصف على أنه موقف الشريعة الثابت والراسخ، حتى في مجال العلاقات الاجتماعية، وليس فقط في المجال القانوني. ووجهة نظري في ذلك هي أن الشريعة وجهة نظر إنسانية.. وبعبارة أخرى، الشريعة علمانية "
5. بالنسبة للنعيم، الدين من حيث هو صناعة بشرية وعلمانية، فهو يقول: "الدين علماني.. الدين من صنع البشر.. وموقفي هنا، هو أن أؤكد علمانية الدين، هذه، التي أتحدث عنها، حيث يمكن، من هذا المنطق، إخضاع الدين للسياسة، أي جعله عنصرا، وذخرا، سياسيا.. وهذا المفهوم ينطبق، بنفس المستوى، على الثقافة.. فأنا، عندما أتحدث عن الدين والثقافة، إنما أتحدث عنهما بنفس المعنى، أي بمعنى أن كلاهما من صنع البشر، وأن كلاهما يمكن إعادة صنعهما، من قبل البشر".
6. عامة المسلمين عندما يحرمون أو يحللون، يرجعون في ذلك، إلى الله ورسوله، وهذا خلاف ما يقول به د. النعيم.. فد. النعيم، يبعد المرجعية الدينية بصورة مؤكدة وحاسمة.. وعامة المسلمين، يعتمدون على المرجعية الدينية، بصورة مؤكدة وحاسمة.. ولذلك د. النعيم وعامة المسلمين، لا يلتقيان، إلا لاعتبارات تكتيكية عند د. النعيم تقوم على براغماتية، القصد منها التضليل، فد. النعيم يقول: "لذلك فإن نقطتي هي أن أي مسألة تتعلق بسياسة الدولة، سواء كانت تشريعا أو سياسة، يجب أن تتم عبر المنطق المدني، وليس من أي منظور ديني أو مرجعية دينية. مثلا، موضوع الحدود، وأنا أعارض أيضا فرض الحدود من قبل الدولة، فسواء كان الموضوع يتعلق بالحدود أو العلاقات الجنسية، أو أي موضوع آخر، يجب علينا أن نناقش الموضوع ونضع أسباب تكون قابلة للنقاش أو القبول دون أي مرجعية للدين أو العقيدة الدينية". هذه النقطة خطيرة جداً، وتنهي الدين والأخلاق بصورة تامة، ولذلك سنناقشها لاحقاً.
7. ما يحدد الأخلاق، بما فيها السلوك الجنسي، عند د. النعيم هو المنطق المدني، وليس المرجعية الدينية. والمنطق المدني يبني على تفاعل الثقافات أو ما يسميه د. النعيم (المنظور التاريخي)، فما يسود تاريخياً هو الصحيح، دون أي اعتبارات أخرى.. يقول د. النعيم : "النقطة التي أود أن أعلق عليها هي المنظور التاريخي الذي أؤمن به. فالآن الحديث عن حقوق المثليين والمثليات يبدو أمرا مؤسسا جدا ومقبولا جدا، ولكن هذا الأمر ظهر مؤخرا جدا، جدا، في هذا البلد، في هذه الثقافة. كما تعلمون، إذا رجعتم عشرين سنة في الماضي، سوف لن تجدون نفس القدر من التسامح والتفهم لحقوق المثليين وحقوق المثليات، على النحو الذي تجدونه اليوم. وهنا أيضا تأتي عملية التطور والتفاعل، وهو تطور وتفاعل نحتاج أن ننظر إليه من منظور تاريخي".. عبارة (فالآن الحديث عن حقوق المثليين والمثليات يبدو أمراً مؤسساً جداً ومقبولاً جداً..). هذا قول د. النعيم شخصياً، وهو يخاطب به الأمريكيين ويلفت نظرهم ويوضح لهم أن السبب في ذلك هو المنظور التاريخي.. فقد جعل المنظور التاريخي، الذي يؤمن به د. النعيم، حقوق المثليين مقبولة اليوم، بعد أن لم تكن مقبولة قبل عشرين عاماً فقط (وهنا أيضاً تأتي عملية التطور والتفاعل، وهو تطور وتفاعل نحتاج أن ننظر إليه من منظور تاريخي)، كما يقول د. النعيم.. فد. النعيم، (يبيع الماء في حارة السقايين).. ويفلسف للأمريكيين واقعهم ويدعو له كل الناس، لأن ما يحكم به هو المنظور التاريخي.
8. د. النعيم كنسبوي، وصاحب نظرية (المنظور التاريخي) لا يؤمن بوجود أخلاق ثابتة، ولا وجود صنف واحد من الأخلاق.. فلا توجد قيم أخلاقية ثابتة ومطلقة.. فهو يقول: "وعليه فإن النسبويين الأخلاقيين يعارضون ادعاءات وجود صنف واحد مطلق من الأخلاق، أي أن هناك قيم أخلاقية مطلقة وثابتة يمكن على هداها الحكم بصحة أو خطأ ممارسات أو قيم بعينها للثقافات المختلفة "!! يجب أن نتذكر أن د. النعيم يقول أن الدين والثقافة عنده شيء واحد، وبالطبع الأخلاق.. فالدين هو الأخلاق.. موقف د. النعيم هذا من الأخلاق، هو ما يسمى عند ما بعد الحداثيين، (أخلاق الصيرورة).. فكلما يفعله د. النعيم هو محاولة إلباس الدين لباس ما بعد الحداثة.. وهيهات!!
9. حقوق الإنسان، كما هي مطروحة من قبل الغرب، تتضمن حقوق المثليين.. وهذا ما تؤكده الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، بشدة، وتسعى إلى فرضه على كل الشعوب والدول، خصوصاً في هذه الأيام.
ود. النعيم، منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي، اختار حقوق الإنسان على الإسلام، اسمعه يقول: "كان لدي أيضا إحساس بالصراع والتناقض الداخلي، بين انتمائي كمسلم، وبين رغبتي في تحقيق أشياء أخرى في حياتي، كأن أكون ناشطاً وداعية حقوق إنسان. وقد قادتني محاولة التوفيق في هذا الصراع إلى دراسة حقوق الإنسان، حيث كنت في البداية أفكر في كيفية تحقيق التوفيق بين الإسلام وحقوق الإنسان. وفي مطلع الثمانينات من القرن الماضي انحزت إلى جانب حقوق الإنسان كمبدأ أولي، وثابت، ومسلم به. (كما ترون فإني أغيّر رأيي فعلا، وأعتقد أن هذا شيء صحي جدا لأن يفعله المرء"!!) هو يغير رأيه فعلاً، كما قال، وفي نفس الوقت، عند الضرورة، يخاطبنا نحن، بنفس الرأي الذي تخلى عنه، مع الإبقاء على رأيه الجديد كما هو.. ومنظومة حقوق الإنسان عند د. النعيم، قيمة أعلى من مجرد حقوق الإنسان، فهي (مبدأ أولي وثابت، ومسلم به).. هو (ثابت)، ولذلك أي حديث، من قِبله، يختلف معه، هو حديث تكتيكي.
حقوق الإنسان، عند د. النعيم دين، فإطارها التوجيهي، يوفر المضمون المعياري، أسمعه يقول: "من وجهة نظري فإن الاطار التوجيهي لحقوق الانسان، كما شرحته باختصار آنفاً، يوفر وسيلة لتحقيق وتجسيد هذا الاجماع والتضامن، كما يوفر أيضاً المضمون المعياري للعدالة الاجتماعية والحرية الفردية التي يجب على المجتمع المدني والكوكبي أن يسعى لتحقيقها"!! هذه مجرد كلمات خالية من المعنى.. المهم أن خيار د. النعيم الأخلاقي ليس هو الإسلام، وإنما هو حقوق الإنسان.. وهذا الخيار، بطبيعته، يتضمن حقوق المثليين، ويستوجب الدفاع عنها.. يقول د. النعيم: "ما أود أن أؤكده هنا هو أن هناك خيار وموقف أخلاقي يتعين على المرء اتخاذه.. وأنا قد حددت موقفي وخياري في الوقوف إلى جانب حقوق الإنسان، وإلى جانب الإنسان في حقوق الإنسان، كخيار وموقف مبدئي".
وخيار د. النعيم الأخلاقي، يتضمن أيضاً، عدم المصداقية بصورة مبدئية.. فهو يخاطب الآخرين، بما يحقق مصلحته كبراغماتي.. وقد أوردنا نصه في ذلك.. وهذا هو السر في ازدواجية الخطاب.
10. خيار د. النعيم الأخلاقي، الذي يقوم على حقوق الإنسان بما فيها حقوق المثليين، يستوجب منه العمل على غرسها في التراث الثقافي، في مختلف الثقافات.. أسمعه يقول: "التحليل العميق يبين أن المفاهيم المغروسة في التراث الثقافي للمجتمع هي التي تكون لها الفرصة الأفضل في التزام الناس بها. ولذلك، علينا أن نعزز شرعية معايير حقوق الإنسان عن طريق غرسها في مختلف الثقافات في العالم. وهذا، من وجهة نظري، عمل ضروري ليس لأسباب تكتيكية فحسب، من أجل منع منتهكي حقوق الإنسان من الادعاء بأن بعض حقوق الإنسان غير ملزمة لهم، لغرابتها ومعارضتها لقيمهم الثقافية، بل إني أنادي بذلك كمبدأ أساسي عندي".. وهذا ما يقوم عليه نشاط د. النعيم فعلاً، كناشط في مجال حقوق الانسان، وكمفوض في أكبر هيئة عالمية للدفاع عن المثليين.
د. النعيم يرفض النسبوية التي يؤمن بها، عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان، ويعمل على فرضها على من لا يؤمنون بها.. أسمعه يقول، من النص المنقول أعلاه (علينا أن نعزز شرعية معايير حقوق الإنسان عن طريق غرسها في مختلف الثقافات في العالم. وهذا، من وجهة نظري، عمل ضروري ليس لأسباب تكتيكية فحسب، من أجل منع منتهكي حقوق الإنسان من الادعاء بأن بعض حقوق الإنسان غير ملزمة لهم، لغرابتها ومعارضتها لقيمهم الثقافية، بل إني أنادي بذلك كمبدأ أساسي عندي).
ولما كانت شريعة الأحوال الشخصية، عند المسلمين، هي الشريعة التي تنظم السلوك الجنسي، فد. النعيم يعمل على إزاحة هذه العقبة، من أمام السلوك الجنسي، كما هو في منظومة حقوق الإنسان، ويقول: "الشريعة الإسلامية لم تكن أبداً أساساً لقانون الأحوال الشخصية، ولا يجب أن تكون أساساً له".. وهو يقترح على الأمريكيين العمل على تغيير هذه الشريعة عند المسلمين، على أن يكون العمل، بالصورة التي تخفي الأجندة السياسية التي وراءه عن المسلمين، وقد أوردنا نصه في ذلك.
11. د. النعيم، ليس فقط، يقول، بخلاف ما أقره، من موقف الإسلام، الواضح، بخصوص السلوك الجنسي.. وإنما هو يعمل عملاً واسعاً لتغيير هذا الموقف عند المسلمين أنفسهم، ومن خلال غطاء حقوق الإنسان، ومن خلال عمله كمفوض في ICJ (لجنة الحقوقيين الدولية)
نفيُه المشدد هذا، محض عبث، واستخفاف بالعقول.. في الواقع، في نفس الردود على الأسئلة هو، يؤكد دعوته للمثلية!! فقد أوردنا له، قوله: "ولكني كذلك أقبل إمكانية تعدد اسس عالمية حقوق الإنسان بين مختلف المجتمعات.."، وهذا قبول للمثلية، لأن المجتمعات في الغرب تقوم عليها.
السؤال الحادي عشر كان مباشراً عن المثلية الجنسية.. وصاحب السؤال نفسه، واضح من سؤاله أنه يوافق على المثلية الجنسية، فقد جاء في آخر سؤاله: "شئنا هذا ام ابينا.. تجدهم في مناهج تعليم أبناءنا المدرسية وفي وسائل الاعلام التي تدخل بيوتنا.. هذا واقع يعرفه كل من عاش في الغرب.. فهل ندفن روؤسنا في الرمال وندعي عدم وجوده، او ضعفه وعدم تأثيره؟ أم أن هناك صيغه يمكن ان تقترح من مفهوم حقوق الأنسان، المنطق المدني، او اي مفهوم او تجربة اخري تعين على خلق علاقة تضمن حفظ حقوقهم الأنسانية وحفظ الحقوق والقيم الاخلاقية لمن يخالفهم الميول من المسلمين وغير المسلمين؟"
بدأ د. النعيم إجابته بقوله: "ظاهرت ما يسمى بالمثلية الجنسية موجودة في جميع المجتمعات الإنسانية منذ بداية التاريخ!!" ونسأل: هل هذه حقيقة؟ أم هي تقرير من التقريرات الفوقية التي يطلقها د. النعيم؟! هل عند د. النعيم دليل على قوله هذا!؟ على كلٍ هو لم يورد أي دليل، ولن يستطيع إيراد دليل.. والدليل القاطع، بالنسبة للمسلم، أنها بدأت مع قوم لوط.. فالقرآن يقول: "مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ". فد. النعيم يكذّب القرآن ويناقضه دون أي
دليل!! ما هي قيمة إيراد د. النعيم لقوله هذا؟
ختم د. النعيم رده بقوله: "فمع عدم قبولي الشخصي كمسلم لأي ممارسة جنسية خارج إطار الزواج الشرعي، فإني أيضاً كمسلم ألتزم باحترام وحماية الحريات الأساسية لكل فرد بشري مهما كانت اعتراضاتي على معتقداته أو سلوكه.. فليس الأمر هو إقرار للحق الدستوري في المثلية، وإنما هو الحق الدستوري للإنسان من حيث أنه إنسان، بلا اعتبار للحكم الأخلاقي عليه بأنه كافر أو فاسق، أم مسلم وورع"!! عبارة (ألتزم بإحترام وحماية الحريات الإنسانية لكل فرد بشري مهما كانت اعتراضاتي على معتقداته أو سلوكه).. واضح أن (احترام وحماية الحريات الأساسية) تتضمن حرية المثليين في ممارسة سلوكهم الجنسي.. وفي مزيد من الالتواء، د. النعيم لا يعتبر هذا إقرار للحق الدستوري في المثلية.. (وإنما هو الحق الدستوري للإنسان من حيث هو إنسان، بلا اعتبار للحكم الأخلاقي عليه، بأنه كافر أو فاسق أم مسلم ورع).. لاحظ أن الحديث عن المثلية، وختمه بحديث عن العقيدة والورع (كافر أو فاسق، أم مسلم ورع).. الحريات الأساسية في الإسلام، ليس من بينها حرية ممارسة حرية الزنا، أو المثلية.. هذه في الإسلام جرائم، ينص القانون على تحريمها، وعقوبة من يتورط فيها، إذا ثبتت عليه.
المبدأ الأساسي هو أن الجريمة، ليست حقاً من حقوق الإنسان، بالمعنى الدستوري والقانوني.. والمثلية في الإسلام، جريمة ولذلك لا يقال عنها أنها الحق الدستوري للإنسان، من حيث هو إنسان، بلا اعتبار للحكم الأخلاقي.
د. النعيم يقول أنه كشخص مسلم، يحرم المثلية، ولكنه في نفس الوقت يقرها ويحميها بالنسبة للأخرين، بمن فيهم المسلمين الآخرين!؟
المثلية والدستورية:
في واحدة من اجاباته، جاء قول د. النعيم: "المثلية ليست من الحريات الأساسية عندي ولا هي معتمدة كحق أساسي تحت أي دستور في العالم اليوم"...".. فليس الأمر هو إقرار للحق الدستورى في المثلية، وإنما هو الحق الدستوري للإنسان من حيث أنه إنسان، بلا اعتبار للحكم الأخلاقي عليه بأنه كافر أو فاسق، أم مسلم وورع."
هذا مجرد التواء، كالعادة.. (المثلية ليست من الحريات الأساسية عندي ولا هي معتمدة كحق أساسي تحت أي دستور في العالم اليوم).. من يسمع هذا القول، يتبادر إلى ذهنه أنه لا توجد أي دولة في العالم تعترف بالمثلية وبحق المثليين في الزواج.
ثم يذهب للحديث عن الحق الدستوري للإنسان من حيث هو إنسان بلا اعتبار للحكم الأخلاقي عليه!! والقضية ببساطة هي: المثلي، كإنسان هل من حقه أن يتزوج مثلي آخر؟! هل الدولة ودستورها وقوانينها تقر ذلك أم لا؟! وهذا لا علاقة له بحقوق الانسان الأخرى للمثلي.. لا أحد يقول مثلاً، ليس من حق المثلي التعبير عن فكره.. د. النعيم يريد أن يخلط الأوراق، بغرض الابهام والتهرب.. والقضية لا علاقة لها بالحكم الأخلاقي، وإنما بالحكم الدستوري والقانوني.. فلا معنى لقول د. النعيم (بلا اعتبار للحكم الأخلاقي عليه بأنه كافر أو فاسق).. أولاً (كافر) ليست حكماً أخلاقياً، وإنما هي حكم على العقيدة.. وحق الاعتقاد من أهم الحقوق الأساسية في الاسلام، وفي العلمانية.. أما (فاسق) فكلمة مبهمة، فاسق بأي معنى؟! هل بمعنى المثلية، وهي موضوع الحوار؟! في هذه الحالة، في الاسلام، ليس له الحق في المثلية، ولا يمكن أن يتزوج مثله، والقانون يمنع ذلك، وليس مجرد الأخلاق.
يقول د. النعيم: "فموقفي المبدئي هو أني أرفض المثلية دينا وخُلُقا ولكني وبنفس القدر أدافع عن الحقوق الأساسية لكل إنسان من حيث هو إنسان، حتى لو أقر علنا بأنه مثلي".. إذن أنت تعتبر المثلية من حقوق الانسان الأساسية، فهذا ما تعطيه عبارتك (ولكني وبنفس القدر أدافع عن الحقوق الأساسية لكل إنسان من حيث هو إنسان، حتى لو أقر علنا بأنه مثلي).. فمن حق الانسان عندك (أن يقر علناً أنه مثلي) وأنت تدافع عن هذا الحق، على اعتبار أنه حق أساسي من حقوق الانسان.. كما أنك تعتبر موقف الأستاذ محمود، حين وقف ضد حل الحزب الشيوعي، هو أسوتك (وأسوتي في ذلك سيدي الأستاذ محمود محمد طه الذي عارض حل الحزب الشيوعي عام 1965 ودافع عن حقوق الشيوعيين السودانيين في حرية الفكر والتعبير والعمل السياسي، رغم معارضته المبدئية كذلك للشيوعية).. وهذا معناه الواضح، أنه كما أن الأستاذ محمود يؤيد النشاط السياسي للشيوعيين، ويرفض الحجر عليه، رغم معارضته المبدئية للشيوعية.. وكذلك أنت، وتأسياً بموقف الأستاذ هذا، تؤيد نشاط المثليين في ممارسة مثليتهم، وتدافع عن حقهم في ذلك، وترفض أن يمنعوا من ممارسة حقهم هذا، على الرغم من أنك ضد المثليين بنفس المعنى، الذي به رفض الأستاذ منع الشيوعيين من حقهم في ممارسة نشاطهم.. فعندك الدفاع عن حق الشيوعيين في ممارسة حقهم السياسي، والدفاع عن المثليين في ممارسة حقهم المثلي، أمر واحد.. أو هو أمر متماثل.. وفي الواقع لا علاقة بين الموقفين، ولا مجال للمقارنة.
الأستاذ محمود ضد الشيوعية كمذهبية وفكر.. وعنده حرية الأفكار وحرية الاعتقاد من الحقوق الأساسية وهي ليست خاصة بجهة دون الأخرى.. ولكن الأستاذ نفسه ضد المثلية كخطيئة يعاقب عليها القانون.. ود. النعيم يعرف تماماً أن الأستاذ محمود مع تطبيق الحدود، وهي عنده (حكيمة كل الحكمة، حيث وفقت توفيقاً تاماً، بين حاجة الفرد الى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة الى العدالة الاجتماعية الشاملة...) وعلى ذلك هي دستورية.. وهذا يعني عند الأستاذ محمود، منع المثلية، واقرار القوانين التي تعاقب عليها، وهذا هو الأمر الدستوري وهذا عكس موقفك تماماً، فانت ترى أن ممارسة المثلية هي الدستورية.. الأستاذ عنده القوانين التي تحرم المثلية والزنا، قوانين دستورية وأنت ترى العكس، أن الممارسة المثلية من الحقوق الأساسية.. فموقفك بالضبط هو نقيض موقف الأستاذ محمود.. وزعمك أنك تتأسى به هو مجرد إصرار على تشويه الأستاذ، ونسبة ما لا يتفق مع دعوته إليها.. وهذا هو عملك الجاري.. فمن الخير لك أن تكون رجلاً، وتتحمل مسئوليتك عن دعوتك، ولا تنسبها للآخرين.. إنك تجعل الأستاذ محمود، ودعوته، مجرد وسيلة لتبرير أفكارك المفارقة لقيم الدين.. ولا يهمك، أن يوصم الأستاذ محمود، بهذه المفارقة الدينية الخطيرة، رغم علمك التام، أن قولك هو ضد قول الأستاذ محمود.. فأنت على علم تام بموقف الأستاذ محمود من الحدود.. كما أنك على علم تام بأنك كنت دائماً، تخالف موقف الأستاذ هذا، ثم تأتي هنا لتزعم أن موقفك في الدفاع عن المثلية والمثليين، هو تأسٍ بالأستاذ؟!
إن مجرد المقارنة بين حق الحزب الشيوعي الدستوري في ممارسة نشاطه كحزب سياسي، في إطار نظام ديمقراطي، بحق المثليين في مثليتهم، أمر سخيف، وفيه استخفاف شديد بالقيم وبالأخلاق، وبعقول الآخرين.
الأستاذ محمود منسجم تماماً مع مبادئه.. ولكن أنت متناقض أشد التناقض، فمن جهة تزعم أنك ترفض المثلية ديناً وخلقاً، وتقر أنها محرمة في الإسلام، ومن الجهة الثانية تؤيد حق المثليين، في مثليتهم، وتدافع عنه، وهذا هو موقفك العملي الحقيقي، وخيارك الأخلاقي الحقيقي، وقد سبق أن أوردنا نصك في ذلك.. وتناقضك هذا، ليس إلا في القول والكتابة فقط.. وأما موقفك الحقيقي فهو مساندة المثلية عملياً.. وهذا خيارك الأخلاقي الذي حددته لنفسك.. أما الحديث عن الإسلام، فهو مجرد ازدواجية في الخطاب، بغرض التفكيك.. فالمسلم لا يخالف موقفه الديني والأخلاقي، وعن علم.. أنت قلت ان خيارك الأخلاقي، هو حقوق الانسان.. وقلت هنا أن المثلية مرفوضة ديناً وخلقاً، وانها حرام، وتركت الموقف الديني الواضح عندك، ووقفت الى جانب المثلية الموقف النقيض له.. وفي الواقع هذا موقفك المبدئي، الذي ينطبق على كل طرحك.. فأنت مجرد أنك أبعدت المرجعية الدينية لصالح المنطق المدني، تحدد موقفك النهائي من الدين ومن الأخلاق، فهما من المستحيل أن يقوما على غير المرجعية الدينية، التي ابعدتها.
قول د. النعيم عن المثلية: "ولا هي معتمدة كحق اساسي تحت أي دستور في العالم اليوم" فيه تضليل كبير، فهو يوحي بأنه لا توجد دولة في العالم، تعطي المثليين حق الممارسة، بما في ذلك الزواج، وهذا بالطبع أمر باطل.. فالعديد من دول العالم أقرت حق المثليين في الزواج، ولا يمكن اقراره إذا كان عملاً لا يتفق مع الدستور.. د. النعيم يجادل بأن الحق الدستوري حق الإنسان هو للإنسان، وليس للمثلية الجنسية!! وهذا مجرد تلاعب بالكلمات.. فالمقصود هو حق الإنسان في ممارسة المثلية الجنسية، وفنياً يمكن أن ينص على هذا الحق بعدة صور.. ورد في (موسوعة ويكبيديا، باللغة الانجليزية) عن طرق التشريعات الخاصة بزواج المثليين، ما نصه: "وقد تم إدخال هذه التشريعات بوسائل عديدة، مثل: تعديلات تجري على قوانين الزواج، حكم محكمة بناء على ضمانات دستورية بالمساواة، أو بواسطة استفتاء شعبي مباشر، أو مبادرة بالتصديق"
عمل د. النعيم هو ليس فقط عدم تحريم المثلية، وإنما الأمر يصل إلى العمل على مساعدة المثليين، بشتى السبل، حتى عند من يحرم دينهم المثلية.. وقد أوردنا ذلك في حديثنا عن السيدة كلنتون، وموقف أمريكا من المثلية.. وهي قد قالت: حقوق المثليين هي حقوق الانسان، وحقوق الانسان هي حقوق المثليين وأنت تابع لإدارة كلنتون وتعمل نفس عملها، لكن تحاول أن تتهرب من مسؤولية هذا العمل، فقط عندما تتحدث لمن يعارضون هذا العمل، عملاً بمبدئك البراغماتي، بالقول أو عدم القول حسب المصلحة .
وعن عمل د. النعيم مع (لجنة الحقوقيين الدولية ICJ) يقول: "أنا أعتبر دعوتي للخدمة كأحد المفوضين في )لجنة الحقوقيين الدولية) بمثابة التكريم المهني والأكاديمي الرفيع، لأني أعرف عن هذه المنظمة وأعمالها المجيدة منذ أن كنت طالبا بجامعة الخرطوم في أواسط الستينات من القرن الماضي".. وهذا يعني، أن د. النعيم منذ أن كان طالباً، كان يطمح الى العمل مع هذه المنظمة.. وقد ظل هذا الطموح قائماً عنده إلى أن انضم إليها فعلاً، فبهذا الانضمام حقق د. النعيم ما كان يطمح إليه منذ أن كان طالباً.. وهذا الانضمام للمنظمة عنده تكريم رفيع!! واضح جداً خلل موازين القيم!! فما يعتبر بمعايير الدين، منتهى عدم الكرامة ونقصد هنا الدفاع عن المثليين أصبح عند د. النعيم تكريم رفيع.. وبالطبع د. النعيم لم يذكر أن من عمل المنظمة هو الدفاع عن حقوق المثليين، لأن هذا يفضح معايير القيم عنده.. ليس في المثلية كرامة للإنسان، أي إنسان، بل هي أسوأ صور الذل والمهانة، لمن يمارس، ومن يؤيد من يمارس.. في الدين مساندة الخطيئة بصورة شاملة، والدفاع عنها، بما يساعد على نشرها، هو منتهى الإنحطاط والمهانة، وسيجد عند صاحبه ما يوازيه من عقوبة معاوضة، ما لم يتداركه ربه، فتتم التوبة النصوح، قبل ملاقاته تعالى.. العزة في الإسلام لله ورسوله، ومن طلبها في غير مظانها، لحق به الذل المقيم.. يقول تعالى: "الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا".. فمن لم يعتز بعز الله، فهو الذليل.. ومن طلب الكرامة عند غير الله، فهو المهان.
هنالك كتابات واسعة عن المثلية والدستور والدستورية.. ولقد تناولت، الاختلاف الجذري بين الإسلام والعلمانية، حول مفهوم الدستور والدستورية في كتاب: (الإسلام ديمقراطي اشتراكي).. بصورة خاصة تناولت كتاب
Eiran Besrtman (same_ sex marriage and the constitution)
سوف أعرض إن شاء الله، مناقشة هذه القضية في موقع سودانيزاونلاين.
الطاعة في التحليل والتحريم:
من يحدد الحلال والحرام، في الإسلام، الله ورسوله أم نحن البشر؟ السؤال يبدو غريباً لشدة وضوح الإجابة، عند عامة المسلمين.. ولكن ما عليه عامة المسلمين ليس هو ما عليه النعيم.. يقول د. النعيم:
"فيما يخص هذا الموضوع، وهذا هو الموقف الذي أتبناه وأقدمه في هذا الكتاب، وهو أني أريد أن أقول إن أي سياسة عامة أو تشريع عام لا يمكن تبنيه بالرجوع إلى المرجعية الدينية. ومعنى ذلك أنك إذا أردت أن تمنع العلاقات الجنسية المثلية، بين الأفراد من الجنس الواحد، لا يمكنك أن تفعل ذلك بسبب أنها حرام، وتقول للناس لا يمكنكم أن تفعلوا ذلك لأنها خطيئة من وجهة نظر الدين"!! هذا عكس الدين تماماً.. ففي الدين المحرمات تعتبر حرام لأن الله حرمها، ولا يحق للمسلم، ولا عامة المسلمين مراجعة الله تعالى ورسوله، فيما يحرمانه.. الحلال والحرام، في الدين، ليسا موضوع أغلبية، وإنما هما موضوع عقيدة دينية، المراد منها الطاعة لله، وهي أساس الدين كله.. فالدين، لا يمكن أن تحكمه مرجعية غير مرجعيته بداهةً، ففي هذا الحال يصبح علمانية وليس ديناً.. المبدأ الأساسي في الدين هو طاعة الله تعالى، وطاعة النبي الكريم، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم، من طاعة الله.. ففي التحريم والتحليل المقصود الأساسي، هو الطاعة، وليس مجرد التحريم والتحليل.. الحلال في الحقيقة هو ما أخذ من يد الله.. والحرام في الحقيقة هو ما أخذ من غير يد الله ، هذا هو الأصل.. فالحلال والحرام يتعلقان بالتوحيد والشرك.. فمن، أخذ من يد الله هو موحد، ومن أخذ من غير يد الله، اشرك مع الله غيره.
ما يناقش هو حكمة التحريم، واجراءات التقنين، لكن التحريم نفسه، غير قابل للمناقشة.. والمناقشة هي تقييم لله من قبل البشر، وهي في حالة د. النعيم، تعني أن المنطق المدني، يمكن أن يكون مسدداً، أكثر من الله نفسه.. حكمة التحريم والتحليل في الدين هي: التعليم.. يقول تعالى: "فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ".. فما حرم في أصله هو حلال طيب، ولكنه حرم على الظالم.. ويقول تعالى: "مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا".. يقول الأستاذ محمود: "الحرام والحلال حكم شرعي، أو قل حكم عقلي، يتوجه به العقل القديم الى العقل الحديث، ليجعل قانون تعليمه على وقعه.. يحاكيه ويسير اليه في مصاقبة وتقليد".. وتحريم الأعيان الحسية، في الإسلام، هو وسيلة لتحريم عيوب السلوك: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)".
في الرد على د. مصطفى محمود، الذي زعم أن صعوبة الالتزام في وقتنا الحاضر، تقتضي العودة لجوهر التحريم.. قال الأستاذ: "ظاهر التحريم إنما قام على ظاهر القرآن.. لا لف ولا دوران".. "ولا عبرة برأيك في أن الحياة الطبيعية في زماننا، (زمن الميني جيب – والديكولتيه، والجابونيز، والصدر العريان، والشعر المرسل، والباروكات الذهب) أمر صعب"، ذلك بأن الشريعة لا تزايل إلزامها اعتباراً للصعوبات التي تواجهنا بها حياة التحلل، والتفسخ والتبذل.. بل أنها لتطالب برد الناس كل الناس- إلى الجادة.. فإن عجزنا نحن عن التزام الشريعة، في أنفسنا، وعن إلزام غيرنا بها، فلنعترف بالعجز، ولنعرف أننا نعيش ناصلين عن الشريعة.. ذلك خير من أن نحاول أن نفصل الشريعة على تقصيرنا، وعلى عجزنا عن الالتزام.. وأنت تسأل: (فما هو نوع غض البصر المقصود؟؟) .. والجواب: هو مجرد غض البصر وقد جاءت الشريعة تفصل، فلم تزد على أن قالت: النظرة الأولى لك.. والنظرة الثانية عليك.. يعني: إذا وقع بصرك على الحرام، في المرة الأولى، فهو مغفور لك، لأنك لم تتعمد النظر.. فإذا عاودت النظر بعد ذلك كتب عليك، وحوسبت به.. والمطلوب، في المكان الأول، في هذا المقام، هو حفظ الفروج.. وقد فرض حفظ النظر حماية، ودرأ، للجريمة الشنيعة – جريمة الزنا.. فكأن غض البصر حمى مضروب حول الجريمة، فمن استخف بالحمى، واقتحمه، فقد أوشك أن يواقع الجريمة".
ويواصل الأستاذ محمود فيقول: "وسيقوم سؤال بسيط: إذا كانت هناك قاعدة تشريعية، في المعاملة، وخرقها إنسان، على اعتبار أنه، في نظره، لم يضر نفسه، ولا غيره، بهذه المخالفة، فهل يترك ليكون هو قاضي نفسه، حين أخذ القانون في يده؟؟ أم هل يجلس، في القضاء على باطل، وحق دعواه رجل غيره؟؟ فإن قلت بالأولى، فقد عطلت تنفيذ الشريعة، حين جعلتها أمراً يخضع لاعتبار كل فرد.. وإن قلت بالثانية، فإن مجرد خرق شريعة المعاملة جريمة، وإن لم يكن هناك خصم يشكو الضرر".
التحريم والتحليل في الاسلام، هو حق الله تعالى وحده، ومن يقول بخلاف ذلك فهو يفتري على الله، وينطبق عليه قوله تعالى: "آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ، أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ".. يقول د. النعيم: "أي سياسة عامة أو تشريع عام لا يمكن تبنيه بالرجوع الى المرجعية الدينية" لماذا؟ لا يوجد سبب غير أن د. النعيم يريد ذلك.. وقد تم بالفعل وعملياً في القرن السابع وما بعده تبني السياسة العامة والتشريع على أساس المرجعية الدينية.. فالحدود مثلاً، حكم بها، وتم التنفيذ على أساس المرجعية الدينية.. في الواقع عكس ما يقوله د. النعيم هو الصحيح.. بالطبع التشريع الاسلامي، لا يطبق إلا في دولة إسلامية، كل أهلها من المسلمين أو أغلبهم.. وفي بشارة الأستاذ محمود كلهم من المسلمين.. فلا حاجة لأحد ليقنع غيره، فالجميع مؤمن بأمر الله، ومقتنع به سلفاً.. وفي الدين، لا مجال للإيمان ببعض الكتاب، دون الآخر.. وعن بيئة تطبيق الحدود والقصاص يقول الأستاذ محمود: "ويجب أن يكون واضحا، فان الحدود، والقصاص، لا تقام إلا علي خلفية من العدل- العدل الاقتصادي، والعدل السياسي، و العدل الاجتماعي - وإلا علي بعث للتربية بإحياء منهاج العبادة، التي تعين الأفراد علي أنفسهم، ثم لا تجيء العقوبة، حين تجيء، إلا لتسد ثغرات الممارسة في العبادة، حتى يعان الفرد الذي قصرت به عبادته بالعقوبة ليبلغ مبلغ يقظة العقل، وحياة الضمير، وتوقد الذهن‏".‏. هنالك ملاحظة هامة جداً، وهي أن القانون في الإسلام، يقوم على الوحدة.. وحدة الحياة الدنيا والحياة الأخرى، في حين أن القانون في العلمانية، يقوم على الحياة الدنيا فقط، وهذا اختلاف جذري، يجعل منطق د. النعيم، لا مجال له في الإسلام.
يقول تعالى: " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ".. وهذا قول حاسم في الرد على د. النعيم.. ولا اعتقد أن مسلماً، عاقلاً، يهمه أمر دينه، يترك المرجعية الدينية، ويذهب الى المنطق المدني.
حجة د. النعيم الأساسية، هي أن الرجوع الى المرجعية الدينية في أمر المحرمات، يوقف الحوار!! وهل الحوار غاية في ذاته!! بل هل د. النعيم حريص على الحوار؟! فلسفة د. النعيم التي تزعم أنه لا يوجد سبيل موضوعي، لمعرفة الحق من الباطل هي التي توقف الحوار، بصورة مبدئية ونهائية.. ومتى كان د. النعيم حريصاً على الحوار؟! في حوار مع بعض الإخوان، انتهى د. النعيم الى قوله: "إذن أنا اطروحتي انو طبيعة المسالة الدينية ما بتقبل الفصل إلا في اطار الدين المعين.. يعني ما في فرصة لفصل موضوعي في القضية ولا فصل سياسي في القضية.. دي الأطروحة الأنا بقولها.. وأنا شخصياً بعتقد انو اطروحتي ما بتختلف مع رأي الاستاذ محمود وأقوال الأستاذ محمود والفكرة الجمهورية لكن البحب أوكده إنو ما في فرصة لحسم هذه المسألة.. أنا رأيي كده.. أحمد دالي ولاّ غيرو من الأخوان والأخوات رأيه كده.. دي مسألة حتفضل كده.. أنا رأيي أنا ما مختلف.. عبدالله فضل الله أو عمر أو أي زول رأيه أنا مختلف، كويس.. خلاص!! ما في فرصة لحسم الموضوع ده".. (ما مختلف) يقصد ما مختلف مع الفكرة الجمهورية.. قضية كونه مختلف أو غير مختلف مع الفكرة الجمهورية، قضية، ويمكن حسمها تماما وبيسر.. وذلك برد أقواله لمرجعية الفكرة أقوال الأستاذ محمود.. فإذا خالفها فهو مختلف، بقدر مخالفته لها.. فقد قال د. النعيم أن الفكرة لا تدعو لدولة ولا تشريع جماعي على مستوى الدولة، وهذا ادعاء فضحه بسيط جداً، بالرجوع الى تطوير التشريع عند الأستاذ محمود، والى كتبه، خصوصاً كتاب (أسس دستور السودان)، الذي يتناول تفاصيل دولة القرآن التي يدعو لها الأستاذ محمود.
د. النعيم، يدعو الى ترك النقاش في ما يجب النقاش فيه، ويدعو الى مناقشة، ما لا يمكن مناقشته، بغرض الحكم عليه الحرام والحلال في الاسلام.. والحوار بين الأديان المختلفة واجب، ولكنه لا يكون في تفاصيل الدين المعين وإنما في المبادئ الأساسية.
الأستاذ محمود، أكبر داعية حوار بين البشر، أنظر كيف زج به د. النعيم في موضوعه الخاص، والذي هو على النقيض مما يدعو له الأستاذ، وهو موضوع عدم الحوار، وعدم امكانية الفصل بين الآراء المختلفة، في الحوار بين الأديان المختلفة.. مع أن راي د. النعيم عكس رأي الأستاذ، يقول د. النعيم أنه هو رأي الأستاذ، ولا يريد مناقشة هذا الأمر (خلاص ما في فرصة لحسم الموضوع ده).. لا!! ما خلاص الفرصة موجودة.. يمكن أن تخرج من الحوار، ولكن نحن لن نتركه، وللناس عقول.. وقد ظل الحوار يجري بين البشر، والتحول من فلسفة إلى فلسفة أو من دين إلى دين يحدث، وهذا ما عليه الواقع اليوم.. والحوار، أهم شيء، وأوكده في يومنا الحالي.
المهم د. النعيم، يرد أمر التحريم والتحليل، في الدين للبشر، وهذا خروج تام على الدين، ودعوة للخروج.. وهي دعوة عملية للانحرافات السلوكية.. فلو كان البشر، يلتزمون القيم من أنفسهم، لما احتاج الله أن يرسل لهم الرسل.. ولكن، لا غرابة فيما يدعو له د. النعيم، فالدين، من حيث هو، عنده، صناعة بشرية وعلمانية!!
يتبع...
خالد الحاج عبدالمحمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.