تقرير - طارق عثمان [email protected] توتر يبدأ لينتهي وينتهي ليبدأ. هذا هو شكل العلاقة بين دولة شاءت الإرادة وسوء التقديرات السياسية ان تنشطر الي اثنتين. فالعلاقة بين السودان وجنوب السودان ظلت، ومنذ ان فارق الجنوب دولته الام، رهينة لاتفاقات هشة ما تلبث إلا وتنهار. وما بين الجدل والاتهامات المتبادلة، تكشر الضغوط الدولية أنيابها. ففي غضون الأيام الماضية، رشحت أنباء عن قمة مرتقبة بين الرئيسين السوداني عمر البشير والجنوبي سلفاكير ميارديت في مارس المقبل. غير ان مسؤول التنظيم بالمؤتمر الوطني الحزب الحاكم في السودان صديق حامد قلل من جدوى عقد قمة رئاسية جديدة بين البشير وسلفاكير، متسائلا: «ماذا جنينا من القمم السابقة غير التراجع من كل موقف تم الاتفاق عليه؟». فالخرطوم وجوبا ظلتا تؤكدان التزامهما بما نص عليه في برتوكول التعاون المشترك الموقع عليه في السابع والعشرين من سبتمبر الماضي. غير ان «شيطان التفاصيل» جعل من تنفيذ ذلك البروتوكول ضربا من ضروب الخيال بعد أن برزت قضايا الحدود والمناطق المتنازع عليها، خاصة منطقة الميل 14، على طاولة اخر جولة لمباحثات اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين البلدين في يناير الماضي وكانت سببا في انهيارها. ترتيبات أمنية وتؤكد الحكومة السودانية، عبر وزارة الدفاع، انها تسعى إلى الاتفاق على ترتيبات أمنية مع جنوب السودان إدراكا منها لأهمية التعاون الأمني العسكري بين البلدين وتبني مفهوم الحدود الآمنة المرنة التي من شأنها خلق بيئة مواتية لتحقيق الأمن والاستقرار والمصالح المشتركة للدولتين والشعبين. وتشير الى انها بذلت لتحقيق ذلك جهوداً كبيرة حتى تم توقيع الاتفاقيات الأمنية ضمن اتفاقية التعاون المشترك بين السودان وجنوب السودان الموقعة في 27 سبتمبر الماضي، والتي نصت على إنشاء المنطقة الآمنة المنزوعة السلاح وإنشاء آلية للمراقبة والتحقق على الحدود وقوامها سبعون مراقباً من كل طرف، بالإضافة إلى سبعين مراقباَ دولياً. ورغم ان والي جنوب كردفان السودانية الحدودية احمد هارون اتهم حكومة جنوب السودان بجعل المنطقة العازلة معبرا للمتمردين على السودان وتهريب المواد التي تدعم وتقوي المتمردين لضرب المناطق الحدودية، غير ان وزارة الدفاع السودانية اكدت التزامها التام بإنفاذ ما تم الاتفاق عليه في اتفاقية التعاون المشترك بين الدولتين، بما في ذلك إنشاء المنطقة الآمنة المنزوعة السلاح وآليات المراقبة والتحقق وانفتاحها في كل من كادقلي وقوق مشار في المرحلة الأولى، وملكال وبرام في المرحلة الثانية. مجلس الأمن وبالمقابل، ظلت قيادات الجنوب تلوح بتمسكها باحالة القضايا الخلافية بينها والسودان الى مجلس الأمن لحسمها بعد الفشل المتكرر الذي صاحب جولات التفاوض بين الجانبين تحت رعاية رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي الذي قدم دعوة رسمية للسودان وجنوب السودان لاستئناف المفاوضات وعقد جولة جديدة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا في مارس، حيث استبعد وزير شؤون مجلس الوزراء، عضو وفد التفاوض الجنوبي، دينق الور قيام اي مفاوضات جديدة مع السودان حول اتفاقيات التعاون والقضايا العالقة. وقال الور في تصريحات صحافية انه يتوقع صدور قرار من مجلس السلم والأمن الافريقي في منتصف مارس برفع ملف السلام بين الدولتين إلى مجلس الأمن، متوقعا ايضا صدور قرار خاص حول أبيي قبل رفع تقرير شامل لمجلس الأمن يحوي آليات تنفيذ الاتفاقية كله.