تشاد تتمادى في عدوانها على السودان    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    الفاشر.. هل تعبد الطريق الى جدة؟!!    لم تتحمل قحط البقاء كثيرا بعيدا من حضن العساكر    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    الخارجيةترد على انكار وزير خارجية تشاد دعم بلاده للمليشيا الارهابية    الأحمر يعود للتدريبات    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    شاهد بالفيديو.. محامي مصري يقدم نصيحة وطريقة سهلة للسودانيين في مصر للحصول على إقامة متعددة (خروج وعودة) بمبلغ بسيط ومسترد دون الحوجة لشهادة مدرسية وشراء عقار    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    غوارديولا يكشف عن "مرشحه" للفوز ببطولة أوروبا 2024    كباشي والحلو يتفقان على إيصال المساعدات لمستحقيها بشكل فوري وتوقيع وثيقة    المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة مع دول عربية في غزة بعد الحرب    الحرس الثوري الإيراني "يخترق" خط الاستواء    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    هيفاء وهبي تثير الجدل بسبب إطلالتها الجريئة في حفل البحرين    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعقيب على ردود د. النعيم الحلقة الأخيرة


بسم الله الرحمن الرحيم
"ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ،إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"
صدق الله العظيم
"كيف أنتم إذا لم تأمروا بمعروف ولم تنهوا عن منكر؟ قالوا: وكائن ذلك يا رسول الله؟ قال نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه؟ كيف أنتم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟ قالوا: وكائن ذلك يا رسول الله؟ قال نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون، قالوا: وما أشد منه؟ قال كيف أنتم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف"
حديث شريف
التمييز بين الحق والباطل:
يزعم د. د. النعيم أنه لا توجد وسيلة موضوعية للفصل بين الآراء المختلفة، وبين الحق والباطل، يقول د. د. النعيم: "ليس هناك وسيلة موضوعية مستقلة لتقرير ما إذا كان الإنسان على حق أو على باطل، كل إنسان يعتقد أنه على حق، ويعتقد أن الذين يوافقونه الرأي على حق، وليس هناك وسيلة موضوعية لتقرير من هو على حق أو على باطل إلا بحكم إنسان آخر قد يكون هو على حق أو على باطل"!! هذا القول يجعل التفريق بين الحق والباطل أمراً مستحيلاً، وبالتالي الحوار لا معنى له.. وهو قول باطل بداهةً، فالعقل أمر مشترك بداهةً، وعملياً البشر يتحاورون ويبدلون مواقفهم حسب قناعاتهم الجديدة ولولا ذلك، لما تطورت الحضارة، ولا الحياة والفكر.. ود. د. النعيم في أحد ردوده يقول أن الذاتية أفضل من الموضوعية.. وإذا كان الفصل بين الحق والباطل أساساً غير ممكن، لماذا تكتب أنت، وتدعو الآخرين!؟ ليقتنعوا برأيك..أليس كذلك!؟ وأنت قلت أنك تنتظر أن يكون هناك إجماع على أمرك!! وقبل قليل أوردنا قولك الذي قلت فيه أنك غيَّرتَ موقفك، وتعتبر هذا التغيير دليل صحة!!
يعرف دكتور د. النعيم (موضوعية) بقوله: "موضوعية بمعنى يستطيع الجميع إثبات صحتها أو عدمها بصورة مستقلة عن تقييمنا الفكري كحقائق الطبيعة الفيزيائية الماثلة أمامنا مثلاً، أو كمعادلات حسابية واضحة ومباشرة"!!
هل يفكر هذا الرجل فيما يقول!؟ واضحٌ جداً أنه لا يفكر، وإنما يلقي القول على عواهنه، هو يقول (بمعنى يستطيع الجميع إثبات صحتها أو عدمها بصورة مستقلة عن تقييمنا الفكري)!! كيف يكون (إثبات) و(بصورة مستقلة عن تقييمنا الفكري)!؟ هل يمكن أن يكون هنالك إثبات دون تقييم فكري!؟ هذا أمر مستحيل.. فمجرد كلمة (إثبات) تعني تقييم فكري، تثبت به ما تريد إثباته.. ولا توجد أي وسيلة أخرى خلاف ذلك.. ويضرب مثلاً عن الإثبات بصورة مستقلة عن تقييمنا الفكري بحقائق الطبيعة الفيزيائية الماثلة أمامنا أو المعادلات الرياضية!! أولاً الرياضيات لغة لغة العلم وليست حقائق طبيعية.. وهي تقوم على التجريد.. وأنت تزعم أن المجتمع وهو وجود فعلي مادي لا وجود له إلا بالمعنى المجازي!! ثم هل حقائق الطبيعة الفيزيائية الماثلة أمامنا، يستطيع الجميع إثبات صحتها أو عدمها بصورة مستقلة عن تقييمنا الفكري!؟ ما هي هذه الوسيلة المستقلة عن تقييمنا الفكري!؟ هل رؤيتنا لحقائق الطبيعة واحدة!؟ بل هل رؤية علماء الطبيعة، وللموضوع الواحد، واحدة!؟ هل رؤية نيوتن لقانون الجاذبية هي نفس رؤية أنشتاين لنفس القانون!؟ إنك تجهل، وتبني على جهلك، جهالات أكبر.. من المعلوم أن العلم يقوم على ظواهر الأشياء، وليس حقائقها.. وهو يقوم على مسلمات أو مصادرات عقائد لا يمكن أن يقوم من دونها.. وحقائقه ليست حقائق ثابتة، فحتى النظرية، أصبحت تعتبر فرضية تمَّ إثباتُها بالتجربة، وهي عملياً، قابلة لأن تعدل في أي وقت.. وبعد نظرية (عدم اليقين) لم تعد هنالك حقائق علمية ثابتة، يقول قنصوة: "الحقيقة العلمية ليست هي الواقع، بل ما يقرره العلماء عن هذا الواقع، وليست ثمة حقيقة علمية نهائية.. ولا يزال العلم حتى اليوم مجازفات ومخاطرات وكل (حقائقه) موقوتة لا تبقى كذلك إلا إلى حين"، وأهم من ذلك كله أن نتائج البحث العلمي لا تنفصل عن الباحث، وهذا أمر أصبح مُسَّلَّمٌ به بصورة تامة ولولا نقص المعلومات، لأمكن للنعيم أن يستخدم هذه المعلومة، مع قليل من الكذب والالتواء، لدعم نظريته عن الواسطة البشرية ولكن فقد تحدث د. د. النعيم عن حقائق الطبيعة فقط للتدليل على أنه لا يمكن التمييز بين ما هو حق وما هو باطل.
نماذج من هرطقات د. د. النعيم:
نعرض هنا نماذج من أقوال د. د. النعيم المفارقة للدين، والتي تهدم أساسه.. فكل نموذج على حدة كافٍ جداً على التدليل على المدى الذي وصله د. النعيم في هدم الدين بصورة تقضي عليه تماماً:
1. استبدل د. د. النعيم منهج الدين، بما أسماه المنطق المدني، وقال عن هذا المنطق أنه: "يسعى لاقناع عامة المخاطبين من غير الاعتماد على المرجعية الدينية العقائدية بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الأديان" ويقول: "في الحقيقة ما في فهم ديني موضوعي، كل فهم ديني فردي.. ما في رأي ديني موضوعي.. أي رأي ديني ذاتي".. ويقول: "وتتطلب طبيعة ودور قانون الدولة، في الدولة الحديثة، تداخل عدد كبير من المشاركين والعوامل المعقدة، التي من غير الممكن احتواؤها بمنطق إسلامي عقيدي".
2. ويقول: "القرآن لا يقرر بوضوح نتائج مسألة معنى الإيمان بالدين نفسه مثلاً، ما معنى تأكيد المسلم للإيمان بأن (لا إله إلا الله)، ماذا يعرف المؤمنون أو ما الذي يفترض بهم أن يعرفوه، عن، الله؟ وما هي النتائج المترتبة على الإيمان بوحدانية الله بالنسبة للممارسة الشخصية للمسلم وسلوكه، سواء على المستوى الشخصي الخاص أو مستوى العلاقات الإجتماعية/ الإقتصادية العامة والمؤسسات والعمليات السياسية؟ من لديه سلطة الفصل في الخلافات التي لا يمكن تجنبها حول هذه القضايا والقضايا الأخرى بعد موت النبيِّ صلى الله عليه وسلم وكيف؟ وبدلاً من توفير الإجابات لمثل هذه الأسئلة، يترك القرآن المسلمين أحراراً ليناضلوا مع القضايا بأنفسهم".
3.
أ "أعتقد أن صياغة السؤال بهذه الطريقة باطلة من حيث المفهوم، نظراً لأن السؤال يفترض أن هنالك شيء قابل للتعريف، ومتماسك اسمه "الإسلام"، يمكن مقارنته بتعريف ثابت وراسخ لحقوق (الإنسان).."..
ب "أصر وأؤكد أنه لا أحد _مسلم أو غير مسلم_ يمكنه أن يعرّف بصورة محددة، وشاملة، الإسلام".. ويقول: "بعبارة أخرى كل من يحاول تقديم (فرضية التوافق) إنما هو يدّعي أنه يعْرف، بصورة محددة وشاملة، ماهية الاسلام"
ج "القاعدة العالمية والعامة فيما يخص الإنسان هي أنه ليس هناك وجود لإنسان عالمي (كوكبي) وما دام أنه ليس هناك وجود لإنسان عالمي (كوكبي) فإننا نواجَه بمشكلة عندما نحاول إيجاد تعريف مفهومي لحقوق الإنسان العالمي".
4. "فأنا لا أعتقد أن الله يفعل الأشياء في هذا الكون بطريقة متجاوزة للوجود المادي أو خارقة للطبيعة. إن الله يفعل في الوجود عبر الواسطة البشرية.. فالبشر هم الذي يتصرفون ويتخذون المواقف.. إننا نحن البشر من نفعل أو نفشل في الفعل.."..
5. "عندما أقول ديني، وهو الإسلام، فإني لا أتحدث عن الإسلام بصورة عامة، أو الإسلام بالنسبة للمسلمين الآخرين، وإنما أتحدث عن الإسلام الشخصي. ذلك أنه بالنسبة لي الدين يجب أن يكون ذاتيا. لا يمكن له أبدا أن يكون غير ذاتي. لا يمكن للدين أبدا أن يكون غير التجربة الفردية والشخصية للإنسان".
6. "أود أن أقول شيئا هنا ربما يمكنكم البناء عليه في النقاش الذي سيتبع.. أنا أعتقد، مثلما بعضنا على علم، بكل تأكيد، بهذا الشد والجذب حول عالمية ونسبوية حقوق الإنسان، وأحب أن أعلن أن موقفي في ذلك هو أننا كلنا نسبويون.. ليس هناك أناس عالميون كوكبيون".
7. "ولكن النقطة الأخرى التي أود أن أدلي بها هي أنني سأظل أعترض على، وأنازع، أي شيء يوصف على أنه موقف الشريعة الثابت والراسخ، حتى في مجال العلاقات الاجتماعية، وليس فقط في المجال القانوني. ووجهة نظري في ذلك هي أن الشريعة وجهة نظر إنسانية.. وبعبارة أخرى، الشريعة علمانية"
8. "لا يمكن لأي مؤسسة بشرية أن تحقّق الحياد والمساواة وحقوق المستضعفين، وهذا هو خطأ جوهري في زعم الدولة الدينية.. هنالك من يدّعي أن الدولة الدينية خالية من الفساد والغرض والهوى، وأنا (عبدالله أحمد د. النعيم) أقولُ من يزعم هذا إما مضللٌ لنفسه، أو مخادعٌ للناس، لا يمكن أن يتم ذلك لبشر، وأنا أصرُّ على الاحتفاظ بالطبيعة البشرية للدولة"..
9. "البحب أوكده إنو ما في فرصة لحسم هذه المسألة.. أنا رأيي كده.. أحمد دالي ولاّ غيرو من الأخوان والأخوات رأيه كده.. دي مسألة حتفضل كده.. أنا رأيي أنا ما مختلف.. عبدالله فضل الله أو عمر أو أي زول رأيه أنا مختلف، كويس.. خلاص!! ما في فرصة لحسم الموضوع ده".
10. "النقطة التي أود أن أعلق عليها هي المنظور التاريخي الذي أؤمن به. فالآن الحديث عن حقوق المثليين والمثليات يبدو أمرا مؤسسا جدا ومقبولا جدا، ولكن هذا الأمر ظهر مؤخرا جدا، جدا، في هذا البلد، في هذه الثقافة. كما تعلمون، إذا رجعتم عشرين سنة في الماضي، سوف لن تجدون نفس القدر من التسامح والتفهم لحقوق المثليين وحقوق المثليات، على النحو الذي تجدونه اليوم"
11. "فيما يخص هذا الموضوع، وهذا هو الموقف الذي أتبناه وأقدمه في هذا الكتاب، وهو أني أريد أن أقول إن أي سياسة عامة أو تشريع عام لا يمكن تبنيه بالرجوع إلى المرجعية الدينية. ومعنى ذلك أنك إذا أردت أن تمنع العلاقات الجنسية المثلية، بين الأفراد من الجنس الواحد، لا يمكنك أن تفعل ذلك بسبب أنها حرام، وتقول للناس لا يمكنكم أن تفعلوا ذلك لأنها خطيئة من وجهة نظر الدين"..
12. "بما أن التفاسير التقليدية للشريعة هي نتاج جهد بشري، وليست وحياً إلهياً، فإنها قابلة للتغيير"..
13. "واهتداء بالنموذج التأسيسى لرسالة النبى محمد فى غرب الجزيرة العربية فى مطلع القرن السابع، يسعى المسلمون دائما للتكيف مع الظروف الاجتماعية والثقافية التى يجدونها سائدة فى المجتمعات التى يقدمون إليها، دون ان يفرضوا آراءهم الدينية أو السياسية وأساليب حياتهم على المجتمعات إلا فى أدنى مستوى .. وبالتالى فان صفة مسلم أو إسلامى قد تطورت دائما فى الزمن .."
14. "ولدى التحليل النهائي، فإن الرسالة التي ترسلها ميلودي، بفعالية شديدة، عبر أحاديث شخوصها، هي أن هنالك طرق لا حصر لها لفهم وتطبيق الإسلام"
15. "بعبارة أخرى أنا اركز على الممارسة التي يؤكد عبرها البشر بوضوح القيم الانسانية التي يعتمدونها لخدمة مصالحهم الأساسية بدلاً من الافتراض أن هناك نظرية اخلاقية مجردة تحدد للبشر في كل مكان ماهية وطبيعة القيم الانسانية"
16. "إن الرؤية التي أقدمها للقيم الإنسانية ليتم التباحث حولها من هاتين المحاضرتين، تتفادى عن عمد، ومن حيث المبدأ، محاولة تحديد ماهية هذه القيم بصورة عامة. وهذه الرؤية جزء لا يتجزأ من دعوتي لتجاوز الهيمنة لصالح حرية الإرادة والتقرير الذاتي"
17. "من وجهة نظري القيم الإنسانية يجب أن يتم تشكيلها وصياغتها، عبر الاقرار الواسع، والاعتراف بالحقيقة والواقع العام الذي يعكسه ضعفنا، وقصورنا المشترك، وليس عبر تأكيد أو فرض ادعاء ميتافيزيقي أو فلسفي حول (الطبيعة الانسانية)، أياً كان هذا الادعاء"
18. "بالنسبة لتطور القيم الانسانية اقول إن القيم الانسانية هي ما يحدده كل فرد لنفسه نسبة لتفكيره وغرضه. انها مسألة خيار أخلاقي لكل فرد، سواءاً قرر ممارسة هذا الخيار أم لا"
19. "كمسلم، فأنا دائما أطلق التقرير الهرطقي أن الدين علماني، وهذا القول ربما يبدو متناقضا، في العبارة. ولكن واقع الأمر هو، أنه ليس لنا من سبيل لأن نعتنق الدين، أو نعقله، ونتأثر به، أو نؤثر فيه، إلا عبر الواسطة البشرية. فواسطتنا، كبشر، هي العامل الحاسم في تحديد، وتعريف، ديننا. وبهذا المعنى فإن الدين علماني.. الدين من صنع البشر.. وموقفي هنا، هو أن أؤكد علمانية الدين، هذه، التي أتحدث عنها، حيث يمكن، من هذا المنطق، إخضاع الدين للسياسة، أي جعله عنصرا، وذخرا، سياسيا.. وهذا المفهوم ينطبق، بنفس المستوى، على الثقافة.. فأنا، عندما أتحدث عن الدين والثقافة، إنما أتحدث عنهما بنفس المعنى، أي بمعنى أن كلاهما من صنع البشر، وأن كلاهما يمكن إعادة صنعهما، من قبل البشر"!!
20. "أحد الطرق التي يلجأ إليها الناس لتعزيز إيمانهم في نظامهم العقائدي هو المبالغة في نوعية أو كمية الامتيازات التي يحصلون عليها أو سوف يحصلون عليها، وفداحة الخسارة التي سيتكبدونها إن لم يلتزموا بالمذهب العقائدي المحدد"
21. " ما أود أن أؤكده هنا هو أن هناك خيار وموقف أخلاقي يتعين على المرء اتخاذه.. وأنا قد حددت موقفي وخياري في الوقوف إلى جانب حقوق الإنسان، وإلى جانب الإنسان في حقوق الإنسان، كخيار وموقف مبدئي".
22. "فموقفي المبدئي هو أني أرفض المثلية دينا وخُلُقا ولكني وبنفس القدر أدافع عن الحقوق الأساسية لكل إنسان من حيث هو إنسان، حتى لو أقر علنا بأنه مثلي"
هذه الأقوال واضحة جداً، ولا تحتاج لمناقشة.. فمفارقات د. د. النعيم هي من الكثرة، والتنوع، وعظم المفارقة ووضوحها، بحيث يستحيل أن يوافق عليها، أو على جزء منها، أي مسلم، يهمه أمر دينه، مهما كان نصيبه من المعرفة،.. ولا يمكن أن يوافق على هذه الأقوال إلا صاحب غرض!! وما أكثر الأغراض، وما أكثر تنوعها!! والعديد منها هو من الهوان بصورة تبعث على الحيرة، وتجعل الإنسان يتعجب: ما الذي يجعل الفرد يضحي بدينه في سبيل هذا الأمر الهيِّن الرخيص؟! إن أمر النفس البشرية، لأمر محير حقاً.
مطلوب للشهادة:
أنا هنا أطلب من الدكتور ياسر الشريف الشهادة أمام الله، وأمام القراء حول ما يلي:
نقاط د. النعيم المذكورة، من 1 وإلى 22.. نقطة نقطة، هل هي تتفق مع مباديء الإسلام، وهل هي تتفق مع مباديء الفكرة الجمهورية؟
زعم د. النعيم بأنه لا يعرف ما بعد الحداثة، وأنه لا يعرف البراغماتية، ولم يسمع بها، هل هذا صدق أم كذب؟!
هل دعوة د. النعيم للتخلي عن منهج الدين، يمكن أن تتفق مع دعوة الأستاذ محمود محمد طه؟!
هل زعم د. النعيم، بأن الدين صناعة بشرية، وعلمانية، هو نقيض دعوة الأستاذ محمود أم لا؟!
الأستاذ محمود يقول أن طريق العلمانية طريق مسدود، وأن الدعوة للدستور العلماني خيانة.. ود. النعيم يقول أن الدين نفسه علماني.. فأيُّهما تشهد أنه حق وأيُّهما تشهد أنه باطل؟!
زعم د. النعيم أنه تلميذ للأستاذ محمود في كل ما يدعو إليه في أمور الحياة العامة.. هل د. النعيم صادق أم كاذب في هذا الزعم؟!
الأستاذ محمود قال أن الدعوة للدستور العلماني خيانة، ود. النعيم يقول أن الدين نفسه علماني.. على ضوء ما قاله الأستاذ محمود ألا يعتبر قول د. النعيم خيانة شاملة؟!
ومن يؤيد الخائن في خيانته، أليس هو، من حيث المبدأ خائن مثله؟!
ولقد سبق أن طلبت شهادة د. ياسر في أمرين، جاء طلبي بالنسبة للأمر الأول بقولي: "هل النص المذكور وارد في كتاب د. النعيم (الإسلام وعلمانية الدولة) الطبعة العربية، باللغة العربية أم لا!؟ أنا أطلب شهادةً محددةً دون التواء، أو لف ودوران: هل النص موجود أصلاً باللغة العربية أم لا؟ والنص المعني هو قول د. د. النعيم: "فطبيعة عمليات تحديد الهويات وتفاعلها مع بعضها البعض يقبل احتمالات مختلفة:على سبيل المثال، قد أجد نفسي في موقف أتوقع من الآخرين العداء لهويتي الإسلامية، مما يدفعني إلى إخفاء، أو عدم تأكيد، هذا الجانب عن نفسي. لكني إن أدركت أن هويتي كمسلم لا تهم الآخرين، أو ربما قد تعمل لصالحي، فإني قد أحرص على الإفصاح عنها".
وهو مأخوذ من كتابه المذكور، وقد كتبه باللغة العربية، ونقلناه منه كما كتبه، فلا مجال للحديث عن ترجمة، ولكن د. النعيم، قال عن النص: "هذه الترجمة ركيكة ومتعنتة، وتتجه للتجريم وإلقاء ظلال الانتهازية والجبن".
وقد أوردت هذا النص بالذات لأنه يؤكد عدم المصداقية وازدواجية الخطاب عند د.د. النعيم.
أما طلب الشهادة الثاني لد. ياسر فقد جاء بقولي: "أنا هنا أطلب شهادة دكتور ياسر الشريف أمام القراء، وأمام الله، بصورة محددة: هل سمع د.عبدالله د. النعيم بالفلسفة البراغماتية أم لا؟ وقد جاء طلبي للشهادة هنا، بعد أن أوردنا من أقوال د. النعيم، أدلة مستفيضة على براغماتيته، فلا مجال للشهادة بأنه لم يسمع بالبراغماتية، وهي ستكون شهادة زور واضحة.. وقد كان طلبي للشهادة هذا في حلقة 2/يناير 2013م، وعلى حدِّ علمي وحتى لحظة الكتابة هذه لم يرد د.ياسر!!
وانا عندما اطلب من د.ياسر الشهادة، بهذه الصورة المحددة، إنما أفعل ذلك لأعطيه الفرصة، ليراجع موقفه قبل فوات الأوان، فيحدد موقفه الديني والخلقي، فهو إما أن يكون ممن يهمهم أمر دينهم، فيشهد بشهادة الحق.. أو يكون من الذين لا يهمهم أمر دينهم، فيشهد شهادة الباطل أو يكتم الشهادة.. فالأمر أمر دين، لا مجال فيه لغير الصدق.. ودعوة د. النعيم هي هدمٌ واضحٌ، وصارخٌ لأساسيات الإسلام، ولأساسيات دعوة الأستاذ محمود للإسلام.. فالأمر أمر حق وباطل، ولا شيء بينهما، إما أن الأستاذ محمود، وطريق محمد صلى الله عليه وسلم أو د. د. النعيم والمنطق المدني، وإبعاد المنهج الديني.. إنه خيار بين دعوة تقوم كلها، في جميع تفاصيلها، على المنهج الديني منهج التقوى (وَاتَّقُوا اللَّهَ،وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).. ودعوة تقوم كلها على رفض المنهج الديني، واعتباره غير موضوعي، وقاصر.. إما الحق أو الباطل، ولا خيار آخر.
وأخيراً أطلب من د. ياسر الشهادة حول قول د. د. النعيم: "لا يمكن لأي مؤسسة بشرية أن تحقّق الحياد والمساواة وحقوق المستضعفين، وهذا هو خطأ جوهري في زعم الدولة الدينية.. هنالك من يدّعي أن الدولة الدينية خالية من الفساد والغرض والهوى، وأنا (عبدالله أحمد د. النعيم) أقولُ من يزعم هذا إما مضللٌ لنفسه، أو مخادعٌ للناس، لا يمكن أن يتم ذلك لبشر، وأنا أصرُّ على الاحتفاظ بالطبيعة البشرية للدولة"..
يا د. ياسر حسب إلمامك بالفكرة الجمهورية، هل الأستاذ محمود يدعو إلى العدل والمساواة ونصرة المستضعفين، ويبشر بذلك، أم لا؟! إذا كانت إجابتك بالنفي، فأنا لست في حاجة لشهادتك في الأمر التالي.
إذا كانت اجابتك بالإيجاب، فهل قول د. النعيم، المنقول أعلاه، والذي يتهم فيه من يقول بالأمور الثلاثة بأنه إما مضلل لنفسه أو مخادع للناس.. هل قول د. النعيم هذا ينطبق على الأستاذ، وفيه إساءة فظة له أم لا؟!
ثم حول نفس النص، من المؤكد أن الله تعالى يدعو للعدل، والمساواة، ونصرة المستضعفين.. فلما كان د. النعيم يجعل هذه الأمور مستحيلة، فلا مجال للتوسط بين الأمرين، إما أن يكون الله تعالى هو الحق.. او د. النعيم هو الحق.. وهذا هو الخيار في جميع أقوال د. النعيم: إما الله تعالى أو د. النعيم.. وأنا هنا أطلب شهادة د. ياسر، هل الحق، في الأمر المذكور أعلاه مع الله تعالى أم مع د. النعيم؟؟ ولأن الأمر خطير جداً، فأنا أعفي د. ياسر من طلبي للشهادة في هذا الأمر بالذات، أمام الناس.. ولكن الشهادة أمام الله دائماً قائمة، بالنسبة لياسر، وبالنسبة للجميع: من تحدث ومن لم يتحدث.. ومجرد التردد في الخاطر هو شهادة سلبية، أعيذ الله الجميع منها.. أما من سبق أن تورط فليس أمامه سوى الرجعى إلى ربه من قريب، فيتوب توبة نصوحة، لعل الله يتقبلها، وهذا ما أرجوه له.
ولكن د. ياسر قد يرفض أن يشهد!! ديناً، ليس عنده خيار.. فرفض الشهادة هو نفسه شهادة، ويجعل مسئوليته الدينية أكبر وأخطر.. يقول تعالى: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ، وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ".. ويقول: "وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ، وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ، وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ".. فد. ياسر إما أن يشهد شهادة حق، أو يشهد شهادة زور، أو يكتم الشهادة، ولا شيء خلاف ذلك.. وهذا ينطبق على كل فرد.
في جميع الحالات الشهادة قائمة، لأن الله شاهد بيننا، فكل إنسان تكتب شهادته، أدلى بها أو تركها في صدره.. وسيأتي اليوم الذي قال عنه تعالى: "وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ".
أنا هنا أحاول تخويف د.ياسر، بحق، كما فعلت مع د. النعيم، لعله يرجع إلى ربه، قبل فوات الأوان.. فمن لا يخشى الله فلا خير فيه: "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ".. وبالطبع ليس المقصود ياسر وحده، وإنما كل من هم على شاكلته، إن وجدوا.. فالشهادة قائمة في حق الجميع، من صمت ومن تكلم.
استبعد جداً أن يكون د. ياسر يؤمن بأن الدين صناعة بشرية، وأنه علماني، كما يقول د. النعيم.. لا يؤيد د. النعيم، ولو في أقل قليل، ولو في ضميره المغيَّب إلا هالك، فباطله واضح، صارخ الوضوح، لا يجوز على مسلم عاقل بعد أن يلم بأقواله.. وأعوذ بالله من أن تنزع من القلوب خشية الله، فهذا هو الهلاك الحقيقي، "فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ".. "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ".
فأرجو الله، ألا يكون د. ياسر، يعتقد، مع د. النعيم أن (أحد الطرق التي يلجأ اليها الناس لتعزيز ايمانهم في نظامهم العقائدي هي المبالغة في نوعية أو كمية الامتيازات التي يحصلون عليها أو سوف يحصلون عليها، وفداحة الخسارة التي سيتكبدونها إن لم يلتزموا بالمذهب العقائدي المحدد".. فهذا خسران مبين.. فهل د. ياسر يؤمن بالحساب أمام الله، يوم القيامة، أم لا؟
كما أرجو ألا يكون من الذين قال تعالى عنهم: "وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا".
أما شهادتي أنا، فقد كتبتها باستفاضة، ووضوح شديد، وأقول في شهادتي هنا: يا د. د. النعيم أنا أول كافر برسالتك هذه.. اللهم فاشهد.
وثوقية المنطق المدني:
ما الذي يجعل منهج المنطق المدني منطقاً موثوقاً به عند صاحبه إلى الحد، الذي معه، يبعد منهج الدين، ويحكم على المنطق الديني بأنه غير موضوعي، ويعجز عن حل المشكلات المعاصرة، إلى آخر ما يقوله د. النعيم، حتى أنه حكم على الدين، وفقاً لمنطقه المدني هذا، بأنه صناعة بشرية، وعلمانية؟!
يقول د. النعيم عن المنطق المدني، أن كل الناس يستخدمونه، وهذا كذب بداهة، فلو كان كل الناس يستخدمونه فعلاً، لما دعاهم إليه.. ويقول أنه لا يقوم على العقيدة.. وهذا أيضاً كذب، فهو قد تكلم عن العقيدة مرات، كل ما هنالك أنها عقيدة فاسدة.. هل أساساً يوجد شيء اسمه المنطق المدني عند غير د. النعيم؟ من المؤكد، أنه لا يوجد.. بالنسبة للنعيم، شخصياً، هل هو واثق تماماً من صحة المنطق المدني، إلى هذا الحد؟! الى الحد الذي يحكّمه في كلام الله، ويجعله معيارا لصحة ما يرد عن الله ورسوله، حتى في مجال الحلال والحرام؟ لنسمع إجابة د. النعيم، من كتابه (الإسلام وعلمانية الدولة) فهو يقول: "في ختام هذا القسم، أحب أن أعترف بأن مفهوم المنطق المدني عندي لا يزال مؤقتاً وفي طور النمو، واعتبر أنها علامة صحة أن لا أكون محصوراً في نظرة معينة. أو مفصلة لهذا المفهوم" ص 145..
هل يمكن أن يكون هنالك استهتاراً، بالله، وبرسوله، وبالدين، وبعقول الناس، أكثر من هذا الاستهتار؟! كل هذا الهدم، لجميع أسس الدين ، يبنى على أمر ظني عند صاحبه، لم يصل فيه إلى رأي نهائي؟!
أي عقل هذا، الذي يطالب الآخرين بترك دينهم ومنهجهم، ليأخذوا بمنهج، هو نفسه يعترف بأنه (لا يزال مؤقتاً وفي طور النمو).. في الواقع د. النعيم هدم الدين، والقيَّم والأخلاق، دون أي سند من عقل، ودون أن يقدم أي بديل، وهذا يؤكد تماماً أن دعوته إنما هي دعوة عدمية.
الواجب المباشر:
يقول د. د. النعيم: "أما في حالتي أنا فقد حرصت على مواصلة البحث في الأمور التي تهمني كمسلم وتلميذ للأستاذ محمود محمد طه، وأرى أن واجبي المباشر هو الإستفادة للدرجة القصوى الممكنة من الإمكانيات المتاحة في التمويل والدعم للبحث العلمي".
إذن العمل على الاستفادة من التمويل أمر ثابت، يقره د. د. النعيم، بل يجعله واجبه المباشر!! وهو يسعى للاستفادة منه للدرجة القصوى الممكنة؟!
التمويل من أجل ماذا؟ حسب عبارة د. د. النعيم، من أجل (البحث في الأمور التي تهمني كمسلم وتلميذ للأستاذ محمود محمد طه).. هل البحث في هذه الأمور يحتاج إلى تمويل من جهات غير مسلمة؟! وهل الإسلام، خصوصاً عند الأستاذ محمود يقر مثل هذا التمويل؟! وإذا كان لابد من التمويل، لماذا لا يتم البحث عنه عند المسلمين أنفسهم؟! من المؤكد أن أمر هذا التمويل، من قبل مسلمين أو غير مسلمين، عند الأستاذ محمود محمد طه، مرفوض تماماً، ولا يمكن أن يدور بخلد أي جمهوري، ود. د. النعيم يعلم ذلك تماماً.
من الجهة الأخرى: لماذا تمول جهات التمويل هذه بحث د. النعيم الإسلامي، وهي جهات رأسمالية، وغير مسلمة بل ومعادية للإسلام؟!
هل يعقل أن يدفع، الغربيون، الذين يعادون الإسلام المال من أجل نشره؟! هذا، أمر مستحيل بداهة.. كما أنه من المستحيل بداهة أن يدفع رأسمالي ماله في مشروع ليس له فيه مصلحة ما، ويرجو منه عائداً.. إذن ما جلية الأمر؟! هل استطاع د. د. النعيم أن يخدع هؤلاء الرأسماليين المعادين للإسلام، فيدفعوا له ملايين الدولارات، للبحث في مجال الإسلام؟! من الواضح أن هذا امر مستحيل.. إذن أين يكمن السر؟ إنه يكمن في الإسلام، الذي يبحث فيه د. د. النعيم، وطبيعة هذا البحث.. وقد رأينا هذا الإسلام فهو يفكك جميع أسس الإسلام، ودعوة الأستاذ محمود الإسلامية.. وهذا هو السر الوحيد، لدفع الرأسماليين المعادين للإسلام أموالهم.. هم يدفعون من أجل تفكيك الإسلام، وبقدر هذا التفكيك.. هم يدفعون بسخاء، كما عبر د. د. النعيم، فللترويج لكتاب واحد من كتب د. د. النعيم، دفعوا 100,000دولاراً.
فد. د. النعيم، ليس خادعاً، وإنما هو المخدوع، وهو مخدوع عن علم وبرضاه.. بل وبسعيه.. فإذا صح ما تقدم، وهو قطعاً صحيح، فإن واجب د. د. النعيم المباشر (هو الإستفادة للدرجة القصوى الممكنة من الإمكانيات المتاحة في التمويل) من أجل تفكيك الإسلام عامة، والفكرة الجمهورية خاصة، لصالح الممولين.
فعمل د. د. النعيم، في حقيقته هو تكريس للمركزية الغربية، وابعاد الإسلام من أن يكون منافساً، في بناء حضارة إنسانية جديدة.. وخدمة الرأسمالية الحديثة، بالعمل على إبقاء الوضع على ما هو عليه المنظور التاريخي دون أي مهددات يمكن أن تاتي من قبل الإسلام.
الفكرة الجمهورية بيني وبين د. د. النعيم:
البعض صوَّر، ردودي على د. د. النعيم، بأنها خلاف بيني وبينه، حول الفكرة الجمهورية.. فهو خلاف بين شخصين ينتميان لدعوة واحدة.. وهذا غير الحق.. أساساً، لم يحدث أي حوار بيني وبين د. د. النعيم.. أنا أكتب منذ 2009م حول أمر د. د. النعيم، ولم يدخل د. د. النعيم حتى الآن في الحوار، على الرغم من انني جعلت الأمر داخل موقع الجمهوريين الخاص، لفترة تزيد عن العامين، قبل أن أخرج به إلى موقع سودانيزاونلاين.. وقدمت في البداية، بعض الاستفسارات للنعيم، فرد عليها، ولكنه لم يدخل في الحوار.. وهو يقول الآن أنه لن يرد علي، وكأنه أمر جديد!! فقد ذكرت في أول حلقة لي خارج الصالون، بأنه لن يرد، لأنه لا يستطيع الرد.. فأساساً لم يتم حوار بيني وبين د. د. النعيم، وإنما هي كتابة من جانبي.. كما رأينا يرد د. د. النعيم على بعض الأسئلة من قبل آخرين لم تذكر أسماؤهم، وإجاباته على هذه الأسئلة، هي موضوع كتابتي هذه الأخيرة.
في الواقع، اكتشفت أنا وبعض الاخوان، خلال 2008م، أن د. د. النعيم يعمل عملاً واسعاً، في أجزاء كبيرة من العالم، على تفكيك الإسلام والفكرة الجمهورية وهذا الاكتشاف، أتى بعد فترة طويلة جداً، تزيد عن الأربعين عاماً، كنا فيها نظن أن د. د. النعيم، يعمل في إطار الفكرة الجمهورية، فإذا بنا نكتشف أن معظم الفترة قضاها د. د. النعيم في الغرب، هو يعمل ضد الفكرة.. والإكتشاف جاء بالتدريج، فكلما رجعنا إلى كتاباته، ومحاضراته اكتشفنا، مفارقات خطيرة جداً للدين.
فحقيقة الأمر، أنني كتبت كتابة مطولة، ولفترة طويلة، اتهم د. د. النعيم، بصورة محددة أنه يعمل على هدم الإسلام بصورة عامة، والفكرة الجمهورية بصورة خاصة لمصلحة الغرب.. وقد فصَّلت في ذلك تفصيلا كثيراً.. وكان غرضي، المعلن منذ البداية، هو نصيحة د. د. النعيم، نصيحة الإسلام الخالصة، والعمل على تصحيح ما يمكن تصحيحه لما ألحقه من تشويه للإسلام، وللفكرة.. موقفي، وموقف د. النعيم يختلفان بصورة جذرية.. د. د. النعيم يزعم أن أفكاره عبارة عن رسالة، وأنه أصيل داخل التقليد، وأنه مجدد في الإسلام وفي الفكرة الجمهورية.
أما أنا فداعيةُ إتباع.. أنا مؤمن، إن شاء الله، وتلميذ للأستاذ محمود محمد طه، فيما دعانا إليه من إتباع طريق محمد صلى الله عليه وسلم.. فالأستاذ محمود لم يدع الناس لنفسه، وإنما دعاهم لطريق محمد صلى الله عليه وسلم، بعد أن جرَّب هو نفسه، إتباع الطريق، ووجد ثمار تجربته.. فالأستاذ محمود بالنسبة لنا كجمهوريين هو المرشد، الذي يسَّلِكُنا في طريق محمد، عن تجربة، ومعرفة بالطريق.. ثم هو مبشر بالإسلام، كمدنية جديدة، تحل محل الحضارة الغربية السائدة اليوم.. وهذا، حسب الأستاذ، لن يتم إلا إذا جاء إذنُ التطبيق، وجاء رجلُه، وهو المسيح المحمدي، الذي أظلنا عهدُه، وتهيأت البشرية له، بالحاجة إليه والطاقة به.. فالدعوة، في إطار الفكرة الجمهورية، هي تبشير بالإسلام، يقوم على الدعوة لأصول القرآن.. ودائماً، في هذه الدعوة المقصود، في المكان الأول هو الداعية نفسه.. ولا أحد من البشر، ينشر الإسلام، وإنما ينشره ربه، وهو قد وعد بنشره، وقد تهيأت الظروف لهذا النشر، فلابد إنه كائن.
فأنا، بالنسبة للفكرة الجمهورية، مؤمنٌ وسالكٌ في (طريق محمد) صلى الله عليه وسلم.. فوصفي الحقيقي، حسب مصطلحات الفكرة، هو أنني (سالك)
أنا لست مجتهداً، ولا داعية تجديد، كما د. د. النعيم، وإنما متبع وأعلم، علماً لا شك فيه، أنني بعيد جداً، عن تجويد التقليد.. فمن وجد فيما أقول أو أكتب شيئاً يخالف أي شيء من أسس دعوة الأستاذ محمود، فليضعه عند عتبتي، ويبريء دعوة الأستاذ منه.
ثم أنا لا أريد من أحد، من الجمهوريين، أو غير الجمهوريين أن يتبعني.. وإذا وجد من يتبعني وأنا أعلم انه لا يوجد فأنا بريءٌ من إتباعه هذا.. وهذا في أي شيء يمكن أن يكون مخالفاً لدعوة الأستاذ محمود محمد طه.. فمن يُتّبع، حسب هذه الدعوة، هو محمد صلى الله عليه وسلم وحده.. أنا أقول هذا القول لما أراه مِن تغيُّر الأحوال، وأريد أن احتاط لنفسي، فالموت في الرقاب، وأنا لا أريد، إن كنت حياً، أو ميتاً أن يتبعني أحدٌ.. العلاقة، الطبيعية، بين السالكين في طريق محمد، هي علاقة أخوة أخوة الدين لا أحد منهم يتبع الآخر، فهذه هي الطائفية التي ظل الأستاذ محمود يحاربها طوال وقته، وإنما الجميع يلتقون في إتباع وتقليد محمد صلى اللله عليه وسلم، ويتعاونون على تجويد هذا التقليد..
إذن جلية الأمر أنني أتهم د. د. النعيم اتهاماً واضحاً، ومحدداً، أنه يهدم، ويفكك الإسلام عامة، ودعوة الأستاذ محمود خاصة، لمصلحة الغرب.. وهو عندما يزعم أنه تلميذ للأستاذ محمود (في كل ما يدعو إليه في أمور الحياة العامة).. إنما يريد بذلك، أن تنسب مفارقاته الخطيرة للإسلام، تنسب لدعوة الأستاذ محمود.. وهو يفعل هذا عن علم، كما رأينا في موضوع السلوك الجنسي.. فهو يعلم الرأي الصحيح للإسلام في الأمور التي يتطرق لها، ولكن يخالفه عامداً.
وأنا لا أعتقد أن هنالك خطر من دعوة د. د. النعيم، إلا عليه هو، ومن يمكن أن يتبعه.. في دعوة ظاهرة البطلان.
القضية الهامة، ليست د. د. النعيم، وإنما من يستخدمونه: أمريكا والغرب، فهؤلاء بدأوا فعلاً حملة ضد الإسلام، تحت غطاء الدعوة للإسلام المعتدل، وهي حملة كبيرة جداً، يستخدم فيها بعض المسلمين، أمثال د. د. النعيم.. وتجد الحملة تمويلاً هائلاً وتخطيطاً وتنظيماً، تشترك فيه العديد من الوزارات والهيئات والمؤسسات والجامعات.. والعديد من الكوادر من أبناء وبنات المسلمين.
د. د. النعيم ليس وحده، وإنما معه كثيرون، وقد سبق أن نبَّهت لظاهرة المفكرين الإسلاميين، الذين تصنعهم أمريكا.. انتبهوا جيداً، وراقبوا، فستجدوا العديدين ممن يتحدثون عن عدم وجود دولة في الإسلام، ومن رجال ونساء يقال عنهم أنهم مفكرين إسلاميين.. فمتى وجدتم، من يسمى (مفكر إسلامي)، ويدعو لعدم وجود دولة إسلامية، فاعلموا، أنه وما يدعو إليه صناعة أمريكية.. وأتصور أن تنتشر هذه الظاهرة أكثر ما تنتشر بين جماعة الإسلام السياسي.
تذكروا دائماً، أن أعداء الإسلام يستهدفون أمرين: القرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم.. وهما أمران، في الإسلام، مقترنان. يقول الأستاذ محمود: "أمران مقترنان، ليس وراءهما مبتغى لمبتغٍ، وليس دونهما بلاغ لطالب: القرآن، وحياة محمد..
أما القرآن فهو مفتاح الخلود.. وأما حياة محمد فهي مفتاح القرآن.. فمن قلد محمداً، تقليداً واعياً، فهم مغاليق القرآن.. ومن فهم مغاليق القرآن حرر عقله، وقلبه، من أسر الأوهام.. ومن كان حر العقل، و القلب، دخل الخلود من أبوابه السبعة"... "أمران مقترنان: القرآن، و حياة محمد، هما السر في أمرين مقترنين: "لا إله إلا الله ، محمد رسول الله" لا يستقيم الأخيران إلا بالأولين" ..
كما يجب ملاحظة أن استهداف أعداء الإسلام في الغرب للإسلام، يعمل على تفكيك الأخلاق عند المسلمين، خصوصاً في مجال الجنس.. وهذا بغرض تخلي المسلمين عن محرماتهم الدينية، كوسيلة للتخلي عن دينهم.
الأمر يحتاج إلى عمل من الجميع.. فالعمل الذي يقوم به الغرب واسع جداً.. ونحن هنا نذكر نموذجين من نماذج مواقع تفكيك الإسلام.. النموذج الأول هو: موقع ملفات محايدة http://www.neutralfiles.com
والموقع الثاني هو: قناة الكرمة في برنامجها أولاد ابراهيم.
الموقع الأول يستبعد النبي صلى الله عليه وسلم بصورة تامة على اعتبار أنه بشرٌ، ويدعو الى الأخذ من الله تعالى من القرآن وحده.. وهذا الأخذ يشمل حتى العبادات، فهم يرون مثلاً أن الصلاة ليست لها هذه الهيئة المعروفة عن الصلاة عند المسلمين، ولا عدد الصلوات، ولا أوقاتها.. ويعتبرون كل هذا من أعمال البشر!!
أما قناة الكرمة، وهي قناة مسيحية، فلها برنامج اسمه أولاد ابراهيم.. في هذا البرنامج هي تطعن حتى في نسبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى سيدنا ابراهيم عليه السلام.. وتشكك في العديد من مباديء الإسلام الأساسية.. وكل هذا ليس بغريب.. وإنما الغريب حقاً، أنها تستضيف من يسمون علماء إسلاميين، ويحملون درجات علمية رفيعة، يؤيدون آراءها المخالفة للإسلام!!
بعد كل هذا الجهد المستفيض فى الكتابة عن طرحه، لم يعد د. د. النعيم من أولوياتي.. فأنا أتوقف، مؤقتاً، عن تناوله، إلا إذا جدَّ ما يدعونني لذلك.. وأنا هنا لا ألزم نفسي بشيء، الأمر متروك للظروف.. ولكن من المؤكد أن الظاهرة تحتاج إلى عمل كبير، وإلى عمل أوسع، ومتى تناولت الظاهرة، فسيكون د. د. النعيم ضمن النماذج.
هذا، والله هو المسئول أن يرينا الحق حقاً ويلزمنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً، ويجنبنا اتباعه.. وهو نعم المولى ونعم النصير.
خالد الحاج عبدالمحمود
رفاعة في 2/3/2013م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.