بسم الله الرحمن الرحيم سودانى مغترب - بمدينة الرياض - المملكة العربية السعودية كنت خلال الفترة من 1974م وحتى العام 1988م أعمل بالسعودية مدرس مساحة بمعهد الفنيين بالناصرية ثم مهندس مساحة بشبكة مياه الرياض حتى مطلع العام 1988م حين قررت العودة للسودان لأن أكبر ابنائى وصل للصف الخامس فأردت ان يتربى ابنائى ويتعلمون بالسودان وعلى مثل وأخلاق أهل السودان ، يتعلموا حفر التربة ونصب صيوان العزاء ومشاركة الجار أفراحه وأتراحه وزيارة الأرحام ، وهذا النوع من التربية غير متاح بجميع دول الخليح – واحد سودانى – سألنى إنت ناس الخليج ديل مابيموتوا ؟ قلت ليهو كيفن ؟ قال لى مما جيت لى يومك دى ماشفت لى ناس شايلين عنقريب جنازة . ضحكت وشرحت له كيف واين ومتى يتم غسل ودفن الجنازة بدول الخليج ... قررت العودة للسودان وكان قراراً موفق حين أشوف ابنائى مدثر ومحمد ومهند يكبروا ويتكلموا الهجة السودانية وسلوكهم سلوك سودانى ، فكان قرار العودة صائب وموفق .. وحين تخرج المدثر طبيب وأنهى فترة الإمتياز والخدمة العسكرية بحامية الدمازين سلمته مفاتيح البيت والسيارة وعدت لوطنى الثانى السعودية فى يناير 2003م ، وبعد سنتين فقط جاء إبنى المدثر طبيبا بمستشفى الشميسى والحبل على الجرار لسحب بقية إخوانه لحياة الغربة المرة ولكن دخلها يغطى إحتياجات الفرد الضرورية ، أغلقت بيتى وجبت ليهو حارس لأنك فى السودان لو أجرت بيتك لمدة سنة واحدة مع الجنيه الجارى لى وراء دا ، حق ايجار السنة مايغطى تكلفة إصلاح مقعد حمام بلدى . اثناء فترة عملى فى السودان وفى سنوات الإنقاذ الأولى مطلع التسعينيات ، لم ألجا للعمل بمهنة هندسة المساحة ، حتى لا أجوع وإضطر للإنتساب للحزب الحاكم وأدخل فى المحظور .. عملت دكان إسبيرات فى المنطقة الصناعية أبيع قطع غيار القندرانات ، فجاءنى شاب جنوبى ظريف إسمه دينق يعمل فى غسيل السيارات أمام دكانى ، على ما أذكر طلب منى مبلغ بسيط عشان يفطر بيهو والفطور فى تلك الفترة كان لايتجاوز عشرة قروش أو طراده لو كان فطور سمك من البربرى . قلت ليهو يا دينق بتتكلم إنجليزى كويس ؟ قال لى : لا ويريد أن يعرف العلاقة بين معرفة اللغة الإنجليزى وحق الفطور .. سؤالك دا ليه ؟ قلت ليهو طيب ، أنا بدخلك كمبونى بالمساء قسم لغة إنجليزى مخاطبة وكتابة وقراءة ، لمان تجود اللغة الإنجليزية اقطع ليك تذكرة على حسابى الى لندن وفى ناس حيقابلوك هناك فى مطار هيثرو بصفتك زعيم قبلى جنوبى متمرد لأن النظام هجم على قبيلتك وقتل أهلك وحرق قراكم ، وأنك خارج ضد نظام الخرطوم ولن تعود إلا بعد إسقاطه ، والجماعة ديل حيرتبوا ليك لقاءات مع الصحف واجهزة إعلامية أخرى والبارونه كوكس ومجلس الكنائس وقد ترتب لك زيارة لأمريكا عشان تلقى كلمة فى الأممالمتحدة وتقابل الرئيس الأمريكى كلينتون وقبل ماتسافر لازم السلطان بتاعكم وجميع أفراد قبيلتك يكون عندهم علم وأنك خارج من أجلهم ، ولمان أمرك يصل للدولة وتسبب لها صداع يبدأ دورى أنا حين تعلم رئاسة الجمهورية أنى قد إتصلت بزعيم التمرد دينق وطلبت منه أن ينضم لمساعى السلام وأن الحرب لافائدة ترجى منك ، حكومة البشير تقوم تعينى مفوض برئاسة الجمهورية بمرتبة وزير وأجي ليك فى لندن ونعود سويا وفى مطار الخرطوم تعقد مؤتمر صحفى وبكدا نكون حققنا مكاسب لو عملنا ألف سنة لن نحققها .. ودينق واقف وفاتح خشمه المتشوق للقمة فول ورغيف منتظر قروش الفطور ولم يستوعب أى كلمة مما قلته له ، فما أن أكملت حديثى حتى بادرنى بالقول : طيب كلوش فتور وين ؟ هاك إنت واحد فقر ماعاوز تتقدم ... بالأمس فقط تذكرت حوارى مع دينق حين ورد بالأخبار أن فصيل منشق من حركة عبد الواحد إنضم لمشروع السلام ، ودى قصة بقت معروفة لجميع الناس نسميها ( حكوية الضبيبينة ) ، حركة عبد الواحد ، حركة مناوى ، حركة خليل أو أى حركة متمردة تريد مصدر مال جديد أو مصدر أخبار من داخل النظام ، تقوم تجهز 10 سيارة بكب بالسلاح وفى كل سيارة 4 افراد ويأتى هذا الفصيل المنشق ويسلم نفسه ويطلب الحوار مع الدولة وقسمته فى الكعكة التى جفت بل يبست واصبحت بدون كريم شانتى بخروج بترول الجنوب وعجز عوض الجاز حفر ابار بترول بديلة والكل يعرف ان ابار بترول الجنوب وهجليج حفرتها شيفرون ، وهكذا دخلت نملة وأكلت حبه ومرقت ودخلت نملة وأخذت حبه ومرقت ... قصة بلا نهاية – كل فصيل معارض ينشطر لألف فصيل والسودان يجوع ويمرض ويتجزأ لأجزاء صغيرة ، لأن هذه الحكومة سنت سنة سيئة وهى أن كل من يريد أن يدخل القصر ، مجلس الوزراء ، البرلمان أو حاكم أو وزير بالولايات ، عيله أن يحمل السلاح ويقتل وينهب ويسرق ويروع الأمنين .. والوالى أبو القاسم حين خرج من مركز الوالى بغرب دارفور ذهب لمصنع المناصب العليا (التمرد) ... ليعود قريبا واليا أو نائب للرئيس بالقصر الجمهورى .. ونائب الرئيس الحالى الدكتور الحاج آدم دخل القصر من تزعمه سياسيا لحركة الهجوم على أمدرمان التى قادها فصيل من اتباع دكتور خليل إبراهيم .. ودينق ضيع على فرصة العمر فبدلآ من أكون مفوض سلام برئاسة الجمهورية بمرتبة وزير تحولت لمغترب بالسعودية