محمد وداعة يكتب: عدوان الامارات .. وحدة الجبهة الداخلية    الدعامة: يدنا ستطال أي مكان يوجد فيه قائد الجيش ونائبه ومساعدوه    الاتحاد يفوز على الأهلي في دوري الابيض    المدير التنفيذى لمحلية حلفا الجديدة يؤمن على أهمية تأهيل الأستاد    رئيس اتحاد المصارعة وعضو الاولمبية السودانية يضع النقاط علي الحروف..الله جابو سليمان: انعقاد الجمعية حق كفله القانون وتأجيل انتخابات الاولمبية يظل نقطة سوداء لايمكن تجاوزها    كيكل    شاهد بالفيديو.. قائد قوات درع الشمال "كيكل" يدخل في وصلة رقص "عفوية" مع (البنيات التلاتة)    بالفيديو.. وسط فرحة واعتراف منسوبيها.. شاهد لحظة أطلاق مليشيا الدعم السريع لسراح "السجناء" من سجن النهود    شاهد بالصورة والفيديو.. خجل وحياء عروس سودانية من عريسها في ليلة زفافهما يثير اهتمام جمهور مواقع التواصل    شاهد بالفيديو.. قائد قوات درع الشمال "كيكل" يدخل في وصلة رقص "عفوية" مع (البنيات التلاتة)    شاهد بالصور.. المذيعة نسرين النمر توثق للحظات العصيبة التي عاشتها داخل فندق "مارينا" ببورتسودان بعد استهدافه بمسيرات المليشيا ونجاتها هي وزميلتها نجمة النيل الأزرق    شاهد بالفيديو.. القيادي بالدعم السريع إبراهيم بقال يظهر بأحد الملاعب العالمية ويتابع مباراة كرة قدم.. تعرف على الحقيقة!!    بهدفين مقابل هدف.. باريس يقهر آرسنال ويتأهل لمواجهة إنتر في نهائي دوري الأبطال    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    عندما كان المصلون في مساجد بورتسودان يؤدون صلاة الصبح.. كانت المضادات الأرضية تتعامل مع المسيّرات    سقوط مقاتلة أمريكية من طراز F-18 في البحر الأحمر    ريال مدريد وأنشيلوتي يحددان موعد الانفصال    ما حقيقة وجود خلية الميليشيا في مستشفى الأمير عثمان دقنة؟    أمريكا: الهجمات بالمسيرات على البنية التحتية الحيوية تصعيد خطير في الصراع بالسودان    "آمل أن يتوقف القتال سريعا جدا" أول تعليق من ترامب على ضربات الهند على باكستان    في مباراة جنونية.. إنتر ميلان يطيح ببرشلونة ويصل نهائي دوري أبطال أوروبا    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    من هم هدافو دوري أبطال أوروبا في كل موسم منذ 1992-1993؟    "أبل" تستأنف على قرار يلزمها بتغييرات جذرية في متجرها للتطبيقات    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاتشر : " هذه السيدة لا تعرف التحول"


د.محمود محمد ياسين
رحلت فى التاسع من ابريل السيدة مارغريت تاتشر التى تولت رئاسة وزراء بريطانيا عن حزب المحافظين من عام 1979 إلى عام 1990، وهى أول امرأة تتولى هذا المنصب في بلادها وتفوز به لثلاث مرات على التوالي في القرن العشرين.
منذ بداية توليها مقاليد حكم بريطانيا سعت تاتشر الى احداث تغييرات جذرية فى مسار اقتصاد بلادها تجسدت فى تقليص الدور المباشر للدولة فيما يتعلق بالنشاط الاقتصادى وذلك بتخفيض او الغاء الخدمات المجانية التى تقدمها الدولة للفقراء وخصخصة المؤسسات المملوكة للدولة ومن بينها وحدات انتاجية كبيرة وتجميد الاجور وادخال ضريبة محلية على الرؤوس (poll tax) وتخفيض الضرائب على شركات القطاع الخاص.
جاءت سياسات تاتشر في سياق التحول نحو اقتصاد السوق الحر التى تهدف للخروج من الازمة الطاحنة التى تعرضت لها بريطانيا فى نهاية سبعينات القرن الماضى. وللمضى بانقلابها الاقتصادى الى نهاياته لجأت تاتشر الى انتهاج سياسة متشددة تمثلت فى اصدار القوانين التى تحد من قوة نقابات العمال واسكات معارضيها داخل حزبها بشكل حاسم؛ فهى القائلة عند مخاطبة مؤتمر حزبها (المحافظين) فى 1980: ״ الى الذين ينتظرون بأنفاس محبوسة تلك العبارة التي تحبها وسائل الاعلام - تحول تام - لا يوجد لدى ما اقوله سوى شيء واحد. تحولوا إذا اردتم. هذه السيدة لا تعرف التحول״– The lady is not for turning-
كانت تاتشر صديقة حميمة لجنرال شيلى اليمينى أغوستو بينوشى قاتل سلفادور أليندي، وصاحبة علاقة وثيقة مع رولاند ريجان عراب " الليبرالية الجديدة" ومع أركان نظام الأبارتيد فى جنوب افريقيا. كما شنت الحرب على الارجنتين للحفاظ على جزر "المالوين" كمستعمرة بريطانية، وساعدت غورباتشوف على التفكيك ”النهائى“ للاتحاد السوفيتى.
ادت ظروف تاريخية موضوعية لظهور تاتشر تجلت فى تصاعد المد اليمينى فى الدول الغربية على اثر انحسار موجة حركة الاضرابات والاحتجاجات العارمة التى فجرها فى تلك الدول العمال والطلاب فى ستينات وبداية سبعينات القرن الماضى. فكل ما كان يحتاج له اليمين فى بريطانيا آنذاك للجم الحركة الشعبية هو شخص من أفراد الطبقة الوسطى مثل مارغرت تاتشر لا يعرف معنى للحياة غير الشغف بترقية مصلحته الشخصية باللجوء لشتى اساليب الدهاء والسلوك الفظ تجاه من يقفون فى وجهه؛ وهذا مافعلته تاتشر للصعود لرئاسة حزب المحافظين وما زال الناس يذكرون تصريح تاتشر الشهير الذى يلقى ضوءاًً على خلفيتها الاجتماعية عندما قالت بانه ״ لا يوجد شيء اسمه مجتمع. يوجد أفراد سواء كانوا نساء او رجالا، وهناك أسر.״
————————
على اثر موت تاتشر سيرت مجموعات من مَنْ يسمون انفسهم باليسار احتفالات بهذه المناسبة فى لندن فتحت فيها زجاجات الشمبانيا والتغنى باغنية "ماتت الساحرة". ولم يبدو على المحتفين وعياً لا بامر الماضى ولا الحاضر. فبينما هم منهمكون فى ترديد الاغنية القديمة وعلى مسافة غير بعيدة عنهم كان البرلمان البريطاني يعقد جلسة لتأبين تاتشر اجمع فيها زعماء حزبى المحافظين والعمال على الدور الغير عادى لتاتشر فى مواجهة الازمة التى مرت بها بريطانيا وعلى سلامة سياساتها الخارجية وسياسات التحرير الاقتصادى. وفى الجلسة أكد رئيس حزب المحافظين و رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على ان سياسات تاتشر أخرجت بريطانيا من عنق الزجاجة وجعلتها دولة عظمى مرة اخرى وقال إد مليباند زعيم حزب العمال إن تاتشر قامت بإعادة ״صياغة السياسة لجيل كامل.״ ووصفها زعيم حزب الديمقراطيين الليبراليين ونائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليغ بانها ״ رسمت معالم السياسة البريطانية الحديثة.״
بعد رحيل تاتشر لم تتخل بريطانيا عن ساسيات الليبرالية الجديدة، وربما بدون الحدة التى كانت تتبعها فى تسيير الأمور. فالحكومات البريطانية التى اعقبت تاتشر كانت شريكاً اساسياً للدول الغربية فى سياسات فرض هيمنتها الاستعمارية عن طريق تدمير دول بكاملها (العراق كمثال)؛ كما ظلت بريطانيا تشهد منذ اربع سنوات، نتيجة لسياسات التحرير الاقتصادى، زيادة في العبء الضريبي على مواطنيها واجراءات تجميد الأجور وتقليص العمالة والتدهور فى المستوى العام للمعيشة. والامر سيان فى ظل حكم المحافظين او حزب العمال.
————————
انتظر كثير من الناس رد فعل آرثر سكارغل، رئيس اتحاد عمال مناجم الفحم فى بريطانيا للفترة 1982-2002، حول وفاة تاتشر. وسبب الاهتمام هو ان سكارغل كان قائد اضراب عمال المناجم الذى استمر لعام كامل 1984-1985 ضد برنامج وضعه مجلس الفحم الحجري القومي لاغلاق عدد من المناجم رفضت تاتشر ادخال تعديلات عليه. كشف الاضراب تفاقم التناقض بين العمل المأجور والرأسمال تحت تشريعات الليبرالية الجديدة. كان سكارغل متحدثاً صريحاً ضد سياسات تاتشر الخاصة بمعاداة العمل النقابى وهضم حقوق العمال، ولكن لما لم يجد الدعم من خارج النقابة وبالاخص من حزبه (حزب العمال) هُزم الاضراب.
لم يكن آرثر سكارغل من الذين تستهويهم سخافات مَنْ رقصوا على قبرها، فكل ما صدر عنه حتى الآن
هو رده على رسالة الكترونية بعث بها اليه أحد اصدقائه تقول: ماتت تاتشر. فقد كان رده: سكارغل ما زال حياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.