فاجأت مارغريت تاتشر المراقبين والمؤرخين بإعلانها ندمها على وصولها الى المنصب السياسي الأعلى في بلادها وقضائها 11 عاما في أشهر دار بريطانية: 10 داونينيغ ستريت. وقالت تاتشر إنه في حال أتاحت لها الأقدار أن تعيش حياتها من جديد، لتعمدت الابتعاد بالكامل عن الدخول في عالم السياسة برمته. وكل هذا على الرغم من أن ثمة شبه إجماع على أن هذه المرأة، التي صارت تعرف باسم «السيدة الحديدية»، تعد بين أعظم رؤساء الوزراء البريطانيين في أزمنة السلم إن لم تكن الأعظم على الإطلاق. وحتى من دون هذا، فقد صنعت التاريخ لكونها أول وآخر امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ بريطانيا وأنها صاحبة الرقم القياسي في طول فترة الحكم (ثلاث ولايات متعاقبة) وسط رؤساء البريطانيين على مدى القرن العشرين. وأيضا لا شك في أن سنوات حكمها كانت بين الأكثر إثارة للجدل في تاريخ بريطانيا السياسي سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. ووفقا لما تداولته الصحافة البريطانية، فقد أسرت تاتشر باعترافها المدهش هذا لمسامع اللورد سبينسر، وهو أحد كبار المحافظين في الحزب الذي تزعمته، قائلة له إنها نادمة على أن قدميها وطأتا مجلس العموم البريطاني في ويستمنستر، لأن اشتغالها بالسياسة انعكس آثارا سيئة على أفراد أسرتها. ويكتسب اعتراف تاتشر أهمية خاصة لأنه يعود الى ابريل 1995، أي بعيدما كانت رئيسة للوزراء وتتمتع بمكانة داخلية ودولية قلما تمتع بها سياسي بريطاني في التاريخ المعاصر. ووفقا لكتاب مذكرات اللورد سبينسر، الذي بدأت صحيفة «تليغراف» نشر أهم أجزائه على حلقات، فقد قالت له في لقاء بينهما آنذاك: «لو عشت حياتي من جديد لما أقدمت على العمل السياسي بسبب ما يفعله شيء كهذا بأسرة المرء». ورغم ما عرف من تمتعها بزواج صلد من دنيس تاتشر، الذي وافته المنية العام 2003، فقد عانت السيدة الحديدية من السمعة التي اكتسبها ابنها مارك منذ أيامها في السلطة. ذلك أنه اشتهر باللهو والمجون في شبابه، ثم تورط لأغراض الكسب التجاري في محاولة أجنبية لقلب نظام الحكم في غينيا الاستوائية العام 2004 (حكم عليه بالسجن 4 سنوات معلقة، وغرامة تعادل نصف المليون دولار). ومن جهة ابنتها كارول (توأم مارك)، فقد عرف أن العلاقة بينهما لم تكن «ساخنة بما يكفي». وحتى بعد إصابة السيدة الحديدية بداء الخرف منذ العام 2000 (كارول نفسها كشفت هذا في كتاب مذكراتها الصادر في 2008)، فقد امتنعت عن زيارتها بانتظام وأنها قد تمضي أشهر طويلة قبل رؤيتها لفترة وجيزة. تاتشر في سطور ٭ ولدت في أسرة متواضعة الحال في 13 أكتوبر 1925 في بلدة في شرق إنجلترا، لأبيها ألفريد روبرتس الذي كان بقالا، ودرست فيما بعد الكيمياء في جامعة أكسفورد والقانون في كلية لينكونز إن في لندن. ٭ أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في بريطانيا، وهو منصب ظلت فيه من العام 1979 حتى 1990 على مدى ثلاث ولايات. ٭ أطلق المراقبون على منهاجها السياسي اسم «التاتشرية». وتقوم هذه على الإقلال من السيطرة والإنفاق الحكوميين وعلى تمليك الصناعات الحكومية للقطاع الخاص والجمهور. ٭ الإعلام السوفييتي هو الذي أطلق عليها لقب «السيدة الحديدية»، وكان ذلك حتى قبل توليها رئاسة الوزراء. ٭ كانت أيضا عامل انقسام حاد في المجتمع وأدت سياساتها لكسر شوكة نقابات العمال في أعقاب إضراب عمال مناجم الفحم الطويل الشهير في العامين 1984 و1985. ٭ كان النصر الساحق الذي أحرزته على العمال في انتخابات يونيو1983 نتاجا في قسم كبير منه للنصر في الحرب التي شنتها على الأرجنتين في جزر الفوكلاندز واستعادتها منها في 1982. ٭ تقاعدت عن العمل السياسي بهجرها مقعدها في البرلمان العام 1992، بعد سنتين على مغادرتها 10 داونينيغ ستريت.