تقرير: عادل حسون حملت أنباء الخرطوم غير الرسمية من التي تودع عادةً في أركان الصحف وتحت باب "الأسرار" خبرا صغيرا عن اجتماع ضمته جنينة الشريف الهندي المشاطئة للنيل الأزرق بحلة كوكو شرقي العاصمة الخرطوم قبل أيام، ضم رؤساء الأحزاب الاتحادية الثلاثة، "الوطني" الاتحادي، الاتحادي "الموّحد"، والاتحادي "الهيئة العامة"، الشريف صديق الهندي، د. جلاء الأزهري، والبروفيسور محمد زين العابدين. الاتحاديون في الطرف الآخر، حزب السيد الميرغني (الأصل)، وحزب د. جلال الدقير مساعد رئيس الجمهورية (المسجل)، لم يكن مرحباً بهما في تلك النهارية الظليلة، فكلاهما منخرطا في تحالف السلطة القائمة. كلا الحزبين الحاكمين يتأبى الحوار الجاد مع بقية الاتحاديين لإعادة توحيد الفصائل الاتحادية استقبالا للمرحلة المقبلة من عمر البلاد التالية لانفصال جنوب السودان وإقامة دولته المستقلة. على الأقل ينتظر من هؤلاء الآخرين أن يتنازلوا عن كل ما يطرحونه من أفكار ومبادئ، فهي وحدة بشروط الأقوى. وتوارت عن الأنباء في الفترة الأخيرة أي أخبار سارة أو مفاجئة عن وحدة الاتحاديين وقد كانت تظهر عادةً على سطح الأحداث بين الفينة والأخرى. لكن تقول مصادر قيادية استطلعتها "الجريدة" أن الاتحاديين ثبت أنهم تجمعوا في "أكوام" متباعدة تقربها اللقاءات ذات الطابع الاجتماعي فقط كعادة السودانيين. فهي فصائل مختلفة لا تتفق حول مصلحة آنية أو لعمل مستقبلي كالانتخابات العامة أو حتى إعادة صياغة الحزب الواحد. جميعهم "اتحاديون" لكنهم تحت "لافتات متفرقة". فالشريف صديق الهندي، كان مستوزرا ونائبا برلمانيا لسنين عددا مع حزب جلال الدقير، لكنه انفصل عنه لأسباب خاصة به لكنها ألبست ثوب الخلاف حول التنظيم والموقف من النظام الحاكم. أما الأستاذة جلاء الأزهري، فذهبت وكونت حزبا خاصا بها دونما قاعدة حقيقية. مجموعة أفراد لم تغادر محطة الزعيم "الأزهري" ونجله الراحل "محمد" وتراثهما. المجموعة المنتظمة بروح واحد وتبدو متميزة عن الآخرين هي مجموعة "الوطني الاتحادي"، الحزب الذي لا يحمل شهادة التأسيس من "مجلس شئون الأحزاب السياسية"، وضمنها بروفيسور يعقوب شداد، والأستاذ عبد الوهاب خوجلي، ود. عبد الرحيم عبد الله. من ناحية التنظيم والاجتماعات الدورية، لهذا "الفصيل" سبق على الأحزاب "الاتحادية" الأخرى قد يحفزهم لفرض شروط في "مفاوضات" الوحدة "المزعومة"، فالآخرين على كل حال تأخروا كثيرا في هذا المجال. لكن الأولين هم حزبيين "معارضين" للإنقاذ بالدرجة الأولى ولسيطرة "الزعيم" مولانا "الميرغني". تضيف المصادر أن رأي هؤلاء واضح أن الحزب لا يمكن أن يكون تحت هيمنة شخص واحد -الميرغني- وهذا هو صراع المؤسسة الذي بدأته ذات المجموعة التي قادت انقسام "المؤسسية والإصلاح" في سنة 1999م والخروج عن الحزب الاتحادي "الأصل" عندما كان خارج البلاد. د. نافع علي نافع، مساعد رئيس الجمهورية ونائبه في رئاسة "المؤتمر الوطني" لديه مقولة شهيرة أنه- نافع- لا يعترف بأي معارضة حقيقية سوى مجموعة أو فصيل الحزب الاتحادي "الهيئة العامة"، فأما هؤلاء فلا يسعون لوزارات أو مناصب دستورية، وهم مؤمنون بالحزب "الاتحادي" ولكنهم ضد هيمنة "الميرغني". الرأي يدعم بأنهم عملوا في الحقيقة مع الشيخ الصوفي بالجزيرة وسط البلاد وإحدى أهم المعاقل التاريخية "للاتحاديين"، "أزرق طيبة"، لكنهم اختلفوا معه لأنه تبين لهم أن الرجل يسعى لينصّب نفسه سيدا جديدا. من الجديد في "تفاعلات" حزب "الاتحاديين" التاريخي أن "الحركة الاتحادية" وهي مجموعة "الشباب الاتحاديين" خارج حزبي "الأصل" و"المسجل" ظهروا كنجوم "مختلفة" في ما يقدمونه. فهم على قول المصادر منضوون تحت "الفكر الاتحادي" بمعناه الواسع ومنهم مواهب التوم وعزّ العرب حمد النيل وطارق الجزولي، هدفهم "الوحدة الاتحادية" ولكن بتفاصيلها وأهمها حل كل هذه "اللافتات" الحزبية وإجلاسهم جميعاً لتشكيل حزب "واحد" ولكن بنهج جديد وبعيد عن الصراع الشخصي أو الهيمنة. يزول الخلاف بزوال المؤثر. من قواعد "الفيزياء" وبالتطبيق هنا فالمؤثر هم الأشخاص الذين هم على سطح الأحداث الاتحادية. لكن الاقتراب من النظام و"المؤتمر الوطني" ربما يعيق الوحدة؟. "الأصل" لحق "بالمسجل" في التحالف مع "الإنقاذ"، والمتحدث بإسم الاتحادي "الأصل" السيد إبراهيم الميرغني، صرح أخيرا غداة لقاء الرئيس عمر البشير، بزعيم الاتحادي مولانا الميرغني، الأسبوع الماضي، بأن "الطرفين اتفقا على بقاء الاتحادي الأصل في الحكومة إلى حين الانتخابات المقبلة". جميع أحزاب الاتحاديين يطرح الوحدة لكنها لا تتحقق فلماذا؟. بعض رموز "الهيئة العامة" تتخذ موقفا حادا برفض تنظيف الطريق للوصول إلى الوحدة الاتحادية. فمثلا الأستاذ عبد الوهاب خوجلي، يشدد على عدم نيته الجلوس مع "الميرغني" لأنه أبلغه من قبل في العام 2000م بالقاهرة أنه- الميرغني- "لا يحاسب ولا يقنن". هل يمكن للشخصيات أن تتنازل لتجاوز الخلاف وتصل لمحطة "المؤتمر العام" الذي تأخر مذ أكثر من أربعة عقود. إذا حصلت الوحدة الحقيقة بين الاتحاديين يبقى قيام "المؤتمر" عند ذلك أمر إجرائي بحت يلي ذوبان اللافتات الحزبية والتوجه للدخول في عمل تلك الوحدة، تؤكد ذات المصادر. الخبر السار في خاتمة المطاف طبقا للمصادر ذاتها فثمة جهود "مباركة" تقودها الطريقة "الإدريسية" للتقريب بين الأحزاب الاتحادية وحملها على الوحدة. للإدريسيون حظوة معنوية ذات اعتبار ليس عند الاتحاديين بزعامة السيد "الميرغني" فحسب بل كل السودانيين، الرئيس البشير وحزبه المؤتمر الوطني أيضا. قد تنجح الجهود المباركة هذه المرة. قد لا يزول الخلاف بزوال المؤثر أيضا. ولكن الأنباء السارة ربما تأتي أخيرا. جريدة (الجريدة) 21/ أبريل/ 13