بقلم كام ماكغراث/وكالة إنتر بريس سيرفس معارضو القانون المقترح يؤكدون انه قد يضر بحقوق المرأة وقدرة المجتمع المدني على العمل. Credit: Cam McGrath/IPS. القاهرة, مايو (آي بي إس) - نشدد منظمات حقوقية مصرية علي أن مشروع القانون الذي تدعمه جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة في مصر، وسيعرض على السلطة التشريعية التي يهيمن عليها الإسلاميون، يتجاوز حدود القوانين السابقة المستخدمة لقمع المجتمع المدني المصري. فهذا التشريع المقترح يسمح للحكومة بالتدخل في الحكم والأنشطة الداخلية لمنظمات المجتمع المدني والسيطرة على كافة أشكال التمويل. ويحذر المعارضون من أنه إذا تم سن هذا القانون، فسوف تصبح 41,000 منظمة غير حكومية مصرية جزءاً من جهاز الدولة. ووفقاً لما قاله حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، لوكالة إنتر بريس سيرفس، فإنه إذا تم تمرير مشروع القانون هذا، فستعمل إن جميع المنظمات غير الحكومية في مصر في ظل الحكومة. واضاف "وسوف لا نعمل كمنظمات مستقلة، ولكن كوكلاء للدولة". وذكّر أبو سعدة بأن تدخل الدولة في شؤون المنظمات غير الحكومية ليس شيئا جديداً.. فقد استخدم النظام الاستبدادي للرئيس المخلوع حسني مبارك تشريعات قمعية واسعة النطاق بغية الحد من دور منظمات المجتمع المدني في فضح تزوير الانتخابات وانتهاكات حقوق الانسان والتعذيب. وفي عام 2002، أصدرت الحكومة القانون رقم 84، والذي تعرض لإنتقادات مستمرة نظراً لكونه يمكن الدولة من السيطرة على إنشاء المنظمات غير الحكومية ونشاطاتها. واتهمت جبهة الإنقاذ الوطني -كتلة المعارضة الرئيسية في مصر- حكومة الرئيس محمد مرسي الإسلامية بمحاولة فرض قيود أكثر شدة على المجتمع المدني في محاولة لإسكات أولئك الذين يريدون محاسبته. وقالت جبهة الإنقاذ الوطني في بيان لها أن مشروع القانون يسعى لإعادة نظام الدولة البوليسية من خلال تقنين دور الأجهزة الأمنية في الإشراف على عمل منظمات المجتمع المدني، وأن الهدف الرئيسي هو منع منظمات حقوق الإنسان من متابعة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في عهد الرئيس مرسي وأجهزته الأمنية. أما مختار العشري، رئيس اللجنة القانونية في الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمين، فقد إتهم قوى المعارضة بالفشل في قراءة أو فهم مشروع قانون المنظمات غير الحكومية. وقال إن مشروع القانون يهدف إلى تسهيل عمل منظمات المجتمع المدني و"يحررهم من القيود". وحجة العشري يصعب تصديقها. فيوضح المعارضون للقانون المقترح أنه يعامل المنظمات غير الحكومية كمؤسسات الدولة، ويعامل مديريها وموظفيها وكأنهم موظفو الخدمة المدنية. كذلك أن مشروع القانون يسمح للحكومة المصرية بالتدخل في كل التفاصيل المتعلقة بشؤون المنظمات الأهلية، من تكوينها وانتخاب أعضاء مجلس الإدارة، إلى تحديد كفاءاتهم واختيار المنظمة للإنتماء والتمويل والأنشطة. "هذا يتنافى تماماً مع ما يفترض أن تكون عليه المنظمات غير الحكومية"، وفقاً لما قاله مدير البرامج لمنظمة غير ربحية تعمل في قطاع التعليم، لوكالة إنتر بريس سيرفس مشترطاً عدم الكشف عن هويته. وأضاف، "إذا تم تمرير القانون، قد نسأل السيد مرسي أيضاً كيف يريد منا تنفيذ سياساته". وتقول عدة جماعات حقوقية أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن القانون ينص على عمليات تفتيش إداري ومالي كل شهرين على منظمات المجتمع المدني وإخضاع سجلات الزوار وتفاصيل الاجتماعات الخاصة لتدقيق من الأجهزة الأمنية. وترى الجماعات الحقوقية في ذلك خطراً وشيكاً على سرية المعارضين السياسيين، وضحايا سوء المعاملة، والمبلغين عن المخالفات. والنقطة الوحيدة المشرقة، التي أعترف بها أبو سعدة، هي أن مشروع القانون ينص على عملية تسجيل المنظمات غير الحكومية. فتحت حكم مبارك، واجهت الجمعيات غير الحكومية عقبات كبيرة في تسجيل منظماتها، وكان العديد منها يعمل في مصر بدون ترخيص -وهي حالة تسامحت الحكومة بشأنها لأن التهديد بالإغلاق أبقاها حذرة من عبور الخطوط الحمراء. ومن شأن مشروع القانون إنشاء لجنة توجيهية تتألف من تسعة أعضاء يكون دورها هو الموافقة على تسجيل منظمات المجتمع المدني. ولدى الفريق المشترك بين الوكالات صلاحية رفض تسجيل أي منظمة غير حكومية يراها تتعارض مع "احتياجات" المجتمع المصري -وهو مصطلح مبهم يقول المنتقدون أنه قد يستخدم، على سبيل المثال، لإستبعاد المجموعات التي تحقق في قضايا التعذيب أو التي تتبنى حقوق المرأة. وهذه اللجنة التوجيهية لديها السلطة المطلقة لقبول أو رفض أي تمويل أجنبي أو محلي للمنظمات غير الحكومية المحلية. وأوضح مدير منظمة تنمية مقرها القاهرة، لم يرد استخدام اسمه، أن إغلاق صنبور التمويل الأجنبي هو أسلوب استخدمته الحكومات السابقة المتعاقبة للضغط على المنظمات غير الحكومية التي تجنح إلى المناطق الحساسة. وأضاف أن الجمعيات الخيرية لديها مصادر محلية للتمويل، لكن المنظمات غير الحكومية التي تشارك في بناء الديمقراطية أو حقوق الإنسان تعتمد كليا تقريباً على التمويل الأجنبي، وبدون ذلك التمويل سيتم تقليص أو إيقاف أنشطتها. فمنذ عام 2011، تم إيقاف كافة أنواع التمويل الأجنبي عندما أطلق المسؤولون الحكوميون ضمن المجلس العسكري حملة على منظمات المجتمع المدني. في هذا الصدد، يقول أبو سعدة أنه تم رفض كل طلبات التمويل خلال العام ونصف العام الماضيين.. وقد اضطررنا لتقليص عدد موظفينا من 30 إلى 12 وإقفال العديد من مشاريعنا... معظم المنظمات غير الحكومية الأخرى في مصر تواجه مشاكل مماثلة. أما نجاد البرعي، محامي الديمقراطية ونشطاء حقوق الإنسان، فقد قال أن مشروع القانون هو بمثابة حقل الغام من العقبات وذرائع رفض التمويل. وأضاف أن المنظمات غير الحكومية التي تحاول الانخراط في الأنشطة التي تختلف عن سياسات الدولة أو فضح انتهاكات الحكومة ستجد نفسها غارقة بسرعة في مستنقع البيروقراطية والقضايا في المحاكم. وقال البرعي لوكالة إنتر بريس سيرفس انهم يستطيعون منع تمويل المنظمات غير الحكومية أو (إغلاقها) لأي عدد من الأسباب. وإذا ذهبنا إلى المحكمة .. فيجب علينا أن نوقف كل الأنشطة حتى نحصل على الحكم، وهو ما يستغرق سنتين على الأقل. هذا وقد تم تقديم المسودة النهائية للقانون المدعومة من الإخوان إلى مجلس الشورى وهو الذي يتولى السلطات التشريعية حالياً. وتخشى الجماعات الحقوقية المحلية والدولية من أن الهيئة التشريعية سوف تختم عليه بشكل أتوماتيكي ليصبح قانونا. فيحذر البرعي: ستكون تلك كارثة على المجتمع المدني.. لقد تمكنا من حشد التأييد القوي لإجراء تغييرات.. لكنه لا يزال أقل بكثير من المعايير الدولية.(آي بي إس / 2013)