هاشم كرار ليست إمرأة واحدة. مرأتان لا ترسمان- فقط- سياسة أمريكا الخارجية، في ولاية أوباما الثانية، وإنما هما تصنعان معا، هذه السياسة. استقال توم ديلون، رجل الامن القومي الأمريكي- اكبر الشخصيات التي ظلت تطارد بن لادن- فلم يتلفت الرئيس أوباما: حرك إمرأتين، في وقت واحد.. ومايجمع الإثنتين، إنهما معا، ضد المجازر. هذا زمن الفظائع. والجرائم الكبرى، والإنتهاكات المروعة، المثيرة للإشمئزاز.. زمن سوزان رايس، وسامنثا باور! الأولى، سليطة اللسان، التي رآها العالم كله، في مجلس الامن، تتكلم من مناخيرها، وهى تدق على الطاولة:" القذافي يجب ان يرحل، والناتو يجب ان يتدخل بقوة لحماية المدنيين"! الثانية، كانت تترجم- في صمت- داخل البيت الأبيض، الكلام الذي كان يخرج من المناخير، في مجلس الامن، وهى تتحدث من وقت لآخر، قريبا جدا من أذن الوزيرة هيلاري كلينتون. سوزان، لئن كانت متخصصة، في الحديث عن الإبادة، فان سامنثا الخبيرة في حقوق الإنسان، هى المعنية في الأساس بتسليط الضوء على الإبادة- أي إبادة- والتي هى عندها بتوصيفها" مشكلة من الجحيم" ومابين القوسين هو كتابها عن إبادة الأرمن. استقال- كما قلنا- الرجل الذي طار من كرسيه، يصفق حين بثت الدائرة التلفزيونية المغلقة، في البيت الأبيض، عملية اقتحام منزل بن لادن في بالكستان، ولم.. لم يتلفت أوباما: حرك سوزان رايس من (الأمم) إلى الامن القومي، وحرك سامنثا من الخارجية، إلى (الامم) مندوبة دائمة! إمرأتان، ضد المجازر.. سوزان كانت، في مجلس الأمن، تحيل النقاش في أي قضية، إلى مسألة شخصية. كانت تستحيل إلى عاصفة هوجاء، في وجه الخصيم، لتعصف به عصفا. كل المندوبين الدائمين في مجلس الأمن يعرفون ذلك، كلهم.. حتى المندوب الروسي فيتالي تشوركين، الذي انتفخت أوداجه، ذات شتيمة من المرأة سليطة اللسان،غير أنه ماكان منه إلا ليضبط أعصابه، ولسانه، وهة يرد على الشتيمة: " «سوريا ليست قضية، يمكن السكوت عنها، أو طمسها، أو حلها بمثل شتيمتك هذه يا.. يا.. ياسيدتي" ! سوزان، الآن، بتحريك أوباما، ستمارس سلاطة اللسان، من المكان الذي كان فيه توم ديلون، يخطط لقتل بن لادن، وحين تضرج الاخير في دمه، طار من كرسيه، يصفق.. تماما مثلما طارت تصفق سوزان رايس، في مكان ما، وهى ترى القذافي، يمسح الدم عن وجهه، و ينظر إلى كفه، يكاد لا يُصدقُ! ستتحدث- من مكان هو اكثر قدرة على الفعل العنيف- عن المجازر، والفظائع، وجرائم الحرب، وهى تتحدث عن الأسد، ولن تنسى- بالطبع- الرئيس البشير! سامنثا باور، في مجلس الامن، لن تستعير مناخير سوزان حين تتكلم. إنها-عادة - تتكلم بهدوء، غير أنها بكل هدوء ، تمرر أفكارها، وتسحق خصومها سحقا، وتكسب الجولة، بدم بارد جدا! إمرأتان.. واحدة لحشد العالم، سياسيا، والأخرى لحماية الامن القومي الأمريكي، في أي أي مكان من اليابسة.. في أي مكان فوق.. تحت الماء.. في أي مكان دون عرش الجاذبية.. في اي مكان فوقها.. في أي مكان أقل من سقف السماء، بقليل! إمرأتان.. الإثنتان يعرفهما جيدا القذافي، ويعرف أحدهما- تمام المعرفة- البشير منذ ضربة مصنع الشفاء.. منذ ماقبل انفصال الجنوب.. منذ ماقبل ان تزور جوبا قبل أسابيع.. منذ ماقبل اندلاع نيران دارفور.. منذ اندلاعها.. منذ ماقبل ان راحت تتهمه بارتكاب المجازر، وتطالب بتسليمه للجنائية الدولية. سوزان رايس، الان في الامن القومي الأمريكي. البشير يعرف ذلك، بأكثر مما يعرف القذافي، بالطبع!