اتهمت الحكومة السودانية حكومة جنوب السودان بدعم متمردي قطاع الشمال وقالت ان لديها ادلة مؤكدة لا يرقى اليها الشك لذلك الاتهام وارسلت من قام بتسليم تلك الادلة الى سلفاكير شخصيا .. لكن سلفاكير ممثلا لحكومة جنوب السودان قال انه لم يكن يعلم بهذا الدعم الذي استلم ادلة التورط فيه الا ان انكاره لم يفد شيئا في تهدئة الاوضاع فقد قام الرئيس البشير باتخاذ قرار بايقاف عملية تدفق النفط في انابيب الشمال بالرغم من الانكار المعلن لرئيس حكومة الجنوب . ترى هل كان هذا القرار موفقا من النواحي السياسية والتكتيكية والاقتصادية والعسكرية ؟ ان زعم رئيس حكومة جنوب السودان بانه لم يكن بعلم بذلك الدعم الذي نتج عنه سقوط مدينة ابكرشولا وترويع الامنين فيها وقتل الابرياء هو اما قولا مجافيا للحقيقة واما انه قول صادق صحيح اذ لا يوجد احتمال ثالث فاما ان سلفاكير كان يعرف ، ويبارك ، ويوجه ، بدعم قطاع الشمال ولكنه الان ينكر معرفته بذلك الدعم من قبيل الحنكة السياسية ، واما انه كان لا يعرف فعلا وان هناك اطرافا اخرى تقوم بتقديم ذلك الدعم من دون علمه حتى لا تترك مجالا لاستقرار السودان وحتى تزيد من شقة الخلاف ببين البلدين الجارين . حتى نجيب على السؤال السابق علينا ان نقرا هذا الاحتمالان في ظل معرفتنا جيمعا بوجود عدو يعمل ليل نهار ، ويسخر كل امكانياته من اجل تفتيت السودان ، وتمزيق وحدته ، وتقطيع اوصاله ، ذلك العدو هو اسرئيل التي استعانت في الماضي بموسفيني في يوغندا والذي يكن هو الاخر للسودان من العداء ما يكن حتى نجحت في اقناع الجنوبيين بضرورة الانفصال ، وتعول الان كثيرا على دولة جنوب السودان لتنفيذ ما تبقى من مخططاتها بشان ما تبقى من اراضي السودان . ان اتخاذ القرار المذكور في ظل تبنى الاحتمال الاول وهو معرفة جون سلفاكير بالدعم لن يجعل حكومة جنوب السودان تتوقف عن ذلك الدعم الذي ظلت تقدمه منذ ان تمرد الحلو وعرمان رغم ان ذلك الدعم يتعارض مع مصالحها الاقتصادية والسياسية لان ذلك يعني اما ان القرار السياسي لدولة الجنوب لااستقلالية له وانها تنفذ سياسات جهات اخرى وفي هذه الحالة فان غلق الانابيب سيزيد من حدة الموقف العسكري وسيجعل حكومة جنوب السودان اكثر انصاتا للاطراف التي تدفعها لتقديم الدعم المذكور على الاقل كرد فعل للقرار المتخذ. واما ان حكومة الجنوب حتى الان لاتعرف مصلحة شعبها ولا تهتم بالاقتصاد كثيرا وهي تقدم الدعم من اجل رغبتها في اسقاط النظام في الخرطوم لتمكين قطاع الشمال من تنفيذ مشروع السودان والقرار المتخذ سيزيد من قناعتها بضرورة ذلك وسيجعل من اراضي الجنوب ملاذا امنا للعدو الذي يحاربنا الان في العلن.
اما اذا كان الاحتمال الثاني هو الارجح فاننا نفقد باصدار ذلك القرار فرصة عظيمة وهي محاصرة الاطراف التي تعمل من خلف كواليس رئيس دول الجنوب من اجل الحاق الضرر بالسودان في ذات الوقت الذي نجبر فيه سلفاكير على البحث عن حلول اخرى لمحاولة معالجة الوضع الاقتصاي وهو لن يجد تلك الحلول الا عند دولاً تكن من العداء للسودان ماتكن وتحاول جاهدة استثمار كل فرصة ممكنة لتحقيق اهدافها واغراضها المعلنة .
ان قرار ايقاف تدفق النفط هو قرار يحتاج للكثير من الدراسة قبل اتخاذه حتى وان كان من يقوم بتقديم ذلك الدعم هو سلفاكير شخصياً وحتى لو اقرّ بذلك امام الملا لاننا نعلم علم اليقين اننا مستهدفون وان استهدافنا يتم من خلال تلك الدولة الوليدة والحل يكمن في السعي الحثيث لافشال المخططات الرامية لتمزيق السودان وذلك لان يتم بتضييق الخناق عليها ولكن يتم بمعرفة ان السياسة هو فن الممكن وان السياسة لا يفيد فيها التعامل بردود الافعال . ان دولة جنوب السودان حتى الان لا يقع عليها أي عبء اقتصادي كبير فمواطنها لا زال يعيش حياة بدائية ولا توجد لديها مؤسسات تحتاج للدعم وليس لديها جيش بالمعنى المفهوم وليس لديها بارمج اقتصادية او مرافق عامة لذا فهي لن تتاثر كثيرا بايقاف النفط او بغيره والاهم من ذلك ان لا احد يستهدفها ويجعلها مجبرة على انفاق الكثير من ميزانتها على اجهزتها الامنية والعسكرية حتى تستطيع القيام بواجباتها في حماية التراب لذا فان افضل ما يمكن ان تفعله الدولة السودانية في هذه المرحلة هو ان تكثف من عملها العكسري في الميدان في ذات الوقت التي تكثف فيه العمل السياسي والاقتصادي المشترك مع حكومة الجنوب لان الضمانة الوحيدة لجوار امن هو ربط دولة الجنوب بمصالح اقتصادية لا تستطيع ان تتخلى عنها او ان تتجالها وتتناسها في المستقبل . ان تمكين دولة الجنوب من بناء مؤسساتها ومن تحويلها لدولة متطورة وتحويل انسانها الى انسان متمدن لا يقبل ان يعيش من دون موارد ولا يسمح لحكومته ان تتلاعب بمصالحه وباقتصاده وبحياته من اجل تحقيق مصالح اطراف اخرى هو المخرج الوحيد من هذه الازمات المتلاحقة . وهو السبيل الوحيد لافشال مخططات العدو الذي يحاربنا من وراء خطوط دولة الجنوب الوليدة . والله من وراء القصد ،،،