يتنازعه- الآن.. الآن- الموت، وتتنازعه الحياة، وأنا لأجل عافيته، أصلي، تماما مثل غارسيا، مثل ويني، مثل ثابو امبيكي، مثل جاكوب زوما، مثل أحفاده مثل سجانه،مثل جيرانه، مثل أصدقائه، وأحبابه، وأصفيائه، مثل.. مثل كل شعب جنوب إفريقيا، مثل كل طلاب الحرية، في أي زمان، وأي مكان! نلسون مانيلا. لو انتصرت الحياة، سيظل رمزا في هذه الحياة، ولو انتصر الموت، سيظل- أيضا- رمزا، فطوبى لرجل تذكره الدنيا، حيا وميتا، وله في قلوب الأحرار، تذكارُ! لو سألوا الزنازين، عن اشهر سجين، لقالت: مانديلا.. ولو سألوا السلطة، عن الأشهر، الذي أتته تجر أذيالها، وهو خارج للتو من زنزانة، لقالت مانديلا.. ولو سألوها مرة ثانية، عن أى من الرجال الأوائل الذين زهدوا في السلطة قبل ان تزهد قيهم، لقالت مانديلا، ولو سألوا الحياة، عن اي من الرجال المحترمين تنازعين الموت، توا، لقالت مانديلا، ولو سألوا الموت، من تترجى مصافحته الآن، لقال مانديلا.. ولوسألوا معظم الشفاه، في (آفريكا) بل في العالم كله، عن أشهر الحروف التي تنبس بها الآن، الآن، لارتعشت الشفاه: ماندلا.. ماندلا.. مانديلا! رجال كثيرون ونساء، يجئيون إلى هذا العالم، ويذهبون، دون ان يتركوا أثرا، بين العالمين، ودون ان يتركوا ذكرى.. مانديلا جاء، ليترك ذكرى أشهر مناضل في القرن العشرين، وأشهر سجين، وأشهر رئيس يدخل القصر الرئاسي، من باب زنزانة.. أشهر زنزانة في التاريخ.. وأشهر من قال لبريق السلطة لا، وذهب لا بلوي على شئ، يحفه عن اليمين واليسار، بريق الإحترام، الأشد بريقا من بريق السلطة المخادع! ماندبلا جاء ليرسي قيما، ومن أشرف قيمه: النضال ليس لعبة، والسلطة ليست غاية، والإنتقام ليس- فقط- من أفعال الكبار، وإنما- أيضا- مفسدة، وباب يصرُّ، ينفتح على الجحيم، ولو لم يرسي مانديلا، هذا الفهم عمليا لشر الإنتقام، وهو يجسد على الأرض تعاليم الحقيقة والمصالحة، لما كانت جنوب إفريقيا دولة بلون قوس قزح، ولكان اللونين: الأسود والأبيض، يتقاتلان حتى الآن، في كل مدينة وضاحية وقرية، ولكانت النيران تلتهم اللونين، ومابينهما، التهاما.. ولما كان للرجل الذي عاش كل أيام شبابه في زنزانة، في أسوأ نظام للفصل العنصري، على امتداد التاريخ، تكثال الآن، في عاصمة الإمبراطورية التي كانت تظن ان الشمس لن تغيب عنها، على الإطلاق، لكنها غابت، ولا من أمل في.. في الحضور! مانديلا، في العناية المكثفة، معطوب الرئتين، يبحث عن أنفاسه، وأنا.. وأنا أصلي. أصلي مثل كل أحباب الرجال المحترمين في العالم، ان يجد الرجل الأسطورة مددا، وتسلم الرئة.. تسلم الرئتين. يا... يا أحباب اللرجال المحترمين، صلوا لاجل مانديلا، ولا تتركوا الموت يختال في صحبة رجل عظيم، في هذا الوقت، على الأقل.. على الأقل!