خمسة اعوام مرت منذ التوقيع على اتفاق السلام لدارفور فى مدينة ابوجا العاصمة النيجيرية التى حملت الاتفاق اسمها عقب (7) جولات من التفاوض خاضتها حركتى تحرير السودان والعدل والمساواة , كان فى وقتها يقضى اعضاء وقيادات الحركة ومواطنى دارفور جل وقتهم يتابعوت اخبار الحوار والتفاوض علها تأتيهم بجديد فيما يتعلق بقضيتهم العادلة وكان همهم الاساسى تحقيق السلام والاستقرار بدارفور , وقد قدرت فى حينها قيادة حركة تحرير السودان بزعامة السيد منى اركو مناوى ان التوقيع على ذاك الاتفاق لهو امر كفيل بانهاء معاناة اهله وانه سيوقف نزيف الدم والنزوح ولربما سيحقق بعض المكاسب المرتجاة للاقليم المنكوب , اضافة الى التشجيع الكبير الذى لاقاه عزمه على التوقيع من جانب الاممالمتحدة والاتحاد الافريقى وجامعة الدول العربية والولايات المتحدةالامريكية وهولندا ودول اخرى كثيرة . كان من الممكن لهذا اليوم ان يكون يوما تاريخيا ومفصليا فى مسيرة الدولة السودانية وكان من الممكن لها ان تصبح يوما مشهودا يحتفى به اهل دارفور وكان من الممكن لدارفور والسودان ان لايفقدوا كثيرا من الارواح لو فقط التزمت حكومة السودان بما جاء فى ذلك الاتفاق , ولكن كان حجم الخسارة والنكبة لحركة تحرير السودان التى وقعت على ذاك الاتفاق ولاهل دارفور كبيرا جدا لدرجة ان الكثيرين من قيادات الحركة يعتقدون ان عدد الذين فقدوهم من رفاقهم فى غضون الايام التى ظلوا يحاولون فيها تنفبذ الاتفاق اكبر بكثير من ذلكم الذين تم فقدهم فى ليالى الحرب والقتال , ويحضرنى انه فى ليلة من صيف عام 2009م وقبل اقتحام مدينة امدرمان من قبل ثوار حركة العدل والمساواة بما بات يعرف عندهم ب(عملية الذراع الطويل) التقينا بالرفيق مناوى فى منزله واخذنا اطراف الحديث بعيدا, وطلبنا منه تقييمه كرئيس للحركة التى وقعت الاتفاق فاوضح لنا انه يعتقد ان ما تم تنفيذه لا يتعدى 10% من الاتفاق ورغم ذلك كان الرجل مصرا على مواصلة المشوار طالما سيفضى الى سلام , ولكن بمرور الزمن اتضح له انه كان يعيش حلما جميلا ليس الا فلا سلام ولايحزنون , فقد كان للمؤتمر الوطنى برنامجه الخاص المتعلق بدارفور بوجود مناوى او بدون وجوده فأثر الرجل الا يكون موجودا ضمن دائرة هى اقرب الى الملهاة منه الى العمل الجاد , نقول هذا رغم اننا لسنا على وفاق مع الرجل فى تركه للاتفاق واختياره سبيل الحرب مرة اخرى ولكننا نظن ان الرجل كان مغلوبا على امره فلم يجد سبيلا غير ذلك . فى الجانب الآخر فقد رحل د . مجذوب الخليفة قبل فترة طويلة وهو يمثل الجانب الحكومى فى الاتفاق , وقد ابدى الرجل جدية ورغبة فى تنفيذ الاتفاق غير ان الموت لم يمهله طوبلا , فبوفاة الرجل وخروج مناوى وتغيير بعثة الاتحاد الافريقى الى البعثة المشتركة المعروفة باسم (يوناميد unamid ) اصبح الاتفاق مجرد وثيقة مكتوبة لا راعى لها ولا مسؤل عنها سوى حكومة المؤتمر فقط والتى قامت بدورها على اعادة تصميم الاتفاق ليتسق مع استراتيجيتها المزعومة وطفقت تنتقى ما ينال هواها من نصوص وتعمل على تنفيذها مع من راته مناسبا لذلك , فهى الدولة وهى السلطة وهى التى وقعت الاتفاق والبقية مجرد رعايا فقط هذا ان لم يكونوا (رعاع) حسب رؤيتها . وما تبقت من شتات التحرير بقيادة تيراب لا حول لهم ولا قوة الا الرضى ببقيايا جسد الاتفاق الذى نهشته كل من كان يبتغى مأربا بل صار اغلبهم يلهث وراء منصب حكومى يقتات منه رزق يومه . ما يهمنا فى الامر انه قد مرت خمسة اعوام منذ التوقيع على ذاك الاتفاق وهو الاجل الذى لو قيض لذاك الاتفاق ان يتم تنفيذه روحا ونصا ودون ان يحدث فيه تماطل او تعترضه عقبات انتجتها الطبيعة او بنى البشر لكانت الالوان والامزجة والمذاق السياسى لحركات الهامش عامة ودارفور خاصة لاصبحت ذات طابع آخر, خمسة اعوام مرت والكل يماطل الكل والسادة الاقوياء يصنعون المتاريس تلو المتاريس وانسان دارفور الذى اصبح الصبر المر جزاءا من ثقافاته وهو يشاهد الملهاة التى التى خلقت باسمه تنتج ملهاة اخرى وهو صائم عن الحديث وعن الفعل ويقيننا انه لو تحدث فسيكون الحديث اشتر وان فعل سيكون الفعل اكثر حدة واشد قسوة . مرت الاعوام الخمسة ولم يحدث فى محاور الاتفاق الخمسة شيئا ذا قيمة يمكن ان يحسب كنقلة نوعية او تطور ايجابى فى حياة الذين مهرت تلك الوثيقة باسمهم فملفات السلطة نفذ منها منصب كبير مساعدى رئيس الجمهورية ورئيس السلطة الانتقالية الاقليمية لدارفور التى قال عنها السيد عثمان يوسف كبر والى شمال ولاية شمال دارفور واظن ان الرجل كان صادقا حين قال : (انه حبال بلا بقر) وفى منصب كبير مساعدى الرئيس قال السيد مناوى ا(نه مهمش فى القصر وانه مساعد حله فقط ) مما اغضب الرئيس البشير , اما فى ملف الثروة فان السبعمائة الف دولار التى تحدث عنها الاتفاق تفرقت بين ايدى اهل السلطة الحقيقيين فقيل ان الصندوق نال منها قسطا وصاحب صندوق اعمار دارفور يقول غير ذلك ومفوضية التوطين يقال انها نالت نصيبا ويقول رئيس مفوضية التوطين غير ذلك ومفوضية التعويضات التى يقال انها نالت نصيب الاسد من تلك الدولارات المذكورة فان المهندس ابوالقاسم آثر الصمت بل انه ذهب معتكفا بالمملكة العربية السعودية تاركا امر المفوضية للمفوض بالانابة الاستاذ عبدالله طاهر والذى بدوره صمت طويلا ولم يستطع اى كائن ان يستنطقه او يستجلى حقيقة ما دار بخصوص تلك الاموال حتى الدعم العربى لدارفور والبالغ ربع مليون دولار فقد حدثت فيه بعض (الدغمسة) ويقال ان الاخوة العرب لم يكن امرهم اكثر من مجرد (بوبار) فقط وترك السيد حسن عبدالله برقو يلهج بذاك السمنار (اللمه) والتى لم نستبن منها الى الآن ما نستطيع ان نقول انها طفرة فى حياة انسان دارفور . ملف الترتيبات الامنية تلك (القشة) التى قصمت ظهر بعيرنا رصدت لها مبالغ مقدرة ولكن ورثة السيد مناوى لم يتمكنوا من احضار قوات بالحجم الذى ذكر ورغم ذلك فان القوات نفسها رفضت عملية الدمج لانه لم يسأل عنهم احد طيلة فترات تنفيذ الاتفاق الا حينما قرن اطلاق سراح الوظائف والمشاركة فى السلطة بانفاذ بند الترتيبات الامنية , ولم يصل لاخوتنا المقاتلين من الدعم اللوجستى غير العسكرى شىء ذى بال بكل اسف بالرغم من انهم الفاعلين الحقيقيين على الارض فآثر معظمهم الفرار بجلده او الالتحاق بقوات المقاومة الجديدة بدلا من ان يتم تجنيده لمقاتلة رفاق الامس بالرغم من ان الاتفاق ينص على ان لايزج بهم فى اتون اى صراع وان لايتم نقلهم ولا فصلهم لمدة خمسة اعوام كاملة ولكن بكل اسف فالاتفاق اعيد تصميمه بما يخدم اهداف المؤتمر الوطنى , والشىء الادهى والامر ان يمنح ملف الحوار الدارفورى الدارفورى للدكتور فاروق احمد آدم ليقوم بتنفيذه , الم اقل لكم ان الاتفاق بات اقطاعية خاصة بالمؤتمر الوطنى يمنح فيها (الحواكير) لكل من نال قسطا من رضى المتنفذين فى هذا الحزب الاعجوبة وكذا الحال بالنسبة للاستفتاء الذى سينفذه الدكتور غازى صلاح الدين العتبانى مسؤل ملف دارفور باسم مفوضية الانتخابات وقطعا فان امر الاستفتاء الادارى المزعوم امره محسوم ونتيجته معلومه للجميع , وهنالك ملفات اخرى لايمكن النطرق لها فى ظل الصورة البائسة للملفات الخمسة الرئيسية بل ان السلطة الانتقالية الاقليمية لدارفور وهى الآلية الرئيسية لتنفيذ الاتفاق قد استولى عليها المؤتمر الوطنى ونصب الشرتاى جعفر عبدالحكم رئيسا مطلقا لها وبالتالى فقد انتفيت جانب الحركة او من تبقى من اعضائها عن عملية تنفيذ الاتفاق الذى بات (يتيما) وكفله المؤتمر الوطنى ولا تسألوا عن ملف الخدمة المدنية والطلاب واللاجئين والنازحين والتعويضات والعدالة فحسنات الابرار سيئات المقربين . اعوام خمسة مرت من عمر الاتفاق ولم تتحرك دارفور خطوة الى الامام بفعل ما كبلت بعقبات وحلول امنية واستدامة الفشل ولى عنق الحقيقة وعدم تقبل النصح والراى الاخر مهما كان حكيما , وهذا حتما سيقودنا نحو حريق جديد فى دارفور تحت ظل الثورات الاقليمية لا سيما اون معظم المنكوبين القادمين من ليبيا هم من ابناء دارفور والذين بدورهم صرحت وزارة خارجيتنا الموقرة انهم ساهموا فى القتال الى جانب العقيد الليبى معمر القذافى ضد ثوار ليبيا وهذا يمثابة تحريض على قتل ابناء دارفور المتواجدين بليبيا وهم بدورهم لا اعتقد انهم واسرهم سينسون بسهوله هذه اللفتة البارعة من وزارتنا التى تهدى لهم الموت وهم داخل السودان او خارجه بكل اسف . خمسة اعوام مرت واهل دارفور تائهون فى فيافى السودان واصقاعه وفى دول الجوار وفى جميع انحاء العالم بحثا عن السلام والامان ولقمة عيش كريمه لهم ولذويهم لا لسبب الا لانهم خلقتهم الطبيعة فى ارض اسمها دارفور . مرت خمسة اعوام ومن فبلها اربعة اخريات ونخشى ان تطول امد الازمة والمعاناة , ولا نمتلك غير ان نطرح سؤالا مشروعا لاخوتنا من ابناء دارفور والحركات اما آن لكم اخوتى ان تصطنعوا حلا ولو باعادة اكتشاف الذرة مرة اخرى . عبدالقادر قدوره حركة / جيش تحرير السودان امدرمان 5 مايو 2011م