يهل علينا خريف هذا العام وقد بدأت بشرياته في بعض ولايات السودان ،والبلد تعيش سخونة في الجو والصراعات السياسية وشح في مياه الشرب أدى الى تذمر بعض المواطنين هنا وهناك...نسأل الله العلي القدير أن يجعل أمطار هذا العام بركة ونعمة لهذا البلد الطيب...ما دفعني لهذا المقال هو سماعنا للاسطوانة المشروخة من مسؤولي ولاية الخرطوم ،التي ظلوا يرددونها كلما هلت بشائر الخريف ،بأن الولاية أكملت استعدادتها لمواجهة الموسم من فتح للمجاري وردم للحفر وغيرها ،وعندما تهطل الأمطار لا نشاهد ولايتنا الا وهي عائمة في بركة من المياه ثم يبدأ بعدها مسلسل الأمراض الوبائية وانتشار البعوض الناقل للملاريا...سادتي ان الاستعداد لفصل الخريف لا يكون بالخطط العجلى والاجراءات الاسعافية ،وانما بالتخطيط الاستراتيجي لوضعية المباني المخطط لها ،ثم بانشاء شبكة للصرف الصحي وفق المعايير الدولية...قام وزير الداخلية الأسبق والي الجزيرة حاليا (البروفسير الزبير بشير طه) بعمل دراسة بواسطة احدى الشركات استعانت فيها بالأقمار الاصطناعية لرسم خرائط كنتورية تمكن من التخطيط السليم للوحدات السكنية الجديدة حتى لا تبنى في مجاري السيول ،أين هذه الدراسة؟ أم أنها الغيت بمجرد نقل الوزير الى ولاية الجزيرة؟ان شبكة العاصمة للصرف الصحي عفا عليها الزمن، فقد انشئت منذ عهد الاستعمار عندما كانت الخرطوم تساوي في مساحتها مساحة حي من أحياء واحدة من المحليات اليوم...ان من اولى متطلبات تخطيط المدن، انشاء شبكات الصرف الصحي ولكن ما نشاهده الان هو اهتمام فقط ببناء المنشئات والطرق والجسور ،دون اعتبار للصرف الصحي الذي يحتاجه الانسان في حياته اليومية ،اضافة لتصريف مياه الامطار في بلد معروف عنه غزارة خريفه ...صحيح أن الخرطوم تشهد نهضة معمارية متسارعة وبنى تحتية مهمة تم انجازها ولكن يظل هذا الانجاز منقوصا ان لم يكمل بشبكات رئيسة وفرعية للصرف الصحي تشمل أصغر الحارات وتمر بأضيق الأزقة...سمعنا عن مشروع للصرف الصحي تم الاتفاق عليه مع احدى الشركات الصينية قبل سنوات ولكن لم نر نحن سكان الأحياء الشعبية هذا المشروع في حاراتنا ...هل هذا العمل قصر فقط على الأحياء الراقية ؟أم انه مات في مهده وللحكومة أولويات أخرى غيره؟...مدينة كالقاهرة مكتظة بالسكان والأبراج السكنية لولا وجود شبكات جيدة للصرف الصحي بها ،لأضحت بالوعة من المياه الاسنة...لماذا تهمل ولاية الخرطوم مشروعا مثل مشروع الصرف الصحي وتهدر أموالها في مشاريع أقل أهمية منه...افة هذه البلاد أن مسؤوليها يهتمون بالاعمال العاجلة حتى تحسب في دفاتر انجازاتهم ولا يهتمون بالمشاريع الحيوية التي يمتد أثرها لعشرات السنين القادمة