بدأت يوم الجمعة الماضي في الدوحة و في فندق " ريترز كارلتون " أعمال مؤتمر أصحاب المصلحة حول دارفور بحضور 400 شخص يمثلون مؤسسات المجتمع المدني و النازحين و اللاجئين في إقليم دارفور و وفود تمثل الحكومة السودانية برئاسة رئيس ملف دارفور الدكتور غازي صلاح الدين و حركة العدالة و التحرير برئاسة الدكتور التجاني السيسي و حركة العدل و المساواة برئاسة أحمد تقد و وفد حزب المؤتمر الشعبي برئاسة الدكتور حسن عبد الله الترابي و الحزب الشيوعي السوداني برئاسة السيد محمد إبراهيم نقد و يناقش المؤتمر علي مدي خمسة أيام الوثيقة النهائية لسلام دارفور توطئة لاعتمادها و توقيعها بعناصرها السبعة التي تشمل حقوق الإنسان, الحريات الأساسية, اقتسام السلطة و الثروة, الوضع الإداري لدارفور, التعويضات و العدالة و المصالحة, الوقف الدائم لإطلاق النار و الترتيبات الأمنية النهائية و أخيرا آليات التنفيذ و الحوار الدارفوري. و المؤتمر دعت إليه الوساطة الدولية و هي التي جمعت هذا الحشد الكبير لكي يتداولوا و يتحاوروا حول الوثيقة النهائية التي أعدت من قبل الوساطة الدولية و هذه الفرصة لتجمع سوداني يضم عددا من الحركات و أحزاب معارضة كانت فرصة كبيرة قد فوتها حزب المؤتمر الوطني و خاصة السيد رئيس الجمهورية منذ كانت الدعوة لمؤتمر أهل السودان الذي كان قد عقد في كنانة حول قضية دارفور و حاول حزب المؤتمر الوطني أن يستفيد فقط من مخرجات المؤتمر علي أن لا تشارك القوي السياسية في الحوار مع الحركات الدارفورية مما ضيع الفرصة في حوار وطني كان يحسب للسيد رئيس الجمهورية بأنه فتح القاعات المغلقة في الحوار الذي كان يجري بين بعض من الحركات و المؤتمر الوطني و كلما توصلوا إلي نتيجة أجهضت لآن المؤتمر الوطني يرفض مشاركة الآخرين في حل مشاكل السودان و فكرة الرفض مبنية علي تصور أن مشاركة القوي السياسية سوف تضر في المستقبل بحزب المؤتمر الوطني و تعيد للقوي السياسية مكانتها و موقعها الطبيعي وسط الجماهير و هذه فكرة سلبية في الحسابات الوطنية و خاصة البلاد تواجه تحديات كبيرة و كان من المفترض أن تواجه بأجندة وطنية و لكن ظل حزب المؤتمر الوطني يحاول حل المشكلة وفقا لأجندة حزبية ضيقة مما عقد المشكلة. الغريب في الأمر أن حزب المؤتمر الوطني يوافق أن تحل مشاكل السودان عبر الساحات و المنابر الدولية و تتدخل العديد من الدول و المنظمات العالمية و يرفض أن تشارك القوي السياسية السودانية عبر حوار وطني لحل المشكلة وكان في مقدور هؤلاء القيادات السياسية في المؤتمر الوطني أن يدعو لذات المؤتمر الذي دعت له الوساطة الدولية و كان يحسب لهم و لكنهم دائما يفضلون أن تأتي مثل هذه المبادرات من العالم الخارجي ثم يشاركون فيه ثم بعد ذلك يأتي قادة المؤتمر الوطني و يتحدثون أن هناك مؤامرات دولية ضد السودان تريد أن تقسم السودان بعد ما سمحوا بأنفسهم لتدخل الأجندة الأجنبية التي تصبح جزءا أصيلا في مناقشة القضايا الوطنية خارج السودان و أن المؤتمر الوطني و قياداته هي التي سمحت بتدخل كل تلك الدول و المضحك أن المؤتمر الوطني رفض رفضا قاطعا أن يعقد حوار وطنيا جادا لمعالجة مشكلة دارفور و أن يضع كل الأجندة أمام السياسيين السودانيين علي مختلف أحزابهم إلي جانب جميع الحركات الدارفورية من أجل الوصول لحل وطني يسهم فيه الجميع. سيادة الرئيس كنت أعتقد بعد الانتخابات و التي تعتقدون أنها انتخابات أعطتكم الشرعية التي كنتم تبحثون عنها أن تتخذ أول قرار بعد أداء القسم في البرلمان أن تستقيل من رئاسة حزب المؤتمر الوطني و تصبح رئيسا لكل السودان لآن مقام الرئاسة مقاما قوميا و ليس في السودان وحده أنما في كل الدول التي تعتقد أنها ديمقراطية و رغم أن الرئيس يكون رئيسا مرشحا لحزب سياسي و لكنه يتنحي من رئاسة الحزب لكي يأخذ الصفة القومية التي تعطيها الوظيفة له و بالتالي لا يخطو خطوة إلا تحمل الصفة القومية و لا يرجع مطلقا للحزبية و لكن سيادتكم يظل مصرا صرا غريبا علي أن يكون رئيسا فقط لعضوية حزب المؤتمر الوطني و يمثل هموم هؤلاء فقط لآن خطاباتكم لا تخرج من دائرة المؤتمر الوطني و شعاراته إن الكياسة سيدي الرئيس أن تحول الشعارات التي رفعتها في انتخاب سيادتكم إلي شعارات قومية يعتقد الجميع أنها تمثله و أن الحوار الذي تجريه مع القوي السياسية بشكل منفرد كل علي حدي لا يحقق إلا البعد الحزبي في البرنامج و هو يكون أقرب للخلاف منه للإجماع لآن الإجماع يحتاج لصبر و سعة الصدر و الحكمة و هي صفات متوفرة في أهل السودان و قد جربت في كثير من الأحداث في السودان و التاريخ شاهد و خير دليل في 19 ديسمبر1955 الاستقلال من داخل البرلمان عندما توحدت الأمة جميعها علي خيار الاستقلال و هذه الفرصة قدمت لسيادتكم مرات عديدة في صينية من ذهب و لكن قصر النظر و المصلحة الحزبية الضيقة هي التي ضيعت هذه الفرص و كان الناس في أمس الحاجة لها و الأجيال القادمة. و قد ذهبت أيضا في طريق الإصرار لكي تؤكد أن سيادتكم لا يستطيع أن يفارق الأطر الحزبية الضيقة و أنت تمثل بوظيفتك القومية السودانية و كان من المفترض أن تحافظ عليها و لكن غلبت عليك الحزبية عندما ذهبت إلي جنوب كردفان لكي تساند و تعاضد مرشح حزب المؤتمر الوطني و أنت رئيسا للجمهورية و كان من المفترض أن تظل بعيدا عن الحملة الانتخابية و كان هناك العديد من قيادات المؤتمر الوطني يمكن أن تقوم بذات المهمة و لكن ذهابكم يبين حالة القلق الذي يعيشها المؤتمر الوطني من الانتخابات و أن عدم ذهاب الرئيس ربما يؤدي إلي سقوط المرشح هذا القلق هو الذي يحد من عملية التحول الديمقراطي و هو أيضا الذي يجعل المؤتمر الوطني مترددا في معالجة العديد من المشاكل و التحديات التي تواجه السودان بأفق وطني. السيد رئيس الجمهورية لقد حان الآن و البلاد تواجه معضلات كبيرة و خطيرة و سوف تكون هناك تحديات أكبر عندما ينفصل الجنوب و هذه التحديات لا يمكن مواجهتها إلا بجبهة داخلية موحدة و قوية و هي لا يمكن أن تتم إلا أذا أقدم سيادتكم بقرار مهم جدا أن يستقيل من رئاسة حزب المؤتمر الوطني و أن تعطي الموقع الذي تحتله الصفة القومية و تدعو إلي مؤتمر وطني يتحاور فيه الجميع لحل كل المشاكل التي تواجه السودان بأفق وطني فهذه الطريقة الوحيدة التي تعطي سيادتكم البعد القومي و لكن لكي تظل تقف في المنابر حامل الصفتين فإن واحدة تغلب الأخرى و دائما سيادتكم لم يستطيع الخروج من جبة الحزبية الأمر الذي يزيد تعقيد المشاكل و لا تستطيع أن تقنع الآخرين بالمشاركة أن كان في الحكومة أو في غيرها لآن نظرة الآخرين لسيادتكم لا يخرج عن النظرة الحزبية الضيقة. السيد رئيس الجمهورية أن القيادات التي تخلدها شعوبه و تحفر في ذاكرتها هي تلك القيادات التي تخرج من ثوب الحزبية إلي العباءة الوطنية و تتخذ من القرارات الصعبة و لكن القيادات التي تمحي من ذاكرة شعوبها تلك القيادات التي لم تستطيع أن تلعب أدوارا وطنية و قومية و خاصة سيادة الرئيس أن أسمك سوف يقرن بقضية انفصال الجنوب و هى قضية مهما كانت ايجابياتها فأنها تعد عملا سلبيا و بالتالي أنت ما تزال في السلطة يمكن أن تقرن ذلك بعمل أكثر ايجابية أن تجد فيه الأجيال القادمة العذر لكم بأن سيادتكم أستطاع أن يضع اللبنة و القاعدة الراسخة للسودان الحديث سودان ما بعد الانفصال و هذا لا يتحقق بالتمسك بالحزبية أنما يتحقق بالأفعال القومية التي تؤدي لعملية السلام و الاستقرار الاجتماعي و التحول الديمقراطي الحقيقي في البلاد و لا اعتقد سيدي الرئيس هناك من المستشارين الذين حولك من يقدم لك النصح في ذلك أنما هم طلاب منفعة و صاحب المنفعة لا يقامر بها و أنني إذ أقدم لكم هذه النصيحة لا طمعا في وظيفة أو منصب أو منحة أو غيرها من مغانم السياسية أنما هي نصيحة لوجه الله طمعا في وطنا أمنا مستقرا و أجيال تتدافع في تعميره و بنائه. سيدي الرئيس أن الموت في الرقاب و "لا تعرف نفس ماذا تكسب غدا" "و لا تدري نفس بأي أرض تموت" فيقولون أن الدين النصيحة و هانذا أقدمها لوجه الله أن التحديات التي تواجه البلاد من صراعات داخلية و عدم استقرار و تحديات خارجية و محكمة جنائية تطالب بالقصاص من العديد من القيادات الحاكمة و صراع داخل المؤتمر الوطني كلها مشاكل إذا لم يتم علاجها برغبة وطنية صادقة من الجميع حتما سوف تؤدي إلي تمزيق السودان و أنت بالذات قد ذكرت ذلك في العديد من خطاباتكم أن المجتمع الغربي و الولاياتالمتحدة لا يريدون خيرا ببلادنا و اتفق معك في هذا الرأي و لكن هذه التحديات لا نستطيع أن نتصدى لها فرادى أنما يجب علينا جميعا أن نستنفر كل الوطن و بكل مكوناته السياسية و الاجتماعية و المدنية و العسكرية لكي يكونوا علي صعيد واحد في جبهة واحدة و هذه لا تتم إلا إذا جاء النداء من سيادتكم بالدعوة إلي مؤتمر جامع يتحاور فيه كل أهل السودان من أجل الوصول إلي أتفاق وطني لمواجهة كل التحديات التي تواجه السودان و يمكن سيادتكم أن يضع أجندة الوثيقة التي يتحاور عليها الجميع ثم بعد ذلك تتم تشكيل حكومة انتقالية برئاسة سيادتكم لحين الدعوة لانتخابات عامة فهي الوسيلة الوحيدة التي تضع حدا لكل النزاعات الداخلية علي أن تتفق كل القوي السياسية و الحركات الحاملة السلاح أن يكون هناك وقفا كاملا لإطلاق النار يلتزم به الجميع بهدف أعطاء فرصة للحوار أن يصل إلي مقاصده النهائية. سيادة الرئيس ما يزال بيدكم الخير إذا أردتم ذلك و أيضا الشر متربص بكم و بالبلاد إذا اعتقدتم أن طريق الأجندة الحزبية هو الطريق الصحيح لحل مشاكل السودان و انتم قد جربتم هذا الطريق منذ انقلاب الإنقاذ حتى اليوم و لم يجلب لبلادنا غير الدمار و الخلاف و عدم الاستقرار و أخيرا انفصال جزء عزيز من الوطن و لسيادتكم أن يختار بين رئاسة و تاريخ لا يقرن فيه أسمك إلا بانفصال البلاد و بين تاريخ لوطن قد ساهمت في استقراره من خلال توافق أهله و الله شاهد و التاريخ هو الحكم و الله الموفق.