تقرير: ايست افريكان .. ترجمة: أحمد حسن محمد صالح بينما يستعد جنوب السودان للاستقلال عن الشمال في غضون شهر فان عليه القيام بمهام جسام لخلق مناخ مناسب للاستثمار بازالة عوائق تنظيمية. تنفيذ عقودات عمل بين الحكومة والمستثمرين يظل يشكل عقبة كبيرة فعلى المستثمر أن يقوم اولاً باجراءات قانونية يقدر عددها بنحو «46» اجراء وفوق كل هذا صعوبة تحديد حزمة القوانين اللازمة لتنفيذ التعاقدات حتى اذا تمكن المستثمر من تخطي كل القضايا التعاقدية فان عليه مواجهة تحديات اخرى مثل مشكلات الامن وفقر البنية التحتية والخدمات الضرورية مثل الماء وعدم استقرار التيار الكهربائي. تقرير دولي صدر في الاسبوع الماضي تقرير من المؤسسة المالية الدولية والبنك الدولي بعنوان عمل الشركات في جوبا في يوليو 2011م عن ايجابيات وسلبيات الولوج الى سوق العمل في جنوب السودان تأسيساً على تقييم دراسة أجرتها المؤسسات لعدد من العوامل: نظم العمل التجاري المعمول فيها حالياً في الجنوب والقدرة المؤسسية لحكومة الجنوب والنظم الضريبية الرسمية وغير الرسمية. ويقدم التقرير صورة مختلفة وخلص الى ان اجراءات انشاء وتسجيل عمل تجاري يتم «سريعاً» ولكنه مكلف «تقريباً ضعف المتوسط في شبه الصحراء الافريقية وهذا يعود الى الرسوم العالية التي ينبغي على المستثمر ان يدفعها لسلطات حكومة جوبا واخرى لاعداد هائلة من وزارات حكومة جنوب السودان. ومن المرجح ان يكون هذا التقييم مفيداً لرجال الاعمال الاجانب من شرق افريقيا واوروبا والولايات المتحدة مع ان سائقي الشاحنات والبقالين في عاصمة الجنوب واغلبهم تجار يوغنديون وكينيون ربما لا يصب التقرير لصالحهم. مصاعب ومع ذلك فان العمل المزدهر في استيراد الفواكه والخضروات والغذاءات الجافة مثل الفول والأرز يتواصل ليلاً ونهاراً في أسواق جوبا. سائق شاحنة يوغندي يبدو عليه الارهاق بعد رحلة ثلاثة أيام من شرق يوغندا قال في سوق كونجو كونجو في جوبا ان بين كل الاخطار التي عمل فيها من جمهورية الكنغو الديمقراطية الى تنزانيا فان جنوب السودان هو الاصعب ولكن أكثرها ربحاً. شاحنة «جميل كاسافا» التي كانت تحمل المنتجات البقولية تم ايقافها مرات كثيرة وهي في طريقها من يوغندا لجنوب السودان. كاسافا وهو مجرد سائق اجير ارغم على دفع «ضرائب» خمس مرات لتوصيل بضاعته القابلة للتلف الى جوبا. جنوب السودان المدمر بالحرب يعاني من التخلف ولكن اراضي هذا الاقليم الواسعة والامطار الموسمية لم تستغل بعد وهذا يعني ان الجنوب الذي تعوزه المنافذ البحرية قد يكون سلة غذاء اقليمي في المستقبل والى ان يحدث ذلك فان جنوب السودان سيظل معتمداً على التجارة مع جيرانه في شرق افريقيا وولايات شمالية مثل جنوب كردفان. وكانت حكومة الجنوب قد اتهمت حكومة الخرطوم بفرض حظر على التجارة للجنوب مما يؤكد هشاشة العلاقات بين الشمال والجنوب بينما يحاول الطرفان حل المشاكل المعلقة بينهما وابرزها تقاسم النفط والمواطنة وتقاسم الديون والموجودات قبل ميلاد جمهورية جنوب السودان في 9 يوليو. تقرير المؤسسة المالية الدولية والبنك الدولي شجع حكومة الجنوب لاجراء اصلاحات مؤسسية لتقليل الروتين والاطار القانوني على المستوى المحلي والدولة الوليدة لكي يكون اكثر اتساقاً. بينما تبدو هذه التوصيات سليمة الا ان التحديات الاكثر تكمن في البنية التحتية والفساد في الجنوب وهذه التحديات ستظل تواجه اولئك الشجعان من رجال ونساء الاعمال الذين يناضلون لابقاء اسواق جوبا مليئة بالسلع على مدار الساعة. البنك التجاري الكيني يعمل عبر «18» فرعاً في الجنوب قال مسؤول بارز في البنك ان الاقليم يواجه تحديات أمنية ورغم ذلك فان البنك يصر على مواصلة العمل في الاقليم: «ان على حكومة الجنوب ان تشجع المستثمرين للذهاب الى الجنوب» ويقول ان البنك التجاري الكيني يجد مساندة قوية من حكومة الجنوب ربما تساعد جوبا البنك الكيني بقوة ولكن المشاكل المذكورة في التقرير الدولي قد تحول دون تنفيذ جهود الحكومة لجذب مزيد من الاستثمار. «شركة فالوات» تقول انها ترغب في توسيع اعمالها في الاقليم ولكنهم ما زالوا في انتظار حلول لمشاكل مثل انعدام الأمن. المدير التنفيذي للشركة متولي صالح قال «اننا نخطط لانشاء فروع هناك ولكننا ما زلنا ندرس المناخ للتقييم وما اذا كان صالحاً. تعدد القوانين وكما جاء في التقرير الدولي فان اولى المشاكل هي الاجراءات الروتينية فرغم صياغة «19» قانوناً ذا صلة منذ توقيع اتفاق السلام الشامل الا ان الجنوب الذي يفكر في الانضمام الى مجموعة شرق افريقيا ربما يضطر الى تنفيذ هذه القوانين عندما يصبح الجنوب دولة مستقلة وعليه ان يفتح الباب واسعاً للمستثمرين ولكن القوانين اللازمة لجذب المستثمرين تم اجهاضها بوجود ثلاث حزم للقوانين: قوانين السودان التي اجازها المجلس الوطني في الخرطوم ما زالت سارية المفعول وهناك قوانين السودان الجديد التي سنتها الحركة الشعبية منذ 2005 م، وقوانين جنوب السودان التي اجازها مجلس تشريعي جنوب السودان. هذه القوانين تتعارض مع بعضها وتربك المستثمرين ومثالاً على ذلك كيف يمكن لقضاة المحاكم تطبيق قوانين مختلفة على اطراف نزاع تجاري. ويقول التقرير: «لحل اي نزاع تجاري فان بعض القضاة يطبقون قانون الشركات للعام 1925 بينما يطبق السودان الجديد قانون 2003م. عندما بدأ تنفيذ اتفاقية السلام الشامل قبل ستة اعوام قامت حكومة الجنوب باعلان عدم اهلية كل الشركات المسجلة في الخرطوم وبدلاً عن ذلك انشأت جوبا سجلها الخاص في العام 2006م وبدأت تسجيل شركات في الاقليم. ويقدر التقرير عدد الشركات العاملة في الجنوب بحوالى «9.000» وتكلفة تسجيل عمل في جوبا تبلغ 3.077» دولار مقارنة بتكلفة تسجيل شركة في كينيا لا تتجاوز «200» دولار