والي الخرطوم يدشن أعمال إعادة تأهيل مقار واجهزة الإدارة العامة للدفاع المدني    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    مصطفى بركات: 3 ساعات على تيك توك تعادل مرتب أستاذ جامعي في 6 سنوات    تكية الفاشر تواصل تقديم خدماتها الإنسانية للنازحين بمراكز الايواء    مصالح الشعب السوداني.. يا لشقاء المصطلحات!    تايسون يصنف أعظم 5 ملاكمين في التاريخ    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    نقل طلاب الشهادة السودانية إلى ولاية الجزيرة يثير استنكار الأهالي    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    دبابيس ودالشريف    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    دقلو أبو بريص    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    حملة في السودان على تجار العملة    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصعيدٌ ووعيدٌ من مجلس الحكومات
نشر في سودانيزاونلاين يوم 07 - 06 - 2011


سُودانياتٌ قبلَ قرار ٍبقابل ِالأوْطاَن
"المتاريس"
من أناشيد الموسيقار محمد الأمين
*
السبت: 4 يونيو2011
أصدر مجلس الأمن الدولي، المختص بأمن المجتمع الدولي، حكومة الحكومات، قرارا بإدانة حكومة السودان علي خرق الحقوق؛ صعّد فيه من قلق المجتمع الدولي من إفتتان الحكومة بالسلطة؛ واستخدامها بقسوة مستفزة للعمل العسكري للبطش بالمدنيين؛ وطلب إنسحاب العسكر فورا من أبيي. وبهذا التصعيد يبلغ تدويل سلام بلادنا مداه، ويقترب قرار قابله أقصاه.
لا يبدو أن الإنقلابيين الإسلاميين اللاعبين بقرار السودان يدركون مغبة هذا التصعيد الخطير الذي يستبطن توعدا ماضيا بالإجراء من أعتي سلطة حكومية في الأرض علي قضايا شعبنا ووطنه. لا تزال في جعبتهم، جهلا بواقعهم، سهام مسمومة بالكُره والإنتقام لرشق نساء أبيي وأطفال دارفور، ودفنهم أحياء، فيما تطالب تظاهرة لهم في ساحة حكومتهم مصارعي أسودٍ جائعةٍ بالمزيد من القتال وسفك الدمآء، وما لهذا تنفق الشعوب أموالها. ومع التهاب الصراع، أعلنت رئاستهم تشاورا مع مجلسها الحكومي لتغيير الدستور. لكن القضية ليست تغييرا – أي تغيير للدستور؛ أو إعلانات سلطة حاكمة ببساطة لإعادة تركيبه؛ دع عنك تعهدات رئيس علي الملأ بخلق دستور"بالتشاور".
القضية هي تحقيق الديمقراطية الدستورية بإتفاق الأمة "علي الطريقة التي ترتب بها المؤسسات الأساسية"، بنية للدولة وهوية للحكم، سياسة وتشريعا، تنفيذا وقضاءا، من واقع مجتمعنا السوداني الذي يجاهد في قوة وإصرار لإقرار ديمقراطية دستورية من صنعه، لا من تسلط جماعة متسلطة، لا تسمع إلا أصداء صوتها المقروش، مفتونة بالقروش، ومظالم قرقوش: إستغلال السلطة ونهب الوظائف العامة بالضمان، تجبرا علي الجمهور، وتعاليا علي القانون.
يستحضرالوضع برمته حاجة عاجلة لدق أعلي نواقيس الخطر، واستنفار الدول الشقيقة والصديقة والمنظمة الدولية ومجلس أمنها لتشجيع الحلول الوطنية الديمقراطية بين السودانيين المحاربين، وتجنيب السودان معاودة الحرب والدمار. الحق يقال، ما الشمال بقادر علي فرض وحدة بالقوة علي السودانيين في جنوب البلاد، وما في الجنوب رغبة لشن حرب شاملة مع الشمال لتعيد ملايين المواطنين لمعسكرات النزوح في دول الجوار، وتبدد ثروة الأوطان فيما لاطائل ورآءه. لا يحمل القتال بين أبنآء الوطن الواحد نفعا لغير أغنياء الحرب ومليشا الإنتفاع.

الحرية والعدل متاريس شعبنا
القضية في الغرب الممارس للديمقراطية الدستورية لأكثر من قرنين؛ وفي نظر ديمقراطيي الشرق الساعين لأمثالها، هي إتفاق مجتمع متعدد الأحزاب والمنظمات الجماهيرية المستقلة عن الحكومة بكافة فصائله – مثل ما عليه مجتمعنا السوداني شاءت أي سلطةٍ ام أبت – كيف يرّتب الشعب، لا الحكومة، مؤسساته المدنية والسياسية، يحدد سلطاتها وصلاحياتها، ويتفق علي إجرآءات إجازتها وإدارتها والرقابة عليها وتداول إمرتها، مع اتساع صدر الأحزاب والمنظمات للحوار، وتساوي حق الرأي والتعبير والخلاف بينها، إتفاقا كان أم إختلاف، حاكمة كانت أم معارضة.
يأتي بعد ذلك دور أفندية الدولة – تشريعيين، أو تنفيذيين، أوقضاة - خداديم ليس إلاّ للشعب، أينما يضع أشخاصهم الطبيعية أو القانونية، لا أبراجا منصوبة بإسم جماعة أو دبابة فوق الناس: "يسُومُونكُم سُوءَ العَذابٍ يُقّتٍلُون أبنَآءَكُم ويَسْتَحيُونَ نِسَآءَكُم وفي ذَلِكُم بَلآء مِّن رَّبِكُم عَظِيم" (البقرة: 141).
لنتأمل هنا في فكر ديمقراطيي الغرب، صاحب الإختراع، العامل علي ممارسته وتطويره لقرون: أين ينطلق بهم فكرهم من واقع ممارساتهم الطويلة للديمقراطية الدستورية، وتبلور الإعتزاز القومي بها علي أوسع نطاق شعبي بمكانة الدستور المبجلة، الحاوي الواعي لثوابت الأمة التي عليها اجتمع الشعب وتوطدت كلمته وتجلت معانيها. الكل غيورٌ علي مواده، حريصٌ علي إختصاصاته وسلطاته، حارسا أمينا علي صونها وعدم المساس بها.
مثل هذا السيد المحترم في سوداننا الكريم، دستور التجمع الوطني الديمقراطي، المخرج الوحيد من أزمة بلادنا المزمنة التي لن يزيدها تغيير الدستور الحالي جملة واحدة بقرار "حزب حاكم" بإنتخابات كاذبة، أو جبهة إنقلابية، أو لجنة رئاسية، إلا لهيبا وسعارا. فلنتأمل صاحبي، كيف يحس أهل الغرب بحب الحياة في ظل السيادة والعزة الوطنية. تتألق الماقناكارتا في تاريخهم علامة علي علو إرادة الشعب، وسمو يد البرلمان علي سلطان "الغلاط".
فكر الديمقراطية عدل وحرية
في المجلد الثاني من النظرية السياسية ميكافيلي إلي جون رولس، إعداد جوزيف لوسكو ولينارد ويليامز ((Losco & Williams: Roxbury, 2003، مساهمة للمفكر رولس (1971) عن معني العدل في مفهوم الليبرالية السياسية. يقول إنه "يعني الإنصاف في مجتمع يقوم علي تعددية الأحزاب والمنظمات الجماهيرية". مشددا علي الضرورة القصوي لإيفاء المؤسسات الدستورية الأساسية حقوق الموطنين أحرارا متساوين، يري في إصطراع الفكر حقيقة لا تتعارض مع حرية الخلاف: "جعل مسار الفكر الديمقراطي في القرنين الماضيين من الواضح إنعدام الإتفاق في الوقت الحاضرعلي الطريقة التي تُرّتب المؤسسات الأساسية عليها في ديمقراطية دستورية " (633).
يتبين هذا الخلاف، بشكل طبيعي للغاية، كما حقق، "في الأفكار المتجادل عليها حول الكيفية التي تعبر بها قيم الحرية والمساواة عن الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، علي أحسن الوجوه، لإجابة مطالبهم للحرية والمساواة. ربما نفكر في هذا الإختلاف علي أنه صراع داخلي بين القيم نفسها، بين التقليد المرتبط بالمفكر لوك، الذي يعطي وزنا كبيرا... "لحريات المحدثين "، حرية الفكر والضمير وحريات أساسية معينة خاصة بالشخص والملكية؛ والتقليد المرتبط "بحريات القدمآء" لدي المفكر روسو، ويعني بها المساواة في التمتع بالحريات السياسية وقيم الحياة العامة".
" ما يجب إظهاره هو أن ترتيبا بعينه من المؤسسات السياسية والإجتماعية الاساسية، يبدو أكثر ملاءمة لإدراك قيم الحرية والمساواة، عندما يُطالع المواطنون بهذا المنظور. وتشمل مبادئ العدل التي تكتنفه: أ) أن لكل فرد الحق في الإدعاء بقدر متساو للمطالبة بالحقوق والحريات المتساوية التي تنطبق علي الجميع بلا تمييز؛ و ب) الفروق الإجتماعية والإقتصادية يجب أن تُلحق بالمواقع والمناصب المتاحة للجميع تحت نفس الشروط التي توفر بها الفرص المتساوية بإنصاف، وتزلل منافعها لأكثر أعضآء المجتمع حاجة لها"، يسترسل.
لسنا في الشرق بلا دليل دهري أو راشد عملي. عندنا: لا يحق في إسلام الشرق ولا في أعرافه فرض جماعة رغباتها فوق جمهرته، ولا يبيح في فقه طرقه وتفسير علمائه تصرف فرد عن الأمة بغصب السلطة أوالتفوق بالغدر. الباطل لا يلد إلا باطلا؛ ولا يعلو علي الحق إلا الحق.
هذه يا صاحبي حكمٌ تميز السودانيين، يدركون كنهها الفلسفي العميق منذ نعومة الأظفار؛ يتعلمونها في الخلاوي والكتاب قبل المعاهد والجامعات؛ يعيشونها في مباريات الدافوري بالأحيآء؛ ويتمتعون بها في معاملات الآباء والأجداد، وعامة المشاة علي قارعة الطريق – ثقافة سودانية غارقة في الروحانيات وأخلاقيات البداوة والفطرة السليمة: لا يخلو منها مكان أو زمان في السودان الكبير. هي التي أخافت الإستعمار. ويخشي بأسها القياصرة والزبانية، لأنها الجمرة القومية المشعة بتراث الأمة من تحت رماد الظلم وتفاهة الإضطهاد.
فرقعة سياسية بمعارك عسكرية
منذ خروجهم إلي السياسة السودانية، من أخاديد الجشع وشقوق الطمع، وتسلق سراديب الحكم، إستدعي الإنقلابيون منهج تصعيد العداوة بأسلوب "الهجوم خير وسيلة للدفاع"، للإحتفاظ بهامش يتيح المناورة ورد الضغوط، وتحميل الشعب مغبة سياساتهم الخرقاء طوال حكمهم المريض. وبغزوة أبيي والبطش العسكري بعرقها السوداني الإفريقي القديم، وضع الإسلاميون الإنقلابيون مجددا مصير الوطن في كفة عفريت، بكل ما يعنيه الوضع من أخطار تحيط بالأهل والأرض. أطلق الإنقلابيون الإسلاميون فرقعة سياسية تبرر هجوما عسكريا كاسحا "لحماية الأمن الوطني وصون التراب". ولملموا أنفسهم في مجلس شورتهم الذي لا يشاور فرد فيه فردا، بل يأتي القرار رئاسيا مسبقا، يتدثر بيانا فكها.
أطلقت حكومة الحرب دعوة صريحة لتدخل الخارج في بلادنا بإشعال الحروب ومواصلة الصراع المسلح بأعلي المعدلات؛ وترويع المدنيين وضربهم بكل عنفٍ وقسوة، ضمانا لبقآء السلطة في سياسة التشبث بدست الحكم، والتمتع بمعاناة الشعب، والتطاول الشبق في فساد البنيان. خلا أن حكومة البطش بالسودانيين مصابة لا شك بأمراض البطنة وبطر السلطان، التي تهيل علي أجهزتهم أسقام الإزدراء والإستهتار، وتصم آذانهم لعدم الإكتراث بمعاناة الضحايا في دارفور وأبيي وسد كجبار.
أخرجت السلطة تظاهرة يهتف أفرادها "النصر للجيش"، في وقتٍ علمت فيه الكرة الأرضية أن عمليات القوات المسلحة في دارفور وفي أبيي لم تكن متناسبة مع حجم العدوان أو توقيته، والكل يسعي لنزع فتيل الحرب وبسط السلام. القصد إذاَ واضح: التعلل بعدوان الحركة الشعبية وادعاء تربصها بالشمال، لتسخير القوات المسلحة لضرب المدنيين الأبرياء في مدينة أبيي، من ثم إستكمال المخطط بطلب إجلاء قوات الأمم المتحدة بطلبٍ صريح، وتصويرها قوات "تدخل أجنبي" معادٍ، يستحق الإزالة، كيلا يعمل طابورا خامسا لضرب الشمال المعتدي عليه، وبهذا المناخ العدائي، يتواصل مخطط العسكرة وتهيئة البلد لحرب طويلة الأمد مع أهلنا جنوب الوطن.
ما ورآء زوبعة محلية
نشرت The Washington Times تقريرا خبريا لكاتبة أسوشياتد برس، كاترين أورلد (الأحد 29 مايو 2011) بعنوان "قوات شمال السودان ترتكب جرائم حرب"، نقرأ فيه أن الجماعة المشرفة علي مشروع الحارس الفضائي Satellite Sentinel Project"عرضت لقطات بالقمر الصناعي تثبت إرتكاب قوات الشمال جرائم حرب، تشمل التطهير العرقي، في مدينة أبيي الحدودية. حرق الجيش السوداني في صور القمر ثلث المباني المدنية في أبيي، واستخدم مستهدفا المدنيين قوة غير متناسبة".
"إدّعت الجماعة أن الأدلة المجموعة من الأقمار الصناعية ومصادر أرضية تشير في مجملها إلي ممارسة تطهيرعرقي بإشراف الدولة لكثير من منطقة أبيي المتنازع عليها. وقالت إن الأدلة أرسلت إلي المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الامن الدولي لتقييمها. والمعروف أن الرئيس السوداني عمر البشير مطلوب آنفا للمثول أمام المحكمة عن جرائم حرب في إقليم دارفور".
"إكتسحت دبابات القوات الشمالية مدينة أبيي في مايو 21، وبعثرت القوات الجنوبية التي كانت موجودة في المنطقة كجزءٍ من قوات أمنية مشتركة. تم الإستيلاء علي أبيي لاحقا علي هجوم شنته قوات جنوبية علي قافلة جنود شماليين في 19 مايو، وقصف جوي علي المنطقة ليومين. تمخض عن عملية الإستيلاء نزوحٌ لعشرات الآلاف من المدنيين الذين يعيشون ألآن في أحوال مفجعة في قري جنوبية".
"حذر مكتب Save The Children من أن موجة جديدة من العنف نزح من جرائها 35000 طفل. الأطفال الذين فصلوا من أسرهم منذ نشوب القتال معرضون لخطر محيق لإستهدافهم للإعتداءات الجنسية والبدنية، أو تجنيدهم في الصراع المسلح. وحث الممثل جورج كلوني الأمم المتحدة لتحمي المدنيين في أبيي، قائلا إن إستيلاء الشمال قصد منه قلقلة إستقلال الجنوب القادم في يوليو:" نملك الآن دليلا قاطعا علي جرائم حرب نظام الخرطوم في أبيي. قبضنا علي أدلة مرئية إكتسحت فيها القوات المسلحة السودانية مدينة أبيي ودمرتها"، صرّح.
"إبتدر كلوني مشروع الحراسة الفضائية في صُحبة جون برندرقاست، أحد مؤسسي مشروع Enough بعد رحلة إلي الجنوب في أكتوبر2010. يرمي مشروع الحارس الفضائي إلي استخدام الصور الفضائية والتقارير الميدانية للإعانة علي رصد معاودة الحرب علي نطاق واسع بين شمال السودان وجنوبه. أما برندرقاست فهو من أشهر نشطاء الغرب الحقوقيين في قارة إفريقيا، وقد عمل مديرا لمجلس الأمن القومي الأمريكي عندما كانت سوزان رايس، مندوبة الولايات المتحدة الدائمة بالأمم المتحدة حاليا، مسئولة عن العلاقات الإفريقية في وزارة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس بل كلنتن".
ملامة فوق أكمة دولية
أمامنا موجز أعدته ماجي فك عما حصلت الأسوشياتد برس عليه: "تقريراً سرياً للأمم المتحدة، يحذر من أن قيام الجيش السوداني بغزو منطقة النزاع بين الشمال والجنوب يمكن أن يؤدي إلي "تطهير عرقي"، إذا لم يتمكن الهاربون بعشرات الآلاف من المواطنين المقيمين [في أبيي] من الرجوع إلي المدينة. قال تقرير حقوق الإنسان بالأمم المتحدة الصادر بتاريخ 29 مايو، مصنفا بالسرية وعدم النقل أو النشر، إن حكومة الشمال في الخرطوم ربما نفذت خطة عسكرية معدة مسبقا لغزو أبيي إبان تحرك القوات المسلحة السودانية في 21 مايو".
"هجوم الجيش وإحتلاله أبيي والنزوح الناتج عنه لأكثر من 30000 من أفراد الدينكا نجوك يمكن أن يقود إلي تطهير عرقي، إن لم تُخلق ظروف لعودة النازحين من الدينكا نجوك المقيمين بأبيي ". في التقرير، قدرت الأمم المتحدة أن ما بين 15% و20% من مساكن أبيي حُرقت "بتدمير متعمد"، إنتهاكا للقانون الإنساني الدولي. وبهذا التدمير، ونهب ممتلكاتهم، وإشاعة الخوف والرعب في أوساطهم، أضحت أبيي، أيا ما صارت إليه، منطقة منسجمة للمسيرية".
"التطهير العرقي، يقول التقرير، سياسة متعمدة صاغتها جماعة عرقية أو دينية لإزالة السكان المدنيين أو أي جماعة عرقية أو دينية أخري من منطقة جغرافية معينة، بالعنف أو بوسائل مرّوعة. وأفتي التقرير بمحدودية إحتمال عودة كل الدينكا نجوك إلي أبيي، لما لحق بممتلكات المدنيين من تدمير وإحتلال قواتٍ شمالية للمنطقة".
تعليقنا أن المنظمة الدولية لا يبشر تقريرها بتوفر الثقة في إلتزام مسؤولي الحكم بالسلام. هاجم عسكر الجنوب رفقاءهم عسكر الشمال والقوة الدولية. لم تبادر جوبا بتطييب الخاطر. ولم تجر الخرطوم تحقيقا مشتركا مع حكومة الجنوب والمنظمة الدولية حول الهجوم؛ بل سارعت بغزو أبيي وتدمير مدينتها، ومطالبة قوات الأمم المتحدة اليونميس بمغادرة البلاد. أما حكومة الجنوب، فقد رفعت شكواها لمجلس الأمن، ورأت مصلحتها في بقاء القوة الدولية. والناتج تضاد يجعل من الأمل في توافق الحكومتين علي الحد الأدني من تسيير الأجندة المشتركة ما بعد الإنفصال أفقا بعيدا. إقترح حزب الأمة لجنة قومية للتوسط. والحل الأوفي في تعليقنا يكمن في توافر الأمة السودانية بكافة فصائلها في مؤتمر قومي دستوري جامع، ينتشل السودان مما هو قابلٌ علي القابل.
عنآء الخارج بأبيي
"عقد جون برينان، مستشار الرئيس أوباما للأمن ومكافحة الإرهاب، إجتماعات في الخرطوم هذا الأسبوع لمناقشة أوضاع الأمن المتردية في شأن أبيي. وكان برنستن ليمان، المبعوث الأمريكي الخاص، قد أدلي في جوبا بحديثٍ مفاده أن إعادة الدينكا نجوك إلي أبيي وهي محتلة ليس أمرا عمليا. إن الذين فروا بسبب الخوف لن تريحهم العودة. المفتاح الرئيس في يد القوات المسلحة بإجراءات أمنيةٍ سليمةٍ من قبل الأمم المتحدة. عندذاك يكون بمقدورالناس العودة بسلام".
جاء بالتقرير أن غزو أبيي سبقه هجوم من جنود جنوبيين في 19 مايو علي قوات شمالية وقوات تابعة للأمم المتحدة. قتل جنديان شماليان في الهجوم، وهو ما دعاه تقرير الأمم المتحدة إستدعاءا للغزو. لكن الأمر بدا "خطة متعمدة" من الشمال "كما يشهد عليه قيام القوات المسلحة ببنآء قدراتها في المنطقة قبل الهجوم. ودعا تقرير الأمم المتحدة قذف الجنوب لقوة حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية "خرقا للقانون الإنساني الدولي".
علي ضجيج قصف الأنتنوف وطرقعة الدبابات التي خلّفت عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء مشردين في الأرض، محرومين من الأوطان والديار، بلا ذنبٍ جنوه، إيماءاً إلي ما ادّعاه مشروع الحارس الفضائي من أدلةٍ فضائيةٍ دامغة، ذكرت المراسلة ماجي إن الجماعة الراصدة نسبت إلي دافيد شيفر، سفير الولايات المتحدة الخاص في أمر جرائم الحرب، رأيه: "الأدلة المأخوذة عن تصوير الأقمار الصناعية لتدمير أبيي، تعكس أعمالا تبدو خروجا علي مبادئ الضرورة العسكرية، والتناسب، والتفوق – وهي المرتكزات الأولية لقوانين الحرب".
أخيرا، في زيارة مجلس الأمن الدولي للسودان لدي وقوع الغزو، دعا المجلس إلي الإنسحاب الفوري غير المشروط للقوات المسلحة السودانية. غير أنه بعد أسبوعين لاحقين، لم تترك القوات أبيي. ويري عدد كبير من الدبلوماسيين والمحللين والمسؤولين من حكومة جنوب السودان أنه لا يوجد من يملك فعالية نافذة لحمل الشمال علي الإنسحاب". بذا أنهت المراسلة تقريرها. وقد أتينا في صدر هذا المقال علي تصعيد مجلس الأمن قراره بالإدانة والوعيد (4 يونيو 2011).
سوداننا في خطر
السؤال الشاغل لجماهير الديمقراطية والسلام الآن، في مواجهة صقور الحرب والخراب: بأي ضمان تعبث الحكومة بأمن السودان، وليس في الإمكان نظريا أوعمليا إيجاد وزن حسابي دقيق – ما تفعل كل دولة عاقلة - للتنبؤ بمدي حرص الأمم المتحدة ومجلس أمنها علي كظم الغيظ، وضبط قوات التأديب وردع الأنظمة المارقة والحكومات المستبدة علي الشرعية الدولية، وإن بدا إلي الآن شئٌ من التعامل البطئ والنوايا المكتومة بين مجلس الأمن وحكومتي الخرطوم وجوبا، خوفا علي حالة السلام المهزوز بين شمال القطر وجنوبه – ربما.
في الأثناء، يتهيأ الجنوب للإستقلال عن دولة الشمال نفسيا وشعبيا وسياسيا. لا تزيده عداوات الإنقلابيين الإسلاميين والجيش السوداني أسير سلطتهم وحملات إنتقامهم من السودانيين المساكين إلا استيقانا علي استيقان، بحُسن إختيارهم الإنفصال عن مثل تلك الدولة المنتقمة، التي تحكم السودان بالحديد والنار، وتعتقد أنها بمنجي أبدي من إنتقام الشعب الذي أسقط قبلها عشرات الأنظمة الإستعمارية وحكومات الإستبداد، وأذهب الله ريحهم وهم "لا يَشْعُرُون".
ومع حذر كثير من المراقبين من الخوض في مدي استعداد حكومة جوبا العسكري لمسايرة إستفزاز "إنقلابيي الخرطوم" ومحاولاتهم الدائبة لدفعهم لخوض حربٍ واسعة النطاق مع "الشمال"، تطيح في نهاية الأمر بأحلام السودانيين في جنوب القطر بإقامة دولة دستورية ديمقراطية حديثة، وتعاطف قوي الإجماع الوطني معها، علّها تعيد في القابل وحدة تقدمية حقيقية بين جميع السودانيين – ما من سبيل لخلق ثقةٍ في حكومة الإسلاميين، لفشلها التام في بناء الوطن علي مدي حكمها الطويل، أو حتي الإحتفاظ به مُوّحدا علي علاته، كما نجحت كل حكوماته السابقة علي تعقد إشكالاتها.
وبالرغم من تصريحات رئيس حكومة الجنوب المقدرة لرفضها التعامل بالمثل أوتبني القتال، لم يكن تحرك طرفي السلام، ولا تحرك المعارضة الديمقراطية، بالإيقاع المرغوب والحسم المطلوب لإحتواء هذا الصراع المخيف، علي كثرة ما نبأ به من عنفٍ وإنتقام. يتفاقم الصراع سياسيا وعسكريا منذرا بالمزيد من الإشتباك، ويتواصل إحتلال القوات المسلحة السودانية منطقة أبيي بأمر مباشر من رئاسة الدولة وبقية أجهزتها التنفيذية والتشريعية، بلا أدني إعتبار لموجهات دستور السودان الإنتقالي ومواده المحّرمة إطلاق النار؛ أو مبادئ إتفاقية السلام؛ وفوق كل شئ مصالح الشعب، وحقوق المواطنين الأبرياء، خاصة النساء والأطفال المستضعفين في الأرض في دارفور وأبيي.
• أي ديمقراطية تلك التي يدّعي شرفها حزب الإنقلابيين الإسلاميين العدواني، وبرلمانه التبعي، ومجلس شوراه النفعي، ورئيسه المطارد جنائيا، وطنيا ودوليا؟
• وما هي السوابق الدستورية التي تعد بتغيير يستوعب الديمقراطية الدستورية، ويُطمْئِن السودانيين والعالم من حولنا علي سيادة صوت الحكمة، ومبادئ الحق، ومعاني العدل التي يمارسها شعبنا في حياته اليومية بالفطرة والتجربة السياسية؟
لم تهنأ بديمقراطية شعبنا بَعْدُ حكومة منتخبة، ولم يهنأ شعبنا بحكومة ديمقراطية طويلة العمر، ولما يكف الإنقلابيون الإسلاميون بعد عن إتعاس السودان بخرق حقوقه، والتباهي بجبروت البطش بإنتهاكها، وشق الحلاقيم بهتافٍ لم يُشّرَد أحد من القائمين عليه مثل آلاف الضحايا في صحاري دارفور. وليس منهم من ينتمي إلي عشرات الآلاف من النازحين المشردين في أبيي. يتغذي الفقر من مأساتهم. يفترس القفر فلذات أكبادهم. ويتهدد السودان كله تدخلٌ خارجيٌ ضخيم، لا يبعد عن المخازن المتربصة بهم بطائرات الصوت والضوء... لحظاتٍ محسوبة. "أفلا يعقلون".
وغداَ يومٌ جديد.
_________________
*الأيام: متابعات يونيو 2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.