سُودانياتٌ قبلَ قرار ٍبقابل ِالأوْطاَن "السودان... ما سوف يكون" من أناشيد الموسيقار محمد الأمين * السبت: 11 يونيو2011 نري هذا الاسبوع حاجة للتفريق الدقيق ما بين الدين والدولة الدينية، والسياسة والخدع السياسية. تقف أسباب عديدة وراء الموضوع. علي رأسها تواصل اللعبة السياسية الجارية في بلادنا تحت مسميات الدين، والمبالغة في استخدامها شعاراتٍ لتحقيق أهداف حكومية حزبية، لا تندرج تحت بند القيم الروحية أو سمو المعاملات الدينية القائمة علي شرع الله الحكيم، مع الإندفاع في تطبيقها بمزيد الدجل والتدليس. ينبغي لذلك الحرص علي شيئين: 1) إقرار حاجة مجتمعنا المجبول بحب الدين وممارسته، جزءا عزيزا من تكونه النفسي بالفطرة وتكوينه الروحي وتمسكه بالإيمان، نقيا محررا من كل عبث أو إستغلال؛ و2) تقويم حاجة الدولة للدين بحساب كيان الدولة ككل، لا بمنظور جماعاتٍ أو طموحات أفراد، والإستدلال بالأبحاث والمراجع الموثقة للإحتكام إلي رأي الشعب وإرادة الجماهير، لا لإنفراد جماعة أو حاكم بالرأي والقرار. بدءا، يحسن بنا أن نقف صامدين مع مفاهيم السودانيين المتوارثة بالتاريخ والتجربة ونضالات الحركة الجماهيرية اليومية، وتمسكها الراسخ بالديمقراطية الدستورية، ومفهوم الدولة - السلطة القومية التي لا تتحيز لجماعة، ولا تأتمر بأمر حزب أو فئة، كيلا يعيبها الظلم وتتعفن بالفساد. وهذه يا صاحبي مفاهيم السودانيين الخالدة، متفقا عليها، معلقة في القلوب، مطهرة بدمآء الشهداء وحقوق المظاليم المستضعفين في الأرض من أهلنا المساكين في الجنوب وأبيي ودارفور وسد كجبار، والذين أضافت عصابة الإنقلابيين الإسلاميين بأوامر مطاريد العدالة الجنائية الوطنية والدولية لهم هذا الأسبوع 40000 مشردا جديدا من أهالي كادقلي الحسنآء، عاصمة جنوب كردفان الظليلة، في أول جولةٍ من إنتقام واليها ناهب الإنتخاب إقتداءا برئيسه "بالدستور". مفاهيم الديمقراطية والدولة الدستورية التي تتغني بها بحق تظاهرات المدن حاليا في سوريا واليمن الشقيقين، وتفديها الجماهير بأقوي المواجهات، عزلا من السلاح، أغاني محفوظة في حياة شعبنا المعلم منذ ما قبل الإستقلال. ملاحم لدي أوسع جماهير شعبنا المتشوقة للتمتع الكامل بالحريات الاساسية والحقوق الجوهرية منذ الحكم الإنتقالي التأسيسي للسودان المستقل، قبيل إعلان الإستقلال الوطني المجيد، عام 1955، إلي الحاضر المعاش. وفي سياق وعي الشعب بحقوقه، مهم جدا التركيز الجاد في الظروف الراهنة علي مخطط جماعة الإنقلابيين الإسلاميين الحاكمة لإستدامة "مصداقية الخدعة السياسية" التي بها يحكمون – خدعة التربع علي دست "حكم ديكتاتوري باطش يطبق كما يغش "شرع الله"، بأكذوبةٍ مفضوحة بما يفرضونه علي الدولة والشعب والجيش من إستبداد، تناقض شروره كل حرفٍ في وثيقة الحقوق في الدستور الإنتقالي وإتفاقية السلام وتراث السودان. ليس ما يفعلونه شرع الله الذي يعلم السودانيون تماما معناه ومغزاه منذ أن تنورت أوطانهم بالمسيحية والإسلام. إنما هو شرعهم الغشاش، الذي به لا يحق لفرد أو حزب أو تنظيم مدني أو ديني الخروج عليه، وإلا استحق التأنيب والتعذيب والجزاء علي كل الأصعدة والمستويات. هكذا! بإرادة مَنْ؟ لِمَنْ؟ وبأي شرع؟ّ! بلا حق. بشرع إنقلاب 30 يونيو 1989 وبإرادة حزبه الذي لا يعني في تاريخ الإسلام المجيد، وحاضره التليد، ونضالات السودانيين، سوي منفعةٍ لاأخلاقية ومغامرةٍ حمقآء، لم تكن في لحظةٍ ما محمودة العواقب، كونها مؤامرة طائشة للإنتقام من شعب السودان وحرمانه من إعتزازه بتراثه الكريم، وصفاته الشجاعة، وكفاحه المقدام. فحمدا لله وشكرا لله أن يزداد هذا المسخ المشوه للدين والحياة عزلة ونبذا. ولقد عاد نفرٌ من المتآمرين آنفا نادمين تآئبين، عاقدين العزم علي تصحيح ماضيهم، والوقوف في صف الجماهير الوطنية الديمقراطية العريضة، صاحبة المصلحة الحقيقية؛ المنتصرة أولا وأخيرا، مهما طال أمد المعركة السياسية المديدة لفرض الدولة السودانية بالحرية والديمقراطية الدستورية. والرجوع إلي الحق فضيلة. أما طغمة 1989 الحاكمة فهي سادرة بالإنعزال القومي والدولي في غيها، "صُمٌ بُكْمٌ عُميٌ فهُم لا يَرجِعُون" [البقرة:18]. طغمة ظالمة، تستنطق من جهلها بشعبنا وقيمه، وهماً سقيماً بمصداقية خدعتها الشائنة: الحكم الظليم بإسم الإسلام العظيم. يجب من ثّم ألا يقف العارفون مكتوفي الأيدي إزاء ما يعبث به الإنقلابيون الإسلاميون – الداخلين بالدبابة والكرباج علي أبواب السلام؛ الدخيلين بعنجهة الجاهلية وطبعها المباد. نري واجبا معلي أن تتصدي قوي الإجماع الوطني في جرأةٍ وصراحة لكل إعلاناتهم، وتصرفاتهم، وترسانة قوانينهم السارية منذ إنقلاب 30 يونيو 1989 الملعون. وأن تفند بالعلم كل قراراتهم. وتجمع في صبر ٍملفات جرائمهم البشعة في حق السودانيين، أفرادا وشعوبا. وأن تشرع في محاكمتهم شعبيا بكل إعلام ممكن؛ تحضيرا لمحاكمات رسمية أمام قضاء عادل مستقل، في يوم قريب. أكذوبة الدولة الدينية للعارفين بكُنه بلادنا، ولسآئر مثقفيها، حجة الإقرار بحاجة مجتمعنا السوداني الكريم لحب الدين. فعليهم الدفاع الصارم عن حق شعبنا المأمون بإحترام كافة معتقداته السماوية والمجتمعية، وحرية إختياره المطلق لممارسة حرياته الدينية بمختلف مصادرها وشعائرها الأصلية والإجتهادية، حقا أصيلا لا مرآء فيه. ولا مناص. مشروعية إتباع العقيدة وممارستها بلا إكراه واضحة منيرة في محكم التنزيل: "لكل ٍجَعَلنَا منكم شِرعًةومٍنهَاجَا" [المائدة:48]. وشرعيتها قريرة بالقانون الدولي الملزم في عصرنا لكل الدول والحكومات. وموجهاته الحاضة علي التحمل الديني والتعايش السلمي، إحتوت مبدأ الحق المبين "لا إكْرَاهَ فِي الدّين". وهي حقيقة الحياة اليومية المشرقة في نفوس السودانيين المسلم منهم، أو المسيحي، أوالمؤمن بمعتقدات إفريقية قديمة؛ حقيقة أزلية تسخر من جهل الباطشين وعصي رقابتهم الأمنية وفتاوي علماء ديكتاتوريتهم – ضباط شرعتهم الإنقلابية. تأمين هذه الحقيقة السياسي مكفولٌ في سوداننا القديم بإتفاقية البقط التاريخية بين ملوك النوبة السودانية المسيحيين، والمسلمين المقبلين وقتها علي التعايش السلمي بين ظهرانيهم، مواطنين مسالمين. واستمرارالتعامل السليم بين الكتابيين والروحانيين دون انقطاع في حياة الناس اليومية، برغم ما شابه من خرق جسيم لحقوق الروحانيين في عهود الدولة المحاربة التركية والمهدية، وأنظمة الإستعمار ما قبل الإستقلال، وأشباه إستبداده بعده. ولكل فردٍ معني بالحقوق، بلا تحيز أو تمييز، أن يتأمل حقيقة ساطعة أخري: أن نهوض الساحة السودانية بالحركة الجماهيرية المعاصرة لم يوظف الدين قط في تاريخها النظيف كأداةٍ للتأثير علي قرار في الدولة، أو وسيلة للإرتزاق وخدمة الحكام. هذا العبث هو بالضبط ما جرؤت عليه جبهة الإنقلابيين الإسلاميين، وما ثابرت عليه ضغمائية موغلة في الضلال. تسعي بكل ما في يديها من مال عام وسلطات لفصم الشعب عن الدين بتسوئ ممارسات الحكم وبطش أجهزته بالشعب، منهجا غثا: ينشد إغراق الدين بكل ما يحمل من سمو وعلو، في رمم السلطة وشحومها الورمة. ولا عجب؛ السلطة الراهنة وأيا ما يحقق للإنقلابيين الإسلاميين إيداعها في كفتهم هي غايتهم المثلي. ما كانت لهم في يوم حاجة للدين. تنطعوا به وتباروا. ومن صارع الدين غلبه "ما شّادّ أحَدٌ الدِّين إلاّ غلَبًه"، في حديث الرسول الأمين، المرسل "رِحْمَة ًلِلعًالمِين". يخلص الباحث سيد سراج الإسلام في تحليل سوسيولوجي عميق نشرته المجلة الأمريكية للعلوم الإجتماعية الإسلامية ((Volume 16, 2000: No. 2:97-121 "ليست هناك بينة أن القرآن يؤيد الإستيلاء غير القانوني علي السلطة من حكم مؤسس بالقانون بواسطة عسكر تائقين... القرآن قطعيا يمنع الإنقلاب علي الحكومات المؤسسة شرعيا... ولا تُسّلم الشريعة بخلافةٍ تؤسس علي الإستيلاء والتغلب والإنقلاب. السلطة النهائية لإتخاذ القرار تقع في يد المجتمع الذي عليه أن يقاوم الطغاة وغلاة السلطة تحت كل الظروف والأحوال". الديقراطية وحكم الشوري في المكتبة أبحاثٌ علمية راقية لأساتذة منهم مسلمون وبعضهم غير مسلمين حول الشوري، مبدأ الإسلام العظيم الذي مارسه المصطفي الكريم، وعَلّم به الناس أحسن السبيل لتحقيق معاني حرياتهم الفكرية، بتطبيق المشاركة الجماعية الكاملة في إدارة وجودهم، بمختلف أبعاده المادية والروحية، مع التمتع بالفردية والخصوصية. وهي بعينها للباحثين الدارسين مبادئ إنسانية مشتركة، تبنت مجتمعات الغرب المتحضر كثيرا من معانيها، إن لم تضعها صراحة في دساتيرها الوطنية والدولية، وتعكف أقوي مؤسساتهم التعليمية علي تدريسها. بحث "الشوري وأثرها في الديمقراطية–دراسة مقارنة" رسالة دكتوراة ألفها عبدالحميد إسماعيل الانصاري، ونشرتها دار الفكر العربي في القاهرة عام 1996. طريفٌ في هذا البحث القيم توافره علي شرح مفهوم الديمقراطية، قيماً تتعدي المفهوم المادي والحيز المكاني: فهي لا ترتبط ثقافيا بالغرب وتاريخه الحديث وحسب؛ ولا ترتكز علي علاقة تلك القيم بالتحولات الرأسمالية العميقة التي صار بها الغرب مجتمعات خاضعة لحركة المال والعمل، وما أفضت إليه من تشكيل سياسي وفكر علماني. ولكن الديمقراطية قيم إنسانية عامة، عرفتها المجتمعات علي اختلافها، وتناولها المفكرون من مختلف المدارس، وحققها أنبياء ومرسلون، وفي مقدمة الجميع تطبيق رسول الإسلام الكريم لمبدأ الشوري الذي يعتبره الباحث ديمقراطية صافية أصيلة. كتب الأنصاري في المبحث الثاني من مؤلفه: "ترجع أهمية الديمقراطية وضرورتها إلي أنها الطريق الوحيد للتقدم ونهضة الأمم. وفي الدول الديمقراطية نلمس آثار هذا الرقي في كافة الميادين: الفكرية والإقتصادية والإجتماعية والعسكرية والسياسية والأخلاقية... تخلق الديمقراطية الشخصيات والزعامات السياسية. ومن آثار الديمقراطية المباشرة ظهور أصحاب المبادئ والكفاءات، وإستقلال القضاء، وإستقرار الحكم وثباته، والقرارات المدروسة، وانتعاش الإقتصاد وازدهاره في ظل سيادة القانون". وفي تحقيق الباحث أن نظام العشيرة "نوع من الشوري البدائية" (41). وقد إعتبر حكومة مكة في دار الندوة قبل الإسلام متميزة "بأسلوب من الشوري بالمقارنة بالأنظمة الأخري المعاصرة لنظامها"، مع ذكره نقدها كشوري "في حدود التضامن القبلي غير الملزم للناس كافة" (44). بيّن الباحث الإختلاف في الراي حول الشوري كأمر وجوب أو ندب. وأثبت سنة المصطفي في الشوري واقتداء الراشدين به. ثم خلص إلي أن الشوري في الإسلام بالنسبة للحاكم ليست إستشارة فردية. فقد تكون في مسائل فنية خالصة، أو تشريعية عامة. والأكثر تعلقا منها بالشعب "إنما يكون في الأمور العامة المتعلقة بمصالح الأمة المختلفة، كسن القوانين وإعلان الحرب والصلح والمعاهدات وما شابه ذلك من القضايا العامة". وبيّن البحث الإختلاف في مفهوم يفضل أهل الإختيار، العقد والحل، وأولي الأمر. يرجح في إختيارهم أسلوب الإنتخاب علي عيوب التعيين. ويوضح أن إيجاد مجلس منهم للشوري لا يُغني إطلاقا عن إقرار الديمقراطية بمزيدٍ من الديمقراطية "عن طريق زيادة الوعي الذي يأتي عن طريق الحريات الحقيقية لوسائل الإعلام والأحزاب" (258). ومن أجمل ما يخلص إليه الباحث من إستعراض الأدلة الشرعية في شأن مكانة المرأة في أمر الشوري، تأكيد حق المرأة في المشاركة الكاملة في الشؤون العامة للأمة، ورفض تخوف المتخوفين علي المرأة من خوض الحياة العامة جنبا إلي جنب مع الرجل، تارة بإسم الوصاية، وتارة أخري بالتشكك في ملاءمة الأخلاق في المجتمع الحديث لأخلاق الإسلام. "البحث فيما إذا كانت أحوال المجتمع – سواء من الناحية الأخلاقية أو الإجتماعية أو السياسية – تسمح أو لا تسمح بالأخذ بنظام معين من الأنظمة، أن مثل هذا البحث لا يدخل في دائرة إختصاص علماء الدين وحدهم – إنما هي من إختصاص جميع المعنيين بالشئون العامة للبلاد"، يستشهد بآراء عليمة. عليه، "يجب التنبيه إلي أن العلاج الإجتماعي لا يكون بحبس المرأة ومنعها من مزاولة حقوقها السياسية، إنتظارا إلي أن ينصلح المجتمع. بل إن مشاركة المرأة نفسها في الحياة الإجتماعية والسياسية، عامل من عوامل العلاج المطلوب" (318). فما أبعد هذا الثرآء المترع بأجمل الآثار وأفضل الأفعال، حين نقارنه مُلزَمين بواجب إظهار الحق، ومحاربة الباطل المُتوّلي من منتزعي السلطة في بلادنا، بأقبح المعاصي وأرذل الكبائر التي يتفنن الإنقلابيون الإسلاميون في تدبيرها وتنفيذها في الدولة السودانية، وحياة شعبنا اليومية، لحقبتين. ليس آخرهذه الكبائر نهب إنتخابات جنوب كردفان بالواضح، وشن الجيش السوداني المغلوب علي أمره لخوض حرب موسّعةٍ جديدة مع قوات جنوب السودان، مواصلة لسياسات البطش بالسودانيين المساكين، وتشريد أسرهم، وقتل أبنائهم، واغتصاب نسائهم، والجلوس فوق تل الضحايا البريئة بإسم الأمن الوطني وحماية التراب والإسلام البرئ. حربٌ من جديدٍ بالطائرات "تقول الأممالمتحدة إن طائرات الميج تقذف الحدود جنوب كردفان". بهذا العنوان المخيف، نشرت Bloomberg تقريرا إخباريا (10 يونيو) لكتابها مارام مازن (الخرطوم) ومات ريشموند (جوبا). "ضربت الميج-29 والأنتينوف وحدات من قوات جنوب السودان بدخول القتال اليوم السادس في ولاية الشمال النفطية الوحيدة. لاذ بالفرار من كادقلي عاصمة الولاية 40000 إنسان من سكان المدينة المقدر عددهم 60000 مواطن، وفقا لتقرير مكتب المنظمة الدولية لتنسيق الشؤون الإنسانية (أمس، 9 يونيو) في رسالة بالبريد الإلكتروني. سُجلت عمليات نهب في كادقلي شملت ممتلكات الأممالمتحدة ووكالة للإغاثة قالت الحكومة إنها تديرها". "التعزيزات العسكرية مستمرة في كادقلي وأنحاء أخري من جنوب كردفان"، أدلي بهذا خضير زروق الناطق بإسم الأممالمتحدة هاتفيا من العاصمة القومية الخرطوم: "إننا نحث الأطراف علي إنهاء العداوات وإيجاد حل سياسي". أفاد التقرير: "إن التحرشات عبر الحدود فاقمت من القلق بمعاودة عقدين من الحرب الأهلية التي أنهيت بإتفاقية 2005 للسلام. الحدود موضع تفاوض الجانبين. إحتلت قوات الرئيس البشير منطقة أبيي المتنازع عليها في 21 مايو، وصّعدت هجومها علي ما تصفه بالمتمردين في جنوب كردفان. ولقد أجرت القوات المسلحة السودانية ومليشيات شمالية "خروقات واسعة النطاق" في الولاية، أثناء تمشيطهم المنطقة بيتا بيتا. وأقاموا نقاط التفتيش. يعترضون من يحاول من المدنيين الهروب من العنف. وقتلوا بعضهم. أعلنت هذا هيومان رايتس وتش (اليوم 10 يونيو) بأقوال شهود. وكانت القوات تستهدف مدنيين تشتبه في عضويتهم لحزب الجنوب الحاكم، الحركة الشعبية لتحرير السودان، تقول رايتس وتش". "تجاور جنوب كردفان ولايات الوحدة وأعالي النيل الغنيتين بالنفط في جنوب السودان الذي ستؤول له بإستقلاله السيطرة علي حوالي 75 في المائة من إنتاج النفط السوداني البالغ 490000 برميل يوميا. إن الخام يُستخرج أساسا من مؤسسات الصين الوطنية للبترول، وماليزيا، والهند للنفط والغاز الطبيعي. أما ولاية جنوب كردفان فتنتج حوالي 110000 برميل في اليوم... إتفاقية السلام ألزمت القوات الشمالية والجنوبية بالعمل في قيادة مشتركة للمرور علي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي، وقد كانت ثلاثتها ميدانا للمعارك إبان الحرب الأهلية". إشارة لقاعدة عسكرية، يقول التقرير"إن ضرب قرية في 9 يونيو جنوب ولاية الوحدة ربما أجري لأن بعض محاربي جيش الجنوب في قاعدة عسكرية في ذلك الموقع ينتمون أساسا إلي جماعات نوبية من جنوب كردفان. هذا ما ذكره فيليب أقور، الناطق الرسمي بإسم جيش الجنوب: "لربما اعتقدوا أن بعض الدعم يأتي من جنوب كردفان". وهو القائل: "إن الإشتباكات في جنوب كردفان تؤلب المحاربين الشماليين الذين قاتلوا مع المتمردين الجنوبيين أثنآء الحرب علي الجيش السوداني، وهم أساسا من النوبة". أما الناطق بإسم القوات الشمالية فنزع سماعة الهاتف كيلا يجيب علي السائلين، يقول التقرير. "دعا عبدالعزيز آدم الحلو، نائب الوالي السابق، "كل الشعب المهمش" في شمال السودان للنضال للإطاحة بحكومة البشير. "إن الشعب يريد الإطاحة بالنظام ليحقق التغيير الجذري في المركز لإزالة كل أشكال التهميش، بالنضال المسلح، الإنتفاضة الشعبية، العصيان المدني، الإضراب أو التظاهرات"، بيانا بتاريخ 9 يونيو. وكان الحلو قد خسر إنتخابات حكم الولاية أمام أحمد هارون المطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية في إتهامات ضده بالتورط في إرتكاب جرائم الحرب في إقليم دارفور". إنتهي التقرير. الحل: الدولة التي اعتمدها السودانيون أعلن شعب السودان للعالم في ديباجة دستوره التي أعدها التجمع الوطني الديمقراطي: "نحن شعب السودان... خارجين لتونا من حربٍ مكلفة، وممزقة ًبعضنا ضد البعض الإخر... عاقدين العزم علي تأسيس نظام يزيل المظالم السياسية والإقتصادية والثقافية والدينية والإدارية التي انتجت الشقاق بيننا... نظام يراعي وينمي التسامح والإخاء والعدالة والوئام في وطننا". تنبعث الديمقراطية دستورا ومسلكا ونظاما من كل حرفٍ بالديباجة والنصوص التالية لها، في إنسياب حر كريم. أمدت الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والإتحادات المهنية والهيئات العسكرية بعنفوان طاقاتها إجماعها الوطني هذه الوثيقة السامية بأفضل ما حملته من علم ٍوتجربة. فأصبح التجمع بحق ٍممثلا شرعيا شاملا للإرادة الدستورية لشعبنا العليم. إعتمد السودانيون تعريف الدولة كيانا مملوكا لعامة الشعب، يؤسسها تأسيسا مباشرا بالديمقراطية الدستورية، يحدد كيفيتها، وحدود أخذها بمصادر التشريع، شاملة لقيم الدين وتعاليمه الأخلاقية السامية، وتراث الأمة بكل عناصرها الفكرية والثقافية، وفقا لما تتفق عليه الأمة في دستور يستجمع مركزها وأقاليمها، ويعبر عن بالغ إرادتها الشعبية، ممثلة في كافة أحزابها ومنظماتها المدنية، واضعين نُصْبَّ أعينهم أوضاع مجتمعنا التعددية، والضرورة الوطنية الشاملة لقوي إجماعه القومي، لتمكين مواطنيه علي اختلاف أديانهم وأعراقهم وألوانهم السياسية من المشاركة الفعالة في شؤون الحكم والقيادة. إحتوي الدستور المعتمد من التجمع الوطني الديمقراطي في إبداع صيغة راقية لتعريف الدولة السودانية الحديثة "جمهورية ديمقراطية". سلطتها التنفيذية مجلس للسيادة ومجلس للوزراء. في الفصل الأول من الباب الخامس-المادة (73)-1 "مجلسا للسيادة يتكون من ثلاثة اشخاص يكونون معا رأس الدولة: 2- يتداول أعضاء مجلس السيادة رئاسته كل ستة أشهر". المادة (74) "مجلس السيادة هو السلطة الدستورية العليا في جمهورية السودان والقائد الاعلي للقوات المسلحة ورمز الوحدة الوطنية. ويتمتع أعضاؤه بالحصانة. ويقوم بواجباته بناء علي نصيحة مجلس الوزراء أو أي جهة اخري مختصة". وبالمادة (75): "لا يمارس مجلس السيادة أعمال تنفيذية". مهم جدا ذكر مواد الباب التاسع، الفصل الأول، (أ) حالة الطوارئ-المادة (194): "(1) يجوز لمجلس السيادة أن يعلن حالة الطوارئ عند حدوث مخاطر طارئة تهدد حياة الأمة أو دستور البلاد أو نظامها الديمقراطي". تحدد المادة (195) التدابير المرخصة بموجب إعلان حالة الطوارئ. وقد راعي الدستور فيها "أن تكون التدابير في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع". أما (ب) إعلان الحرب (المادة 196) فيعلن فيه مجلس السيادة الحرب "بعد موافقة المجلس الوطني ما لم تكن البلاد موضع عدوان خارجي". ويفرض الدستور التقيد بتدابير إستثنائية "تماثل التدابير التي تتخذ في حالة الطوارئ وإعلان التعبئة العامة". التدابير الإستثنائية في حالتي الطوارئ وإعلان الحرب "تعلق كل أو بعض الأحكام المنصوص عليها في الباب الرابع [سيادة حكم القانون وحقوق الإنسان]، علي أنه لا يجوز إتخاذ إجراء أو تدابير تقوم فقط علي التمييز بين المواطنين بسبب العرق أو اللون أو النوع أو اللغة أو الأصل الإجتماعي. كما لا يجوز مطلقا المساس بحق الحياة أو منع التعذيب أو منع الرق والسخرة أو منع السجن للعجز عن الوفاء بأي إلتزام تعاقدي، أو التجريم بأثر رجعي او الإعتراف بالشخصية القانونية للإنسان أو حرية الفكر والوجدان والدين او حق التقاضي". حكومة مارقة ٌعلي الديمقراطية والشوري تعالوا قرائنا الكرام نري ما تفعل حكومة الإنقلابيين الإسلاميين بتراث السودانيين وديمقراطيتهم والشوري بينهم. قال الدستور الإنتقالي الذي يلزم الحكومة بتطبيق كل بنوده في الباب الأول، الفصل الأول، الدولة والدستور، طبيعة الدولة، المادة (1) 1- "جمهورية السودان ... دولة ديمقراطية". حسنا. ما أوصافها؟ ناخذ للمقارنة تركز السلطات التنفيذية وشئ غير يسير من الصلاحيات التشريعية والقضائية في يد "رئيس الجمهورية". منها حسب المادة (58) إختصاصات رئيس الجمهورية، إنه "هو رأس الدولة والحكومة ويمثل إرادة الشعب وسلطان الدولة"ّ، وبالتالي"يصون أمن البلاد ويحمي سلامتها، ويشرف علي المؤسسات الدستورية التنفيذية والقضائية، ويعين شاغلي المناصب الدستورية التنفيذية، ويقدم نموذجا للقيادة في الحياة العامة، ويعين شاغلي المناصب الدستورية والقضائية، ويرأس مجلس الوزراء القومي، ويدعو الهيئة التشريعية القومية للإنعقاد أو يؤجل إنعقادها أو ينهي دورتها، يعلن الحرب، يعلن أو ينهي حالة الطوارئ...إلخ". رئيس الجمهورية إذاً (كل شئ) في الدستور الراهن، الدولة والسلطة والقدوة! لا يتقيد بمبادئ شوري، ولا يرتكن وجوبا لهيئة شعبية في قراراته الملزمة لكل أجهزة الدولة التنفيذية والقضائية والتشريعية. إنه سلطان سودانه، وقرقوش زمانه. ويا لها من مهزلةٍ كبري. السكوت عليها غير مقبول. ناهيك بمن شارك في صياغة ما جآء بها من إختصاصاتٍ خربة. ومَنْ أجازها، أو بصم عليها، فلم يدون للتاريخ معارضتها كما فعل معارضون ديمقراطيون، ولم يرفض إستبداديتها إلي اللحظة، ليبقي إثمها علي رقبته أمام شعبنا إلي حين... إن إستمرارالدستورالإنتقالي وثيقة شرعية في بلادنا ضلالٌ ما بعده ضلال، وتزييفٌ رخيص للديمقراطية والشوري، وترخيصٌ مفتوح علي مصراعيه ليواصل الإنقلابيون الإسلاميون بهذه الإباحة غير المسبوقة جريمة التمتع بغش الشعب بأكذوبة دولتهم الدينية، وإخراج المواطنين الآمنين في كل يوم من ديارهم الوادعة بالجيش السوداني المغلوب علي أمره، برغم ما يتمتع به من قوةٍ وعتاد، للبطش بضحاياه من السودانيين المساكين، وتحريم المشاركة السياسية الفعالة علي أحزابهم المقتدرة ومنظماتهم المستقلة، والمصادرة الناجزة لحركتهم الجماهيرية. وليس من خيار سوي تشديد النضال لفضح صرح هامان وإزالته نهائيا عن الدولة السودانية والعبث بأديان البلاد. وغدا يوم جديد. __________________ *الأيام: متابعات يونيو 2011