قيل من يضحك اخيراً ، يضحك كثيراً ، وقيل ايضاً فى الامثال السودانية خير البلية ما يضحك . ان احداث أبيى الاخيرة كانت بصمة واضحة للمجتمع الدولى بخرق اتفاق السلام الشامل ، ان كانت من الحركة التى يرى البعض بانها المبتدر باطلاق النار ، رغم انكارها ذلك ونسبه لمجهول ، او الجيش السودانى الذى دخل ابيى رداً على الاستفزازات المتكررة التى يقوم بها بعض افراد جيش الجنوب على عناصره المتواجدة بالقوة المشتركة بأبيى . دخل الجيش أبيى تحت دعم جوى كثيف من طائرات اف 16 وطائرات الانتنوف الروسية الصنع ، الى جانب عدد كبير من ما يعرف بقوات الفرسان عند حكومة الخرطوم وما يعرف بالجانجويد والرحالة عند الفور والجنوبين ، حدثت احدث يقشعر لها البدن عند سماعها ولا يصدقها المواطن السودانى العادى ، خاصة فيما يتعلق بطريقة قتل المواطنين والتمثيل بجثثهم كعلامة على النصر ، بل اكثر من ذلك فصم رؤوس العديد من الجثث ووضعها بسيارات الجيش مناظراً لتاكيد النصر المزعوم الى آهالى المجلد . كل هذه الحقائق وصلت من بعض العائدين الى أبيى وهم فى طريقهم راو كل هذه المناظر البشعة التى لا تدل المجتمعات السودانية سوى على التطهير العرقى اشبه بما حدث برواندة سابقاً. ان المجتمع الدولى الذى ارغم الطرفين للجلوس لطاولة المفاوضات ، ابدى انزعاجه من كل هذه التصرفات التى تجرى على الارض بأبيى والتى تجعل امكانية انهيار السلام الهش الذى عاشه السودان خمسة اعوام . جاءت حكومة البشير بمقررات جديدة )لانج( مفصلة على مقاسها وملبية لرغبات وتطلعات الدريدرى والجنجويد ، عارية تماماً عن حقوق دينكا نقوك المسلوبة. من بينها تبادل السلطة بأبيى ما بين المسيريى ودينكا نقوك ، الامر الذى رفضته حكومة الجنوب قبل تقديمه لها ، ورفضه كذلك ابناء دينكا نقوك الذين يعدون وجبة دسمة للمؤتمر الوطنى بمطابخ عفواً بمحاكم لاهاى جملة وتفصيلا ، فاين كانت هذه المقرارات حينما جاء الدكتور رياك مشارنائب رئيس حكومة الجنوب لنزع فتل الازمة ، اكانت بالانعاش والعناية المركز بمركز الدريرى الفكرى ، ام كانت باحدى جيوب المسئولين تتوارى وتغطى وجهها خجلاً . رمى المك نمر المحتل بلغيونه ، كانت تعبيراً عن غضبه وسخطه للطلب تقدم به رجلا غريب الوجه واليد واللسان ، ذلك الطلب الذى ترفضه جميع الاعراف والتقاليد السودانية ، فهل يقبل البشير فى ان يحكم شندى احد ابناء دينكا نقوك تزامناً مع حكم الجنجويد لابياى ؟ وان قبل فاهلها لن يقبلوا حتى ان كان البشير رئيساً لامريكا لانهم سيعتبرون ذلك استفزازاً فى ان يحكمهم عبد جنوبى كافر ، بالمقابل فان دينكا الجنوب عندما يحكمهم بأبيى آحد قتلة الاباء والاجداد وسالب الابقار والاملاك الا يحق لهم ان يعتبروا ذلك استغلال واستعمار عربياً ، ماذا لو طلب هؤلا ان يحكموا المجلد معقل المسيرية ترى هل يقبلون بذلك سيدى الرئيس عمر البشير ؟ بما ان هذه المقررات مرفوضة فعلى المشير عمرالبشير ان )يبلها ويشرب مويتها( على حد تعبيره لانها لا تصلح حتى للجلوس والاستماع اليها ناهيك عن التفاوض بشانها ، فاذا اراد المؤتمر الوطنى التفاوض فعليه الخروج من أبيى من دون اى شروط ثم عودة سكانها اليها سالمين ، ثم يمكن بعد ذلك الجلوس للتفاوض هذا اذا ما كان يوجد ما يمكن التفاوض من اجله بعد كل ، اما غير ذلك فعليه ان يتحمل نتائج عناده ولا عذر لمن انذر. الدخول الى أبيى كان سهلاً ميسرا ولكن الخروج منها الان صار صعباً معقدا ، لان الجيش ان خرج منها اليوم او غداً ماذا سيقول للمواطنين الذين اقنعهم بان أبيى شمالية مائة المائه ؟ ماذا عن التهليلات والتكبيرات التى اطلقونها بلحظة ونشوة الفرح ؟ ماذا سيقول للمسيرية عن وعده لهم بمنحهم أبيى ؟ كل هذه الاسئلة وغيرها سيجعل الشعب يفقد ثقته بالحزب الحاكم وربما يثور عليه كما يحدث بالعالم العربى ، فيمضى بعض اركانه الى لاهاى معززين مكرمين ! لذلك لن يخرجوا الا بتوفر شروط امنية على حسب تعديل حديثهم رفض الخروج فى السابق بعد قررات مجلس الامن الاخيرة الخروج الفورى من دون شروط . الاقتراح الثانى هو البقاء بأبيى كسباً للشعب وتكاليف ذلك باهظة لان العمل بهذا الاقتراح يعنى مواجهة مجلس الامن وحكومة الجنوب لاحقاً ، فمجلس الامن بعد قرار الخروج قد يتحول الى البند السابع لحماية المدنين بأبيى عندها سيرسل رتلاً من الجنود والطائرات والصواريخ العابرة ، للجم الحكومة وتاديبها ، ومنحها دروساً فى كيفية التعاطى مع النظام الدولى ، ومتى يكون الانصياع له . ولن يكون امام الحكومة سوى ان تفتح ابواب السودان للعرب الافغان وفصائل حماس ، الباحثون عن جنة الفردوس لياتوا لنجدتها ، ومقاتلة العلوج الامريكان والطراطير الانجليز ، فلا تندهش بعدها اذا سمعت بسيارة مفخخه تنفجر بدارفور او جبال النوبة ، ليصبح السودان عراقاَ اخر وصومالاً ، اما الخال العزيز الطيب مصطفى فسيكون عليه ان يحمل ما خف وزنه وغلا ثمنه ويتجه صوب الجبال الافغانية ليبحث له عن جحر او كهف يختبئ فيه بعيداً عن اعين لاهاى ، فهو يصلح فى ان يكون اعلامياً ناجحاً للقاعدة بما يمتلك من كراهية. اما اوكامبوا فقد اطل براسه من تحت جزمة البشير مبتسماً بعد ان تنفس الصعداء بقرار مجلس الامن الاخير .