كغيري من الذين لم يصدقوا وحتى اللحظة بأن الزمن أخيرا سمح بان يجود علينا بأمتار معدودة من المليون مربع السودانية المتنازع عليها لتكون لنا سكنا ومأوى في المستقبل نعيش فيه بقية العمر إن كان في العمر بقية, طبعا لم اصدق الخبر وقتها رقم أنني كنت من ضمن الذين أكملوا كل الإجراءات المطلوبة منذ بداية التقديم وقد كتب على ملفي (ملف كامل) ومنذ وقتها والجميع في دوحة الخير على خط التماس الكل يترقب وينتظر بكل حرص شديد لحظة وصول وفد توزيع الأراضي الميمون ,ولم تمض أشهر قليلة حتى أتانا الخبر المنتظر بان على جميع من تقدموا للاستحقاق السكنى بمنطقة الوادي الأخضر الإسراع بإكمال بياناتهم وتسديد الرسوم المطلوبة وذلك بالمدرسة السودانية بحي الغرافة بمدينة الدوحة وذلك قبل يوم الأربعاء القادم . ومنذ لحظة الإعلان عن الخبر انطلقت ثورة في وسط المغتربين الغلابة في الدوحة عنوانها سحقا للكماليات ونعم للضروريات فقد اشترك الجميع في مارثون حقيقي من اجل البحث المبلغ المطلوب وتجهيزه بشتى الطرق وعدم تفويت هكذا فرصة والتي قد لا يجود بها الزمان مرة أخرى للكثيرين من أبناء الغربة الكادحين فالنسبة لي كان أول المشاوير الانتحارية هو الذهاب إلى مكاتب امن العاصمة للتسجيل من اجل بيع شوية الغويشات المدخرة ونسيان موضوع زينة المرأة واللاذى منه ؟ المهم وأنا في طريقي إلى اغتراف هذه الجريمة المفروضة على وعلى أمثالي من المغلوبين على أمرهم وقفت قرب مكاتب التسجيل وتلفت يمنة ويسارا لعلى أدارى فعلتي وفجأة أحسست بنفسي وكأني في السوق العربي الخرطوم لان جميع من كانوا حاضرين هم من الإخوة السودانيين الذين أجبرتهم حاجة الزمن الغلاب لبيع مايكتنزون من ذهب وفضة مثلى تماما فالجميع كان يراوده حلم التمدد في خلاء الوادي الأخضر الناعم وتتويج مصابه الطويل من شقاء وعناء السنين بمأوى يستره ويستر عياله ولطرافة الأمر فقد سألني احد الإخوة القطرين الذين يعملون في مكاتب التسجيل باندهاش عن الشئ الذي دفع كل السودانيين وفي هذا اليوم بالتحديد وبهذه السرعة إلى اتخاذ هذه الخطوة الجريئة وبيع ما يملكون من ذهب فأخبرته عن الأمر فسكت برهة ثم قال باستهجان كيف يارجال وأنا أدرى إنكم تعيشون على ارض مساحتها مليون ميل مربع ؟ سؤال واضح وصريح لمن يعرفون عن جغرافية السودان الغنية ولكنني اجزم بأن معظمنا هذا إن لم يكن جلنا تصعب عليه الإجابة على هكذا سؤال ولكنه واقع الحال الذي يؤكد المقولة السائدة بان الرجل منا يعيش نصف عمره جاهدا ومرابضا من اجل الحصول على قطعة ارض ويقضى النصف الآخر على جمر ويلات وعذابات تكاليف البناء . هذا السرد يقودني إلى ثمة سؤال غامض ومحير ليس لي وحدي ولكنه أمر يشغل بال الجميع عن ماهية وخصوصية القوانين التي تجعل من الدولة المالك الأول لهذه الأراضي ؟ وعن قانونية وشرعية هذه القوانين وأسانيدها الشرعية؟ وما هي مصادرها ؟إضافة إلى ما هي البنود والتشريعات التي تخول هذه الجهات المسئولة بتقدير المبالغ المفروضة على مستحقي هذه الاراضى ودرجة التناسب مع قدراتها المالية أتمنى أن أجد الإجابة المقنعة من أصحاب الاختصاص في هذا المجال لان الإفادة في هذا الشأن تعنى تحقيق مبدأ التراضي بين البائع والمشترى وهذا لعمري باب عريض من أدبيات ديننا الحنيف. ما دفعني إلى سرد هذا الموضوع هو نيتي الصادقة في الإجابة على سؤالي المذكور بالإضافة إلى تقديم الشكر الجزيل لكل الموظفين والمشرفين الذين قاموا بعمل تكملة الإجراءات الخاصة بأراضي الوادي الأخضر للمغتربين بالدوحة ......ولكم الرأي