لقد تحدثنا فى مقال سابق ان الانظمة العربية الكرتونية التى تحكم الان لا تستطيع مهما حاولت ان تدافع عن تراب بلدها ولا عن مواطنيها الامر الذى يجعلها كما هو مشاهد عرضة لاى هجوم خارجى هذا ان تركتها الثورات الداخلية بأمان ,لذلك تنشغل هذه الانظمة بتثبيت اركان حكمها المنهار سلفا ضد اى تحرك داخلى لان العدو اصلا هو المواطن فى نظر هؤلاء وليس القوات الخارجية التى تحركها اجندة خاصة تتعلق بمصلحة بلادها ومواطنيها بالدرجة الاولى . فلا عجب ان قامت امريكا او اسرائيل بضرب دولة اخرى فى سبيل حماية المواطنين الامريكيين او الاسرائيليين لان ذلك من صميم واجبات رؤسائهم الذين ينتخبونهم بالاختيار وليس بالتزوير , ويدخل تحت بند الحماية هذا حتى المواطنين الذين صوتوا ضد الرئيس الفائز لان العبرة بالمواطنة وليس بالموالاة او المداهنة, لذلك هم فى الحق سواء , ويقوم كل طرف بحفظ حقوق الطرف الاخر , فالمواطن يقوم بكل واجباته تجاه الدولة من خلال الانتاج والمساهمة فى بناء الدولة صناعيا وسياسيا واقتصاديا. وتقوم الدولة بتوفير الخدمات الاساسية للمواطن مثل التعليم والصحة والامن والوظيفة وجميع الاساسيات التى تعتبر حقوق واجبة للمواطن وليس هبة او منة من الدولة تتبجح بها اجهزة الدولة الاعلامية ويتطلب افتتاحها حضور الرئيس , ولذلك تنعم بلادهم بالامن والاستقرار ويشعر فيها المواطن بقيمته الحقيقية , بل ويهاجر اليها كل مواطن بائس وتعيس فى بلده, لا يجد من حكومته الا الاذلال والتنكيل والقمع ومصادرة الحريات ونهب ممتلكات الشعب والمال العام وتغلغل الفساد الادارى والاخلاقى .ونتيجة لهذا الوضع التعيس فى الدول العربية اندلعت هذه الثورات المباركات من عمق الشعب وخاصة الشباب الذى فقد كل امله فى اصلاح بلاده من قبل هذه الانظمة الفاسدة .شباب لا تحركه اجندة خارجية ولا يرهن ارادته لقوى عظمى كما تفعل حكوماتنا .شباب صار لا يميز بين الموت والحياة فالأمر اصبح عنده سيان ,يهئ نفسه للخروج كل صباح ضد حكامه ويعلم سلفا بأنه سوف يقدم شهداء ولا يثنيه شئ عن ذلك لأنه يعلم ان الموت فى سبيل حقوقه وعلى مرآى من العالم افضل له من ان يموت فى زنازين سرية ومن دون ان توجه له اى تهمة سوى انه معارض للنظام فقط وانه يعمل على تقويض الدستور كما يقولون ,هذه الدساتير التى لم تحفظ هيبة الدولة واصبحت اداة للتغول على المال العام واستحواذ فئة بسيطة من شذاذ الآفاق على الثروة والسلطة ومصير البلاد والعباد . وعلى العكس تماما فان الدستور فى الدول المتقدمة يعتبر ملزم للجميع حاكما ومحكومين , على سبيل المثال هذه دولة اسرائيل التى نكن لها كل العداء ,فقد حكمت احدى محاكمها على الرئيس السابق موشيه كاتساف فى بداية هذا العام بالسجن 7 سنوات بتهمة الاغتصاب والتحرش الجنسى من موظفات عاديات.وقبل سنتين قدم ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلى استقالته بسبب تهم بالفساد وجهت اليه وتمت محاكمته امام الناس والاعلام. ومن قبله نتنياهو فقد تعرض للتحقيق عدة مرات ومداهمة الشرطة الاسرائيلية لمنزله بسبب ان زوجته قامت بترميم شقتها على حساب الدولة وهو ممنوع فى القانون الاسرائيلى عندهم ,وهذا اسحاق رابين الرجل الاشهر فى اسرائيل فقد نشرت عنه صحيفة هآرتس الاسرائيلية معلومات تشير الى امتلاك زوجته حسابا مصرفيا فى احد البنوك الامريكية عندما كان سفيرا فى واشنطن مما يعد انتهاكا لقانون الرقابة على العملات الاجنبية الذى كان مطبقا آنذاك وتم تغريم زوجته مبلغا كبيرا من المال وتقدم هو باجازة لانه لم يستطع ان يستقيل من حكومة انتقالية آنذاك.هذه نماذج بسيطة من اكبر دولة ارهابية فى العالم ولكنها دولة المؤسسات والعدل ودولة القانون التى يتساوى فيها الجميع امام القانون ويأخذ كل ذى حق حقه دون ترهيب او تخويف من اجهزة امن او بلاطجة , لذلك فقد هزمت هذة الدويلة اكثر من عشرين دولة عربية عسكريا وسياسيا وامنيا واقتصاديا, فالعدل والمساواة هى اساس متين لأى حكم ولا يرتبط بآيدلوجية معينة فالحاكم العادل ينصره الله ولو كان كافرا والحاكم الظالم يخذله الله وان كان مسلما وهذا ما نراه فى حكامنا الذين اصبحوا مهزلة تاريخية ,ترتسم على وجوههم الذلة والخوف اينما ذهبوا وتتعرض دولهم لكل انواع الابتزاز والتدخل الخارجى السافر . لقد كشف هذا الشباب الثائر كل اقنعة الكذب والنفاق من حكام الممانعة والتصدى والقسم المغلظ,واصبح ظاهرا للعيان مدى التعامل الرسمى والمخابراتى بين هذه الحكومات وبين امريكا واسرائيل التى يتشدقون بشتمها امام التلفاز وامام الجماهير . لقد اظهرت هذه المعانات التى تمر بها الشعوب العربية جيلا جديدا من الشباب لا ينتمى للبيوتات الكبيرة التى اختزلت صفة المعارضة اسما وصفة وليس عملا وانجازا مثل ما تقوم به جميع الاحزاب المعارضة فى الدول المتقدمة من تقديم ما هو افضل للمواطن ومنافسة الحزب الحاكم فى تقديم الخدمات والتسهيلات للمواطن لتحفيزه وجذبه فى كل انتخابات تقوم وليس بالاعتماد على التركيز فى مساوئ الحكومة فقط من غير ان تقدم البديل الافضل, لذلك هب هذا الشباب بمعزل عن المعارضات الهلامية التى كان معظمها يعيش فى كنف هذه الحكومات ليطيح بهذه الانظمة الفاسدة وبوكلاءها , وليرسم واقعا جديدا لأمته يخرجها من التبعية المذلة والاستعمار المحلى من قبل هذه الانظمة ويبعث فيها الأمل بان يعيدها الى مجدها وحضارتها ومكانتها الأولى بين الأمم .شباب أكد بان الخوف هو اكبر معيق للانسان نحو التقدم والازدهار, وهو اكبر مكبل للمرء من ان يشعر بانسانيته ويطالب بحقوقه ويعيش حياة كريمة ,لذا كانت اول خطوة هى التصدى لهذا الخوف وازاحته من صدور الناس ولا يأتى ذلك الا بمواجهة كل وسائل انظمة القمع والاستبداد من القتل والتعذيب وسفك دماء الابرياء كما قال الشاعر : وللحرية الحمراء باب ,,,,, بكل يد مضرجة يدق وكما قال الزعيم الأزهرى (الحرية نور ونار فمن اراد نورها فليصطلى بنارها) , ومما يجدر الاشارة اليه فى هذا الصدد اقوال الزعيم الافريقى المسلم مالكولم اكس مؤسس منظمة مسجد المسلمين ومنظمة الوحدة الاقريقية الامريكية حيث قال :(ثمن الحرية هو الموت واذا لم تقف لشئ فسوف تقع لأى شئ , ولن تستطيع فصل السلام عن الحرية فلا يمكن لأحد ان ينعم بالسلام ما لم يكن حرا) وصدق قولا وعملا اذ ضحى بحياته ثمنا للحرية التى ينعم بها الافارقة اليوم فى اميركا