أحداث ومؤشرات [email protected] مجريات ووقائع النشاط الاقتصادي في السودان بعد الانفصال وضعت بنك السودان، في وضع حرج، بل وصعب جداً، وخف الحمل على وزارة المالية، بل الأحرى تملصت بعد أن أجاز البرلمان الموازنة البديلة مؤخراً، وهي ميزانية مبنية على توقعات نتائج مفاوضات حكومة السودان وحكومة الجنوب في القضايا الاقتصادية العالقة، والمتمثلة في موقف العملة، وترحيل نفط الجنوب، والتجارة البينية، وتداخل النشاط الاقتصادي، وبذلك تكون ميزانية (مجهولة) أي بها نسبة جهالة عالية، ولذلك إن كل الذي يحدث في الحراك الاقتصادي السالب هو نتاج جهالة تقديرات الموازنة. بنك السودان المركزي وبسبب عدم تسوية قضية العملة، ألزم بطباعة عملة جديدة وبسرعة فائقة، ثم بدأ مهمة استبدال العملة الجديدة بالقديمة، وقبل اكمال هذه المهمة التي تنتهي في الفاتح من سبتمبر المقبل، جاء على صدر أخبار الصحف، خبراً عن تزويرها أو تزييفها مما يعني أن العجلة في الطباعة جعل الميزات التأمينية ضعيفة، وسهل مهمة مخربي اقتصاد الشمال وهم كثر يرسلون تلك الإشارات والرسائل. بنك السودان وهو في أمس الحاجة إلى النقد الأجنبي لإنشاء احتياطي مقدر منه لمواجهة متطلبات البلاد والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، وفي ذات الوقت تفقد البلاد البترول بسبب الانفصال، وتفقد حصائل صادرات المواشي، وصادرات المحاصيل على قلتها، بجانب تهريب الذهب، وبات الطلب على النقد الأجنبي يرتفع ويرتفع لأسباب مختلفة ومركبة، وتنخفض معه قيمة الجنيه ليعادل ربع دولار (الدولار بأربعة جنيهات) بحسب أسعار العملة بالسوق الموازي أمس الثلاثاء، وقابل البنك ذلك الطلب بضخ مزيد من النقد الأجنبي من غير دراسة، إلى أن أصبح الاحتياطي من النقد الأجنبي في أدنى حالاته منذ أكثر من (15) سنة. هذه الأوضاع الصعبة والضاغطة التي يعيشها بنك السودان المركزي، جعلته يفارق الوداعة والابتسامة ويكشر عن أنيابه، ويجهم من وجهه (شوية) وتوعد بإجراءات صارمة في مواجهة المضاربين والمتاجرين في العملة الأجنبية عبر القنوات غير المشروعة وغير المرخص لها، ولكن سيظل ذلك مجرد تهديد فقط لا مجال لتنفيذه لأن البلاد في حالة تحول، واضطراب سياسي نسبة لعدم تشكيل الحكومة الجديدة، واضطراب أمني مع الحرب الدائرة في جنوب كردفان ودارفور، ونذرها في النيل الأزرق، والتصريحات النارية للسياسيين، واضطراب سياسات البنك المركزي نفسه، في مثل هذه الظروف من الاستحالة تحقيق استقرار في سعر الصرف.