وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



... ( عصام والنظام ) الانقلاب والثورة داخل التنظيم ... حركة الاخوان المسلمين بين تقدم القيادات وتقادمها ....


الخرطوم : الهادي محمد الامين
تاريخيا يعتبر الشيخ علي طالب الله أول مراقب عام للأخوان المسلمين السودانيين حسبما تورده روايات الرواد الاوائل من جيل التأسيس تلاه محمد خير عبدالقادر الذي جاء أمينا عاما بالانتخاب في أول مؤتمر عام تعقده الجماعة في العام 1954م بنادي أم درمان الثقافي وكان يسمي ب(مؤتمر العيد ) نسبة لانعقاد دورة أعماله في أيام عيد الاضحي من ذات العام وهو المؤتمر الذي أطاح بالمراقب العام علي طالب الله الذي قاطع جلسات المؤتمر ولم يعترف بمقرراته ونتائجه ثم جاء الرشيد الطاهر بكر المحامي كأمين عام جديد خلفا لمحمد خير عبدالقادر متوليا منصب الرجل الاول للجماعة حتي العام 1959م تقريبا حيث تم عزله من موقعه بل وفصله من التنظيم لمشاركته في محاولة انقلابية قادها مع علي حامد ضد نظام الفريق ابراهيم عبود وظل الرشيد الطاهر حبيس المعتقلات لحين قيام ثورة أكتوبر في العام 1964م فانتقلت القيادة بعدها للدكتور حسن الترابي الذي استقر له الامر كأمين عام للحركة ردحا من الزمان جامعا بين منصبين هما الامين العام لجماعة الاخوان المسلمين والامين العام لجبهة الميثاق الاسلامي التي تكونت كوعاء جامع وعريض من كافة ألوان الطيف الاسلامي للمطالبة بتطبيق الدستور الاسلامي بالبلاد ...
تلي ذلك مؤتمر العليفون الشهير في أبريل 1969م حيث ظهرت الكثير من الخلافات وتعددت وجهات النظر في بعض الملفات والقضايا الفكرية والتنظيمية والادارية أدت لابتعاد رموز من الاخوان المسلمين في مقدمتهم الشهيد محمد صالح عمر والدكتور جعفر شيخ إدريس الامر الذي أتاح لخصمهما الدكتور الترابي للجلوس بارتياح علي كرسي الرئاسة دون منازع ..
وخلال حكم الرئيس الاسبق جعفر نميري ورغم وجود الخلاف بين الاخوان المسلمين واستمرار مضاعفات الشقاق الذي صاحب وأعقب مؤتمر العليفون إلا ان الجميع آثر العمل بشكل موحد – داخل وخارج السودن - لمناهضة ومعارضة حكم نظام مايو لكن أظهرت المصالحة الوطنية 1977م صورة الخلاف بشكل سافر وواضح بتباين طرفي النزاع داخل التنظيم الواحد وتمايزت الصفوف فانخرط الدكتور الترابي في منظومات الحكم المايوي مستقلا بما كان يسمي بالاتجاه الاسلامي واحتفظ الاخوان المسلمون بمسماهم الاصل تحت قيادة امينهم العام وقتها الدكتور الحبر يوسف نور الدائم منذ العام 1979م وحتي العام 1991م وقبلها تم تجديد الثقة في الحبر يوسف نورالدائم لدورة جديدة في المؤتمر العام الذي تلي قيام الانتفاضة لتبرز بعدها إشكالية أخري بين ( إخوان الدكتور الحبر ) حيث تزايدت حدة الأصوات الداعية للتغيير والمطالبة بالاصلاح والثورة علي الاوضاع لازاحة وإزالة الحرس القديم واستبداله بجيل الشباب ...
وتصاعد قوة تيار التغيير من قبل قواعد الجماعة نابع من اتجاهين : الاول قادته شرائح الطلاب والشباب والثاني من الاقاليم خاصة منطقة شرق السودان التي كان يحتفظ بمنصب المسئول فيها الشيخ سليمان عثمان أبونارو مسئول مكتب الشرق الذي يضم مناطق البحر الاحمر – كسلا والقضارف وكان وجود ابونارو وقدومه من شرق السودان للخرطوم مقدمة لهبوب رياح التغيير فالتف حوله الشباب وكثير من المطالبين بالتصحيح حيث اعتبرت فترة الحبر يوسف نور الدائم بأنها مرحلة كمون وجمود لحركة ونشاط الجماعة .... وتميز أبونارو وقتها بجرأته علي انتقاد حال الجماعة بصورة حادة ولاذعة والطريف ان معارضة خط وسياسة الدكتور الحبر يوسف نورالدائم جاءته من مدرستين مختلفتين وبأجندة كذلك مختلفة فقاد ثورة المطالبة بالتغيير رمز ( حداثي عصراني مرن ومنفتح ) هو الدكتور عصام أحمد البشير الذي كان يتطلع للوصول لمنصب المراقب العام خلفا للدكتور الحبر خاصة وأنه قد اكتسب فيما بعد عضوية مكتب الارشاد العام – الجهاز المسئول عن التنظيم العالمي – ورمز مغاير له تماما في التوجه ظل يمثل فيما بعد تيار السلفية هو الشيخ أبونارو الذي رسم استراتيجيته للانقضاض علي الحبر وكان له ما أراد – علي ان الطريف ان الرجلين الان يجلسان خارج صف الجماعة التنظيمي- فمن الواضح ان تنامي وتمدد مجموعة أبونارو كان لها تأثير واضح علي مجريات مؤتمر الجماعة الذي انعقد في العام 1991م ورغم قيام فعالياته في بدايه حكم الانقاذ وبطشها بخصومها ( في مرحلة الطوارئ ) إلا ان المؤتمر وصف بأنه الاول من نوعه في تاريخ الجماعة من حيث الاعداد والترتيب وسير مداولاته بشهادة الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد ومراقب المؤتمر – موفد التنظيم الدولي – من مصر وحمل المؤتمر عدة مفاجآت لم تكن واردة في حسابات القيادة من ضمنها السقوط المدوي لكثير من القيادات مثل محمد محمد المدني سبّال وعلي محمد أحمد جاويش وفي المقابل اكتساح الشباب لانتخابات مجلس الشوري ( 40 ) عضوا أغلبيتهم من جناح أبونارو مما جعل البعض يتململ بل ويرفض التوصيات بل أدي التوتر لخروج وانسحاب كل من الأمين العام السابق الدكتور الحبر نورالدائم وعلي جاويش وعصام البشير الذي كان يخطط ليكون البديل الجاهز للمنصب خلال مداولات المؤتمر لكن المفاجأة الاكبر بقاء الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد في الجلسات ثم اعتذاره بلطف لشغل منصب المراقب العام بسبب ( أنه عاهد الله تعالي ألا يتولي في بقية عمره أي منصب تنفيذي داخل الجماعة ) لكن من الواضح أن جناح أبونار لعب بوليتيكا بدهاء وذكاء وكانت خطته تمضي في اتجاه إقصائي عمدت علي استبعاد من خرجوا لتسهل مهمتهم بوضع الشيخ صادق علي سلم القيادة كشخصية صورية لأنهم يمكلون الاغلبية في مجلس الشوري وبالتالي يستطيعوا بعد ذلك تمرير أجندتهم وفي حال اعتذاره الاتجاه لانتخاب سليمان أبونارو كخيار ثان وهو ما حدث بالفعل حيث اختار مجلس الشوري ابونارو أميرا للجماعة وانتخب بعدها مباشرة المكتب التنفيذي ( 9 أعضاء ) .... ومن بعدها لم يستقر للجماعة حال حيث بدأت معركة جديدة كانت ساحتها ومسرحها قواعد الجماعة في العاصمة الخرطوم والأقاليم لكن استطاعت القواعد حسم الأمر لصالح شرعية أبونارو لانها كانت مهيأة للتغيير وقتها وكشفت نهاية المعركة عن قلة شعبية مجموعة الدكتور الحبر يوسف نورالدائم وتضاؤل وزنها ومكانتها في مقابل ثقل جماهيرية الامير الجديد وقائد ثورة الاصلاح سليمان أبونارو الذي ووجه برياح عاتيه جاءته من شمال الوادي ورغم أنه استطاع كسب معركة الرأي العام الداخلي لصالحه إلا أن التحدي الكبير جاءه من قبل التنظيم العالمي المشرف علي تنظيمات الاخوان المسلمين في كافة الدول العربية والاسلامية حيث استنجدت مجموعة الدكتور الحبر يوسف نورالدائم بإخوان مصر فوصل الخرطوم وفد من التنظيم العالمي مكون من نائب المرشد العام الشيخ مصطفي مشهور والمستشار مامون الهضيبي ونجل الامام المؤسس ( حسن البنا ) سيف الاسلام مما يؤكد اهتمام القيادة المصرية بمجريات الخلاف داخل اخوان السودان وكان هدف الزيارة علي الاقل تقريب شقة الخلاف بين طرفي النزاع وبعد عدة جولات ماكوكية قادتها الوساطة المصرية بين الجانبين تم وضع عدة مقترحات كروشتة للحل تمثلت في إجراء تعديلات علي مجلس الشوري ليستوعب بعض مناصري مجموعة الحبر وادخال عناصر جديدة في المكتب التنفيذي أيضا تكون موالية لجناح الحبر علي أن يقوم أبونارو باخراج بعض مؤيديه من مجلس الشوري والمكتب التنفيذي للسماح للقادمين الجدد بدخول الجهازيين التنفيذي والتشريعي ... ثم تقديم الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد لموقع المراقب العام علي أن يكون نوابه هما الدكتور الحبر يوسف نورالدائم وسليمان أبونارو كانت المقترحات باختصار محاولة للالتفاف علي نتائج المؤتمر وبالتالي نسف كافة مقرراته وتعني وضع كل الامور في يد المجموعة القديمة علي ان يجلس ابونارو علي الرصيف مرة أخري !!
لكن مجوعة ابونارو انتبهت للخطة الماكرة بقيادة هجمة مرتدة حيث لم تعلن رفضها للمقترحات لكنها ردت بان تعرض الامر علي مجلس الشوري باعتباره أعلي سلطة في الهيكل التنظيمي للجماعة ليحدد المجلس وبشكل مؤسسي موقفه من المبادرة بالقبول أو الرفض لانه الجهة الشرعية صاحبة القرار إلا ان الطرف الاخر كان متعسفا في الامر واعتبر المقترحات ملزمة إما ان تقبل كحزمة واحدة أو ان ترفض كلها وبالتالي يعد هذا سلب لصلاحيات مجلس الشوري وخروج عن مقتضي وروح المؤسسية ويعتبر غير دستوري ... فدعت مجموعة أبونارو لجلسة طارئة لعقد مجلس الشوري معلنا رفضه لمقترحات الوساطة رغم ان المصريين أمهلوا الطرفين فترة زمنية أجلها 6 شهور لتحديد الموقف ...
لكن ظهرت الكثير من المؤثرات الداخلية والخارجية أسهمت وبصورة مباشرة في تجنيح الجماعة وانقسامها في خطين متوازيين لا يلتقيان فكان العام 1992م هو عام المفاصلة النهائية الذي ترتبت عليه العديد من الاتجاهات والمواقف في مستوياتها التنظيمية والفكرية والسياسية فقاد الدكتور عصام البشير جماعته لخلق تقارب أو حلف مع الحكومة وظهر اسمه في أول برلمان معيّن بينما اختارت مجموعة أبونارو صف المعارضة لسياسات الانقاذ بل ان ابونارو كان يردد أنه لا فرق بين المؤتمر الوطني والتحالف الوطني للمعارضة فهما في نظره وجهان لعملة واحدة ومثلما ارتبطت مجموعة الشيخ صادق عبدالله عبد الماجد بالتنظيم الدولي بمصر فان أبونارو حاول البحث عن ظهير ونصير دولي فاتجه صوب الخليج العربي عاقدا حلفا جديدا مع السلفيين السعوديين وغيرهم وارتبط بمنظمة المنتدي الاسلامي وكان دائم الحضور لمؤتمراتها بلندن والرياض وبدأت رحلة ابونارو تحولت قبلته من المرشد العام القديم محمد حامد أبوالنصر لمرشد عام جديد هو الشيخ محمد بن سرور نايف زين العابدين مؤسس التيار السروري وزعيم السلفيين الجهاديين ....
المهم فان المصريين اعتبروا ان ابونارو لم ينصاع لتوجهاتهم وبالتالي لن يصبح ( رجلهم ) وكانوا متحفظين علي اتجاهاته الجديدة – ولعل هذا هو الهاجس الذي جعل المصريين يرفضون مقررات المؤتمر العام التي جاءت بابي نارو أميرا للجماعة – وتم اعتماد الشيخ صادق مراقبا عاما للجماعة من قبل المصريين وقيل ان عيسي مكي أزرق وهو أصغر اخ مسلم يحضر أول مؤتمر للاخوان المسلمين في العام 1954م واجه الوفد المصري قائلا لهم : ( نحنا أخوان مسلمين من الخمسينات قبل ما يتم تشكيل التنظيم العالمي .... كيف تفصلونا ونحنا كنا قبلكم ؟ ) وبالفعل فان نشأة التنظيم الدولي كانت في أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي – نهاية دورة حسن الهضيبي – لكن اخوان مصر كانوا يستلطفون الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد فالرجل درس بالقاهرة وكان من أوائل الطلاب السودانيين الذي انتموا لفكرة الاخوان علي يد مؤسسها الامام حسن البنا وكان البنا شديد الاعجاب بشيخ صادق ويروي الشيخ صادق أنه ألقي قصيدة عصماء بين يدي البنا مطلعها : دين من الله نهواه ويهوانا ..
وعودا لملف الخلاف بين جانبي الصراع فإن ابونارو سافر للقاهرة والتقي بالمرشد العام وقام بتنويره بمجريات الاوضاع وسيرها علي مستوي الجماعة واطلاعه علي ملابسات المؤتمر العام وطالب ابونارو المرشد العام بارسال لجنة إخوانية محايدة للسودان ووعد المرشد بارسال اللجنة لكنه لم يرسلها .. والسبب واضح هو ان التنظيم العالمي حسم موقفه من الخلاف بإنحيازه لجناح الشيخ صادق ...
طي الخلاف أظهر تطورات جديدة في مجموعة أبونارو فبرزت إشكالات أخري فغالبية من ناصروا أبونارو كانوا يعتبرون أن أصل وأس الخلاف ( إداري – تنظيمي ) وعلي رأس هؤلاء ياسر عثمان جادالله وعلي اباصالح وجمال الطيب وأمين الخواض وعيسي مكي أزرق لكن ابوناروكان يري ان الخلاف في الاطار الفكري وبالتالي لا بد من التفكك والتحلل من منهج الاخوان والتنظيم فأجري عدة محاولات لتغيير الاسم حيت طرح ذلك في مداولات المؤتمر العلمي للجماعة لكنه وجد معارضة شديدة ورفض بأغلبية الاخوان ...
ومنذ العام 1995م والجماعة الوليدة تسير في ( دقداق ) لوجود الاجندة السرية لقائد الجماعة ابونارو وتطلعه لتوسيع تحالفه مع السلفيين حيث جلس مع الشيخ سرور مرتين خلال زياراته للخرطوم نهاية عقد التسعينات ومن الطريف ان احد حواريي ابونارو حكي ان الاخوان المسلمين تندروا علي الرجل فقالوا : ان ابونارو جلس 6 ساعات متواصلة مع سرور بينما قام بتنويرهم عن اللقاء في 6 دقائق !! فالرواية تكشف بعض سمات شخصية ابونارو بانه رجل غامض ومناور .. وقيل ان الوسيط وحلقة الوصل الذي حاول ربط ابونارو بالسروريين هنا بالخرطوم هو احمد مالك ( مؤلف كتاب الصارم المسلول في الرد علي الترابي شاتم الرسول ) وأحمد مالك كانت له علاقات قوية مع الشيخ محمد عبدالكريم وتردد ان أحمد مالك هو من أقنع محمد عبدالكريم لاستصدار شريط ( إعدام زنديق ) فالتقارب الذي نشأ مع السلفيين لم يجد ارتياحا وسط الاخوان المسلمين التابعين لابي نارو ولم يستطع ابونارو كذلك التحلل تماما من الاخوان المسلمين فاضطر الرجل ولجأ لخطوة انتحارية بارتكاب مجزرة خرق فيها الدستور باقدامه فصل 16 من أعضاء مجلس الشوري فشكل المفصولون لجنة في سبتمبر 2002م طالبوا فيها ابونارو بالتراجع عن قرارته إلا ان الرجل تمسك بموقفه فدارت معركة أخري استمرت لقرابة ال6 أشهر كان مسرحها أيضا قواعد الجماعة الامر الذي أثار وزاد من قلق ( منظمة المنتدي الاسلامي ) حيث عبّر مكتبها بالخرطوم عن امتعاض وقلق رئاسة المنتدي للخلاف ... إلا ان تسارع ايقاع وخطي الصراع أسهمت في ظهور انشقاق وتشظي الجماعة التي عقد المخالفون لابي نارو مؤتمر عام في العام 2003م اختاروا فيه الشيخ جمال الطيب أمير للأخوان المسلمين الذين تميزوا بإضافة كلمة ( الاصلاح ) فسجلت الساحة ثلاثة مسميات تحمل شعار واسم الاخوان المسلمين الاولي هي جماعة الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد والثانية هي مجموعة ابونارو والثالثة هي مجموعة جمال الطيب ( الاصلاح ) والطريف ان جماعة ابونارو والجماعة المنشقة عنها يقفان ضد الحكومة كوجه من وجوه المعارضة لكن بمنطلقات مختلفة....
فحينما تم عزل أبونارو اتجه بعد عام لتغيير مسمي جماعته من الاخوان المسلمين لجماعة الاعتصام الكتاب والسنة وفق منهج جديد ولونية جديدة تختلف عن تعاليم الامام حسن البنا ...
ولأن دوام الحال من المحال فان المجموعة الجديدة دب داخلها الخلاف فحدث انقلاب في مؤسسة الرئاسة حيث تم إبعاد الامير جمال الطيب وتعيين ياسر عثمان جادالله أميرا جديدا للجماعة في العام 2004م ثم ابتعدت جمال الطيب عن الجماعة بالكلية وتفرغ للعمل الاكاديمي محاضرا بجامعة الجزيرة بودمدني وحتي العام 2011م فقدت الجماعة مركزيتها حيث كان جمال الطيب وخلال فترة توليه موجودا بمدني بينما كان الشيخ ياسر عثمان جادالله وطيلة قيادته للجماعة لمدة 7 سنوات موجودا بالعيلفون علي ان المفارقة ظهرت حينما تقدم جناح ياسر عثمان جادالله نحو الجماعة ( الام ) التي يقودها المراقب العام الشيخ صادق وتسارعت خطي الوحدة بينهما وتكونت لجنة من الطرفين لبحث ملف الاندماج في كيان تنظيمي واحد بعد زوال أسباب الخلاف التي لم يتبق منها إلا قضيتين هما ( عصام والنظام ) فمجموعة شيخ ياسر ( الاصلاح ) كان لها الكثير من التحفظات حول وزير الجماعة الدكتور عصام البشير !! وكذا الحال بالنسبة لمشاركة الاخوان في أجهزة الحكم والسلطة كما ان عصام البشير كان من الشخصيات التي وقفت ضد فكرة رجوع مجموعة الشيخ ياسر جاد الله ...
أما أبونارو فعقد حلفا علي المستوي العام مع السلفيين لدرجة تحالفه معهم في قائمة واحدة في جامعة الخرطوم ضد طلاب المؤتمر الوطني وقائمة التحالف الوطني وعدل الدستور بحيث يصبح الامير أميرا لجماعته مدي الحياة ... !! بينما تنحي الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد عن قيادة الجماعة محتفظا بموقعه وعضويته في مجلس الشوري والمكتب التنفيذي تاركا القيادة لخليفته الدكتور الحبر يوسف نورالدائم كمراقب عام منذ العام 2008م قبل ان يعتذر الدكتور عثمان علي حسن عن تولي المنصب حيث كان الشعار وقتها هو ( توريت التجربة ) وفتح المجال للشباب ليكونوا في الطليعة والمقدمة وعثمان علي حسن كان محاضرا بجامعة قطر ثم عاد للسودان للعمل في جامعة إفريقيا إلا انه هاجر للسعودية محاضرا في جامعة أم القري بمكة المكرمة ليفسح المجال للدكتور عصام يوسف بدري – عضو المجلس الوطني ورئيس مجلس الشوري السابق ليتربع علي عرش القيادة بعد نهاية دورة الدكتور الحبر يوسف نور الدائم التي تنتهي في مطلع العام 2012م ... أما جماعة الأخوان ( الاصلاح ) التي يتزعمها الشيخ ياسر جاد الله فقد عقدت مؤتمرها العام ال12 في يومي 19 – 20 من شهر يوليو الماضي فانتخبت صديق علي البشير أميرا لها لدورة جديدة خلفا لياسر جاد الله الذي تم استحداث منصب الامين العام له بعد تنحيه عن موقع الامير فتبقي ساحة الاخوان المسلمين بأجنحتها المختلفة مسرحا لتقدم الامراء فيها حينا وتقادمهم في أحيان أخري إلا ان جميعهم لا زالوا يحتفظون ويحفظون النشيد الشهير : إن الاخوان صرح كل ما فيه حسن .. لا تسلني من بناه إنه البنا حسن ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.