كل عام و انتم بخير .. الشعب يصنع (الخرافة ) و المعجزة .. وبين الخرافة و المعجزة تناغم يجعل المستحيل ممكنا و جائزا و ضروريا .!! هل نحن في حلم او في علم و نحن نشاهد الثورة الليبية تلامس السماء قوة , و ايمانا و تطلعا .. و تحقق انتصارا كان سيكون في علم المستحيل , و لو اتانا مسيلمة قبل عام واحد و قال لنا ( هذا ما سيحدث في ليبيا العام القادم ) لاتهمناه بالمبالغة غير المعقولة. لكن الشعوب تخلق الثورات و الثورات تصنع المستحيل ... كان بين القذافي و فرعون مثقال ذرة او أقل في ادراك الواقع . و كان القذافي يعتقد جازما انه خلق ليبيا من عدم , و لن يتركها ( للجرذان ) الذين قد يعيدوها الي عهد ما قبل عهده. و لانه حكم ليبيا بالخوف و التشريد و الملاحقة ما يفوق اربعة عقود , فقد اصابته قناعة قاتلة بان ليبيا ستستمر هكذاحتي موته او يسلمها ( لزيف الاسلام ) الذي تدرب علي يده في الكذب و المراوغة و التهديد و الوعيد . لكن ( الله قادر) كما يقول المثل السوداني , و ( الشعب اذا اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر .. و لابد لليل ان ينجلي و لابد للقيد ان ينكسر ) كما قال الشابي. و لان الله لن يغير ما بقوم حتي يغيرو ما بأنفسهم , فأن ارادة الشعوب لا تهزم .. و لقد كان لنا نحن في السودان في الثورة الليبية مثلا رائعا يحتذي بعد الملحمة المصرية العظيمة .. و ما حدث في ليبيا و مصر سوف يحدث في السودان . روعة الشعب الليبي هو انه فهم قدره , و ادرك طبيعة القذافي فيما يفوق الاربعين خريفا و انطلق من مفهوم ان القذافي الذي سمّ نفسه ( عميد القادة العرب و ملك ملوك افريقيا ) و اشياء اخري تدل علي الجهل و الغباء و القناعة المرضية بأنه اهم ما في الارض جميعا بعد ان اشتري بمال ليبيا حفنة من الحكام الافارقة و غيرهم من الدكتاتورين و ضعاف النفوس في العالم , بأنه سيهزم شعبه لان كل المال و الحكام في جيبه !! و لان الجيش و البوليس و الامن كله تحت رئاسة اسرته, و قبيلته و المقربين منه .. و يبدو ان القذافي و هو محدود الذكاء يتوهم ان ما لا يمكن حسمه بالرشاوي يمكن ان يحسم بالقوة او قوة المخابرات.. لكن للشعب قول اخر , و فكر اخر . و حين حسم الشعب امره علي منازلة القذافي ( الكلب ) كما وصفه احد الثوار, فلم يضع الشعب الليبي وقتا قبل ان يدعو الشباب و الشعب عامة لميادين التدريب لادراكهم ان القذافي لن يفهم سوي القوة , و لديه من السلاح ما لم يتوفر لحاكم منذ زمن هتلر .. ترسانات في المدارس , المستشفيات , المساجد , تحت الارض و فوق الارض الليبية و اتفاقيات مع دول كثيرة تمده بالسلاح و المرتزقة . *** و مع سعادتي التي لا تحدها ضفاف لانتصار الثورة الليبية التي الهمت و ستلهم العالم تجربة لكل من يصبو للحرية و قهر الظلم و كسر القيد , فقد وجدت نفسي تلقائيا افكر في السودان و الشعب االسوداني الاصيل الجميل و هو يئن تحت وطأة حكومة قاصرة, فاشلة و عاجزة عن استيعاب تطلعات هذا الشعب في الحرية و العيش الكريم . ووجدت نفسي اقول لعل الثورة السودانية القادمة ستكون اقرب الي التجربة المصرية منها الي الليبية , رقم وجود قواسم مشتركة مع الشعب الليبي الاصيل .. و الاصالة هي القاسم المشترك الاكيد الذي يهزم كل الطغاة . و اذا كانت الشعوب تنتفض و تثور لانها فقدت ارثا كانت في رحابه عظيمة و عليمة , فالشعب السوداني الذي عرف الترابط و التراحم بحكم ارثه الصوفي الجميل الذي غذته الصوفية التي قامت علي المودة و المعاملة و التسامح قبل ان تأتي بدعة الاسلام السياسي الذي شوه كل شيئ جميل و كل شيئ اسلامي .. و الثورة السودنية القادمة ستبدأ بنبذ الانانية و الجشع و سرقة الدار و الجار التي جلبتها حكومة الاخوان المسلمين و فرضتها عنوة علي شعب يحب السلام و الاسلام بطبيعته المتسامحة الكريمة و تحاول تقنينها بعد فشل اكثر من عشرين عاما بكتابة دستور اسلامي , ظلامي لا علاقة له بالاسلام ليكون اداة للقمع. ان اسلام حكومة الانقاذ لا يصلح للسودان و قد بدأ بشطر السودان الي شمال و جنوب و ان لم نبدا في اعداد العدة لهزيمة هذا النظام , فسوف نجد الصومال في السودان . لعلنا نذكر ان حركة الشباب في الصومال تأخذ افكارها من اسلام حكومة الانقاذ الذي هو في الاصل تشويه للاسلام . لقد عرف السودان علي مدي عقود ثورات و كان من احدثها اكتوبر و الانتفاضة 1985 و كلها نجحت بتلاحم الشعب و الجيش و حتي قوات الامن التي ترفض الاستمرار في قتل الشعب , و هكذا ينتصر الارث الصوفي علي محاولة شرذمة السودان بأسم الدين و العقيدة من من ليس لديهم دين او عقيدة او ايمان .. و ليبدأ حملة الاقلام في لم الشمل علي اجهزة الانترنيت لنتفق علي كلمة سواء ستكون الصخرة التي سيتحطم عليها هذا النظام الهش الذي لا صليح له و لا سند في داخل السودان او خارجه . و يملك الشعب السوداني مجموعات و حركات مسلحة ايضا في كل انحاء السودان و هي قد جربت منازلة النظام و هزيمته في معارك مشهوده و اذا تم التنسيق بينها و بين الجيش و الجناح المدني سيجد نظام البشير نفسه منبوذا و محاصرا في الداخل و الخارج .. و النظام نفسه في حالة ضعف و انقسامات داخلية مما سوف يساعد الثورة القادمة . علينا ان نتنادي من كل اطراف المعمورة لنجتمع علي فكرة سواء و نجمع شملنا الفكري في وقت يعمل فيه سلفيو النظام علي وضع دستور سيباغتون به الشعب السوداني و هم لم و لن يأتي منهم خير حتي في العيد السعيد !! ان الحكومة الان في اضعف احوالها و الشعب السوداني الحليم ليس لديه ما يخسره سوي اغلاله و هذه الحكومة الفاسدة , الفاشلة التي لا تمت للسودان بصلة كالنبت الشيطاني كما هو القذافي في ليبيا , و حسني مبارك في مصر الثورة . ان لدي حكومة الانقاذ فرصة اخيرة لتنقذ نفسها و توقف استفزاز الشعب السوداني بتكوين حكومة انتقالية حقيقية تضع دستورا ديمقراطيا يشمل الجميع , و ان يبتعدوا من السلفين الذين لم يأت بهم احد و لا يفهمون في السياسة او الطبيعة السودانية الراقية شيئا .. انهم من عصر غير هذا العصر و يتكلمون لغة لا تمت لهذا المجتمع بصلة . علي حكومة البشير ان تشرك الشعب السوداني في حل المسائل العميقة التي ادخلوا فيها السودان و هم لا يملكون افاقا للحل بعد ان خسروا كل المجتمع الدولي تماما كما حدث في العراق قبل الحرب. و نتمني ان يتداركوا الموقف قبل ان يخرج عن الارادة السودانية و يصبح شأنا دوليا يكون القرار فيه للمجتمع الدولي و ليس للشعب السوداني . د. النعيم الزين سوداني بالمملكة المتحدة