ناجى حسن قاسم خبير: العلاج بالموسيقى – استراليا ان عصير الحزن, ليس كعصير التفاح او البرتقال, انة عصير بطعم اخر, وجدتة يوم ما, وان لم تشتهيه .. لان فى هذة الدنيا لابد من ان تمر بك لحظات من الحزن و الاسى, وتجعلك ان تقول ماساتى ان تتركينى لماساتى. لقد تلقيت خبر وفاة اختى " نجوى " و التى تصغرنى بعامين بهدوء لانها قد هيئتنى لهذا الخبر , كان ذلك عام 1993 – اى قبل امتحان تخرجى من كلية الموسيقى والدراما بشهر و احد, سافرت الى مدينة شندى لتلقى العزاء, انها لحظات من الحزن لا تنتهى, و عندما وصلت الى المنزل وبعد تلقى العزاء من الاهل والاصدقاء, جلس بجوارى اخى الصغير كانة يريد ان يقول لى شئ, ... و لكنى بادرتة بسؤال... كيف حال اختك " منى " فقال انها الان فى المستشفى قالها بصعوبة.... فقلت لة ما بها... فقال منذ و فاة اختها الكبيرة وهى فى حالة صدمة ... و تتلقى العلاج الان, فما كان على الا ان اترك كل شئ و اذهب لاراها.... و لكنها لم تنتظر كثيرا لقد توفيت هى الاخرى بعد اربعة ايام فقط من وفاة اختها الكبيرة.. انهن يتشابهن فى كل شئ حتى فى المرض... لقد ذهبن بدون استاذان... ارتحلن ... و كأن يقولن ... هذة الدنيا لكم لست لنا.. و كان ذلك بعد صراع مع المرض سنون طوال... فسافرن. فبعد اسبوع من العزاء, و بعد نقاش طويل من الاهل والاصدقاء اقتنعت بان اذهب لاداء الامتحان , و عندما حضرت الى الكلية استقبلنى الزملاء و الزميلات و الاساتذة و كادوا ان يحملونى من على الارض , و كانوا يقولون لى .. يجب ان تقوى انك انت القوى ابدا.. وان تجهز لاداء الامتحان فانت المتفوق ابدا.... ان الفنان كطائر النورس يجدد حياتة بالاحتراق فى النار لاسعاد الاخرين, و لايظهر احزانة لان من قانون الفن ان تكون دائما فى حالة فرح, و ان لم تكن بالامكان الفرح فى لحظات غير سعيدة.. النورس نوع من الطيور طويل الجناحين فى مثل حجم الحمامة او اكبر قليلا. و تعيش الغالبية العظمى من طيور النورس فى الاماكن القريبة من المحيطات و هى تحلق فوق كل رقعة قريبة من المياه. و ابدع خالد الدوسرى عندما قال: يا طير النورس اشواقى...... رمت قلبى على الشاطئ عنيت اعصار بالغربة...... و حطم مركب احلامى و من تلك الفترة عرفت تماما بان نحن فى هذة الدنيا عبارة عن ضيوف فقط فى لحظة سوف نتركها, وان لهثنا وراءها ولكن فنحن فى حالة سفر دائم ... و ما اجمل السفر بالقطار.. انة سفر بدون استعجال ... القطار يرحل بتمهل .. و لايصل فى مواعيدة ابدا.. انة فى غاية البساطة .. لايستعجل الذهاب.. و كم اعجبنى كثيرا الفنان حمد الريح عندما تغنى باغنيتة الى مسافرة. حمد الريح فنان ملئ بالابداع الصوفى و ان تغنى ببعض الاغنيات العاطفية مثل الى مسافرة: يا قلبى يا مقتول كمد اعصر دموع... سيد البلد يا حليلة حليلة قال ناوى السفر يا حليلة حليلة كيفن يبتعد ... يا حليلة كيفن نسيبوا يروح بعيد... يا حليلة فى رحلة مجهولة الامل ... يا حليلة انها كلمات تجسد تعذيب الذات ان استمعت اليها و ان لم تكن هناك مسافرة, و لكن تكون فى تسفار ذاتى و تستمع الى عجلات القطار يبتعد قليلا قليلا الى ان يختفى عن ناظريك. كانت اضافة غير عادية بالنسبة لى عندما انضممت الى فرقة الفنان الكبير حمد الريح كعازف جيتار, و كان ذلك بعد ان اعتزر عازف الجيتار " جمال الربع" لاسباب صحية, فكانت فرصة جميلة ان اتغنى باغانى كانت قد اسعدتنى كثيرا فى ايام الصبا عندما كنا نلتف حول الراديو للاستماع الى بعض الموسيقى الشجية و لا ندرى بان يوم من الايام سنكون جزء من هذا النغم الاثيرى. و كم اشجتنى اغنية الرحيل: حليل ارض الجزائر و الطنابير الترن حليل ناس ليلة و كت الليل يجن ياسمحة يا تمرت فؤادى الليلة ما خلاص المراكب شرقن و القمر فوق نخل الفريق فاقد الاهل يبكى و يحن ان السفر و الرحيل شئ اساسى فى غناء الفنان حمد الريح, لذا لم تجد شخص فى هذة الدنيا لم يرتحل لم يسافر لذلك اتخذ كل الناس يستمعون الية بشوق و استراجاع الذكرى التى ارتبطت سواء ان كانت فرح او حزن ان الرحيل و السفر فى حياتنا اصبح نغم.... و عشق... فمن التى تخترق جدار الصمت عنى...... من التى تخترق سريالية العقل الكامن فى الجسد... لبقايا حطام نفس يعشق السنا... بقايا قلب مددا على دروب المدينة.........