تنص المادة 1/211 من قانون الاجراءات الجنائية السوداني على أنه (يكون لرئيس الجمهورية في غير جرائم الحدود سلطة العفو العام بشروط أو بدونها عن أي حالات اشتباه ، او اتهام بجرائم لم يصدر بشأنها حكم نهائي) .. ونصت الفقرة (3) على انه :(لا يجوز فتح دعوى جنائية في أي شبهة أو تهمة يكون قد شملها عفو عام واستوفيت شروطها). وهذا النص محل نقد واضح شكلا وموضوعا اي من حيث الصياغة او من حيث المضمون ، فمن ناحية لا يطلق العفو العام على أعفاء أشخاص بعينهم بل على أفعال بعينها او انشطة محددة فيؤدي العفو الى ازالة الصفة الاجرامية عنها ؛ خلافا للعفو الخاص الذي يبقي الصفة الاجرامية على الفعل ولكنه يمنع توقيع العقاب على أشخاص محددين ، وهذا المفهوم للعفو العام هو المستقر في كل القوانين العربية كتونس ومصر والأردن وسوريا الخ. وقد تم استخدام هذه المادة بالفعل من قبل رئيس الجمهورية أخيرا باعفاء د.مضوي وأخرين . وهنا نتساءل سؤالا جوهريا ؛ أعفاهم من ماذا؟؟؟ إذا كان د.مضوي والآخرين أساسا لم يصدر بشأنهم حكم بالادانة فإنهم يظلون على الأصل القانوني وهو أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ، وبما أن د.مضوي والآخرين لم تثبت إدانتهم فإن كلمة عفو غير دقيقة بالمرة ، وهذا يبين أن صياغة المادة كانت مضطربة اضطرابا شديدا ، فهي تتحدث عن عفو قبل أن تحدث ادانة أساسا ، ولذلك كان من الأكثر مناسبة أن يمنح رئيس الجمهورية لا سلطة العفو في هذه الحالات بل سلطة اسقاط الدعوى الجنائية برمتها ، وهي سلطة متوفرة تحت مسمى وقف الدعوى الجنائية بواسطة النائب العام وفق المادة 58 ولا تحتاج لتدخل من رئيس الجمهورية الا كدعاية سياسية فقط. وبالعودة الى مسمى العفو ؛ فإذا كان العقاب حق للمجتمع فإن هناك مبدءا قانونيا واضحا وهو أنه لا يجوز التنازل عن الحق قبل ثبوته ، ولذلك فلا يمكن لرئيس الجمهورية أن يعفي عن الجريمة قبل ثبوتها على عاتق المتهمين. توضح هذه المادة اشكاليات الصياغة المضطربة للمواد القانونية والقوانين السودانية ذاخرة بهذه الاضرابات الشكلية والموضوعية للأسف الشديد. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.