يلعب مشروع دلتا طوكر الزراعي دورا مفصليا في الميزان التجاري القومي بزراعته محصول القطن , بجانب دوره الاقتصادي والاجتماعي لمواطن ولاية البحر الاحمر ونحقيقه الامن الغذائي بزراعة الذرة الرفيعة والدخن والبقوليات والخضر , وله دور كبير في تحسين اوضاع المزارعين ودخلهم ومحاربة الفقر وتوفير فرص العمل للمواطنين واستقرارهم. ويعتبر مشروع دلتا طوكر الزراعي من اقدم المشاريع الزراعية في السودان حيث تأسس في العام 1867م في عهد ممتاز باشا محافظ سواكن وذلك لزراعة القطن كمحصول رئيس. وقد تم تخطيط الدلتا الى احواض ومربعات معروفة ومسماة في بداية الحكم الثنائي تحت الادارة البريطانية. وتبلغ المساحة الكلية للمشروع 406 ألف فدان بما فيها الرقعة المخصصة لمدينة طوكر والمقابر ومنطقة العزل الغابي للتونجا . يقع المشروع الزراعي جنوب مدينة بورتسودان على ساحل البحر الاحمر ويبعد عنها 150 كلم في شكل دلتا مثلثة الشكل ذات اضلاع متساوية. ونظام الري في المشروع ري فيضي بواسطة مياه خور بركة الذي ينبع من المرتفعات الارترية في شهور الصيف ( يوليو , اغسطس , سبتمبر ) حيث يفيض ويغمر الاراضي الزراعية في الدلتا ثم يصب في البحر الاحمر. اول محصول زرع في الدلتا بعد تخطيطها رسميا هو القطن حيث خصصت له جل المساحة اامروية ( 80% فاكثر) لكن لحوجة الانسان للغذاء وللحوجة لعلف الحيوان تم ادخال زراعة الذرة الرفيعة تدريجيا وذلك حول حقول القطن كحواحز لحمايتها من رياح الهبباي والعواصف الباردة. لكن اصبحت الذرة الرفيعة جزءا اساسيا من التركيبة المحصولية في المشروع. كما تم ادخال زراعة الدخن في مناطق الري الضعيف والمناطق الرملية العليا. لقد ظل محصول القطن هو المحصول الرئيس والاساسي في دلتا طوكر ولسنوات عديدة حتى العام 1993م ( تاريخ خصخصة المؤسسات الحكومية والغاء قوانينها المنظمة). ولعل دلتا طوكر اشتهرت باجود اصناف القطن طويل التيلة والمعروفة في البورصة العالمية باسم طوكر لجودتها الفائقة وصيتها. وهنا نذكر بعضا من اهم تلك الاصناف طويلة التيلة بدءا بالقطن اسكلاريدس وصنف بركات عادي وبركات 90 لكن تم ادخال الصنف أكالا الامريكي المتوسط التيلة ذو اللون المصفر والمبكر الانتاج في الستينات بديلا للاسكلاريدس رغم عزوف الموارعين عن زراعته.. وقد تم ايقاف هذا الصنف واعادة الاقطان طويلة التيلة الناصعة البياض الى المشروع مرة اخرى. في العام 2010م تم ادخال الصنف حامد متوسط التيلة وهو مستنبط من الصنف اكالا الامريكي حيث يزرع حتى تاريخ اليوم بالمشروع. وهذا الصنف يتميزبغزارة الانتاج ( من 8 الى 20 قنظار للفدان) ومتانة التيلة ونعومتها ولونه شديد البياض.لكن لا زال الحنين الى الاقطان طويلة التيلة موجود والنقاش مستمر للعودة اليها الان. تراجعت زراعة القطن لاسباب كثيرة , موضوعية وغير موضوعية, واصبح محصول الذرة هو المحصول الرئيسي في الدلتا , ويظل الصراع بين المحصولين, رغم ان محصول الذرة الرفيعة يزرع لتحقيق الامن الغذائي لسكان الولاية اضافة الى اهتمام الدولة بذلك الان جريا على المقولة من لا يملك قوته لايملك قراره. ولعل اهم الاصناف التي عرفها المشروع من الذرة الرفيعة نذكر الذرة البيضاء ( الحجيري) والهزاز او الانقاذ ( ذرة صفراء ) وكذلك الذرة الفتريتة وداحمد. كما زرعت اصناف محسنة من الذرة منذ العام 2010م ( برنامج استعادة القدرات الانتاجية – المشروع النموذجي ) كالذرة طابت ( بيضاء ) والهجين الهندي ( باهت البياض) وكذلك الصنف وافر ( ابيض ) مستنبط من طابت ووداحمد. وهذه الاصناف المحسنة غزيرة الانتاج ( 10 جوال الى 20 جوال 90كيلو للفدان ). ولعل لكثر الاصناف المرغوبة من الذرة الرفيعة هي ذات القصب ذو الطول المعقول كعلف حيث له عائد اقتصادي لا يقل عن عائد الحبوب. اصبح مشروع دلتا طوكر من المشاريع الزراعية الرائدة التي تتمتع بتركيبة محصولية متكاملة حيث تم ادخال محاصيل الخضر في التركيبة اللمحصولية وخاصة الطماطم والبطيخ واما البقوليات كالفاصوليا واللوبيا والعدسي بجانب القرعيات والورقيات وكلها خضروات عضوية ذات مذاق طاعم لانها طبيعية وخالية من الاسمدة ومرغوبة في الاسواق. يعتبر المزارع في دلتا طوكر ذو خبرة تراكمية وله دراية فى النشاط الزراعى , لكن رغم ذلك فان النظام المتبع فى الزراعة تقليدى وغيرمواكب رغم وجود الارشاد الزراعي مؤخرا. وخاصة فى عملية الفلاحة حيث يهتم المزارع بالمجموع الخضرى وكثرة القصب على حساب انتاجية قناديل الذرة , وذلك للحصول على اكبر قدر من العلف. ايضا لايهتم بالعمليات الفلاحية وتاسيس المحصول مثلا تجد المجموع الخضرى في الفطن ينمو على حساب اللوز حيث لايتم الشلخ المطلوب فى النبات , رغم الارشاد الزراعى حيث يتخوف المزارع من موت البادرات اوسقوطها بسبب رياح الهبباي والاتربة. ايضا قد تجد مزارعا يزرع فى ارض ما في دلتا طوكر بعد ان غمرتها المياه الفيضية وبدون تحضير او اى تكاليف اخرى ثم ياتى للحصاد او القطع وجمع المحصول , رغم انه لم يبذل جهدا للمتابعة او التأسيس فالامر متروك للاستقرار الامني ولقوة خصوبة دلتا طوكر الطبيعية المتجددة سنويا , حيث تعتبر من افضل الترب الزراعية فى العالم بل واخصبها طبيعيا .ونتوازن بيئتها حيويا ولا تفلح فيها الافات الضارة , وللرياح السائدة دور مقدر. مرت على المشروع كوادر اكاديمية وفنية من جميع بقاع السودان بجانب تدخل البرامج الطوعية للمنظمات الانسانية لتطوير المشروع لاهميته الاقتصادية وقد اجريت محاولات عديدة لتدريب المزارعيين على تطبيق التقانات الزراعية في الحقل . وقد تمت تجارب بالزراعات الالية بدون تحضير الارض وتجارب اخرى بعد تحضيرالارض نجحت التجربة الثانية رغم انها تزيد من تكاليف الانتاج لكنها مربحة لانها ترفع الانتاج والانتاجية عموما. ايضا ادخلت الدقاقات الالية فى درس الذرة ودقها في الدلتا حيث نجحت نجاحا باهر .لكن المشكلة التى تواجه المشروع حتى اليوم هو ادخال الالة فى زراعة القطن وحصاده وكذلك ادخال محاصيل نقدية اخرى كزهرة الشمس وبطيخ حب التسالي . وقد تأكد جليا أن تطبيق الحزم التقنية والميكنة في زراعة المحاصيل يؤدي الى نتائج باهرة في الانتاج والانتاجية. إذا اخذنا محصول الذرة الرفيعة مثالا في تطبيق التقانات الزراعية في وضع البذرة في الارض ومراعاة المسافة بين نبات ونبات والمسافة المحددة بين الحفرة وعمق الحفرة وعدد البذور في الحفرة والمسافة بين الصفوف المتوازية. ف‘ن ذلك أظهر نتائج باهرة في كمية الحبوب وزيادتها في القناديل و كما ان قوام القصب ( العلف) وطوله تحسن ونتج الطول المرغوب (اقصاه مترين), كما ان القصب اصبح قابلا للضغط ويتحمل النقل من مكان الى آخر. ( دراسة مقارنة بين الذرة المزروعة تقليديا والذرة المزروعة بتطبيق التقانات والحزم الزراعية, موسمي 2013 و2014م بمشروع طوكر ). إن تطبيق الحزم الزراعية المطلوبة لتأسيس المحصول ايضا, والتي تشمل العمليات الفلاحية من نظافة وحش وشلخ ورقاعة يؤدي الى النتائج المرجوة في الانتاج الرأسي للذرة الرفيعة. لقد كان انتاج الفدان الواحد عند تطبيق التقانات 18 جوال زنة 90 كيلو من الذرة طابت, بينما في الزراعة التقليدية انتاج الفدان الواحد 7 جوال فقط. بنفس الوزن ( موسمي 2011م و 2012م دلتا طوكر). من جهة أخرى فان جودة الذرة التي يتم دقها ودرسها بواسطة الدقاقات الآلية افضل كثيرا من الذرة الناتجة من الدق اليدوي ( دراسة مقارنة موسمي 2013م و2014م دلتا طوكر) للاسباب الآتية : () كمية الحبوب السليمة أكثر بنسبة 10 %. () محتوى الرطوبة في الحبوب أقل بنسبة انخفاض 15 %. () للمحصول قابلية التخزين وعدم التلف. () توفير الوقت ( اكمال عملية الدق في مدة زمنية وجيزة الدقاقة تنجز 3 جوال زنة 90 كيلو في الساعة).لكن ذلك يختلف حسب قوة الدقاقة. () امكانية استخدام التبن والعوالق المستبعدة بالمروحة كسليلوز وعنصر وسيط للاعلاف. وهو الامر الذي يساعد على تنظيف البيئة ( الاثر اللايجابي على البيئة) وقد تلاحظ ايضا ان دلتا طوكر عرفت بعدم حرث الارض وتحضيرها رغم انها عملية هامة جدا, حيث تتم الزراعة في التربة مباشرة بعد الفيضان بدون تحضير. نحن نتوقع ان يكون انتاج الدلتا من المحاصيل الزراعية عموما افضل اذا تمت عملية حرث التربة وتقليبها حيث يكون ذلك حافزا للتربة لحفظ اكبر قدر من الرطوبة لضعف الخاصية الشعرية للتربة عندئذ , كما سيكون الإنيات أسرع. وهذه التجربة سيتم تطبيقها عما قريب لتأكيد افضلية حرث الارض. ونواصل ,,,,,,,,,,, عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.