بمناسبة منع الصادق المهدى من دخول مصر أصدرت هيئة شئون الأنصار بيلنا تحدثت فيه عن القيم التي ضحي أجدادنا في سبيلها، ولا يمكن الفصل بين المهدى وخليفة المهدى أول الطغاة الجبارين في العصر الحديث، وكم عدد الذين ادعوا المهداوية والعيسوية في التاريخ؟ والمهدى المنتظر الذى يملأ الأرض عدلا مثلما ملئت جورا وظلما خرافة مجوسية بأئمتها الاثني عشر استنسخها فقهاء الشيعة في قم وتعبر عن حلم الانسان في المساواة والعدالة الاجتماعية وهو حلم لم يتحقق وكان ولا زال الناس يترقبونه في كل زمان ومكان، وقد استغل المهدى سخط السودانيين وكراهيتهم في التركية الأولي، لكنهم استبدلوا قهرا بقهر وظلما بظلم، بل ان التركية الأولي كانت أقل غلظة وهمجية وظلم ذوى القربي أشد مرارة، وانتهت المهدية الي شتات متنافر من الشعوب والقبائل ومجاعة لا يزال الناس يذكرونها بسنة ستة، لكن الادارة البريطانية في خمسين عاما استطاعت أن تصنع من الشتات أمة واحدة ومجتمعا عصربا، لكننا عدنا كما كنا في نهاية المهدية بسبب الصراع علي السلطة كتركة خلفها الاستعمار واقحام الدين مرة أخرى في الصراع علي السلطة، وأينما كان الصراع كانت المصالح الخاصة والتطلعات والأطماع غير المشروعة، وكان السيد عبد الرحمن في نهايات الأربيعينيات من القرن الماضي يعي ذلك كله و يقف في الحاضر ويتطلع الي المستقبل عندما قال السودان للسودانيين بمعني دولة المواطنة وكأنما كان يرى أوباما رئيسا للولايات المتحدة في الألفية الثالثة وأوربا تتوحد وهي أمم وشعوب وقبائل ولغات متعددة وتركيا تتطلع للانضمام الي الوحدة الأوربية، وكان عبدالرحمن المهدى يرد علي عرابي الذى قال مصر للمصريين، وعندما دعا السيد عبد الرحمن رائدات الحركة النسائية الي حفل شاى في منزله كان يرد عمليا علي الأصوات التي انطلقت علي منابر المساجد اعتراضا علي قيام اتحاد نساء السودان، وفشل اتحاد الشباب في توفير نفقات وفد للمشاركة في مؤتمر شابي في موسكو فتكفل السيد عبد الرحمن بالنفقات، فقد كان السيد عبد الرحمن يعترف بحركة التاريخ والقوى الحديثة التي تزيد ولا تنقص وتتمدد ولا تنكمش، ويتحقق ذلك الأن داخل البيت الشيعي في العراق في مظاهرات شباب الشيعة في البصرة والنجف الأشرف ضد النخب الشيعية المتسلطة، وبقيادة مرجعية من مرجعيات الشيعة، وقد يقتل مقتضي الصدر مثلما قتل محمد باقر الحكيم لأنه قال ان الأغلبية لا تملك الحق في الطغيان علي الأقلية لكن حركة التاريخ لن تتوقف والقوى الحديثة ستظل تزيد ولا تنقص وتتمدد ولا تنكمش، وقتل محمود محمد طه في السودان فهل مات جون قرنق قتيلا؟ وفي اسرائيل قتل رابين لأنه قال ان الحدود الآمنة وهم لا حقيقة له، فالفاشية في كل زمان ومكان تريد أن تأخذ ولا تعطي وتفعل ولا يفعل بها، وكما توقع عبدالرحمن المهدى أصبحت الطائفية اسما بلا مسمي وقبة بلا فكي، وقد أصبحت قومية حزب الأمة كقومية الجبهة الاسلامية اسما مستعارا وشعارا زائفا بسبب المتاجرة بالدين في سوق السياسة. كان حزب الأمة في عهد عبد الرحمن المهدى بطل الاستقلال وابنه الصديق بطل أكتوبر الحزب الوطني الوحيد في السودان، فقد كان الاتحاديون متهمون بالعمالة لمصر والشيوعيون متهمين بالعمالة لموسكو والأممية الشيوعية والاخوان المسلمون متهمين بالعمالة للأممية الاسلامية، فقد كان حزب الأمة مؤسسة وطنية 100% لا يقل أهمية عن مشروع الجزيرة والسكة حديد، والأحزاب الوطنية يرجي ويتوقع منها تحقيق الأمن والاستقرار والسلام الأهلي والتنمية المستدامة وتأمين الوحدة الجغرافية والبشرية، لكن حزب الأمة كان مستهدفا كحبل يربط القبائل العربية والأفريقية في كردفان ودار فور ولولا ذلك لما كان تسليح القبائل العربية ضد القبائل الأفريقية والجنجويد والدعم السريع والابادة الجماعية في دار فور للصيد في الماء العكر، ولولا الذين كانوا يتطلعون الي فتات السلطة لما تمكنت الانقاذ من تفكيك حزب الأمة وأكله بالقطاعي، ولم يكن عبدالرحمن المهدى أقل غيرة وايمانا بالاسلام لكنه لم يكن يتاجر بدينه في سوق السياسة، فقد كان الأقباط السودانيون ينتمون الي حزب الأمة والجنوبيون لا يثقون الا في حزب الأمة، وفي مصر كان عبدالله الفاضل الراعي لكل الطلاب السودانيين والنار تخرى الرماد، والأنصار بروتاريا لأنهم العمال المزارعون الرعاة وليس لهم مصلحة في صراعات النخب المتسلطة داخل حزب الأمة وكانوا في مقدمة الصفوف في مناهضة النظم الشمولية في اكتوبر وأبريل. انتهت المهدية بوفاة مؤسسها وتحولت الي كارثة قومية كبرى، ومضت المهدية بخيرها وشرها كمرحلة من مراحل التاريخ ليس لها مكان في الحاضر أو المستقبل، ولم تحقق المهدية تطلعات الشعوب السودانية في حياة أقضل لأنها كانت بقية تخلفت عن طوفان الحضارة وموكب التاريخ، والماضي لا يمتد في الحاضر الا عظات وعبر، وماكل الذين قاتلوا مع المهدية كانوا يعتقدون في مهداويتها والذين أيدوها والذين عارضوها وذاقوا الأميرين علي يدها شركاء في ميراثها ومن حقهم الحكم لها أو عليها وهو حكم علي الماضي لا يفترط أن يكون له أى انعكاسات علي الحاضر أو المستقبل، ويذكرني الترابي عندما رفض اتفاقية الميرغني قرنق واتفاقية كوكادام بحصين بن ضمضم الذى رفض الصلح بين عبس وذبيان في معلقة زهيربن أبي سلمي، فما أحوجنا الآن لعبد الرحمن المهدى وابنه الصديق وهرم بن سنان والحارث بن عوف قي مواجه غلمان السوء الذين ذبحوا ناقة الديموقراطية والذين تلقح بهم الحرب كشافا وتتأم. ملحوظة: علاقات مصر بالسودان بصفة خاصة ترسمها المخابرات المصرية، لكن الأوساط المخابراتية والاعلامية والدبلوماسية في مصر تجهل الكثير عن النظام في السودان وعلاقته بالتنظيم الدولي للاخوان المسلمين وايرانوقطر وتركيا الاخوانية، وقد كانت الهجمات الارهابية ضد السياحة في مصر بعلم النظام تخطيا وتمويلا، لكن عمر البشير أصبح كالزوج أخر من يعلم منذ محاولة اغتيال حسني مبارك الي تسلل الارهابيين من السودان لضرب موكب أبي أحمد في أثيوبيا فلا يعقل ان الارهابيين جاءاو من العراقوسوريا، فقد أعطت مصر بحظر الصادق المهدى مقابل لا شيء، وكانت مصر ولا تزال هدف التنظيم الدولي للاخوان المسلمين الأول وكان السودان أولا وصولا الي ، ولن يسمح التنظيم بنجاح الديموقراطية ودولة المواطنة في مصر وأثيوبيا واستعادتها في السودان لأنه يعادى الديموقراطية بحكم نازيته الدينية ومشروع حسن البنا ولا يريد محيطا من الديموقراطية، ويوجد تحالف مرحلي بين ايران والتنظيم الدولي للاخوان المسلمين بشهادة سفارة طالبان في قطر وقتاة الجزيرة القطرية وجيش النصرة وحزب الله في سوريا والحوثيين في اليمن وصولا الي مكة والمدينة باسم الخلافة الاسلامية. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.