حالي كان، ولا يزال، مستُوراً، والحمد لله...لا إدقاعاً في الفقر، ولا فحشاً في الثراء، وإزدان حالي وامتلأ بهاءً، أكثر، بالقناعة العميقة التي أكنها، والقُبول بالواقع، في منطقة تقع: قريباً جداً من الزُّهد، وتتداخل معه هالاتها... ولم أتوقع أن حبي للجمال والزهزهة في البنات سيقلب حياتي رأساً على عقب، فقد أحببتُ هناء حبّاً صادقاً، وكانت هناءٌ تمثل، وفق ما رأت عيناي المُحِبّة، الكمال والجمال... قال لي صديقي جمال: - القرَمبوْزة، دي، ح تجيب أجلك! ولم اظهر غيظي من التعليق لجمال، رغم انه أخافني... ومسّ فيَّ أوتار الحذر والتوجُّس، وبرغمي، مرّ شريطٌ طويلٌ من ذكرياتي مع هناء، كانت فيه لمحات ظاهرة مما اشار ونبهني اليه صديقي العزيز جمال... وانتبهت إلى أنَّ هناء، فعلاً: قرمبوْزَة! كنت على يقين، بأن الفقر يترك مسحة وجدانيّة لا تزول، بالذات الفقر في الطفولة والشباب، ويدفع ضحاياه بقوة نحو: ليس تخطيه فحسب، إنما رفضه ومحوه من محيطهم، وفي مجتمعنا الذي يُمثِّل الزواج فيه أحد أدوات البنات للانعتاق من الأسرة، بالذات الفقيرة، وتاريخها مهيض الجناح... والشروع فوراً في بناء حياةٍ قائمة على الأحلام الورديّة والأحمال الخياليّة لزوج المستقبل. وكانت هناك تجارب حولي كثيرة تؤيد قناعاتي، ورجوت الله، أن تكون هناء من الفرقة الناجية، ولكن ذلك لم ينفي أنني بت أتعامل بحساسيّة مفرطة مع طلباتها، التلقائية، التي تطلقها في معيّة ضَحَكات طفوليّة، مرِحة، ومُجلجلة. وكان الخجل يكاد يقتلني عندما أضبط نفسي متلبساً باختلاس التقييم والمراقبة لسلوك القرمبوْزة، التي كانت خالية ذهن وضمير مما يدور برأسي الذي أدارهُ كلام جمال، ذلك الرجل الحِبِّيبْ، طويل الباع، في: العلاقات مع الجنس اللطيف. كان قلبي يُنصفُها، وعقلي يُجاري جمالاً! وبتُّ ألاحظ، ما كان يمر عليّ مرور الكرام من تعابير وسلوك، وشعرت والحسرة تملؤني باحتمال فقدها، أو موت حبها في دواخلي... وفكرت في كيف يمكن إبعاد هواجسي، أو هواجس جمالٍ بالأصح، فتجاسرت وفاتحتها في ضرورة إعلام الأسر بعلاقتنا، وطلب يدها رسميّا من أهلها، قائلاً لنفسي: يُمكن معالجة كل المُستجدات، ما دام حُبي لها يتملكني! وكانت فكرتي أن أتعرف على أهلها، أكثر، بموجب ذلك الارتباط، بحيث أغوص في عالمها والدنيا التي شكّلتها ورسمت ملامح شخصيتها، لكنها فاجأتني بضرُورة أن نستعد جيداً من حيثُ المال والاستقرار في العلاقة، قبل التقدُّم: (قيد أُنمُلة) ... وإشراك أهلنا فيما ننتوي... قالت بحماس، لا يتسق مع سوء ظني الوليد بها: - أهلي، ما بقبلوا بزول ما جاهِز! وكان، هذا، مُدعاة لانتصار الريبة والشكوك، في الحوار الداخلي الذي أشعل فتيلهُ تحذير جمال، في عقلي ووجداني... وتحوَّلتُ، أنا، إلى مُستمع مُمتاز لتصوُّراتها، حول: الاستعدادات المطلوبة منى للاقتراب من سُور أسرتها الشاهق العالي. ومن فوري أدركتُ، دون عناء أو حوجة للتمعُّن أو التفنيد، أن نبوءةَ جمالٍ قد صدقت، وأن رُؤى (هناء عبد العظيم) كفيلةٌ بأن تُودي بي: إلى الاغتراب، وعقابيله، أو دُنيا الاحتيال والسرقات والسُجُون، وتلك، لا قبل لي بها: حتى وإن كانت مُتاحة، ولم تغلق أبوابها وتذُوب مفاتيحُها في وهج الهجير، كما في راهن المدينة! كانت الحوارات بيننا تدُور، بصبرٍ جلِدْ من جانبي، على: إسهاب هناء في شرح ما لا يلزم شرحهُ... وكانت تقاطع، في البداية، كلامي وتمنعني من توضيح أفكاري، وكأنها تخشى أن تهد كلماتي صروح أحلامها وتنال من مبتغاها... ولكنها بعد تعب، صارت تنتبه لما أقول، وتتراجع، حال فهمهما لوجهة نظري في هذه الجزئية أو تلك، عن تصوراتها الخياليّة عن الحياة المشتركة وآمالها العريضة في مؤسسة الزواج. ومثلما كانت ترفض وتغضب من تبسيطي الأمور وتُستفَزْ، صارت رُويداً رُويداً تقبل ببعض أفكاري، يسبق قبولها، غالباً، اندهاش هو أقرب للحيرة، كطفلةٍ في المرحلة الفاصلة بين الروضة وارتياد المدارس. وحينما كانت تستجيب للمنطق، وتلين مواقفها القرمبوزيّة، كنت أفرح، لا لرضاها فحسب، وإنما لهزيمتي الهواجس التي بثها كلام جمال في قلبي وروحي، تلك الهواجس التي بدأت بالتلاشي والتآكل، من الآن فصاعداً... وبما أن لكلام جمال خلفيته المنحازة لابنة خالتي (سارّة)، إذ كان على علم بطبيعة الحال وبحكم علاقتنا الوطيدة كتوأم روح، بتاريخي العاطفي الذي شغلت فيه سارّة مكاناً مرموقاً ذات زمان، واعتلت شرفته حيناً من الدهر، فأنه لم يكن راضياً عن الرضا الذي كساني عن القرمبوْزة، وقال ضاحكاً، رغم أنه كان يعني كلِّ حرفٍ يقول: حدي يخلي سارّة السُنبلاية ... ويمشي يقع، بإرادته، في هناء القرمبوْزة؟... ودونما يقصد قطعاً للنقاش، أو بتراً له، وبتلقائية فيّاضة: بدا يترنم، فيما خيل لي أنه الموسيقى التصويرية لجملته الكثيفة السابقة، بمقاطع من أغنية (حكمة) للفنان الجابري... حدي يشعُر بالسعادة ويمشي يختار البُعاد؟ ولكن جمالاً، لم ينجح هذه المرّة في التأثير على أفكاري، والتشويش على عواطفي، إذ كانت القرمبوْزة قد تحكَّرت الآن في فؤادي، وسيطرت على المداخل. واقتنعت هناء عبد العظيم، بعدَ لأيْ، بالسماح لي بزيارة منزلهم، بحجة الزمالة فقط لا غير، واشترطت بحزم، ألا أطرق موضوع الارتباط بها: لا من قريب ولا بعيد، وقالت: - حسّك... عينك تلمِّح، لأنُّو أمي بتفهما وهي طايرة! كانت هذا هو التحذير الأوّل من الحاجة ولماحيتها، وتبعته على أزمان متفرِّقة، تحذيرات أخرى، وشت فيما وشت ب: قوة شخصيّة الحاجة ومدى تأثيرها على القرمبوْزة... وكان يا لتعاستي، أوّل ما لاحظته في زيارتي الأولى بصفة (زميل هناء) هو أن الحاجة ذاتها، شخصيَّاً: قرمبوْزة، دماً ولحماً... روحاً ووجدان، وإنه يمكن اعتبار (هناء عبد العظيم) بت أمّها بحق وحقيقة... وسلمت بالأمر، من فوري، راجيا الله في سري إلا تكون القرمبوزة بت القرمبوزة: وحيدةٌ عند أهلها! - تبقى مُصيبة! وأكدت الأُم ذاتها القرمبوزيّة بتقديمها الحلويات وصُنُوف الآيس كريم، عِزَّ الشتاء، وعاملتني من فورها كعريس، لا جدال، لهناء، غير آبهة بالتعريف الرسمي الساذج الذي أسبغته عليّ هناء: - يا ماما، ده عَادِل زميلنا! وبالتالي، رمقتني بنظرات فاحصة، كنظرات معايني لجنة الاختيار للخدمة العامة، وحاولت أن تسبر أغواري، وتفاجئني بأسئلة ظاهرها براءة وباطنها فُضولٌ خبير... وتمت استضافتي في الصالون، الذي كانت صورة العم (عبد العظيم) عليه رحمة الله تتوسط أحد جدرانه، يا الله: هناء الخالق الناطق، ولكن أكثر وقاراً وهيبة مما تخيلت، وناجتني الصورة فيما يشبه الائتمان، وشعرت أن الرَّجُل يباركني زوجاً لهناء، واغتبطت، في شعورٍ مغاير لما أصابني من حُضُور القرَمْبوْزة العجُوز... واضح أنه كانت للعم صولات وجولات، ولا بد أنّه عاش حياته، كفارسٍ، بالطول والعرض. ولكني لاحظتُ فجأة، أنه ليس بالصالُون: مكتبة! في تناقض مع الثقافة الناضِحة من وجه الرَّجُل المُوءطر بإطارٍ ذهبيٍ منقوش... وتغاضيت عن الملاحظة، بإعتبار أنهُ يمكن أن تكون المكتبة قد أزيحت إلى إحدى الغرف الداخلية للمنزل، وكم تمنيتُ أن تكون تلك الغرفة، هي غُرفة هناء القرَمبوْزة! بعد الزيارة، طرأت تغييرات على علاقتنا، صارت أكثر وضوحاً ورسميّة، ويبدو أن للحاجة القدح المُعلا في ذلك، وأظنها قد أعطت هناء الضوء الأخضر لمواصلة المسير، ولا بد أنّها، بعيداً عن تقريظ الذات، عريساً (لقطة)، وأنها نصحت هناء: - ما تفوتيهو، باين عليهُو ود ناس! ولكن، بدأت هناء تبالغ في ا‘تناء بمظهرها، حتى كدت أن أعتقد بأن جوهر علاقتنا بات في مهبِّ الريح... إذ صارت تلبس ملابس غريبة إن لمن نقل (مُضحكة) في أغلب المناسبات التي تجمعنا، وصارت تلوي لسانها في الكلام على سبيل الدلع، وتعطِّش الحروف كالمذيعات في القنوات التلفزيونيّة الأجنبية، وتستدعي كلمات من طفولتها الباكرة، فتقول بغنج عندما تبدي رفضاً: - مَامْ! مثلاً، وكان ذلك يسبب لي ضيقاً ما بعده ضيق، وإن صَمتُ، فإني أصمتُ حرصاً على مشاعرها، وتفاديّا لإيذاء روحها الوثّابة، تلك القرمبوْزة الأثيرة! ولكن، برغمي، طاف طيفٌ من التردُّد، وراودني سؤال ظل يراوح مكانه لزمن: هل تصلح تلك القرمبوزة العزيزة زوجة لي، وهل يمكن الركون لها كربة أسرة وأم عيال؟؟؟ كانت الإجابة، في أغلب الأحيان، ليست في صالح هناءٍ، بل وضدها حتماً... لكن، بالمقابل كان يدفعني الوله والغرام، للتقاضي عن تلك الإجابات وتفادي تلك الأسئلة، حتى في أشد حالات المواجهة الذاتيّة صرامة ووضوح. صحي، الحُب أعمى! قال جمال، عدو القرمبوزة الأصيل، ومناصرا (سارّة) الذي لا يكل ولا يلين! - يا الغاريك جمالا! - إن اللهَ جميلٌ يُحبُّ الجمال، يا جمال! القرمبوْزَة.......... (2) زادت مخاوفي من صلاحيّة القرمبوْزة كزوجة لي، عندما صارت تبدي آراء مشاترة في علاقاتي مع الأخريات أوّلاً ... ثم اتسعت دائرة سخطها لتشمل الآخرين أيضاً، وعلى رأسهم جمال، ولكن ذلك كان مفهوماً، طبعاً! ودلفت هناء إلى عاداتي ومنها التدخين، وسلوكي في صرف المال و(يدي الفاكّة)، حسب تعبيرها... وصار اللقاء بها يبعث على الضيق أكثر من كونه سارّاً وجالب للسعادة، كانت محقة في أغلب ما تقول، نعم، ولكنها كانت تُكثر من النقة والثرثرة، وتطول كلام وتمط جُملاً يمكن فهمها من: أول كلمتين. وكلما زاد استيائي زادت ثرثرتها، وكانت تتخلل الثرثرة جمل اعتراضية مثل: - إنت زعلت مني ولا شنُو؟ - أبداً! أقولُ (أبداً) هذه، كاذِباً، وأنا أكادُ أنشقُّ من فرطِ الحنق والغيظ، عسى ولعل أن تنتبه هناء وتوقف سيل الثرثرة العاتي، وترأف بحالي الذي كان بادياً في أغلب الأحيان، ولا يخفى على حصيف! وصارت عواطفي تجاه هناء بين.بين! ولم أعد خائفاً من فقدها، فقد جربت الفراق وآلامه... وقلت لنفسي: لن يقتلني فراقها... وأنا في هذا الحال، إذ بهناء تخبرني برسو الابتعاث الدراسي الذي اجتهدت في الحصُول عليه وقاتلت في سبيلهُ، كان حلما قد تحقق، ولا يُمكن التراجع عنه: ولا عشان زواجنا، ولا لو انطبقت السماء على الأرض. ولمّا كان من غير المُمكن أن تنطبق السماء على الأرض وكان من المستحيل لي مرافقتها وفقاً لشوط البعثة، أولا، وتماشياً مع ظروفي الأسريّة ثانياً، وبعد مشورة جمال: صار خيار انفصالي من هناء هو الأقرب، أو إلغاء خطط الارتباط، لتذهب حرّة لا تربطها قيود، ولا يكبلها الالتزام تجاهي، ولنر في مقبل الأيّام ماذا ستجلب لنا الأقدار... أمّا عن نفسي، فقد برئت روحي وبردت عواطفي وشفيتُ، تماما، من حبي لهناء... وحلت محله الرغبة في الزواج، العقلاني، بسارَّة إن كانت لا تزال تملك قرارها، وإن لم تدخل في ارتباط بعد، أو الارتباط بإحدى أخواتها السُنبلات الناضرات. وقُبيل زواجي من سارّة بزمنٍ وجيز، علمت أن هناء قد توفقت، ووهبها الله شريكاً للحياة، في مهجرها، هناك في عِزَّ الصقيع... ولكني لم أحزن، بل لم أكترث، من الأساس! وصار احتمال لقائي، بهناء القرمبوزة، ضعيفاً ... إن لم نقُل معدوماً، وفق المُعطيات الراهنة... ولم يخطر ببالي أنني سألتقيها، وسأحادثها حديث الأصدقاء، بعد الفراق الدامي، ولكن ذلك حدث... نعم متأخر خمس سنوات منذ أن هاجرت القرمبوزة تحت غطاء الإبتعاث: - ومن يعرف نواياها الحقيقيّة، آنذاك، أكثر مني؟ و رأتني هي وسط الحُضور، فأقبلت علي، دون أن ألحظ أنا اقترابها مني، كأمهر قطة من حيثُ المتغافلة، وأني متأكد أنها كانت تريد أن تري رد فعلي التلقائي عند رؤيتها... والحق يقال، أنني بهت بادئ الأمر، وكاد أن يصيبني الخرس، ولكن بشاشتها كسابق العهد، وضحكاتها المجلجلة، غير عابئة بالحضور من حولنا، جعل شعرة جلدي تنطلق، وبادلتها الأشواق بأحرّ منها، وسألتني في عجالة عن كل شيء، ولامست الذكريات طفيفاً وبحذر، كأنها أرادت اعتماد صفة الزمالة التي قدمتني بها ذات يومٍ لأمها: القرمبوزة العجوز... وراقني ذلك... وساعدني في التعامل معها بتلقائية مماثلة وانبساط... وسألتها عن الطفل الذي تحمله فوق كتفها، ذو الربيع الأول من عمره، فأجابتني وهي تمسح شعر رأسه: - سميتو عادل! وأصابني أسم الرضيع، والنبرة التي نطقته بها هناء بوخزة من رأس دبابيس الذكريات، ولكني لم أرحب بها ولم أجد لها تفسير!؟ وواصلت وقد أصابني بعض الاهتزاز فيما تلي معرفتي باسم الرضيع، بالمقارنة مع تماسكي الحقيقي الذي قابلتها به أوّل الأمر... وفيما نحن نتحدث، أقبلت علينا طفلة إسمها: لينا، عرفت من القرمبوزة إن لينا إبنتها البكر، وسلمت على الطفلة وتحدثت معها قليلاً ... كانت لطيفة ولغتها العربيّة مكسرة، ومع إنها طفلة لم يتشكل وجدانها وتتقولب شخصيتها، إلا أن المقدمات التي تفضي إلى النتائج كانت تقول، إن لينا عبارة عن نموذج حي للجيل الثالث من القرمبوزات... ولا غرو! وظهر الامتعاض على هناء القرمبوزة عندما سألتها عن زوجها، وأجابت باقتضاب غير منسجم مع الروح التي كست لقاءنا... - أهو! الحمد لله بخير... ولم أشاء الاسترسال، حتى لا أجلب لنفسي ريحاً ساخنة، أكاد أن أكون نادماً على الشلاقة، خصوصاً وأن عدم وجود زوجها معها يمكن، أن يكون بسبب خلاف إن لم يكن طلاقاً بائنا من طلاقات الغربة البطّالة. ولدهشتي حدثتني عنها سارة عند عودتي للبيت، رغم أنها لا تعلم باللقاء ولا تتوقعه، لأوّل مرة منذ زواجنا على ما أذكر! هل ذلك حدث لأنني خرجت من هناء ممتلئاً بها حتى حدثتني عنها سارة، أو كما قال الأديب الأريب: بُشرى الفاضل؟ لستُ أدري! وهكذا، مجذُوباً من الدهشة، أجبت سارّة بالتفصيل، عن: أسئلتها بشأن اللقاء العابر، وليد الصُدفة: يعلم ربَّ العالمين. ولم تصدقني سارّة السنبلايّة، بحيثُ لازمت علاقتنا: لعنة القرمبوزة لستة أشهر أو تزيد! وكانت التجربة مرّة، ولكن الأخطر من وجهة نظري هو الطاقة الخارقة، الماورائيّة، التي باحت بها (سارّة)، وأتاحت لها تقفِّي أثر القرمبوزة، وطيفها القرمبوزي الذي عانق طيفي لهنيهات... لكن، وأخيراً، وبعدِ سنتين، حُلَّ لُغز القُدرات، الخارقة، التي توسَّمتها في (سارّة)، حين اعترفت لي في ساعة صفاء، وبكامل طوعِها واختيارها، بأن (عُلا)، صديقتها التي كانت ضمن الحضور الباهت للحفل: قد بثَّت لها، وعلى الهواء مباشرةً، خبر لقائي بهناء، هُناك، ولم تكتفي (عُلا) بدور المُذيع فقط! ... بل أخرجت الخبر، ووضعت عليه، فوق حقائقِهِ، تصوُّراتها وانطباعاتها وهي تناولهُ لهناء، التي كانت قطع شك، تطلب المزيد، من: التوم والشمار والبهارات الأخرى التي من شأنها تتبيل نبأ اللقاء، وجعله أحد المعاصي الجسيمة... ومُبررا قد هبط من السماء: لتعكير صفوِي لمُدة جاوزت الستة أشهر، كانت قد مرَّت ببطءِ سلحفاة! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.