[email protected] اللامعصومية (Fallibilism) 1.1 اللامعصومية مذهب او موقف فلسفي يري أن اعتقادتنا وقناعتنا واحكامنا، التي نكونها عن انفسنا وعن العالم الذي نعيش فيه - بموضوعاته وحوادثه وعلاقاته- معظمها ان لم يكن كلها، غير محصنة من الاصابة بالخطأ، بل قابلة من حيث المبداء ان تكون غير صائبة، و عرضة، من ثم، للمراجعة والتعديل. 1.2 ارتبطت اللامعصومية بفلاسفة البرغماتية الامريكية مثل شارلس ساندرس بيرس (1839–1914) احد كبار مؤسسيها. بيرس كان يري أن اعتقاداتنا ليس بينها ما يمكن اعتباره خارج نطاق المساءلة. كما ليس هنالك ما يبرر، او يضطرنا الي استعمال افكار مثل اليقين والمعرفة. مثل هذه المفاهيم، لا يؤدي استخدامها، في اعتقاده، الا الي الالتباس والبلبلة؛ كونها توحي لنا بامكانية البلوغ باعتقادتنا ومعارفنا الي نقطة حاسمة: تلك الارضية الثابتة والاخيرة التي عندها تتحصن وتعتصم اعتقادتنا ومعارفنا ضد كافة ما يساق ضدها من ادلة لتفنيدها. 1.3 اللامعصومية تاتي عموما في صيغتين. في صيغتها الجذرية: كافة الاعتقادات بما في ذلك المبادئ الاولية المنطقية ( مثل قانون التناقض :استحالة الجمع بين العبارتين "أ هي ب" و" أ ليست ب") او الرياضية ( 2 + 2=4 ) لا يمكن الوثوق المطلق بها، او الركون النهائي بصحتها (حقيقتها). بعبارة اخري، ليس هناك، في الاساس، ما يحول - مرة واحدة والي الابد- دون الطعن في كافة ادعاتنا المعرفية الراسخة والمستقرة، او احتمال شطب اعتمادها (المؤسسي او الشعبي او معا!) عن قوائم غير الخلافي من المسلمات، الاعتقادات الثوابت او اليقينيات. اليقين المطلق، يعده انصار هذا الاتجاه، من المستحيلات. 1.4 اما في صيغتها المعتدلة فتستثني اللامعصومية بعض الاوليات المنطقية؛ و العبارات (الافادات) الشعورية، من نوع " اشعر بالم حاد في يدي"، من احتمال أن تكون غير صادقة. ويتميز هذا الاتجاه الاعتدالي، والذي يحظي بنفوذ واسع وسط الفلاسفة المعاصريين، بحصر او تتضييق نطاق انعدام العصمة ( او استحالة تحقق اليقين) علي اعتقادتنا التجريية ( تلك التي نكونها عبر الممارسة او التجربة)، وعلي العبارات ( التصورات والاطروحات) التي نكونها حول موضوعات تتعلق بالماضي، بالمستقبل، و بما "نظنه" يدور في عقول الاخرين و العالم الخارجي. 1.5 انصار اللامعصومية، علي اختلافاتهم العديدة، يتفقون، مع ذلك، أن المبادئ المنطقية والرياضية ليست ثابتة. وانما عرضة، كغيرها، الي التطور؛ وانه طالما كان الوصول الي معرفة موثوق بها لا يتحقق الا من خلال طرائق تجريبية، فان النتائج التي تتمخض عنها هذه الطرائق ، ليست في احسن احوالها، سوي نتائج احتمالية. * تحت هذه اللافتة " مفردات نقدية وفكرية" نتناول، بالشرح والتفسير، بعض المفردات ( المصطلحات او المفاهيم) التي صارت في صلب خطابات التنظير والمقاربات النقدية في مجالات الفلسفة والعلوم الانسانية والاجتماعية المعاصرة- بمنحدراتها، ومساراتها و تياراتها العديدة و المتباينة. مراجع 1. Robert AUDI, ed., The Cambridge Dictionary of Philosophy (Cambridge: Cambridge University Press,1995), 261-262 2. Kai Nielsen, Naturalism Without Foundations (New York:1996), 15-55 3.Roger Scruton, Modern Philosophy (New York: Pengin Books), 107, 319 الموضوعات السابقة او ذات الصلة تنشر تباعا بمجلة نقدي: