يخرج شعبنا صباح اليوم في موكب للقيادة العامة في مناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لثورة إبريل 1985. ويريد الموكب بتعيين القيادة العامة مقصداً في ثورته الحالية تجديد ذكرى تدخل القوات المسلحة نحت فيه الرئيس نميري من الحكم في ملابسات ولأغراض لم نستنفدها تحليلاَ بعد. ثم أكرمتنا بترك الحكم للمدنيين بعد عام الفترة الانتقالية. لا نريد لهذا الموكب أن يجعل من القوات المسلحة حَكماً محايداً في النزاع الناشب بين نظام الإنقاذ وسائر شعبنا. فلم تكن القوات المسلحة بمنأى من خرق النظام السافر للمهنية السودانية على كافة الأصعدة. فقد جردها من احتكار السلاح كما ينبغي لهيئة مثلها لتزاحمها قوى مثل قوى الدعم السريع ذات الوضعية المقلقلة بين القوي النظامية. فانتقلت من جهاز الأمن والمخابرات إلى القوات المسلحة لتصبح تحت إشراف رئيس الجمهورية مباشرة بما يوحي بأنها قوات خاصة به. فليس لوزير الدفاع سلطان عليها فلا يوصي حتى بمن يكون قائدها. ولم يبق للوزير سوى التجمل بالقول إن الدعم السريع ضم ضباطاً محترفين بالعدد. وكان السيد الصادق المهدي قد طلب خلال مناقشة قانونها التنبيه لمخاطر إنشاء هذه القوة الممركزة بسلسلة القيادة فيها. ولقي عنتاً ألجأه للغيبة من البلاد. فقال في حديثه إن الدعم السريع "سابقة خطيرة قد تؤدي إلى تشويه كامل دور القوات المسلحة من حيث الشكل ومهامها في إطار الدولة ووضعها السيادي". بل تحير حتى نائب رئيس الجمهورية الحاج آدم سائلاً خلال مناقشة القانون لمن تتبع هذه القوة على صراحة النص بأنها تتبع للرئيس. إن مخاوفنا من تداخل اختصاصات قواتنا المسلحة والدعم السريع تحققت في قرار مجلس النواب الأمريكي منذ يومين لوقف دعم بلدهم للحرب في اليمن بقيادة السعودية والأمارات. وخاضتا الحرب بجند منا أبرزهم مجندو الدعم السريع. ولا نملك مع ذلك شأناً في تصريف الحرب، ولا صوتاً في الخلافات التي ضربت أطرافها، ولا نأمة في فظائعها. كما قرر المجلس سحب الجنود الأمريكان المعينين للحرب خلال 3 أشهر. فقد ساءت سمعة تلك الحرب، وضج الضمير البشري لما احدثته من تحريب ومجاعة. وجلل العار شعبنا وأطرق برأس عزته إلى الأرض لخوضه حرباً قذرة في اليمن أقوى دوافعها هو التكسب. وتعلل مثيروها خداعاً بالدفاع عن الحرمين الشريفين اللذين لهما رب يحميهما. إن تحجج قيادة القوات المسلحة بألا تترك البلاد تنزلق في الفوضى لمجرد مطلب الشعب لتغيير نظام تحجج كذوب. فقانون القوات المسلحة لسنة 2005 يلزم القوات المسلحة بحماية وثيقة حقوق الإنسان المقررة في الدستور والحكم المدني الديمقراطي. ويقسم على بينته أفراد القوات المسلحة على حمل أمانة الدستور ببراحه للحريات على عاتقه (عاتقها) حتى لو ضحى بحياته. وطالبت المعارضة منعاً للشبهات تعديل المادة القائلة بأن واجب القوات المسلحة حماية "النظام الدستوري" إلى حماية الدستور حتى لا يدخل في روع الإنقاذ أنها النظام الدستوري المتمكن ضاربه بالتزاماته في حرية التعبير والتنظيم عرض الحائط. ليس من غرض موكب 6 إبريل للقيادة العامة أن يجعلها حكماً مبرأ من تكدير الإنقاذ وإهاناتها. كلنا ذلك الرجل. ووفودنا إليها بالموكب تنويه منا إلى وجوب أن تسترد (كما سنفعل كلنا كل في جهة اختصاصه) مهنيتها كقوة احترافية غير حزبية بنص قانون القوات المسلحة نفسه. ونعرف نحن معشر المهنيين كم هي مذلة أن يكون النهي والأمر في شأننا لغير جهة الاختصاص. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.